الفصل الثاني عشر

459 60 10
                                    

الفصل الثاني عشر
رواية كوابيس
للكاتبة ابتسام محمود الصيري

نزل حمزه من بيته يقابل خطيبته، وهو بيشكر ربنا أنه فاق ضميره قبل فوات الاوان وهيصلح غلطته.... لكن طال انتظاره في الشمس واستغرب تأخرها لأنه  مأكد عليها بليل تقابله قبل ما تروح الشغل، لكنها اتأخرت خالص، اتصل بيها، ردت بعد تفكير: ايوه يا حمزه.
حمزه باستغراب: انتى فين؟
مي رفعت شعرها وهي ماشيه في طرقت مكتبها: في الشغل.
حمزه بضيق: شغل ايه؟ انتى نسيتى الميعاد اللي بنا يا مي.
مي جمعت حروفها وهي بتاخد نفاسها: لا... بس المقابلة مش ليها لزووم.
حمزه غمض عينه وحاول يكدب كل اللي بيدور في دماغه وسألها بهدوء مخادع: ليه يا مي؟
مي بخوف من رد فعله: أنا قلت لدنيا هانم مكان عويد.
حمزه قفل ايده جامد وخبطها في لوحة متعلقه حديد ورد بعصبية مش ليها مثيل: تاني يا مي، ليه يا مي مصممه على الغدر؟ ليه يا مي ضيعتي كل احلامنا و حبنا؟!
مي ببرود بس الخوف اتملك قلبها: ومال حبنا باللي حصل؟
حمزه بقلب حزين: لان حبنا بقى مرتبط بالغدر.
مي بصوت فيه دموع: حمزه أنا عملت ده كله عشان بحبك، تعبت من الانتظار وتحويش الجنيه على الجنبه، نفسي نتجوز يا حمزه ويلمنا ببت واحد.
حمزه بعصبية: نبني بتنا من شقانا وتعبنا مش بالغدر.
مي تمسح دموعها: المهم اتبنى، ومش مهم اتبنى بأيه.
حمزه: لا يفرق كتير بيتنا بقى هاش حيطانه من ورق.
مي: تقصد ايه؟
حمزه: اقصد خلاص يا مي انتى طريقك بقى غير طريقي سلام يا مي.

قفل حمزه من غير ما يسمع اخر سلام منها، فضلت تصرخ بعلو صوتها في شغلها: حمزه حمزه حمزاااااااااه.
مشي حمزه تايه في الشوارع خسر كل الناس اللي بيحبهم بسبب غباء وطمع في لحظة ضعف، مسك تليفونه عشان يحظر عويد قبل وقوع المصيبه، لكن عويد كان سايب تليفونه في العربية لما وصلوا المصلحة الحكومية، كانت چودي مش مصدقه نفسها أن كل حاجة بتخلص بسرعة، ده غير أنهم اتعاملوا كلهم أحسن معامله بسبب وجود ابن الكبير معاهم فضلوا ساعة في المكتب ووصلت ليهم البطاقة، ولما خلصوا كان حمزه تعب من كتر الاتصال وفقد الأمل يرد عليه.
عويد وچودي ركبوا العربية وعويد مابصش في تليفونه، وطلعوا على اقرب سنترال نزلت چودي ومعاها عويد رجعلها خطها العزيز عليها وأول ما جم يركبوا: محمولك مبطلش رن يا عويد.
قالها رحيم اللي قاعد قدام، عويد مسك تليفونه وأول ما فتح: عويد دنيا عرفت مكانكم اهرب يا عويد.

قالها حمزه اللي بيتقطع من تأنيب ضميره، رد عليه عويد بصدمه: انت بتقول ايه، وعرفت من فين؟
حمزه بندم وصوت ضعيف: عويد عايزك تسمحينى، أنا ضعفت مره وقلت على مكانك بس والله غصب عني والله، ومي هي اللي قالت على مكانكم المره دي.
عويد حس انه بيتخبط من حيطه لحيطه: خلاص يا حمزه أنا هتصرف.
حمزه: عويد بالله عليك متزعلش مني.
عويد: خلاص يا حمزه اللي حصل حصل سلام.
وش عويد كان كفيل أنه يأكد أن فيه مصيبه، اتكلم رحيم من غير ما حتى يسمع من عويد: كنت متأكد أني هحتاج بطاجتك، بس مش بالسرعة دي، حضروا نفسيكم بليل هجيب المأذون وهكتب كتابكم.
الخبر نزل على چودي وعويد زي الماية اللي متلجه في عز الشتا، رد عويد: باااس....
رحيم بإصرار: ما بسش، ايه عنستنى اهلها ياخدوها اكده من وسطينا ونفضل نتفرج، الجواز ده هو اللي عيمنعهم يفكروا تاني عيجربوا منينا واصل، الجواز عيخلينا نمسك العصايه من النص.
عويد سكت ثواني وبص لچودي المذهوله في المرايه، يأكد ليها مافيش مفر من اللي قال عليه: عندك جول تاني يا عروسة.
چودي كانت مرتبكه متخيلتش في يوم حتى في احلامها أن حياتها تبقى فيها مغامرات وأكشن وتنتهي على جوزها بالطريقة دي.
عاد رحيم كلامه بصوته الخشن القوي: ها يا عروسة.
چودي بأرتباك: موافقه بس بشرط.
عويد هو اللي رد: من غير شروط يا چودي، أنا وعدتك أني هحميكى وفعلا عمري ما هعمل حاجة تخلف الوعد ده، أولا الجواز على الورق وكمان القسيمه هتكون معاكي.
كلام عويد نزل زي الصعقه الكهربائية على مسمع رحيم وخلاه يلف بسرعة صاروخ يبص عليه، ازاي راجل صعيدى يقبل على كرامته قسيمة الجواز تكون في ايد ست لا وكمان يكون الجواز على ورق !!!!
عويد بص لرحيم: ايه يا كبير احنا من البداية قرارنا نحميها فمنجيش احنا دلوجيتى اللي نجبرها على شيء.
اكتفى رحيم ببصاته اللي كلها نار وبص قدامه وقال: ماشي يا عويد، بس على ما اظن مافيش مانع انها تطلع من دواري عروسة زينه النجع كليته يتحاكه عليها.
عويد بص لچودي فهزت راسها بالموافقة.
عويد ابتسم وفرح، رحيم ضحك من جوه لما شاف فرحة عويد واتأكد من اللي بيعمله هو الصح، وصلوا عويد الأول عند بيته ولسه عويد بيفتح الباب عشان ينزل جرى زعزوعة على العربية ولزق وشه على الازاز وفضل يبص على چودي اللي اتخضت من شكلة غصب عنها ورجعت ورا، رحيم: واد يا زعزوعة عايزك تفرح الناس كلتها بفرح عويد الليله.
زعزوعة رجع تاني يبص على چودي وجودي كلنت محرجه من خزفها منه بس كانت فعلا خايفه يخبطها او يضربها فجأة.
سأل زعزوعة بحروفه المتقاطعه: ع ع على اللل جمر دي؟
رحيم ابتسم ليه: عجبالك يا واد.
زعزوعة بزعل: لاه أني عايز أتجوزها أني دي مهلبية.
ومد ايده مسك ايدها چودي اتخضت اخد باله رحيم وقال بهدوء: ده زعزوعة واد باركه، سلمي عليه متخافيش.
زعزوعة بفرحه: انتى كيف إكده.
چودي فضلت تقفل وتفتح في عينها بأحراج، رحيم قال: خلاص يا زعزوعة زي ما حولتلك عايز الخلق كله يعرف يلا سلام.
زعزوعة كان ماسك قصبه في ايده التانيه ومد ايده بيها ليها، اخدتها چودي وابتسمت ليه، واتأكدت أنه طيب جدا، امر رحيم السواق يتحرك وفضلت چودي باصه عليه وطلبت من رحيم يوقف العربية ونزلت من العربية وراحت لزعزوعة اللي بيوقف نص وقفه بسبب الشلل النصفي اللي عنده ومسكت ايده وهي بتبتسم وطابت منه: زعزوعة ممكن تدعيلي ربنا يصلح ليا الحال.
زعزوعة رفع ايده للسما وفضل يقول: ي ييييارب أعملللها كل خير من عندك.
چودي شكرته جدا على الدعوه وعلى القصبه زطلعت تجري على العربية ركبت بقلب مرتاح.
★****★
عويد أول ما طلع البيت طلب من ابوه يطلع معاه الشقه اللي فوق عند امه عشان يقولهم على موضوع جوازه المفاجأة، وبعد سلامات قال في وجود سعديه اللي أول ما شافت عويد نازل من العربية من جنب چودي طلعت تجري وراه.
وقال بهدوء: اما أني بحب وعايز اتجوز.
سعديه مسكت طرحتها وفضلت تغمض عينها جامد وتضم شفايفها على بعض بكسوف: موافجه موافجه.
عويد بصلها وهو بيرفع حاجبه: العروسه مش انتى يا سعديه.
سعديه بخضه: كيف تحب وتتجوز غيري، أمال أني رحت فين؟
عويد: اسكتى انتى دلوجيت يا سعديه، انتى عارفة أني طول عمري بحبك زي اختي.
فرحت سعديه بأعترافه بحبه ليها اللي هو مش مهم حب ايه المهم فيه حب.
فقال ابوه بفرحه: الف الف مبروك يا ولدي.
فقالت امه: العروسة من بيت مين في النجع.
رد عويد وهو بيقعد جنبها: من القاهرة ياما.
امه بعتراض على أنها بنت من مصر: بكره يا ولدي تزهج الغندوره من عيشتنا وتجول عايزه اعاود مصر .
عويد ابتلع حقيقة الطلاق اللي هو متأكد منها أنها هتحصل لا محال في اي وقت، وحاول يرد بسياسة: لما ياجي اليوم ده يبقى متلزمنيش ياما، أني بتكلم على دلوجيت.
امه قامت تنفض ايدها من الدقيق: متبصش تحت رجلك ياولدي.
عويد بهزار: وابص لبعيد ليه ياما وأنا تحت رجلي الماظ.
امه بجدية وخوف عليه: هيطلع ازاز.
عويد: لما تأكد الايام يبقى أني خلاص اتعودت على شكله وهتجبله زي ما يكون.
ابو عويد بعصبية: جرى ايه يا وليه ما تسيبى الواد يفرح، وخلينا نفرح.
ابتسم عويد وقام باس راس امه وابوه وقال لسعديه: اوعي تزعلي مني يا سعديه انتى اللي في الجلب يا به.
سعديه بأنشكاح: ايوه ايوه ما أني عارفه يا واد عمي.
              ★******★
وصل رحيم ودخلت معاه چودي وكان بيقولها: هشيع اجبلك  احسن واحده حدانا تزوجك يا عروسة، مش عايزك تشيلى هم حاجة واصل.
وقبل ما رحيم ينده على فرحه لقاها طلعه عليهم رفعه عبايتها بايدها على وسطها الشمال ورافعه ايدها على الحيطه وبصلهم بقرف: بالسرعة دي لفت عليك وجبتك تحت باطها، كنت تجولي انك بتحب النوع ده وأني لو كنت جصرت كان يبقى ليك الحديت.
رحيم بدهشه: انتى مجنونة يا مره؟!
فرحه بجرائه: مجنونة عشان بحبك وبحافظ عليك.
رحيم اتعصب وقال بدون وعي: بطلي هرفته بالكلام يا سعده.
فرحه لطمت صدرها وهي بتصرخ بالم: يالهووووي سعده! هي كمان فيها سعده يا نهار الون عليكم، عايزني اسكت لحد ميتى، ها انطج، لما اشوفك داخل بيها اوضتك، اللي منعني حتى اخطيها؟
قالت اخر كلماتها بحزن وقهر ووجع، وعينها كلها دموع من حرمانها من ابسط حقوقها.
چودي اتحرجت من كلام فرحة، ووشها جاب الوان الطيف كلها، فقال رحيم بتحذير: لو مبلعتيش لسانك هقطعهولك.
فرحه بعصبية: مش هسكت يا رحيم، انت مش هتكون لحد غيري.
قالت كلامها وراحت تضرب چودي، مسكها رحيم وفضل يمنعها تقرب منها، لكنها نسيت نفسها وضربته بالقلم، هنا رحيم فقد علقه وكل حاجة وضربها كذا قلم على وشها وهو مسكها من عبايتها خنقها، كانت چودي مذهوله لكن قربت منهم وبعدته عنها وهي بتترجى: خلاص يا رحيم بالله عليك كفايه هتموت في ايدك.
أول ما بعد عنها قالت بدمع ضعف وحزن وهي حطه ايده الاتنين على خددها: دي اخرتها يا واد عمي تضربني عشان بحبك وبحافظ عليك وخايفه على بيتنا بعد كل صبري على اللي بيوحصلي منك وهجرانك ليا يكون ده جزاتي معاك؟! بجملة الظلم صب علي ظلم چديد يا واد عمي.
خلصت كلامها وجريت تستخبى في اوضتها بين دموعها.
تجاهل رحيم كل كلمه وكل حرف طلع من فرحه وقال بصوت متقطع لچودي: بعتذر على اللي حوصل، اتفضلي على اوضتك وهشيعلك المزينه.
چودي من الخوف حاولت تخرج صوتها المتحشرج وقالت: ممكن تدخل تفهما اللي حصل صح؟!
رحيم بقوه: متشغليش حالك، اتفضلي على اوضتك والحقيقة كلها مهما طال الوقت هتبان.
خلص كلامه ودخل أوضته يجلد نفسه.
           ★******★
چودي مسحت دموعها وراحت تخبط على باب فرحه تطيب خاطرها وتقولها الحقيقة اللي هي فهمتها غلط: فرحه ممكن تفتحي.
فرحه كانت بتتكلم في التليفون، وأول ما سمعت صوت چودي: بصي يا خاله زي ما فهمتك وكل طلباتك أوامر، يلا سلام دلوجيت وعبقى اشيعلك البه ساميه.
َ ــــــــ: وأول ما الفلوس تحضر مرادك هيحصل زي ما عايزه وزيادة.

كوابيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن