الفصل الأول

1.9K 98 11
                                    

الفصل الأول
رواية/ كوابيــــس
الكاتبة/ ابتسام محمود الصيري

في يوم من أيام الشتاء شديد البرودة تتسابق البحار الهائجة بموجتها الغاضبه لحد ما عملت دوامه كببره تاخدنا على أرض في الصعيد وبالتحديد فوق سطح بيت كبير البلد يقف شاب طويل ملامحه رجولية بس عنده نسبة جمال كبيرة، بيجذب اي حد ليه بكلامه الموزون في بداية العشرين، يبص للسما بيدور على نجمته المفضله في عز النهار، لكنها اختفت بليل بمجرد طلوع النهار، حل مكانها سحب كتير اتجمعت في السما وكونت سحابة كبيرة مخيفة خلت قلب رحيم يتأكد أنها هتبقى ليلة شتوية كلها عاصفه وزعابيب، نزل أوضته بوش كله حزن وبقلب مكسور على فراقه من حبيبته، وبقى مفتقد كمان نجمته اللي في الأرض.
               ★***★
تحت بيت بسيوني شادر كبير وأنوار كتير بتدل على أنه فيه فرح
وقفت بنت متوسطة الطول ملامحها مش جميلة، بس مجرد ما حد يتكلم معاها يتشد ليها بسبب خفة دمها عندها ١٩ سنه، أستعدت تروح للكوافير لتزينها، وقبل ما تطلع سعده من أوضتها فضلت تبص لكل ركن فيها بصت وداع، اتنهدت بحزن، ومسكت شنطه فيها كل حاجة هتحتاجها في الكوافير ونزلت، فضلت تبص للسماء اللي مغيمه طول الطريق لحد ما فجأه سحابة كبيرة اتخبطت في سحابة أكبر وحصل صوت مخيف خلى قلب سعده يتنفض بخوف، وبدأ المطر في اخد وضعه الطبيعي بعد انصدمهم ببعض، جريت بسرعة لحد ما دخلت الكوافير ودعت ربنا يعدى اليوم على خير.
              ★***★
اختفت الشمس ورا السحب بكسوف من غدر البشر لبعضهم، وبدأ الكل يستعد للفرح رحيم قام بحزن ونار جوه صدره يلبس جلابيته البيج وجزمته السودا غصب وأقتدار من ابوه بحجة أنه ابن الكبير، وقبل ما يطلع من البيت تنادي عليه بنت عمه اللي جمالها الطبيعي بيغطى على بنات كتير، يبص ليها بوش مش ظاهر عليه اي تعبير.  فقالت فرح بمشاكه: ايه يا واد العم مش ناوي تاخدني معاك عاد.
وقف رحيم استنى لحد ما جت وقفت جنبه طولها كان قريب جدا من طوله وأول ما قربت جنبه اتحرك ركب عربيتة وهي قعدت جنبه، كان ساكت ومش عنده اي استعداد يتكلم او حتى يسمع حرف، لكن فرح بسعادة قالت: متتخيلش فرحتى لسعده جد ايه، أني بحبها جوي دي صاحبتى الوحيده من الابتدائي.
رحيم هز راسه لكلامها لكن في الحقيقة ولا كان مركز ولا سامع منها حرف وبيهز راسه زي الانسان الآلي اللي مطلوب منه أول ما يسمع صوت يهز راسه.
               ★****★
وقف شاب متوسط الطول والجمال يقول بصوت عالي: ياما جلت مش هحضر أم الفرح ده يعني مش هحضر.
مامته: يا عيب الشوم يا عويد، انت عايز أهل البلد تاكل وشنا؟ ده فرح بنت عمك يا ولدي، اغزي الشيطان واحضر واجف جنب ابوك وعمك، هما مش ليهم غيرك يا ولدي.
عويد يرفض بعصبية: فرح بنت عمه سعده على عوض، بالله عليكى انتى لو عندك بنت ترضيها ليها الچوازه دي.
امه: يا ولدي هي رضيت انت مالك.
عويد حس أنه ممكن يقتل قتيل بسبب ضغط امه عليه نزل وساب البيت خالص، وأول ما نزل الشلرع اتصل بصاحبه رحيم، اللي أول ما وصلت ليه الرنه فتح بعصره جوه قلبه، واستنى عويد يتكلم: فينك يا صاحبي.
رحيم غمض عينه ثواني وهو نفسه روحه تطلع ويرتاح من كتر الصراع الداخلي اللي هو الوحيد حاسه، حاول يطلع صوته بعد ما كح نضف حلقه: داخل على الفرح اهو.
عويد بثوره: انت لحد امتى هتفضل تعمل كده في نفسك... فوق يا رحيم واعجل قبل فوات الأوان.
رحيم اتناهد ورد بضعف: خلاص يا صاحبي أنا وصلت.
عويد قفل السكه في وشه ولعن غباء صاحبه وبنت عمه.
                ★****★
دخل عوض الشاب اللي في نص التلاتين الكوافير وهو بيسقف وبيرقص وقفت سعده وهي بتبتسم واخدها وراحوا على الفرح في وسط طبل وزمر وزغريط، وأول ما حطوا رجلهم في الفرح بدأت عاصفه قويه من اثرها صوت صفير قوي مقدرش يغطي على صوت قلب سعده اللي بقى ينبض بخوف.
وأول ما قعدوا على الكوشه هجم عليه شاب معاق عنده شلل نصفي وبيتكلم بتقل وفضل يض رب العريس وهو بيشتمه بحرقه على وجع قلب صاحبه رحيم، ادخل بسرعة عويد وشد زعزوعة ونزل بيه من على الكوشة وفضل يهدي.
اما رحيم كان واقف زي اللي متجمد في مكانه، كانت مشاعره تشبه العاصفه اللي بتتخبط يمين وشمال ومش ليها مكان محدد تروحه، كان بيسمع صوت طلقات النار في الهوا، حس ان الطلقات دي خارجه من جوه قلبه وصوتها طالع للجميع، بس محدش حاسس بوجعه وصراخ آنين قلبه وهو شايف حلم حياته بيتهد وبتتزف على واحد غيره... كان نفسه يموت في لحظة ما كتب الماذون كتابها، ويكون الشادر ده هو عزاه، ايوة هو حاسس ان اليوم ده مات والنهارده بياخدوا عزاه، اصله ازاي هيقدر يعيش يوم وروحه مفرقاه.
واقف بيشوفها وهي قاعده بتحاول ترسم البسمه على وشها وتتعايش مع الأمر الواقع ومع نصيبها المحتوم.
كان بيبص عليها زي المدبوح، ومستني روحه تطلع، كل لحظة بتمر عليه بيحس انه بيتخنق اكتر.
قرب منه صديق عمره وقال: بكفاية اللي بتعمله ده في نفسك، روح وبلاها عذاب ياصاحبي.
بص رحيم بعيون سكنها القهره وقال:
العذاب لسه عيبدأ يا صاحبي، اللي فات كان يادوب بنجربه، واللي جاي امر و واعر جوي.
عويد وهو بيبص عليهم هما الاتنين ومش عارف يعمل ايه عشانهم، الحيره مزعت قلبه، طبطب على كتفه وقال: وحياتي ما تقلقني عليك اكتر من اكده، كان نفسي أكون وياك، لكن مش عقدر عشان سفري بكره.
ابتسم رحيم بوجع وقال: شوف حالك انت، ومتشلش همي يا عويد، وادعيلي ربنا يرحمني ويقدرني على نار فراقها.
نص ساعة والفرح خلص بسبب سوء الأحوال الجوية.
كان بيت العريس في القاهرة، وطلب أبو سعده من عويد يروح معاهم يوصلهم: بجولك يا عويد ما تروح مع أختك القاهرة وصلها ومنك تصبح الصبح على جامعتك.
عويد بغيظ من بردهم: أني مش هوصل حد، ولو حتى مافيش موصلات خالص بكره هاخدها زحافي لباب الجامعة.
امه كانت مكسوفه من كلامه، لكن ابوها كان متفهم كل الوضع.
العريس اخد العروسةوطلع بيها على القاهرة في عربية ملاكي اهده بيها كبير البلد توصله لحد بيته في القاهرة.
             ★****★
رحيم كان واقف في مكان كاشف الطريق اللي هتمشي منه العربية وفضل متابعها لحد ما اختفت من قدام عينه حس بشعور غريب لأول مره عايز يصرخ زي طفل، كان الأحساس فعلا غريب ده معيطش يوم وفاة أمه كان قاعد وسط الرجالة اسد برغم صغر سنه وكان مقتنع أن رحمتها من المرض اللي كانت بتعاني منه أحسن من أنها كانت تعيش وتفضل تتعذب، راح مكانه الخاص مع سعده اللي في أرض زراعية مهجورة وجنبها ساقيه كبيرة قعد وسند ضهره على شجرته الوحيده اللي في المكان.

كوابيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن