كان أمجد في طريقه إلى أسيل وفي نفس الوقت كان نوح قادم بالمشروبات إليها فاصطدم نوح بأمجد عن طريق الخطأ وابتلت ثيابه بالعصير فصرخ أمجد: مش تفتح
سمع حازم وأسيل الصراخ فاتجها ناحيتهم بسرعة وقالت أسيل: في إيه يا أمجد؟
- انت مش شايفه؟
- وفيها إيه هو بمزاجه، قال حازم
- لا، يفتح، قال أمجد بنبرة متكبرة
- قال نوح بإذعان : أنا آسف يا بني
- أهو ده إلى انت فالح فيه، قال أمجد بصراخ
- ما خلاص يا عم ما تعملش حكايه، قال حازم
- نظر أمجد لأسيل وقال: أنا استأذنت لك من أُستاذ علي إنك تروحي النهارده لأنك تعبانه واستأذنته أوصلك كمان
- نظرت أسيل إلى حازم وقالت: لا أنا، أنا مش عايزه أروح أنا بقيت كويسه
- لا ازاي
- دق قلب أسيل من الخوف فقالت بسرعة: والله بقيت كويسه و عايزه أروح أعمل شغلي علشان ما يتراكمش عليا
- قال أمجد بإحباط وهو ينظر إليها بغل: طيب
- طيب يا أسيل أنا في مكتبي لو عوزتي حاجه، قال حازم وهو ينظر إليها بنظرة مطمئنة
- شكرًا يا حازم تسلم
ذهب حازم ونظر أمجد إلى نوح باحتقار وذهب هو وأسيل إلى المكتب ليكملوا العمل.
بعد مُضي بضع ساعات، نظرت أسيل في ساعة يدها لتجدها السادسة مساءًا ولم تأت سارة إلى العمل بعد..
- بقولك يا أسيل مش يلا نروح، قال أمجد
- ها؟
- سرحانه في إيه؟
- لا ما فيش أنا ها أتصل بسارة استنى
- اشمعنى؟
- لا، أصل عادي
- بقولك إيه أنا عايز آخدك ونتعشى بره قال أمجد
- شعرت أسيل بالقلق فقالت له: لا ما انت عارف إن أنا تعبانه يا أمجد ولازم أروح
- لا مافيش الكلام ده انت كويسه وبعدين أنا ها آخدك بالعربيه انت أصلًا مش ها تقدري تطبخي في البيت
- ابتسمت أسيل بقلق ثم قالت: طيب تقدر تستناني في العربيه أنا ها أروح الحمام وها آجي
- تمام
اتجه أمجد إلى أسفل وذهبت أسيل إلى الحمام، وأخرجت هاتفها المحمول، حاولت أسيل الاتصال بسارة ولكن هاتفها كان مغلق، حاولت أسيل مرارًا ولكن لا فائدة، حاولت الاتصال بلين ولكن أيضًا كان الهاتف مغلق، نفثت أسيل بقلق "أجيب رقم آدم منين أنا دلوقت."
أخذت أسيل تفكر ثم دخلت على حساب سارة على الفيس بوك وأخذت تبحث عن حساب آدم، استطاعت أسيل أن تصل إلى حسابه بصعوبة، ثم أخذت تحاول الوصول إلى رقمه ولكنها لم تستطع فلم تتمكن سوى من أن ترسل إليه رسالة:
« أنا خلصت شغل أمجد عايز يخدني نتعشى بره و أنا خايفه أروح معاه لحسن يخطفني دلوقت.. حاولت أتصل بسارة كتير تليفونها مقفول.. تعال هنا.. أنا في الحمام ها أحاول أتأخر شويه على ما تيجي»
بعثت أسيل بالرسالة و انتظرت بعض الوقت ولكن لم يرى آدم الرسالة.
****
كان أمجد ينظر في الساعة ينتظر أسيل، تنهد بضيق لقد ملّ الانتظار، ثم ابتسم له الحظُ أخيرًا ورأى أسيل قادمة..
- إيه يا بنتي كل ده
- معلش يا أمجد اصل بطني وجعتني شويه، قال أسيل بصوتٍ مضطرب
- طيب يلا بينا
- تلجلجت أسيل وقالت: والله يا أمجد أنا بجد تعبانه عايزه أروح
أخذت أسيل تنظر حولها ولكنها لم تجد آدم " إيه إلى أخره ده، هو مش عارف إن أنا ها أخرج بدري النهارده"
- مالك يا أسيل؟
- ها، مافيش
- طيب يلا
نظرت أسيل حولها لأخر مرة ومن ثم صعدت إلى السيارة مع أمجد، أمسك أمجد بهاتفه واجرى مكالمة، لاحظت أسيل ذلك فقالت بخوف وهي تحاول أن تخفي قلقها: بتكلم مين؟
- ها، لا ده واحد صحبي ومش بيرد
- طيب ها نروح فين؟
- ده كلام أكيد ها نروح المطعم إلى بتحبيه علشان عاوز أتكلم معاكِ شويه
- تمام
كانت أسيل متوتره وخائفة جدًا من أن يخطفها أمجد، كما حاولت الاتصال بسارة مرارًا ولكن لا مجيب، ولكنها وفي لحظة ما أدركت مدى غبائها، لمَ فقط لم تتصل بحازم، بحثت أسيل عن رقم حازم ولكنها قبل أن تتصل به أوقفها أمجد الذي قد رآها فقال:
- ليه بتتصلي بحازم
- ردت أسيل بتوتر: لا، ده أنا كنت هطمن على سارة وصلت ولا لا
- ما تقلقيش، هي لما توصل هتكلمك
شعرت أسيل بالقلق من أن يشك بها أمجد ففضلت عدم الاتصال بحازم لقد ابتعدا بقدرٍ كافٍ عن الشركة بالفعل وعليها أن تتحمل عواقب فعلتها.
وصل أمجد بها إلى المطعم، ترجلت معه أسيل إلى أن دخلاه.
****
وصل آدم أمام الشركه في تمام الساعة السابعة، حاول الاتصال بسارة ولكن هاتفها كان مغلق، وقف آدم بالسيارة أمام الباب بعض الوقت لكنه لم يرى أي أحد قد خرج.
في نفس الوقت كانت قد خرجت سارة من المعرض الذي كانت فيه مع السياح، أمسكت هاتفها لتلاحظ أنه لم تكن هناك تغطيه في المكان، دب الرعب في أوصالها عندما خرجت ووجدت كمية مكالمات رهيبة من أسيل وآدم، بل ووجدت أن أسيل اتصلت بلين أيضًا؛ حاولت سارة إعادة الاتصال بأسيل ولكنها وجدت الهاتف الخاص بها مغلقًا، ارتعبت سارة واتصلت بآدم فأجابها..
- إيه يا سارة أنا واقف تحت انتم فين؟
- أنا طلعت مع الفوج النهارده أنا ولين
- يعني انت مش هنا؟
- لا أنا لسه جايه بالأتوبيس، اسمع بس يا آدم أسيل اتصلت بيا فوق العشر مرات
- لم يأتها رد من آدم
- وكمان اتصلت بلين وموبايلها مقفول أنا خايفه تكون خرجت مع أمجد
- ضرب آدم على المقود وقال: أنا واقف تحت من بدري محدش خرج
- يبقى أكيد خرجت معاه ده معاد الخروج
- يعني إيه؟ قال آدم بجنون
- نزلت دموع سارة من عيناها وقالت: آدم أنا خايفه، تفتكر أخدها
- شعر آدم بغضب يجتاحه: ما تجيش الشركه روحي على البيت على طول
- و انت ها تعمل إيه ؟
- ها أدور عليها
- لا أنا جايه
- يوووه قولتك روحي ما بتسمعيش الكلام ليه، صرخ بها
أغلق آدم الخط مع سارة ثم تحرك بالسيارة وهو لا يدري أين يذهب.
****
- أُمال ما كنتيش بتحكيلي على آدم قبل كده ليه؟ باغت أمجد أسيل
- ردت بتوتر: عادي يعني ما حصلش مناسبه
- آه، و انت بقى تعرفيه منين؟
- ده أخو سارة وجاري ساكن قدامي قولتلك يا أمجد
- مالك يا أسيل؟
- مالي؟
- متغيره من بعد الرحله ليه؟
- زاغت عينا أسيل وقالت: مين قال يا أمجد أنا كويسه خالص
- لا متغيره
- والله لا، هي بس المشكله الي حصلت بيني وبين سارة هي الي كانت مضيقاني
- ابتسم أمجد لها: طيب انت ما قولتيش رأيك في موضوعنا
- موضوع إيه ؟
- إننا نرتبط رسمي، انت رفضتِ ترتبطي بيا بشكل غير رسمي، وقولتيلي مش برتبط و أنا احترمت ده، و أنا بقولك أهو أنا عايز ناخد خطوه رسميه
- توترت أسيل وقالت: أمجد أنا حاسه إننا اتسرعنا
- اتسرعنا يعني إيه؟
- يعني الخطوه دي مش لسه شايفها بعيده شويه، إحنا لسه متعرفين من يجي شهر
- تنهد أمجد بغضب وقال: و انت جايه تعرفي كده دلوقت
- لا يا أمجد انت فعلًا إنسان رائع و أنا مرتحالك، ومعجبه بيك كمان، لكن فيه فرق بين الإعجاب والحب، ما أعتقدش أن انت أو أنا اتحول لسه إعجابنا لحب
- أُمال وافقتي ليه لما اعترفتلك قبل كده؟
- تنهدت أسيل وقالت: حتى دلوقت أنا لسه موافقه عليك يا أمجد، بس مشاعري ناحيتك مش حب هي إعجاب
- و أنا ما عنديش مانع
- ما عندكش مانع في إيه ؟
- نتخطب رسمي وأكيد و أنا واثق إن أنا ها أعرف أخليكِ تحبيني
- ونتخطب ليه يا أمجد؟ أنا شايفه أن دي خطوه كبيره أوي
- الخطوبه؟
- أيوه
- أُمال انت عايزه إيه ؟
شعرت أسيل بغضب أمجد، وشعرت أنها قد زادت الوضع تعقيدًا ولكن ما باليد حيله يجب أن يعلم أنها لا تحبه، بقلقه الذي رأته الآن تأكد من أن كلام توفيق صحيح
- ردي عليا عايزه إيه ؟
- تنهدت أسيل بعمق وقالت: أمجد، أنا محتاجه وقت، أنا غلطت في الأول لما خليتك تقرب مني بالشكل ده، أنا معترفه كمان إن أنا اندفعت بس بسبب افتقاري لوجود حد في حياتي و إن أنا عايشه لوحدي، أنا غلطت ومعترفه، ودلوقت كل الي عيزاه شوية وقت بس مش أكتر علشان أعرف أحدد مشاعري
- أطبق أمجد شفتاه ونقر بأصابعه على الطاولة وقال: وده بقى ما حصلش إلا لما شوفتِ آدم؟
- انفعلت أسيل: إيه علاقة آدم بالموضوع ده أنا بقول إيه و انت بتقول إيه ؟
- ماشي يا أسيل، قال أمجد بغضب، ها أديكِ فرصة، لكن لو سمحتِ لما تقولي كلمه بعد كده خليكِ قدها
- أطرقت أسيل وقالت بحزن: أنا آسفه يا أمجد
- نظر أمجد في الساعة وقال: الساعه بقت ٨ يلا أروحك
- تمام ماشي
****
كان آدم يقف في الشرفة وهو في قمة التوتر والعصبية، لم يجد آدم بُدًا من البحث عن أسيل في الشارع فقرر أن يأتي إلى المنزل حتى يكون هنا في حالة أن أسيل قد أتت، اتصلت به سارة للمرة الرابعة، رد عليها آدم..
- قلت لك لو جت ها أكلمك اهدي بقى
- يعني إيه معقول دي بقالها ساعتين ونص
- سارة أنا مش ناقص
- مش ناقص إيه يا آدم حس ب الي أنا فيه، إحنا ممكن فجأه نلاقي نفسنا ميتين
- يوووه وطي صوتك لجدك يسمعك، وبعدين أعمل إيه أنا أعمل إيه، صرخ آدم وهو يضرب الحائط بيده وهو يسمع صوت بكاء سارة
- سارة! قال آدم
- أيوه
- أنا بحبك يا سارة انت أغلى حد عندي في دنيتي
- ازداد بكاء سارة وهي تقول: انت بتقول كده ليه يا آدم، أسيل ها تيجي ها تشوف مش ها يحصل حاجه
- ازدادت شدة قبضة آدم على الهاتف ولم يستطع أن يرد على سارة، ولكنه فجأة وجد سيارة أمجد تصطف وتنزل منها أسيل
- سارة اقفلي اهي جت اهي، قال بلهفة
- بجد! قالت سارة بسعادة ثم أخذت تحمد الله كثيرًا
أغلق آدم الهاتف ثم وقف أمام باب المنزل وما إن طرقت أسيل الباب حتى فتحه آدم بسرعة وغضب، ما إن رأته أسيل حتى علمت أن الأمر لا يبشر بالخير فوقفت في محلها، أمسك آدم ذراعها بقوة وسحبها للداخل وهو يقول بغضب: كنتِ فين؟
- ابتعلت أسيل ريقها بخوف وقالت: كنت مع أمجد
- أغمض آدم عيناه بغضب وقال: يا شيخه، ثم صرخ بها، انت بتستهبلي؟
- اهدى بس، أنا اتصلت بسارة كتير وكان تليفونها مقفول
- تقومي رايحه معاه؟ صرخ آدم
- فقدت أسيل أعصابها وقالت بصراخ هي أيضًا: أعمل إيه، قالي تعالي معرفتش أعمل إيه
- كان آدم غاضب وزاد صراخ أسيل من غضبه فأمسك ذراعها مرة أُخرى بقوة وقال: و انت أي حد بيقولك تعالي بتروحي معاه في أي حته؟ مافيش حاجه اسمها تعملي إيه انت فاهمه، انت تقولي لا تتشقلبي ترفضي، باب الشركه ما تعتبيهوش إلا و أنا بره، مش واحده زيك إلى ها تخلي أختي تعيط وتقولي ها أموت
- سحبت أسيل ذراعها وقالت ببكاء وهستيريا: ما أنا كمان كنت خايفه، أنا كمان كنت خايفه أموت، أنا كمان خايفه، خايفه أوي، كنت مستنياك تيجي وقعدت أدور عليك، قلبي كان عمال يدق من الخوف في كل لحظه وهو معايا، بس الفرق إن أنا ماليش حد أكلمه و أنا بعيط، محدش حاسس بيا، أنا فجأه لقيت نفسي قنبله موقوته ممكن أموت وأقتل الي حواليا فأي وقت، ما عنتش عارفه أعمل إيه ما عنتش عارفه أتحمل الضغط ده، حرام عليك بقى يا أخي، حرااااام
نظر آدم إلى أسيل وبداخله غضب وحزن وضيق، شعر أنه يريد البكاء هو الآخر، ولكنه سرعان ما هدأ قليلًا وكأن صراخها وبكاءها هدأوا من روعه، كانت أسيل تبكِ بحرقة ثم فجأة انقطع صوتها وتهاوت، التقطها آدم بسرعة في حضنه وجلس بها على الأرض، أخذ آدم يتنهد وهو يحاول أن يهدأ نفسه، ثم أخذ ينظر إليها وقد ابتلت أهدابها بالدموع، ياله من حِمل كبير ذلك الذي تحمله تلك الفتاة، أخذ آدم يتأملها ولم يشعر بنفسه إلا وهو يمد أصابعه ليمسح تلك القطرات على عينيها ووجنتيها، تململت أسيل بين يديه ثم فتحت عيناها ببطئ، نظرت أسيل لآدم ثم وجدت نفسها في حضنه على الأرض..
- حصل إيه ؟ قالت أسيل بضعف
- أغم عليكِ، قال آدم بلين
- ليه؟
- مش عارف انت لسه داخله من بره وأغم عليكِ
- نهضت أسيل ونظرت إلى آدم وقالت: أنا مش فاكره حاجه
- ما أنا قلت لك إنك بقيتِ بتنسي كتير، بس ما تخافيش
- وضعت أسيل يديها على وجه آدم وقالت: انت مش بتعالجني
- أيوه، اكيد
- رمت أسيل نفسها بحضن آدم وقالت: خلاص يبقى مستحيل أخاف
ظلت أسيل بحضن آدم فترة، ثم قالت بمرح: إيه ها نفضل على الأرض هنا ولا إيه ؟ يلا قوم غير وتعال نتعشى سوا
نهض آدم وساعدها على النهوض ثم اتجه كل منهم إلى غرفته ليغير ملابسه، وقف آدم داخل الغرفة وزفر بشدة، وهو يشعر باضطراب في مشاعره.
****
كانت سارة جالسة على الفراش وهي تفكر في القادم وكالعادة قفز حازم إلى ذهنها مرة أُخرى، حاولت سارة طرده ولكنها لم تستطع، ولكن هذه المرة وجدت من يقطع تفكيرها عندما وجدت الخادمة تدخل الغرفة وهي تقول: الحقي يا هانم أُستاذ توفيق، ركضت سارة إلى غرفة جدها لتجد أنه فاقد للوعي، أسرعت سارة إليه وهي تضرب على وجهه وتقول: جدو رد عليا يا جدو، ولكن دون مجيب، أمسكت سارة بهاتفها وحاولت الاتصال بآدم ولكن هاتفه كان مغلق وكذلك أسيل حاولت عدة مرات ولكن بلا جدوى، فوجدت نفسها تبحث بين الأسماء بالهاتف لتتصل به.
كان حازم في الحمام عندما سمع صوت هاتفه المحمول، خرج واتجه إلى هاتفه ليجد اسم سارة، شعر بالقلق فالوقت قد تعدى الثانية عشر..
- الو، أيوه يا سارة
- أيوه يا حازم الحقني، أتاه صوتها
كانت سارة تبكي في سيارة حازم وهما يسيران خلف سيارة الإسعاف..
- اهدي يا سارة، قال حازم
- اهدى إيه بس ده مش بيفوق يا حازم مش بيفوق
- كل شيء ها يكون بخير اهدي انت بس
وصلت السيارة إلى المشفى وخلفها سيارة حازم، ما إن وصلوا حتى أدخلوه بسرعه على الترولي لغرفة الطوارئ، ركضت سارة خلفه ولكن الممرضة منعتها من الدخول، وقفت بالخارج تبكي وحازم إلى جوارها يحاول تهدئتها..
- ماليش غيره في الدنيا هو وآدم، ماليش غيره، عايز يسبني لمين في الي أنا فيه ده
ظلت سارة تبكي وحازم يستمع إليها، ثم قال
- كل شيء ها يكون تمام اهدي انت بس
ظل حازم يهدأ سارة، ثم نظر خلفها ليرى نسخة منه ومن سارة ولكن بشكلٍ بشع، ابتسمت سارة وأخرجت سكين وغرزته بصدر حازم المزيف، ثم أخذت الدماء تسيل فأدخلت يدها وبدأت تسحب قلبه للخارج، ولكن عند هذا الحد توقف حازم عن الكلام، عندها انتبهت سارة ونظرت له لتجده ينظر إلى بقعة فارغه ولكن كان وكأنه يرى شيئًا ما، أدركت سارة أنه يرى شيئًا بالفعل فقالت: حازم فوق، بصلي، ولكن حازم لم يرد عليها فأخذت تصرخ: حازم!
ولكنه لم يُجبها، أمسكت سارة بوجه حازم بين كفيها ثم قالت: حازم فوق
لم تتحمل سارة رؤية الرعب في عينيه، فقامت باحتضانه وهي تحاول أن تخبأ وجهه، شعر حازم بها تحاوطه فانتبه، ابتعد عنها حازم بسرعة ثم نظر إليها ليجدها تنظر إليه بقلق، عاود النظر إلى المكان فوجده فارغًا، تنهد حازم براحه وقال بصوت تائه: معاكِ، أنا معاكِ
انهارت سارة على الأرض وقالت ببكاء: أنا السبب أنا الي عملت فيك كده، أنا ملعونه أنا السبب
نزل حازم إلى مستوى سارة، وقال بحنو: انت مش السبب في حاجه، انت مش ملعونه، كل ده ها ينتهي وها تبقي كويسه وها تحبي وها تتحبي من غير خوف وألم
- قالت سارة ببكاء لو ها أختار حد أحبه يا حازم مش ها أختار حد غيرك انت، كان نفسي أقدر أحبك زي ما بتحبني
نظر إليها حازم بحزن عميق ولم يتكلم.
****
أخذت أسيل من كوب الشاي الذي أعدته لنفسها رشفه ثم نظرت لآدم وقالت: أُمال أنا مش باخد علاج؟
- نظر إليها آدم الجالس على الأريكة يشاهد التلفاز، لا أنا مش بعالجك بأدوية
- أُمال بإيه ؟
- فكر آدم قليلًا وقال: جلسات تأمل
- نعم؟! انت فاكرني عبيطه يا آدم، جلسات تأمل إيه دي الي تعالج الزهايمر
- زاغ بصر آدم وقال: ده.. ده نوع جديد من العلاج
- يا شيخ؟
- هو مين فينا الدكتور؟ قال آدم بغضب مصطنع
- ضحكت أسيل: أيوه انت دكتور شاطر أوي لدرجة إن أنا بقيت بنسا تلت أرباع يومي
- أنا بقول كفايه كده وأدخلي نامي الساعه واحده ونص عندنا شغل بكره
- لا يعني لا، ها نشوف الفيلم الرومانس ده سوا، قالت أسيل بتذمر
تأفف آدم من الوضع الذي أجبرته عليه أسيل، آخر ما كان يتمنى أن يشاهد فيلمًا رومانسيًا معها
- انت للدرجه دي متضايق؟
نظر إليها آدم وهو في حيرة ماذا يخبرها، لقد بكت اليوم بما فيه الكفاية، لا يريد أن يبكيها في كل حالاتها فلتبق سعيدةً قليلًا على الأقل: لا مش مضايق أنا نعسان
نهضت أسيل من مكانها واتجهت نحوه، جلست بجواره ثم قالت له: تعال نام على كتفي
- نظر آدم إليها بارتباك وقال: أنا مش قلت بطلي الحركات دي وقلت خلينا صحاب
- ابتسمت أسيل بمرح وقالت: ومين قال إن الصحاب مش ب يناموا على أكتاف بعض، سحبت أسيل رأسه، تعال، تعال
استسلم آدم ليدها التي سحبته فلقد كان يشعر بالنعاس بالفعل، وضع رأسه على كتف أسيل وهو يشعر بالاضطراب، إلى جانب خوفه من ردة فعلها إن أفاقت الآن، لا يستبعد أن تمسك رأسه وتضربها بالطاولة، ابتسم آدم وهو يفكر بتغيرات شخصيتها ما بين المُحبة والكارهة، شعر آدم بيدها تمتد خلفه وتحاوطه ثم أخذت تربت بيدها على شعره، حاول آدم النهوض ولكنها أمسكته بيدها التي تحاوطه..
- انت بتعملي إيه ؟
- هشششش
- قال آدم بصوت ناعس: إحنا اتفقنا ع..
- قاطعته أسيل: اتفقنا أخليك تحبني
كان آدم يشعر بالنعاس الشديد فلم يستطع حتى أن يرد عليها وغط في نوم عميق؛ شعرت أسيل بالسعادة وظلت هكذا حتى شعرت بثقل في عينيها وغابت عن الوعي.
****
كان حازم وسارة جالسان على المقاعد في المشفى حين خرجت الطبيبة تخبرهم أن توفيق بخير و أنه فقد الوعي بسبب انخفاض الضغط، وأخبرتهم أنهم يستطيعون الدخول له الآن، دخلت سارة مع حازم بلهفه..
- ألف سلامه عليك يا جدو كده تقلقني عليك
- قال توفيق بضعف: الله يسلمك يا حبيبتي بس أنا زي الفل أهو
نظر توفيق إلى حازم فقالت سارة: ده حازم يا جدو زميلي في الشغل
- نظر توفيق إلى حازم بعمق وقال: كتر خيرك يا ابني
- ربت حازم على كتف توفيق وقال: ما تقولش كده يا عمي ألف حمد لله على السلامه
دخلت الممرضة الغرفة وقالت: تقدروا تمشوا دلوقت بس ياريت حد يجي يكمل إجراءات المستشفى
- قال حازم ماشي أنا جاي، ولكن توفيق أوقفه وقال: روحي انت يا سارة خلي حازم هنا علشان يسندني ننزل للعربيه
- حاضر يا جدو، قالت سارة
خرجت سارة من الغرفة فنظر حازم إلى توفيق الذي قال: انت بقى حازم
- نظر حازم له بتعجب وقال: أيوه يا عمي أنا
- سارة بتحبك يا حازم، قال توفيق بسرعة.
أنت تقرأ
حجيم الحب
Romanceبعد أن كانت تعيش حياة هادئة، وجدت أسيل نفسها في مواجهة مواقف مرعبة لا تفهمها، في الوقت الذي تزامن مع إحياء أحدهم لعنة قديمة قد سارت على أجدادها، لم تكن تعلم أن بوقوعها في الحب فقط يمكنها أن تفتح بوابة اللعنة والتي ستتسبب في قتل كل من يحمل دماء أجداد...