الفصل الثالث عشر

430 63 6
                                    

الفصل الثالث عشر
رواية كوابيس
للكاتبة ابتسام محمود الصيري

رد عويد عليه وهو يأكد على حروف أول كلمه: مدام چودي مش بتتكشف على رچاله، بس طبعا الحكومه على راسنا تجدر تدخل تاخد اقولها بنفسك يا باشا.
أحمد مسك عويد من رقبته بعصبية وغل، وكان عويد واقف باستسلام تمام ليه ووجه كلامه للظابط: ايه يا حكومه عچبك اللي بيوحصل.
وقبل ما يتكلم الظابط وصل ليهم صوت سعديه من الشباك: الحج يا عويد ناس نطوا علينا وخطفوا چودي.
عويد هنا اتخلص من بروده ومسك أحمد وداله روسيه وقعه على الارض وطلع بسرعة يجري ورا البيت، وقف أحمد بكل ثقه وبص ل دنيا يبتسم بأنتصار لنجاح خطتوا، لكن فرحتوا مادمتش لأن الكبير كان عامل حساب كل حاجة وموزع كل رجالته حولين البيت كله.
اخيرا رحيم قرر يدخل في الكلام، ووقف بهيبته قدام الظابط: عايزك تثبت اللي حوصل في محضر رسمي يا باشا.
الظابط أول ما شاف رحيم: طبعا يا رحيم بيه من غير ما تقول، والله لو اعرف الفرح يخصك كنت طلبتك.
رحيم بهيبه: ولا يهمك، هاچي بنفسي بكره اتابع المحضر.
الظابط: هتنور القسم كله.

عويد أول ما وصل لچودي عينه كانت بتدور عليها بلهفه، لقى رجالة رحيم مسيطره على الموقف كله، وبيضربوا البودي الجارد اللي كانوا خطفانها، وهي واقفه بعيد خايفه بترتعش، لكن أول ما لمحت عويد جريت تستخبى في حضنه، حضنها جامد وهو بيغمض عينه بيطمن نفسه انها بخير وفي حضنه وقال بصوت ضعيف: كنت هموت لو جرالك حاجة.
چودي بدموع وهي بتمسك هدومه جامد: افتكرت أني خلاص... وهبقى لوحدي يا عويد.
عويد ضمها اكتر لصدره وقال من قلبه: معقول تحسي بوحده وأنا جنبك ؟!
مش هسمح لحد  يأذيكى وأنا على وش الدنيا.
العساكر قبضوا على كل البودي جارد وواحد من رجالة رحيم قال: تأمر ب أيتها حاچة يا عويد.
عويد رفع وشه من على راس چودي اللي لسه كانت في حضنه: تسلم يا غالي هطلع المدام واجيلكم.
اتحرك عويد وهي جوه حضنه وحس برعشه في رجلها رفعها من على الأرض بين ايده، لفت ايدها حولين رقبته وحطت راسها على صدره اللي بيدق جامد من القلق عليها، طلعها وحطها حوالين امه وكل أهله الستات وبص في عيونها وهو بيطمنها: مش عايزك تخافي هنزل واطلعلك على طول.
چودي بصوت ضعيف: بابي معاهم تحت؟
عويد حس بيها ومرضيش يتعصب عليها ما هو ابوها برضو، مسد ب ايده على شعرها وطبطب على خدها وقال بهدوء: مش هتأخر عليكى.
ومسح دموعها ونزل بوش جامد عروقه اللي في رقبته ظهره اوووي من كتر العصبية وأن راجل مد ايده على مراته وأول ما نزل راح وقف قدام أحمد وقال بعنف وعين حاده وهو بيجيبه من رقبته وبيخليه يركع تحت رجله: اللي عملته عدفعك تمنه غالي.
أحمد بخوف بس حاول يبرر موقفه: چودي خطبتي وبتحب......
عويد أتك على رقبته وهو بينزل بوشه ليه وبيقول من بين سنانه: أياك اسمعك بتنطج أسمها تاني مره على لسانك فاااهم... عشان هتندم.
هنا رحيم سحب أحمد زي الفار من ايد عويد: خدوا اتصرفوا معاه لنصفيه أهن.
عويد رفع عينه بتحذير ل دنيا وهو بيبعتلها رساله تهديد صريحة: مراتي من النهارده اللي عيفكر يجل منيها عيبجى بيجل من كل راچل واجف أهني.... تماااام ..... ولقد اعز من انظر... وب إكده عداني العيب يا بلد.
خلص كلامه وقعد جنب رحيم بيتنفس بصوت عالي، وعقله هيقف كل ما يفتكر أن كان ممكن يحصلها حاحة وهو بينه وبينها خطوات.
رحيم ضربه على كتفه بهزار وقال بصوت عالي: يلا الكل يرجص ويفرح الليلة ليلة صاحب عمري الغالي. عويد بص ليه بنظرات كلها شكر وقبل ما ينطق يشكره لفت انتباهه ايد رحيم اللي منقرشه وفيها دم بسيط، فمسك ايده وقال باستغراب: ايه ده يا زين شاب النجع كله.
رحيم ضحك ورد بصوت واطي وهو بيدخل ايده المنقرشه بسنان سعده في جيبه: شكله تاتو يا عويد.
عويد ضحك من قلبه لما افتكر خناقات رحيم وسعد اللي دايما بتنتهي بعلامه في جسم رحيم: شكل الرسام زين وعملك الرسمه 3D
ضحكوا هما الاتنين بعلو صوتهم ومن قلبهم، على ذكريات الطفوله اللي رحيم نفسه ترجع او كان يدفن نفسه في احلى سنين عمره.
           ★*******★
اتقبض على أحمد والبودي جارد بتهمة خطف چودي، ومشيت دنيا مع الحرص بتوعها من قدام أحمد بدون إهتمام.
تجاهل دنيا ل أحمد استفزه ف قال بصوته كله: دنيا أنا مش هضيع لوحدي.
جملته خلتها ترجع تهدى وتمص غضبه زي السفنجه: انت غبي؟ عايز كل اللي رسمته وبنيته يتهد، اهدى كده وهجبلك محامي يلبسها لاي حد من البودي جرد.
أحمد بتهديد: ههدى يا دنيا بس لو لعبتى بيا هضيعى معايا.
خافت دنيا من تهديده وردت بتأكد: أنا وانت على مركب واحده ولو المركب غرقت كلنا هنغرق، اهدى كده وبطل هرفته.
         ★******★
سلم عويد على كل المعازيم وقرر يطلع وهو طالع قبلته امه اللي مسكته من هدومه بخوف ام حقيقي على ابنها: في ايه ياعويد؟ ايه كل اللي بيوحصل؟ من ميتى الحكومه بتدخل افرحنا، والبنته تتخطف من وسطينا؟!
عويد باس ايد امه وقالها وهو بيطمنها: مافيش ياما البت بتحبني وهربت من اهلها عشان رفضوا نتچوز.
امه ضربت صدرها: تتچوز بت من ورا اهلها! يا عيب الشوم.
عويد اخد نفسه وهو فعلا مش حمل اي مهاتيه ولا نقاش: اما ابوس يدك مش وجت حديد أني تعبان.
امه مسكته بخوف: قلبي مش مطمن يا والدي.
حضنها باس راسها: اطمني ياما البت زينة وجلبها ابيض.
- ربنا يسترها معاكم يا ولدي ويبعد عنيكم ولاد الحرام.
عويد ابتسم: احلى دعوه ربنا ميحرمني منيكى واصل.
خلص كلامه واستأذن ياخد مراته، سمحت ليه، دخل الاوضه اللي كانت فيها الستات ووقف يرقص عشان يضحك چودي وهو بيغني: افرحي ياعروسه أني العريس... يا عروسه يا عروسه... أني العريس.
وغمز ليها وهو بيقولها يلا ب راسه، هزت راسها وقامت مسك ايدها وقال: متسمعوني زغروطه.
جت سعدية في وش چودي وزغرطة فجعتها، قال وهو بيضحك: لا اجمدي يا عم ليفل الوحش، دي سعديه وعايزك تتعودي عليها اصل كل يوم من ده، من سعدية مافيش مفر، صح يا سعدية.
سعدية بفرحه: صوح لسانك يا واد عمي كل اللي بتجوله زين الزين.
چودي استغربتها بس ضحكت على عفويتها وغمزتها بانت، فقال عويد لسعدية: لو سعدية هتخلينا نشوف الغمزات دي على طول ابقى اخليها تعدى علينا كل يوم.
سعدية بتلقائية: واعدي ليه ما أني هبات مع لهطة الجشطة دي.
وحطت صباعها على جسم چودي ولحسته وهي بتقول: طعمها حلو جوي جوي.
چودي صوت ضحكتها طلع وحضنتها: انتى اللي جميلة يا سعدية وبتشوفي كل حاجة جميلة.
سعدية حضنتها جامد: اذ كان إكده مش هسيبك واصل وحبيت معاكي.
چودي بصت لعويد وضحكت، عويد رفع حاجبه وهو بيضحك بخبث، واللي نجدهم سعده اللي قربت منهم بعيون حزينه جواها اسرار كتير ووشها مصبوغ من الهم والقهر، وكل ده لحظته چودي اللي خطفتها وجذبت انتباها بسبب ملامحها الغريبه، بس كانت فنانه وقدرت تتفنن وترسم ابتسامة جميلة زينة  ملامحه البسيطة اللي مش واوو في الجمال بس عندها جاذبيه بتخطف العين وقالت بصوتها اللي فيه نبره طفوليه ومشاكسه: تعالى يا سعدية خلى العرايس يرتاحوا وأني وانتى نبجى نخطفها عندينا نتعرف على الجمر براحتنا.
چودي قلبها اتشد ليها من أول لحظه هي استغربت نفسه لأن مش من عادتها تاخد على حد بالسرعة دي: اعتبره وعد أنك هتخطفيني.
سعده ابتسمت ابتسامه واسعه لانها شفايفها كبيرة اوووي بس رسمت ضحكتها تجنن تودي عالم تاني: وعد طبعا استنيني في أجرب فرصه يا جمر انت.
قالت اخر كلمه وركبتها الهوا.
چودي حضنتها وسلمت على الناس كلها بوش مبتسم، واخيرا دخلوا الاوضه لوحدهم، كان الصمت سيد الموقف لحد ما چودي قالت وهي تبتسم:
كنت زي اسبيدر مان وانت بتنقذني شكرا يا عويد.
عويد محبش يفتح معاها حوارات ومواضيع وخصوصا وهما لوحدهم؛ لان صوتها كفيل يحرك رماد شبابه كله، فقال باقتضاب: خدي راحتك على السرير وإني هنام اهنى.
جودي باستغراب: هتنام على الأرض؟!
عويد: واخد على إكده دي اريح نومه، متشغليش بالك نامي انتي ورتاحي.
چودي اتحرجت من تهربه وافتكرت كل اللي عمله معاها خطبها، قعدت على السرير وبدأت وصلت عياط زيها زي اي ست مصريه اصيله تموت في النكد، بص باستفهام: مالك عاد؟
چودي بدموع: ده خطيبي المثل الاعلى دي المثقف صاحب القلم الرائع إللي كتاباته في مجلة الجامعة بترعب الكل .. الدنيا عمالة تشيلني و تحطني يا عويد و أفكار كتير بتدور في دماغي أزاي و لية ؟؟؟
قعد جنبها مسح دموعها واخدها في حضنه وفضل يطبطب على ضهرها بحنان، كانت مشاعر چودي كـ انثى ضعفت من قربه ارتعش جسمها بين ايده، اتحرج وبقى مش عارف المفروض يتصرف زي اي اتنين في اليوم ده، ولا المفروض يحافظ على مسافة كافيه؛ لان جوازهم مش مبني غير على حماية، صدق سمع صوت تليفون بيرن بعد عن حضنها أو بمعنى أصح هرب، ومن غير ما ياخد باله أن التليفون اللي مسكه ورد عليه مش بتاعه بعد ما رد المتصل بلهفة: السلام عليكم، استاذه چودي.
عويد بصلها ورد على المتصل: مين معايا؟
المتصل: مش مهم أنا مين، انت مين؟
عويد رد وهو متعصب من المتصل السقيل المتطفل: أنا جوز چودي.
وقفت چودي تبص على عويد بعد ما استعادة ثباتها.

كوابيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن