الفصل الثاني....
(ضيف غير متوقع)قضت هتان ليلة متعبة في ذلك المنزل المعتم المتجرد من كل ألوان الحياة قضت اغلب الليل تستيقظ من نومها بفزع بين الحين والأخر بسبب الاحلام الكثيرة المبهمة وبرودة الغرفة الخالية من التدفئة كأنها معطلة وتهرول الى النافذة تراقب السماء لأنها بصراحة استوحشت المكان والمبيت في تلك الغرفة الباردة وانتظرت طلوع الصباح بفارغ الصبر.
استقر نومها وأصبح عميقا في ساعات الصباح الأولى وذلك من حسن الحظ حتى تستعيد طاقتها وحيويتها وتتصرف بالمنطق والعقل السليم.
عندما افاقت على رنين منبه هاتفها اعتدلت بسرعة ووضعت يدها على رأسها وهي تشعر بتحسن كبير وعندما جالت ببصرها بالغرفة بدت اهون لها من الليل فضوء النهار بث الإيجابية بداخلها ونهضت بحيوية وهي تستمتع بصوت العصافير تتشاجر على نافذتها وتنقر الزجاج برفق
رتبت السرير وتطلعت بطلاء الجدران البني وتنهدت لو كان الطلاء ازرق فاتح او زهري او ناصع البياض لأضفى على المكان رونقا لكن يبدو ان الذوق هنا متماشيا مع حالة ووضع صاحبة المنزل المقعدة الناقمة.
حاولت فتح النافذة بصعوبة حتى نجحت محدثا ضجة مزعجة وعندما دخل تيار الهواء الى الحجرة تنفست بارتياح وهي تتأمل الجمال الخارجي .... كيف لتلك السيدة ان تحبس نفسها بين جدران العتمة وتحرم نفسها من الاستمتاع بكل ذلك السحر الاخاذ؟
وكأن داخل تلك الجدران عالم وبالخارج عالم اخر مختلف تماما لكن بالنهاية لا عليها ان تحكم على الحياة هنا بسرعة وتصدر احكام مجحفة على ظروف السيدة ومزاجها
ربما بالغت وتحفزت ضد المكان والتصرفات قبل ان تفهم ما يجري هنا بالضبط
عاودتها روح التحدي مجددا وقررت ان تجرب وتخوض الصعب وتثبت لوالدها انها قادرة ومتمكنة وعليها ان لا تستسلم منذ اول عقبة تواجهها
لتعتبر نفسها في اختبار ولتمضي في هذه القرية بضعة أيام على الأقل حتى تتأكد من صحة قرارها بالعودة.عندما خرجت من غرفتها كان الصمت مطبق العتمة على حالها عدى نور النهار المتسلل من أطراف الستائر وقررت ان تسمح للشمس باختراق الارجاء فأسرعت الى الصالة بنشاط وكشفت عنها الستائر وبدى لها الامر جيدا ثم اقتربت من الطاولة وتأملت القطع الخشبية ولمستها وجذبت اهتمامها منحوتة لطفل رضيع بأجنحة صغيرة يتطلع الى السماء كأنه يحلق وبقيت تتأمل بالقطع وهي تتساءل ترى تلك السيدة مولعة بالمنحوتات لتأخذ كل تلك المساحة من البيت؟
التفتت بسرعة عندما سمعت صوت عجلات الكرسي وفوجئت بديم تغطي وجهها بساعدها وتهتف بانزعاج: "النور ساطع يؤذي عيني .... اسدلي الستائر بسرعة لا اتحمل"
اطاعت بسرعة وهي تهمس: "اسفة .... اسفة"
ثم تطلعت بها قائلة بتبرير: "ظننت ان المكان بحاجة الى التهوية واشعة الشمس المفيدة"
ديم وبجمود: "تعتقدين انني لا افهم ولا اعرف ان الشمس مفيدة؟ .... النور يؤذي عيني ويزعجني"
مازالت ترتدي ذلك الايشارب الأسود كأنها في حالة حداد وبدت اكثر جمالا وبشرتها اكثر بياضا ورونقا لكن للأسف هي تقلل من جاذبيتها بإهمالها لشكلها وتغطية رأسها كالمسنة!
أنت تقرأ
رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابر
Romansaخيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل ولم تجد امامها سوى امرين لا ثالث لهما اما ان تكون الفريسة التي ستبقى تنتظر ميعاد قدوم من نسج الشباك حولها او انها تتكيف مع البيئة الجديدة بصورة مؤقتة وتستنهض المرأة الق...