الفصل الرابع عشر

217 6 0
                                    

الفصل الرابع عشر........

(يجب ان نعود)

مرت ساعات الليل ببطء والنوم لا يعرف لها طريق والصمت داخل المنزل مطبق الا صوت البرق والرعد بالخارج وحبات المطر القاسية تضرب النافذة بخشونة حتى تخلل تلك الأصوات صوت طرق خفيف على باب غرفتها جعلها تجفل وتتوجس حتى اقنعت نفسها انها تتخيل ذلك لكن معاودة الطرق اكد لها صحة شكوكها!
انتفض قلبها قبل جسدها ووقفت عند الباب حائرة معقول يكون هو معقول يجرأ!

كان الطرق خفيفا جدا وهذا ما يفسر انه جاسر لا غيره لانه متوجس من زوجته كعادته
لكن ماذا عساه يريد منها بعد ان انتهى كل شيء بينهما؟

استجمعت شجاعتها وفتحت الباب وحالما رأته واقفا اسرعت الى داخل الغرفة كالهاربة وبقيت تترقب دخوله دون ان تتطلع ناحيته ولامت نفسها على تصرفها الذي يحكي ضعف شخصيتها كان يجب عليها ان تواجهه عين بعين وتمنعه من الدخول.

شعرت بخطواته داخل الغرفة وسمعت الباب يغلق ويدار المفتاح!
أحاطت جسدها بذراعيها وتملكها الخوف رغما عنها وقالت دون ان تستدير اليه وبنبرة قنوط جافة: "أتساءل ما سبب تواجدك هنا الان؟ لا لغة تجمعنا ولا كلام وأتمنى ان تخرج فورا"

اقتنت تلك الكلمات بصعوبة ونطقتها بحدة واضحة كي تثبت له انها متماسكة وبقيت تنتظر ردة الفعل والاجابة لكن الصمت المستمر عقب كلامها اثار فضولها
فالتفتت بعزم وثقة مصطنعة الا انها بهتت وتوجست من نظرته المشمئزة وعيونه الصقرية وصرامة تعابيره!
منظره أضعف ثقتها فلم تتوقع منه ان يجابهها هكذا بعد الغياب
كل ظنها انه أت لغرض دنيء بنفسه ليحاول استغلالها من جديد او انه جاء ليترجاها الا تخبر ديم عن علاقتهما السابقة
او ربما شاور نفسه وقرر ان يعيد اليها مالها الذي سرقه منها عنوة لكن مظهره الان لا يوحي الى كل ما مر بخاطرها
كأنه يضمر بداخله حقد وضغينة اتجاهها ويرمقها بنظرات الاتهام والادانة معقول ديم اخبرته عن حملها بهذه السرعة!

شق ذلك الصمت المريب بنبرته المتهمة: "ما هذه البدعة التي اتيت بها؟"
هي وبسرعة وبصدمة واضحة: "بدعة؟"

هو وبجمود وإصرار: "نعم بدعة .... لما ضاقت بك السبل لجأت الى أسلوب رخيص لتدخلي من جديد لهذا البيت بحجة الحمل .... الم تستحي؟"

خفقت اهدابها وقالت بنبرة دفاع: "ليست بدعة .... انها إرادة الله .... لو كنت متمسكة بذلك البيت وهدفي العودة لما طلبت الطلاق .... صدقني انا مكرهة"
سيطرت على ملامحه تعابير السخرية قائلا: "إرادة الله؟ .... تريدينني ان اصدق إنك حامل بالفعل؟"

راقبت خطواته تتجه نحوها وارادت ان تتراجع خطوة الى الخلف لكنها ثبتت اقدامها وبقيت بمكانها لتقول بصوت خافت: "لا يهمني ان صدقت او لا .... انت لا تعني لي شيئا .... مدام ديم هي من اتى وتوسل الي كي اعود الى هذا المكان وانت الذي كنت تترجاني ان اعود الى هنا ام نسيت؟"
قال بعيون قاتمة: "بعد ان اجدت التخطيط وبدأت تعلبين بمستوى سخيف جدا وغير مناسب استدرجت ديم اليك وجعلتها تعيدك بكل امتنان .... اما عن توسلي لعودتك فذلك لانني احتاجك .... احتاجك لخدمة ديم ورعايتها ...... عموما .... ببدعتك ظننت إنك ضربت عصفورين بحجر واحد من جهة أدخلت بركات الذي على شاكلتك كورقة لعب رابحة لتستجدي رعاية وعطف ديم وتقبلها لاحتضانك والوقوف الى جانبك واسنادك
ومن جهة أخرى تستخدمين الحمل كوسيلة ضغط وتهديد ضدي لتنتقمي لنفسك الحسودة المريضة مني ومن ديم .... لكن اود ان احذرك وانصحك لله .... انت تلعبين لعبة وسخة ورخيصة وستعضين اناملك ندما فتراجعي وعودي ادراجك .... اختفي من حياتنا فوجودك كالسم الذي يجري بالعروق ببطء .... العبان وتتظاهرين بالبراءة والنعومة .... ملساء كالافعى"
أصبح صوت أنفاسها مسموعا من شدة انفعالها من تحقيره وتسخيفه لشخصها وللمرة الالف تتلقى منه طعنات موجعة حتى شعرت ان قلبها بدأ يتهرأ من ظلمه لها وقذفها بأبشع الاتهامات وكل ذلك يؤكد لها انه لم يحبها يوما ولم تتحرك مشاعره نحوها ولا مرة بل الغريزة الهمجية من كانت تتحكم به وتدفعه اليها .... نظراته نبرة صوته تعابيره كلامه عباراته كل ذلك يثبت لها انه رجل كارها لها وحاقدا عليها وكل ما اغدقه عليها قبلا من كلمات ووعود مجرد أكاذيب لتمهد له طريق الوصول الى مآربه .... الى متى يا هتان؟ كل مرة تريدين اثبات على عدم محبته لك؟ الم تكتفي؟ كل تلك المواقف ولا زلت تريدين اثباتات!

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن