نهضت سارة من على الأرض وعدلت من ثيابها ومسحت دموعها، ثم خرجت من الغرفة وهي تشعر بالحزن وتشعر أن كل شيء معقد تمامًا، لقد تعبت لم يعد لديها أي طاقة، لقد فقدت كل قدرتها على مواكبة كل هذا، لقد كذبت كما لم تكذب من قبل، كذبت على حازم، وعلى أسيل، وعلى أصدقائها، لمَ هي التي يجب أن تتحمل كل هذا، لا تريد أن تتحمل أي شيء.
كانت تسير شاردة حتى رأت حازم وقد خرج من الغرفة ووقف أمامها..
- إيه يا سارة فيكِ إيه ؟
- مافيش، قالت بصوت مبحوح
- هو إيه إلى مافيش؟
- قولتلك مافيش يا حازم أنا كويسه، روح انت دلوقت لو عاوز وخد أسيل، أنا ها أقعد هنا مع آدم
- ها تباتي يعني؟ سأل حازم
- آه
- طيب فين أسيل؟
- نظرت له سارة بعيون فارغة وقالت: مش عارفه
- هو انت مش كنتِ لسه عندها؟ قال حازم بتعجب
- نظرت سارة نحو حازم بعينيها الحزينتين وقال: معرفش يا حازم بقولك
- طيب، طيب، اهدي، أنا ها أجيلك بكره أطمن عليكِ واخدك تريحي شويه
- تمام، قالت سارة بحزن وذهبت من أمامه
أمسك حازم بهاتفه واتصل بأسيل التي أتاه صوتها:
- أيوه يا حازم
- أيوه يا أسيل أنا جيت هنا على أساس إنك مع سارة، انت فين؟
- لا، أنا روحت، قالت أسيل ببرود
- لوحدك؟
- أيوه
- مال صوتك يا أسيل؟ قال حازم بقلق
- مافيش يا حازم أنا كويسه، بعد إذنك.
أغلقت أسيل الهاتف، ثم أطلقت العنان لدموعها لتخرج من محجريها، لماذا سارة، ولماذا اختارتها هي بالتحديد، لماذا آدم، تحولت نظرات أسيل إلى الغضب، ذلك الوغد الحقير، الذي لا ينفكُ يهينها بلا سبب، لقد تمادى إلى الحد الذي أوصله لما هو فيه الآن فقط كي ينتقم منها على ما فعلت في سيارته، ماذا لو كانت الرصاصة قد خرجت إلى رأسها بالفعل!
****
دخلت سارة إلى غرفة آدم وهي تشعر وكأن جبلًا قد جثى على صدرها من الحزن، جلست إلى جواره ثم بدأت تبكي بحرقة.
- قال آدم بقلق: فيه إيه يا سارة؟
- أنا فشلت يا آدم، قالت سارة بصوت قد خنقه البكاء
- فشلتِ في إيه؟ قال آدم بترقب
- أسيل فاقت
- قال آدم بتعجب: فاقت يعني إيه؟
- يعني روحت، لقيتها فاقت، وضربتني لما عرفت الي أنا عملته وسابتني ومشت
تنهد آدم وهو ينظر لسقف الغرفة بتعب، لقد أُرهق فعلًا من كل الهراء الذي يحدث.
- قالت سارة بشهقاتٍ باكيةٌ كالأطفال: خسرتها يا آدم خسرتها، كنت ها أعمل إيه يعني أسيبك تقتلها؟ الحق عليا إن أنا كنت عايزه أحافظ على حياتها، حتى مش عارفه أقولها الحقيقة، طيب ها نعمل إيه دلوقت؟ يعني ها نموت يا آدم ها تروح لأمجد وها نموت ولا أسيبها هي تموت، أنا خلاص تعبت، تعبت
ظلت سارة تبكي بحرقة وهي تقول: ماليش غيرها يا آدم خلاص خسرتها خلاص
- تنهد آدم ونظر وقال لسارة بحنو: ما خسرتيهاش لسه، حاولي معاها
- وها نعمل إيه في موضوع اللعنه وأمجد؟
- تنهد آدم بحيرة وقال: ها نلاقي حل إن شاء الله ها نلاقي حل
- قالت سارة ببكاء: يعني مش ها تقتلها؟
- نظر آدم للفراغ وقال: مش هقتلها يا سارة
****
يسير في غرفته متوترًا، ما الذي قد يجعل أسيل تبيتُ في المشفى مع آدم بالأمس، ما الذي يحدثُ، من آدم هذا أصلًا الذي ظهر فجأة. ترك أمجد غرفته ثم اتجه نحو غرفة أسيل وهو ينوي معرفة كُل شيء منها.
وقف أمجد أمام الباب ثم طرق بهدوء، فتحت أسيل الباب، ليصطدم أمجد بوجهها الحزين وعيونها المنتفخة من أثر البكاء..
- ازيك يا أسيل، لسه عارف من الريسبشن تحت إنك غيرتي الأوضه مكان إلى بابها اتكسر
- تمام الحمد لله، قالت أسيل ببرود
- مالك؟
- مافيش يا أمجد
- طيب، تحبي ننزل نقعد تحت شويه؟
- لا أنا معلش يا أمجد جايه من المستشفى تعبانه وما نمتش من امبارح فعايزه أنام
- تنحنح أمجد بحرج ثم قال: آه تمام معلش آسف أنا بس كنت عايز أطمن عليكِ
- ردت أسيل بجمود: أنا بخير الحمد لله تسلم
لم يدرِ أمجد ما يقول فودعها وذهب من أمامها؛ دخلت أسيل إلى الداخل ونظرت في الساعة، لقد مرّ الوقت بسرعة، اتجهت إلى الحمام ثم بدلت ثيابها وارتمت على الفراش بتعب، ظلت تطالع سقف الغرفة وهي تفكر في جُل ما حدث اليوم وما تفعله مع آدم، لقد كان هذا الحقير يعاملها بجمود وقسوة بينما هي كانت تنتظر أي فرصة للتحدث معه حتى، وضعت أسيل يدها على قلبها وقالت:
- ازاي؟ ازاي حسيت إن أنا بحبه كده، يا كرامتك الي اتبعترت في الأرض يا أسيل.
وفجأة تحول لون السقف من فوق أسيل إلى اللون الأحمر القاني، نظرت أسيل أمامها لتجد المرأة التي اعتادت وجودها في الآونة الأخيرة تقف أمامها وتنظر إليها بعيون حمراء داميه، خافت أسيل كثيرًا وشعرت أن ضربات قلبها بدأت تزداد، ولكنها تذكرت حديث حازم فقالت في نفسها
"تهيؤات"
ثم رفعت الغطاء على رأسها، ظلت تجاهدت الأرق لبعض الوقت حتى نجحت في ذلك وغطت في نوم عميق، ولكن فقط وبعد بضع ساعاتٍ، فتحت أسيل عينيها ببطئ، ثم تململت في الفراش وأخذت تتثاءب، ثم نهضت فجأة وقالت: آدم!
****
جالسان في المشفى ويتناولان طعام الإفطار، قال آدم وهو يلوك الطعام في فمه:
- أنا زهقت من المستشفى عايز أمشي من هنا
- تمشي فين؟ اعترضت سارة، الدكتور قال لازم ملاحظه مباشره اسبوع
- أيوه بس زهقت، وبعدين هنعمل إيه في أسيل؟ مش هينفع نسيب الدنيا كده
- أطرقت سارة رأسها وقالت: مش عارفه
لم تكمل سارة عبارتها، وإذ بأسيل تقتحم الغرفة وهي تقول بلهفة: آدم
تفاجئ آدم وكذلك سارة وهما لا يفهمان ما الذي جلب أسيل الآن
- أسيل؟ قالت سارة بصدمة
- ازيك يا سارة، قالت أسيل بابتسامة
- تعجبت سارة وقالت: انت كويسه؟
- أيوه أنا كويسه، ثم نظرت لآدم وقالت: عامل إيه النهارده يا دومي
- دومي؟؟ قال آدم
- قالت سارة وقد بلغت ذروتها من الدهشة: هو فيه إيه يا أسيل؟
- فيه إيه؟ قالت أسيل بغباء
نظرت لها سارة بعدم فهم وقالت:
- هو انت مش فاكره حاجه يا أسيل؟
- فاكره؟ أنا فاكره إن أنا كنت مع آدم هنا في المستشفى واغم عليا
تبادل آدم وسارة النظرات معًا وكلاهما لا يفهم ما يحدث عندها قالت سارة:
- أسيل خليكِ هنا أنا رايحه أعمل مكالمه
خرجت سارة من الغرفة ثم أمسكت هاتفها واتصلت بتوفيق
- ألو، قالت سارة بسرعة
- أيوه يا سارة آدم عامل إيه ؟
- كويس يا جدو، كويس، عايزه أقولك على حاجه مهمه في موضوع أسيل
- في إيه ؟
- دلوقت أسيل جت وبتقول إن هي بتحب آدم ولما سألتها آخر حاجه فكراها إيه قالتلي آخر حاجه حصلت قبل ما يغم عليها امبارح
- فكر توفيق قليلًا وقال: هي لما أغم عليها وفاقت قامت عاديه؟
- يعني إيه عاديه، قالت سارة بعدم فهم
- يعني ما كانتش متأثره بالتعويذه؟
- لا
- فهمت
- فهمت إيه يا جدو؟
- التعويذة الي عملتيها ما نجحتش وما فشلتش برضه
- يعني إيه؟ قالت سارة بتعجب
- يعني التعويذه بقى ليها نص تأثير عليها
- نص تأثير؟ يعني إيه؟
- يعني احتمال إن هي تفوق تاني واحتمال لا
- طيب ما كده يا جدو ممكن ده يخليها تروح مع أمجد بسهوله لو فاقت
- الحل الوحيد أنها تتجوز آدم وهي بالشخصية دي
- قالت سارة بصدمة: تتجوز آدم؟ طيب و أنا هعمل كده ازاي؟ دي لو فاقت تاني هتقتلني لو عرفت إن أنا عملت كده، وآدم مالوش أي مبرر أنه يعمل كده أصلًا؟
- إحنا ما عندناش أي وقت نفكر هي ها تفكر ازاي، الموضوع ما عادش متحمل تأخير أكتر من كده.
****
كانت أسيل جالسة أمام آدم في الغرفة وهي تقول:
- آدم، انت لسه مش عايز تديني فرصه؟
- قال آدم بضيق: فرصه ازاي؟
- تديني فرصه اقرب منك
لم يتحدث آدم بشيء، حيث دخلت سارة إلى الغرفة وقالت:
- أسيل ممكن تنادي الدكتور يجي يغير على الجرح على ما أشيل أنا الأكل ده؟
- ابتسمت أسيل وقالت: ماشي
خرجت أسيل من الغرفة بسرعة وذهبت لتنادي الطبيب فاستغلت سارة الموقف وقصت على آدم كل شيء ولكنها طبعًا أخفت أمر زواجه من أسيل عنه، عاد الطبيب بعد قليل ليغير لآدم على الجرح عندها خرجت الفتاتان خارج الغرفة و انتظرتا خارجًا، بعد أن انتهى الطبيب دخلت الفتاتان، وكان يبدو على آدم التعب والتألم وبمجرد أن رأته أسيل هكذا حتى أسرعت إليه وقالت:
- انت كتفك واجعك؟ أنا ممكن أروح للدكتور اقوله يجبلك مسكن
- لا مش عايز، قال آدم بضيق
- طيب استنى
ركضت أسيل خارج الغرفة بينما نظر آدم إلى سارة:
- هنعمل فيها إيه؟
بعد قليل وصلت أسيل إلى الغرفة ودلفت ومعها حقيبة تحوي بعض السكاكر
- إيه ده؟ قالت سارة بسخرية
- ده ملبس، قالت أسيل ببراءة
- دهش آدم وقال بتعجب: ملبس؟؟
- أيوه، علشان لما كنت زمان ببقى موجوعه باكل حاجه مسكره ببقى كويسه
ضحكت سارة على ما قالت أسيل بينما اتجهت أسيل إلى آدم وقالت: كل يلا، ومدت يدها بقطعة سكاكر
- انت اتهبلتِ؟ صح!
- لا يا دومي والله
- دومي؟ بقولك إيه ابعدِ عني، قال آدم بضيق واضح وبنبرة حادة
- علشان خاطري يا دومي، علشان خاطري
- مش بحب الحلويات ابعدِ عني
- علشان خاطري يا دومي يلا، يلا هم
اقتربت أسيل من آدم وطلبت منه أن يتناولها ولكنه رفض وعندما اصرت عليه عدة مرات قال آدم:
- ابعدي عني بقى
ودفعها بذراعه بقوة فسقطت أسيل على الأرض؛ لم يبدو على آدم أي ندم ولكن سارة أسرعت إلى أسيل وساعدتها في النهوض، تجمعت الدموع في عيون أسيل واقتربت من آدم واعتذرت وركضت خارج الغرفة.
كان حازم يسير في طرقات المشفى يستعد للذهاب إلى سارة، حين اصطدمت أسيل به وهي تركض، تفاجئ حازم من وجودها هنا وبكاءها، ولكن تخطته أسيل وذهبت من أمامه باكية، خرجت سارة ووجدت حازم والذي وصل لتوه يقف أمامها
- هو فيه إيه؟ قال حازم بدهشة
- تنهدت سارة وقالت: مافيش يا حازم
- انتم إيه حكايتكم بالظبط؟
- يا حازم قولتلك مافيش، قالت سارة بملل
- آدم عامل إيه طيب؟ قال حازم بنفاذ صبر
- كويس إيه إلى جابك بدري؟
- جيت أقولك إن أنا اخدت إذن من أُستاذ علي إنك مش ها تعملي شغلك معانا بسبب آدم
- نظرت له سارة بامتنان وقالت: تسلم يا حازم بجد
- بادلها حازم التبسم وقال: مافيش شكر ولا حاجه، ده وجابي معاكِ كزميل يا سارة
- تنحنحت سارة بحرج وقالت: آه طبعًا تسلم
- طيب يلا علشان تروحي دلوقت وتلحقي تيجي بليل
- طيب ها أدخل أجيب حاجتي وآجي.
ذهبت أسيل وجلست على أحد المقاعد في المشفى، ثم أخذت تبكي على ما فعله آدم بها، لماذا لا يحبها، لقد أحبته بطريقة جنونية هي لا تنكر هذا، ولكن فقط إذا قام بإعطائها فرصة ربما سيحبها.
شعرت أسيل بثقل في جفونها فجأة ولم تشعر بنفسها إلا وهي تسقط مغشيًا عليها على المقعد، فتحت عينيها بعد مرور عدة دقائق وهي تشعر بألم في رأسها، ثم سرعان ما قطبت حاجبيها واستوعبت ما حدث فقالت في نفسها
" نهاركم اسود معايا."
****
أوصل حازم سارة إلى غرفتها في الفندق دون أن يتكلم فقالت له سارة:
- أنا ها أدخل أنام شويه ولما أصحى إن شاء الله ها نروح لآدم
- تمام أنا في أوضتي هنا، قال حازم ببرود
منذ أن قالت سارة له كلماتها اللاذعة على الشاطئ، كان يحاول حازم الابتعاد عنها، بالتأكيد هو مازال يحبها، ولكنه هذه المرة هو من ينتظر منها أن تشعر به، أن تفعل شيئًا لأجله ولو مرة واحدة، وإن لم تفعل فهي تستحق أن يعاملها كأي شخص آخر، فقط عليه الاهتمام بنفسه قليلًا قبل أن يغرق في بحرها إلى الأبد.
- شكرًا يا حازم ع..
- خلاص يا سارة قولت ده واجبي كزميل، قال حازم باستفزاز
نظرت له سارة بضيق، لا تدري ما يحدث ولكن معاملة حازم الرسمية معها قد ضايقتها كثيرًا، فهو لم يعتد أن يكون هكذا معها.
- قالت وهي تربع يداها: و يا ترى بقى يا حازم بتوديني كل يوم المستشفى و بتجبني ليه؟ واجبك كزميل برضه؟
- فهم حازم ما تلمح إليه سارة فابتسم وقال: أيوه طبعًا كزميل أعرفك من فتره كبيره ولو كانت لين أو أسيل مكانك كنت عملت كده، وها نروح بعيد ليه أنا بالفعل وصلت أسيل امبارح ولو كانت طلبت الصبح كنت وصلتها
- انقلبت ملامح سارة وشعرت بالحرج الشديد ولكنها قالت: أيوه عندك حق ده كان قصدي بعد إذنك.
دخلت سارة إلى الداخل وأغلقت الباب بضيق شديد، ثم ارتمت على الفراش بقوة وهي تقول في نفسها
" أنا بعمل إيه ؟ وزعلانه ليه اصلا؟ بطلي عبط يا سارة"
راحت سارة في نوم عميق، فهي لم تستطع النوم في المشفى ليلة أمس أبدًا.
****
أسرعت أسيل إلى غرفة آدم، وعندما فتحتها وجدته وحده جالس على الفراش وهو يعبث في هاتفه المحمول، سارت إليه مبتسمة وهي تكاد تنفجر غضبًا وقالت: أُمال سارة فين؟
- مشت علشان تنام شويه قبل ما تيجي بليل، قال آدم ببرود
- قالت أسيل بنبرة حادة: انت بتكلمني كده ليه؟
- تأفف آدم وقال: يوووه بقى هو أنا مش لسه مزعق لك ومشيتِ؟ ده أنا فكرتك روحتِ الفندق ارحميني بقى
- كتمت أسيل غضبها وقالت: يعني انت مش عايز تاكل ملبس؟
- قال بغضب: قولت مش باكل مسكرات، ابعدي بقى عني وخلي عندك دم
- دم؟
قالت أسيل بغيظ ثم سارت ببطئ وهي تأخذ كيس السكاكر، أخذت واحدة، فتحها ثم أُخرى ثم ثالثه، اتجهت ناحية آدم وجلست وقالت بغيظ مكتوم: يعني انت مش عايز تاكل ملبس؟
- نظر آدم إليها وقال في نفسه "يخربيت الغباء"
ولكنه فوجئ بأسيل تضربه على كتفه المصاب، وبالطبع تأوه آدم فوضعت أسيل السكاكر في فمه المفتوح وقالت بغل:
- طيب يلا علشان اطفحهولك
امتلئ فم آدم بالسكاكر، ونظر إليها بغضبٍ عارم وقال بصوت مكتوم: انت اتجننتِ
- نظرت إليه بسخرية وقالت: لا فوقت يا حيوان يا حقير
نظر إليها آدم بغضب ثم رفع الغطاء عنه ونهض من على الفراش، بثقَ آدم السكاكر في سلة القمامة ثم سار ناحية أسيل وهو يقول:
- هو انت فكراني علشان أنا مصاب مش ها أقدر أقوم أبهدلك دلوقت، صرخ آدم
- ولكن أسيل وقفت أمامه بشموخ وقالت: و انت لسه ليك عين تتكلم بعد الي هببتوه انت وأختك؟ ده أنا ها أوديكم في ستين داهيه، شايف أنا بقيت بسببكم عامله ازاي؟ انتم إيه يا أخي ما بتحسوش
- رد آدم بعصبيه: بقولك إيه أختي ما تجبيش سيرتها على لسانك انت فاهمه يا بت انت
- صرخت أسيل: آه هو ده الي قدرت إنك تعمله مش كده؟ ده الي قدرت تقوله علشان مش لاقي مبرر لعملة أختك الزباله، و أنا أقول إنك مش عارفه تلاقيك متفق معاها، بس ليه أنا عملتلكم إيه؟ أنا ما شوفتش أحقر منكم في حياتي
- بقولك احترمي نفسك علشان ما أزعلكيش انت فاهمه، قال آدم بغضب، وبعدين متفق مع مين؟ هو انت فكرك إني طايق أبص في وشك؟ أحفظي كرامتك وأمشي من وشي
- يا سلااام هو أنا عاد عندي كرامه ولا محترمه بعد الي هي عملته ما خلاص بقيت كل شويه عماله أجري وراك و أتلزق فيك ما خلاص
- صرخ آدم بغضب: انتِ اصلًا رخيصه ومش محترمه من زمان، و انت لازقه لواحد وحباه و انت ما بقالكيش شهر عرفاه...
لم يكمل آدم كلامه عندما تلقى صفعه قويه من أسيل على وجهه، توقف الصوت، توقف الوقت، توقف كل شيء حول آدم الذي لم يستوعب ما حدث منذ قليل، اتسعت عيناه ونظر إلى أسيل التي كانت تنظر إليه بشموخٍ وتحدي، غلت الدماء في عروق آدم وازدادت ضربات قلبه؛ نظرت له أسيل هكذا، لا تدري لماذا شعرت بالخوف منه ولكنها قبل أن تتحرك كانت قد تلقت صفعة مدوية على وجهها اودت بها بعيدًا على الأرض وقد سالت الدماء من فمها، شعرت أسيل بألم لا يطاق في خدها و أنفها وعينها، إلى جانب الصداع الرهيب الذي احتاج رأسها، لوهلة ظنت أنه سوف يشعر بجُرمه ويأت لها ولكنه لم يحدث، حيث كان آدم يقف ككتله من النار فلم يضربه أحد على وجهه من قبل إطلاقًا ولا حتى والداه، شعر بأنه سوف يقتلها ما دامت أمامه، اتجه إليها وهي ملقاة على الأرض ثم أمسك ذراعها بقوة وسحبها لتنهض، تأوهت أسيل ولكنه لم يعبأ بها، اتجه إلى باب الحجرة، فتحه، ألقاها خارجًا ثم صفع الباب في وجهها.
****
دخل حازم إلى غرفته وهمَّ بإغلاق الباب، ولكنه تذكر أن سارة سوف تنام الآن وربما تمشي أثناء نومها ثانية وتخرج، لا يريد أن يجلب المزيد من المشاكل لنفسه، زاغ بصر حازم وتذكر ذلك اليوم الذي كادت سارة أن تتسبب في مشكلة..
« كان حازم نائم عندما تلقى مكالمة من عامل الاستقبال، تململ حازم في الفراش ثم أمسك بالسماعة وقال بصوت ناعس:
- أنا تعبان النهارده استنى لما سارة تنزل عندك وابقى صحيها
- للأسف يا فندم أنا دخلت الحمام طلعت بصيت في الكاميرا لقيت باب أوضة الآنسه مفتوح فعرفت أن هي خرجت، طلعت بصيت بره ملقتهاش
- إيه؟ انتفض حازم من فراشه ثم وضع السماعة وارتدى خُفه ونزل إلى أسفل بسرعة، خرج حازم من الفندق إلى الباحة وظل ينظر يمنة ويسره ولكنه لم يجدها، لم يدر إلى أين يتجه الآن، قرر الإتجاه يمنة وهو ينظر في كل مكان ولكنه لم يجدها، ظل حازم يركض في كل مكان حتى داهمه التعب.
"يا ترى رُحتي فين يا سارة"
ظل حازم يبحث وهو يركض حتى وجدها أمامه تسير ناحية شاب يقف ويتحدث بالهاتف، أسرع حازم ناحيتها ولكنه فوجئ بها تذهب جوار الرجل وتضع رأسها على كتفه، نظر إليها الرجل وقال: إيه ده؟ وقبل أن ينفضها من على كتفه كان حازم قد أمسك بكتفها وسحبها إلى حضنه..
- أنا آسف جدًا حضرتك، قال حازم بأدب
- في إيه؟ قال الشاب بغضب
- معلش أصل هي بتمشي وهي نايمه
- نايمه مين يا عم انت ها تشتغلني ما هي مفتحه اهي
- لا والله هي مفتحه بس مش صاحيه، دي حتى مش بتتحرك ولا بتتكلم ولا بتدي أي تعبير أهي
نظر إليها الرجل باحتقار وذهب من أمامهم، شعر حازم بالضيق من نظراته ولكنه لم يُوَلّهِ أهمية فسارة معه على كل حال ولن يتشاجر الآن، وقف حازم أمامها ونظر إليها بعمق، كانت عينها مفتوحة ولكنها تنظر إلى لا شيء، قال حازم:
- وبعدين معاكِ أعمل فيكِ إيه ؟ ها تف...
لم يكمل حازم جُملته عندما تفاجئ بسارة وقد وضعت رأسها على كتفه هو الآخر، شعر حازم بنبض قلبه يزداد وبدأ صدره يعلو ويهبط بتوتر، ابتسم حازم وقال:
- انت شكلك ها تتعبيني معاكِ يا سارة، بدأ حازم في إيقاظها، ارتخى جسد سارة بين يده، ثم بعد برهة فتحت عينيها لترى حازم أمامها، نظرت له سارة بحزن وقالت:
تاني؟
- ما بتعديش يوم من غير ما تمشي و انت نايمه وبجد بقيت مش عارف أنام، قال حازم بمزاح
- نظرت سارة إليه بحزن وحرج وهي تبتعد عنه وقالت: أنا آسفه
- أنا بهزر على فكرة، قال حازم بسرعة
- نظرت له سارة وقالت: لا بجد أنا آسفه
راقب حازم سارة وهي تبتعد بسرعة بعد كلامتها الأخيرة وهو يقول: آسفه على إيه ولا إيه »
أفاق حازم من شروده وهو يبتسم، ثم ترك باب الغرفة مفتوح وذهب وأرتمى على الاريكة وأمسك هاتفه وبدأ يتصفحه.
****
أنت تقرأ
حجيم الحب
Storie d'amoreبعد أن كانت تعيش حياة هادئة، وجدت أسيل نفسها في مواجهة مواقف مرعبة لا تفهمها، في الوقت الذي تزامن مع إحياء أحدهم لعنة قديمة قد سارت على أجدادها، لم تكن تعلم أن بوقوعها في الحب فقط يمكنها أن تفتح بوابة اللعنة والتي ستتسبب في قتل كل من يحمل دماء أجداد...