الفصل الثالث

712 62 5
                                    

الفصل الثالث
رواية كوابيـــس
للكاتبة ابتسام محمود الصيري

في شركة بوليصة التأمين
قعد معاهم زميل قديم وفضل يفهمهم وضع الشغل بيكون ازاي، وازاي يتكلم مع العميل وازاي يقنعه، وقف عويد بثقه وغرور: مش مهم هعمل كام صفقه، المهم الصفقه تكون فل مش بعد يوم تحصل كارثه وفلوس النسبه تروح عليا.
حمزه بعدم فهم: ازاي مش مهم العدد؟ يابنى شكلك لسه مفوقتش، فوق كده الله يرضى عليك، بيقولك المرتب هيبقى من العموله.
عويد: ركز في فن اختيار الثفقه.
حمزه وزميلهم محمد التاني كانوا مستغربين كلام عويد فقالوا مع بعض في نفس واحد:  زي؟
عويد قام بشموخ يفهمهم: قدامكم كام عمارة جديده مثلا مش بتقع؟
حمزة: قليل اوي.
عويد: فل، يبقى نركز على القديم اللي بقالها سنين واقفه زي الجبل ما يهزك ريح، اضمن من العمارات اللي معموله اليومين دول هوب طلعت هوب وقعت.
حمزه بأقتناع: وجهة نظر.
محمد:  اسمع كلامي اطلع على الفيلل، وحد فيكم يروح فيلا عامر عشان ورايا كذا حاجه والمدير بنفسه موصي اننا نروحلوا في اسرع وقت.
عويد قعد وحط رجل فوق رجل يدرس الصفقه: هو عنده كام سنه عامر ده؟
محمد وهو بيبص في الورق اللي قدامه رد عليه : 56 سنه.
عويد نزل رجل وقام وقف حط ايده في جيب بنطلونه: يعني رجله والقبر، فكك مش هروح، لازم ابدا بحاجه كده تدينى تفائل.
محمد بيحاول يقنعه: على فكره ده مستشار.
عويد بابتسامة غرور: على نفسه، فكك مني يابا.
وشاورله وهو ماشي يعمل أول صفقه ليه بعد فحص ومحص على عماره بقالها 20 سنه، لكن شكلها لسه جديد لان صاحبها لسه عاملها عمره ومبيضها وعامل فيها ديكورات حلوه جدا.
دخل عويد سلم على صاحب العمارة وبدأ كلامه معاه: تحب تعمل تأمين على عمارتك؟
صاحب العماره طلع من بقه الشيشة، ونفخ دخانها في وشه وقال بصوت عالي: ويطلع ايه كمان التأمين، واوعى تكون جي تدفعني فلوس.
عويد خاف من شكله وعيونه الحمره اللي مبرقه ليه، بلع ريقه، وقعد علي الكرسي جنبه واتكلَم بهدوء عشان يفهمه: بص أنا هقولك، خد مني وقول على الله وانت بعون الله هتدفع النهارده وبكره تبقى انت المستفيد.
صاحب العماره سأله وهو متعجب: ازاي يعنى؟
عويد حس انه ابتدى عضلات وشه تلين معاه، ابتسم ورد بثقه: بوليصة التأمين هو عقد تأمين بين المؤمن والمؤمن له، يلتزم بمُقتضاه المؤمن أن يدفع تعويضًا للمؤمن له أو المستفيد مبلغ اللي متفقين عليه في عقد التأمين، و يلتزم المؤمن له في المقابل بدفع قسط التأمين دفعة واحدة أو على أقساط منتظمة، في حال تحقق الخطر.
رفع صاحب العمارة صوابعه السبابه والابهام ومسك بيهم شنبه وفكر في كلامه وهو بياخد بق من قهوته: كلام جميل، يعني لو حصل اي حاجة للعمارة هاخد كل الفلوس اللي متفقين عليها في العقد.
عويد بفرحه أنه قدر يقنعه: طبعا ياحج عاشور، طول ما هيثبت أن المؤمن عليه وقع التلف عليه نصيب وقدر فليك حق في الفلوس كلها.
عاشور بمعلمه: عظيم عظيم، فين العقد عشان امضي وابصم كمان.
عويد قام وقف وابتسامه: ده بقى في الشركة.
اخد المعلم وطلع بيه على الشركة وطلع العقد وهو ابتسامته وصله من الودن ل لودن، واتفقوا على المبلغ وكان مبلغ كبير جدا، والقسط الأول كان مبلغ محترم، ماشي المعلم وهو فارد عضلات بثقه من اللي جي.
وعويد قعد على كرسي و قلبه بيرفرف من السعادة وهو عمال يحسب هياخد عموله قد ايه.
           ★********★
عند معلم عاشور وصل قهوته وقعد مسك الشيشة، وكان واقف قدامه الصبي بتاعه بيرص حجر الشيشه: يا معلم عاشور، قرار ترميم البيت مش بنفس المواصفات المطلوبة.
عاشور مسك منه الشيشه وأخد نفس طويل وطلعه من مناخيره ورد عليه بتريث: ومين هيثبت أنه مش نفس المواصفات؟
الصبي: لو حد جه فتش من الحي هيعرف، ده غير الضرايب اللي مدفعتهاش من خمس سنين جه واحد النهارده وبص في الدفاتر وهيرفع عليك قضيه وساعتها يا الحبس يا الدفع.
مسك ورق التأمين اللي قدامه وبص على المبلغ اللي المفروض ياخده لو حصل حاجة للعمارة وضحك بمنجه.
             ★*******★
في شركة التأمين.
قام عويد ودخل للمدير بوش سعيد وقاله بمشاكسه : واوعى اوعى اوعى، جبتلك أكبر صفقه في تاريخ الشركة.
المدير بأبتسامه: شكلك شاب مكافح وذكي، لو حصل اللي بتقوله، هيبقى ليك غير النسبه مكافأة كويسه.
عويد بفخر بنفسه حط قدام المدير عقد التأمين،  المدير لبس نضارته الطبيه وبص على مبلغ القسط وفرح جدا، وبص على عويد وهو بيحط الفلوس جنب العقد.
قام المدير بأبتسامه كلها فرحه: عفارم عليك يا عويد، ظني فيك كان في محله.
عويد بفخر بنفسه، نفخ صدره كده بغرور وثقه ورد: شيء يسعدني أني أكون عند حسن ظن حضرتك.
طلع المدير مبلغ النسبه والمكافأه وادهمله، اخدهم عويد وطلع بفرحة على مكتبة شاف حمزه: شوفت اخدت كام نسبة ومكافأة مش تقولي انت وعم محمد مستشار وكلام فارغ.
حمزه: مبروك يا عويد عقبال الصفقة الألف.
عويد يقف يعد فلوسه: الله يبارك فيك، يلا عشان اعزمك على غدوه معتبره.
حمزه بعد ما حط ايده على بطنه بجوع: اوعى تكون عزومة مركبية.
عويد بابتسامة: عيب عليك عاد.
راحوا مطعم اتغدوا كل ما لذ وطاب وقعده على قهوه لحد بليل، وكان قاعد على ترابيزه جنبهم بنتين جودي وصاحبتها رضوى، كانت جودي مضايقه وقالت ل صاحبتها بمرح: مالك يا چوچو فكى كده مش واخده عليكى وانتى قفله.
چودي تاخد نفسها بخنقه: والله يا رضوى أنا نفسي مش عارفه مالي، بقيت دايما قلقانه وخايفه وقلبي واجعني، حاسه أن في حاجة غلط بس مش عارفة في ايه، ده غير بابي اللي بقى على طول قعد في مكتبة وحتى الأكل مش بقى ياكله معانا.
رضوى: چوچو اهدي كده، أكيد عنده شغل كتير،  وأول ما تروحي ادخلي في حضن طنط خدي جرعة حنان من العيار التقيل وبعدها هتفوقي، وأكيد انتى كمان مرهاقه من ضغط الشغل اللي مش رحمه نفسك منه يا دوك.
جودي تسند راسها على أيدها وتقول بتأفف: انتى عارفة الشغل بحس في بنفسي، العيال دول لو واحد فيهم شال الماده بأنب نفسي وبزعل جدا أني اكون أنا قصرت في حقه ومقدرتش أوصله المعلومه.
رضوى بنظرة حب ليها: يا چوچو ياريت العالم كله يكون في ربع اخلاصك لشغلهم، ومتقلقيش خير أن شاء الله، ولا يصيبنا الا ما كتب الله لنا، يلا يا قمر روق بقى وورينى ضحكتك الجميلة.
چودي حاولت ترسم على وشها ابتسامة باهته فقالت رضوى بصوتها اللي كله طاقة: منه لله اللي كلمك النهارده وشقلب حالك.

كوابيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن