مساء اليوم التالي، خرج الجميع من الشركة بعد أن أنهوا يوم عملهم، عرض أمجد على أسيل أن يوصلها إلى المنزل ووافقت أسيل على اقتراحه، ذهب أمجد مع أسيل إلى سيارته، وكانت تراقبهم عيون سارة وهي تشعر بالضيق، إن هذا الشخص لا يضيع أي وقت، إنه يتقرب منها بشكل مقزز؛ نظر حازم لسارة التي كانت ترمقهم بضيق، وقال:
- شكلك مش بتحبي أمجد ده خالص
- آه، مش بحبه ده إنسان مخادع و بيخدع أسيل
- مخادع ازاي يعني؟ قال حازم بتعجب
- ارتبكت سارة وقالت: قصدي يعني إنه لعبي وبتاع بنات وكده
- تعجب حازم وقال: وانتِ ايش عرفك؟
- لم تدر سارة ماذا تقول فأخبرته بأول شيء خطر في بالها: مافيش يا حازم كان مرتبط بواحده صحبتي وهي عرفت علاقاته الكتير و سابته
- آه، علشان كده كنت بتكرهيه من أول يوم
- تنهدت سارة بحزن وقالت: نفسي يبعد عنها أوي
- ما تخافيش أسيل مش ها تتخدع بيه، قال حازم بهدوء
- بيتهيقلك، شاب وسيم طول بعرض وجنتل وحنين معاها مش ها تحبه ازاي؟
- شعر حازم بالغيرة مما قالت سارة فقال لها بضيق: انتِ شيفاه حلو أوي كده؟
- ابتسمت سارة بهدوء وقالت: انت غيران ولا إيه يا حازم؟
نظر حازم لسارة بنظرة تفهمها جيدًا ولم يرد عليها، وذهب من أمامها إلى سيارته
راقبته سارة وهو يذهب بمشاعر مضطربة؛ هل يا تُرى يحبها بالفعل؟
لا ليست هذه هي المشكلة، بل المشكلة بها هي، إنها بالفعل لا تُريد أن تقع بحبه، لا تريد أن تخوض هذه التجربة المريرة.
****
كانت أسيل في السيارة مع أمجد ويتحدثان:
- أنا متشكره يا أمجد إنك عرضت توصلني، قالت أسيل بهدوء
- متشكره؟ هو بقى فيه بينا شكر يا أسيل؟
ابتسمت أسيل بخجل ولم ترد، إنها بالفعل لا تدري ما تطور العلاقة الغريب الذي وصل إليه أمجد، ولكن في كُل الأحوال لا مشكلة من ذلك.
- انت عارفه إن أنا كنت عارفك من قبل ما آجي الشغل، قال أمجد مباغتًا
- تعجبت أسيل وقالت: إيه ده بجد؟ ازاي؟
- ها أقولك ولا ها تحسيني كداب بقى والشغل ده؟
- لا، قول، قالت أسيل بتشوق
- طيب نروح نقعد في أي حته نتكلم؟
- نظرت له أسيل وقالت: أوكي ماشي.
****
يراقب النجوم في وجوم ولا يدري ماذا ينتظره، لم يستطع أن يقتل أسيل أول مرة، وبصراحة اعتبر آدم هذه إشارة لكي لا يعصي أوامر جده، ففي النهاية من الممكن أن يكون محق، و لكن هل سيقف ويشاهد أخته وجده وهم يفقدون حياتهم، أم أنه سيستطيع أن يتخطى هذا الأمر. يقول جده أنه عاصر هذه الأحداث منذ أن كان في الثلاثون من العمر، حين قص عليه والده كل شيء، لقد عاش مدة طويلة جدًا وهو يعاني من الخوف من مرارة الفقد، هل يا ترى في كل مرة كان يعتريه هذا الشعور بالخوف على احبته؟
أطلق آدم تنهيدة عميقة، ثم نظر للساعة في يده إنها التاسعة مساءً، وتلك المدعوة أسيل لم تأت بعد.
****
نظرت أسيل لأمجد الجالس أمامها على الطاولة وقالت:
- قولي بقى يا أمجد تعرفني منين قبل ما تيجي الشركه؟
- تنهد أمجد بشدة وقال: ربنا يستر وما تفهمينيش غلط
- لا قول ما تخافش، قالت أسيل بنبرة مطمئنة
- بصراحه يا أسيل أنا صادفت الأكونت بتاعك على الفيس بوك ومش عارف أول ما شوفتك حاجه شدتني ليكِ، فضلت متابعك وبشوف أخبارك وصورك، فجأه بدون أي مقدمات لقتني معجب بيكِ، بصيت لنفسي وقولت إيه العبط إلى أنا بعمله ده و إن أخرة الي أنا فيه ده مش حلوه، أنا معجب ببنت ما تعرفش إن أنا عايش أساسًا فحاولت أبطل أتابع أخبارك خالص، وسبحان الله بعدها بأسبوع حصل موقف المدير الي حكتلك عليه ودخلت المكتب لقيتك في وشي، صراحه اتصمدت و اتلخبطت، معرفتش فيه إيه، بس حسيت إن ده يمكن قدري إن أنا أشوفك أخيرًا، وبصيت لقيت نفسي بدل ما أنا بحاول أبعد عنك العكس بيحصل أنا ما بقتش عارف أبعد نفسي عنك، أنا معجب بيكِ بجد يا أسيل
كانت أسيل تسمعه وهي لا تصدق، ماذا يقول هذا الشخص الذي بالكاد تعرفت عليه، ولكنها كانت في نفس الوقت في قمة خجلها، فهذه أول مرة يعترف لها شخص بحبه، هذا إن اعتبرته حُبًا
- مالك وشك أحمر كده ليه؟ هو انت أول مرة حد يقولك إنه معجب بيكِ؟ قال أمجد بنبرة استهزاء
- بدا على أسيل الارتباك، ولكنها ردت عليه وقالت: أيوه أول مرة حد يقولي كده
ابتسم أمجد وقال: والله أنا لو ها أشوفك كده كل مرة ف ها أقولها لك كتير
دارت عيون أسيل في المكان ثم قالت لأمجد: أنا، أنا هروح الحمام
- أسيل، أنا عايز أقولك، قال أمجد وهو يمسك بيدها، مش لازم تضغطي على نفسك خالص أنا عارف إنك لسه عرفاني، اعتبريني ما قولتش أي حاجه، انتِ بس عارفه أنا قد إيه صريح ومش بحب أخبي حاجه في قلبي
ابتسمت أسيل له وذهبت من أمامه، دلفت إلى المرحاض وهي تشعر أن قلبها يدق بقوة، اتجهت للحوض وأخذت بعض الماء ووضعته على وجهها وهي تتنفس بعمق
" إيه الي حصل ده! أول مرة حد يقولي إنه معجب بيا، أوف اهدي يا أسيل اهدي "
حاولت أسيل أن تهدأ من نفسها، وأخذت تُعدّل من شكلها وهي تنظر في المرآة إلى وجهها الملون بحمرة الخجل.
بعد قليل خرجت أسيل لأمجد الذي قال لها: بصي أنا حاسس بتوترك تحبي نروح دلوقت؟
نظرت له أسيل وابتسمت وقالت: آه أحسن يعني، اتأخرنا أصلًا
- تمام يلا بينا
****
سمع آدم صوت سيارة تقف أمام المبنى، فخرج إلى الشرفة ليجد أسيل تترجل من سيارة أمجد وتلوح له، ابتسم بسخرية ودخل إلى الداخل وهو يردد في نفسه " يارب تموتي يا شيخه ولا تنتحري من العفاريت إلى بتطلعلك دي."
صعدت أسيل إلى المبنى، ودخلت المنزل وهي تشعر بالسعادة، صحيح أنها لا تحب أمجد ولكنها لا تنكر أنها معجبه بشخصيته أصلًا، دخلت أسيل إلى الداخل بدلت ثيابها واتجهت إلى غرفتها، ثم جلست أمام الحاسوب وقامت بإرسال رسالة إلى سارة؛ بعد بُرهة، اتصلت سارة بها بمكالمة فيديو، فتحت أسيل الكاميرا:
- انتِ وصلتِ أخيرًا؟ قالت سارة
- آه، جيت أهو، لسه داخلة قلت أكلمك
- قوليلي يابنتي أمجد أخدك وخرج ليه؟ قالت سارة باهتمام
- مافيش عادي يعني، قالت أسيل بابتسامه
- بت انت ها تخبي عليا؟ قولي، قالت سارة بإصرار
- ابتسمت أسيل وقالت لها: قالي أنه معجب بيا ياستي
- تظاهرت سارة بالصدمة وقالت: إيه ؟
- والله
- امتى ده لسه جاي من اسبوع واحد، قالت سارة بغضب
- بدأت أسيل تفكر ثم أطلقت تنهيدة قوية وقالت: لا ما هو قالي إنه مراقبني من زمان ع الفيس وكان معجب بيا ولما جه الشركه اتفاجئ بوجودي فيها واعجابه بيا زاد بقي
- سخرت منها سارة وقالت: وانت بقي صدقتي العبط ده؟
- تعجبت أسيل وقالت: عادي ما أصدقش ليه؟ وهو هيكذب ليه؟
- تنهدت سارة وقالت: يا حبيبتي مش قصدي، أنا أقصد يعني إنك ما تعرفيهوش كويس يعني ما تثقيش فيه
- لا ما تخافيش، هو قالي كإن أنا ما قلتش حاجه هو بس عرفني وسايبني أتعرف عليه واحده، واحده
- ابتسمت سارة – أو لنقل تصنعت الابتسام – وقالت: وانت حاسه بإيه ؟
- ابتسمت أسيل وقالت: صراحه هو شخص صعب ما تعجبيش بيه، يعني أمور و جان كده وشكله كويس كمان.
توقفت أسيل عن التحدث واتسعت عيناها، وركزت ناظريها على نقطة خلف سارة
- أسيل، أسيل بتبصي على إيه؟ قالت سارة بتعجب
ولكن أسيل لم ترد عليها من هول المنظر، فلقد رأت تلك المرأة نفسها التي رأتها في المنام، وفي مرآة الحمام أيضًا، تقف خلف سارة، جسدها ملطخ بالطين شعرها أبيض اللون ومتسخ، تنظر إليها وتقترب من سارة، كان قلبها يدق بقوة شديدة وهي تراها تقترب؛ نظرت سارة إلى وجه أسيل المتصلب ثم رأت دمعة تفر من عينها، تسرب إحساس الخوف إلى سارة، وعلمت أن أسيل ترى شيء هي لا تراه، استدارت خلفها ولكنها لم تجد أي شيء؛ كانت أسيل ترى تلك المرأة تقترب شيئًا فشيئًا وهي لا تستطيع حتى الحراك، تقدمت المرأة حتى وصلت إلى جوار سارة بالضبط، وأسيل تشعر بأن جسدها مقيدٌ تمامًا، مدت المرأة يدها إلى الشاشة ثم رأت أسيل يد المرأة تخترق الشاشة وتمتد لتلامس خدها، ما إن شعرت بلمستها حتى أغمضت عينيها في خوف، لتتساقط شلالات الدموع التي كانت تقف في محجريها وكأنها تنتظر الأمر من أهدابها لتأخذ طريقها إلى أسفل؛ فتحت أسيل عينيها لترى سارة مرة أُخرى تنظر إليها برعب، تبادلت النظرات مع سارة ثم انفجرت في بكاء مرير، أخرجت به كل ما يدور بخلدها، ظلت تبكي وتشهق، عندما سمعت سارة تقول: سمعاني يا أسيل؟
أومأت أسيل برأسها
- أسيل انت شوفتِ حاجه؟ قالت سارة بخوف
أومأت أسيل برأسها بخوف مرة أُخرى
- قالت سارة: شوفتِ إيه؟
- قالت أسيل بصوت خفيض: الست يا سارة الست، ثم اجهشت بالبكاء من جديد
- الست الي حلمتي بيها؟
- قالت أسيل وهي تمسح دموعها: أيوه شوفتها أول امبارح في الحمام، امبارح النور قطع عليا ع السلم وحسيت بحاجه، و النهارده شوفتها وراكِ ودخلت الشاشة ولمست خدي، واجهشت أسيل بالبكاء من جديد
- طيب اهدي يا أسيل اهدي، قالت سارة محاولة بث الطمأنينة إليها
- مش قادره يا سارة خالص، قالت أسيل بخوف
- طيب قومي كده اغسلي وشك ونامي ما تقعديش اكتر من كده وبكره نتكلم أن شاء الله
أومأت أسيل لسارة بضعف، ودّعتها وأغلقت الحاسب، نظرت حولها بخوف، ثم اتجهت إلى الفراش بسرعة، ارتمت عليه ووضعت الغطاء عليها وهي ترتعش وتحاول النوم.
****
نهضت سارة من أمام الحاسب وهي تبكي، واتجهت لغرفة جدها وطرقت الباب
- ادخلي، قال الجد
- صاحي يا جدو؟ سألت سارة
- أيوه يا حبيبة جدو صاحي فيه إيه، وشك مخطوف ليه كده؟
- قالت سارة بخوف: أنا شوفت أسيل وهي بتشوف العفاريت يا جدو كانت معايا على الكاميرا
- تنهد الجد ثم قال لها: اجمدي يا سارة
- يارب هي تجمد يا جدو، بكت سارة وقالت، أنا مش عايزها تموت مش عايزه حد يموت خالص
نهض الجد من على فراشه واتجه بخطوات بطيئة ناحية سارة واحتضنها برقة وقال:
- محدش ها يموت يا سارة، أوعدك الوضع ده كله هينتهي
- أنا، أنا عايزه ابدأ في التجارب العملي يا جدو، قالت سارة بتردد
- أخرج توفيق سارة من حضنه: بس يا سارة انتِ كنت مستصعبة الموضوع
- لا يا جدو، أنا جاهزه عايزه أعمل الموضوع ده في أقرب وقت ممكن!
صوت مزعج اخترق الغرفة بأكملها، جعل آدم يقطب حاجبيه بشكل شديد ويغلق عيناه وكأنه يُصارع ليخطف ساعة أُخرى من هذا النوم اللذيذ.
"أوف بقى"
قال آدم وهو يمد يده ليغلق هذا المنبه اللعين، نفض الغطاء من عليه بملل وهو يفرك عينيه بنعاس، اتجه آدم إلى المرحاض وقام بغسل وجهه، نظر في المرآة إلى عينه الناعسة ثم عبس، لا يستطيع آدم الاستمتاع بحياته مهما فعل، فهو دائمًا ما يشعر بالخطر، دائمًا ما يشعر بالخوف، يعتريه ذلك الشعور الذي يحذره من الاقتراب من الحياة، يعلم أن الجميع سوف يموتون، ولكن أن تكون تعلم أنك لن تذهب وحدك، بل كل عائلتك مرة واحدة هو أكثر شيء يشعره بالرعب؛ تنهد آدم وهو ينظر إلى وجهه ويتذكر ميار التي قد اختطفت عقله وقلبه، بالتأكيد كان هذا منذ زمن بعيد، ولكنها كانت أول حب في حياته، والذي فقده بسبب تلك اللعنة الغبية، لقد جرحت مشاعره ولكنه في نفس الوقت يُعذرها فهي لم تتحمل ما واجهت من تخيلات ورؤىً، تبًا لتلك المرأة التي كانت السبب في تلك اللعنة، تلك الملعونة إذ كانت هي السبب في الألم الذي لم يعشه مراد وحسب، بل عاشه جميع أبنائه ونسله، يُقسم أنه سينتقم من هذه الفتاة المولودة من نسلها، فلتطاردها تلك الأشباح، أكثر بعد وسيقتلها وكأنها انتحرت، ازدادت حدة نظرات آدم وردد بقسوة : والله لأقتلك يا أسيل!
****
دخلت أسيل المكتب ولم تجد سوى سارة والتي كانت تنتظرها:
- صباح الخير، قالت أسيل بصوت باهت
رفعت سارة عينيها لترى أسيل أمامها ويبدو عليها الإرهاق والتعب الشديد
- ما نمتيش كويس؟ قالت سارة بقلق
- لا نمت بس شوفت كوابيس، قالت أسيل بضعف
- طبيعي يا حبيبتي معلش
- ذهبت أسيل وارتمت إلى جوار سارة وقالت: مش عارفه إيه إلى أنا بشوفه ده، لا أنا مش بشوف أنا حسيت بلمستها على وشي
- ربتت سارة على كتف أسيل وقالت: أنا حاسه بيكِ يا حبيبتي والله
- نظرت لها أسيل بضعف وقالت: انت مصدقاني؟
- مصدقاكِ يا أسيل و حاسه بيكِ كمان، قالت سارة بصدق
ابتسمت لها أسيل ولم تتكلم، فجأة انفتح الباب ودخل أمجد، وهو يقول: صباح الخير
- ردت أسيل: صباح النور
- إيه ده مالك يا سيل؟ قال أمجد
- تنهدت أسيل وقالت: مافيش يا أمجد مرهقه شويه بس
- مرهقه طيب تحبي نروح لدكتور؟
نظرت له سارة باحتقار ولوت شفتيها وهي تقول في نفسها " يخربيت التمثيل "
- لا يا أمجد أنا كويسه والله هو بس قلة نوم شويه
- الف سلامه عليكِ يا سيلو، قال أمجد بمرح
رفعت سارة حاجبيها ونظرت له بسخريه.
بينما ضحكت أسيل وقالت: أول مرة حد يقولي سيلو
- إيه عجبك؟ ده أنا اقول هقوله كل يوم بقى
كانت سارة تراقب كلماته، وهي تشعر بالغثيان، ذلك الحقير الذي لا ينفك يغازل أسيل وهو لم يعرفها منذ وقت طويل، يبدو أنه لا يريد أن يضيع أي وقت.
فُتح باب المكتب فجأة، ودخل عمر حازم وهو يسمع ضحكات أمجد من الداخل.
- إيه ما تضحكونا معاكم، قال عمر
نظرت له سارة بضيق ولم تتكلم
- فقال عمر: يا ساتر يا رب
نهضت أسيل وقالت:
- أنا هروح الحمام
سارت ناحية الباب، وعندما أوشكت على فتحه، وجدت لين في مقابلها فشهقت لين بقوة
- قالت لها أسيل: إيه يا بنتي انتِ شوفتي عفريت
- تدخل أمجد: لو العفاريت حلوه كده محدش كان خاف منهم أصلًا
- قالت سارة وهي تنظر لأمجد باحتقار: لا الي أعرفه إن العفاريت كلها وحشه
- فقال حازم بعفويه: ما فيش حاجة اسمها عفاريت أصلًا
انتبهت سارة لما قال حازم، إنه لا يؤمن بوجود الأشباح، إذًا فهو لم يرى أيًا منها من قبل، ولكن كيف يدعي أنه يحبها، إذا كان لا يشاهد الأشباح، فالدليل على صدقه في حُبها، هو مشاهدة تلك الأشباح، فهي في النهاية فتاة ملعونة بلعنة الحب.
- هو انت يا حازم مش مؤمن بالعفاريت؟ قالت أسيل
- لا مش مؤمن بالعفاريت طبعًا، رد حازم دون تردد
- أيوه بس فيه ناس قالت أنها شافتها، قالت أسيل وهي تحاول الدفاع عن مبدأها، فلقد شاهدت أشباحً بالفعل
- والله الناس دي حاجه من اتنين يا إما كذابين، يا إما عندهم مشاكل نفسيه تعباهم، قال حازم بحزم
فكرت أسيل بما قال حازم، لربما كلامه يبدو مقنعًا، خاصة أن الأشياء التي تراها لم تبدأ إلا عندما رأت تلك الرؤية الغريبة، ربما تلك الرؤية نفسها هي سبب الضغط النفسي الذي أدى بها لذلك، قاطع حديثهم دخول سكرتيرة أُستاذ علي، تطلبهم جميعًا في غرفة الاجتماعات، تبادل الجميع النظرات فيما بينهم بتساؤل، ولكنهم نهضوا واتجهوا إليه لينظروا في الأمر ماذا هناك.
دخل الجميع قاعة الاجتماعات، ليجدوا علي جالس على رأس الطاولة، جلسوا جميعًا ملتفين حوله، ألقى علي نظرة نارية لأمجد الذي بادله بنظرة يعرفها جيدًا.
- انتم عارفين طبعًا إننا لينا منتجع سياحي في رأس البر، قال علي
- أيوه يا فندم، قال حازم
- عايزكم تروحوا هناك تشرفوا على الفندق
- إحنا؟ قال عمر بتعجب
- أيوه
- بس يا فندم مش شايف إننا كتير إننا نروح نشرف على فندق واحد؟ قالت سارة
- لا مش كتير وبعدين انتم مش ها تروحوا كتير هو مجرد كام اسبوع
- كام اسبوع؟ قالت لين بصدمة
- أيوه
- أيوه يا فندم بس حضرتك مطلع المحاسبين بتوع الشركة وكمان الناس الي بتخرج مع الأفواج يعني يعتبر من أهم الأعمال في الشركه ها تمشوا الشغل ازاي؟ قالت أسيل
- ما تقلقيش، حازم وعمر هيتابعوا الشغل أون لاين، ده طبعا بالنسبه للحسابات، أما الأفواج ها نطلع معاهم أي حد مش مشكله
لم يقتنع أي أحد بكلام المدير ولكنهم في نهاية الأمر فرحوا، فالربيع قد أطل بحلته البهية على الأرض، ويبدوا أن الحظ قد ضحك لهم و سوف يستمتعون في رأس البر كثيرًا
- استعدوا ها تطلعوا بكره! قال علي بحزم.
خرج الجميع من المكتب، وهم في قمة التعجب والسعادة في نفس الوقت، إلا سارة التي كانت تشعر أن كل شيء يتجه إلى الأسوأ، قطع تفكير سارة صوت علي وهو يقول لأمجد: استنى يا أمجد عايزك
أبطأت سارة من حركتها، حتى ذهب الجميع فوضعت أذنها على الباب لتسمع ما يقولون
- اسمع، أنا مش هديك فرص كتير، السفريه دي والموضوع ها ينتهي انت فاهم؟ قال علي بغضب
- ما تقلقش ها أخلص بسرعه، قال أمجد بهدوء
ما إن سمعت سارة هذا حتى ذهبت بسرعة، فالشك الذي كان في قلبها قد أصبح يقينًا، ولكن ماذا ستفعل، لم يعد لديها الوقت لتتعلم من جدها ما تريد فعله، فكيف يمكن أن تتصرف الآن ؟
****
كان كُلًا من سارة وآدم عند توفيق، وآدم يمسح الغرفة ذاهبًا وايابًا وهو في قمة الغضب:
- يعني إيه يعني تروح تقعد معاه الفتره دي، وترجعلنا بتحبه ونقعد بقى نشوف بعض وإحنا بنموت كلنا؟ قال آدم بصراخ
- اهدى يا آدم اهدى، قال الجد
- لا مش ها أهدى يا جدو، كده خلاص دخلنا في الخطر، ما هي قالت للهانم إنها معجبه بيه خلاص
- قالت سارة: الوقت ما عداش يا آدم اصبر
- أصبر لحد امتى؟ قال آدم بسخرية
- طيب أصلًا يا آدم المكان الي فيه البوابه هنا، وأسيل هناك تحت عيني مستحيل يجبها ويجي، يا سيدي هي لو حبته ها تقولي لو قالتلي يا سيدي ابقى اقتلها زي ما انت عايز، قالت سارة بغضب
- ولا حتى لو قالتلك، قال الجد بحزم، إحنا مش مجرمين هنا ماشين نقتل في الناس، ليها ألف حل وحل غير القتل
- تعصب آدم وثار غضبه وقال: على فكرة أنا ولا كإن أنا سامع حاجه منكم، ووقت ما أحس إن الوضع بقى خطر أنا ها أقتلها يعني ها أقتلها.
خرج آدم من الغرفة بغضب فنظر الجد إلى سارة وقال:
- تقوليلوش أي تطورات، واقعدي النهارده درس تدريب مكثف
- حاضر يا جدو، قالت سارة بإذعان.
أنت تقرأ
حجيم الحب
Romanceبعد أن كانت تعيش حياة هادئة، وجدت أسيل نفسها في مواجهة مواقف مرعبة لا تفهمها، في الوقت الذي تزامن مع إحياء أحدهم لعنة قديمة قد سارت على أجدادها، لم تكن تعلم أن بوقوعها في الحب فقط يمكنها أن تفتح بوابة اللعنة والتي ستتسبب في قتل كل من يحمل دماء أجداد...