الفصل الخامس والثلاثون............
(حب تملك .... لا أكثر!)تطلعت به وهو يخرج الدواء من جيب سترته وشعرت بالامتنان نحوه انه انسان راق جدا وقلبه يسع الكون ودعت الله ان يحفظه لشبابه لنبل اخلاقه.
سلمها العلاج وابتسمت له ابتسامة جعلتها فائقة الجمال بعينيه ليغضض بصره ويقول: "مع السلامة"خلع جاسر نظارته الشمسية وخفف السرعة وزمم شفتيه واتسعت عينيه ليشتعلا بنار الغضب وهو يراقب المشهد!
لم ينزل من السيارة مباشرة بل بقي جالس لبعض الوقت وعيونه ضيقة وكأنه لا يريد ان يحسسها انه رأى واصف معها.
تحركت اهدابها ببطء وهي في المطبخ عندما سمعت صوت الباب يغلق وانتابها الضيق من قدومه فقد تغير كل شيء بداخلها اتجاهه خلال الأيام الماضية وبدأت تشعر بأن بعده عنها راحة
وكلما كبر بطنها وشعرت بوجود روح داخلها كلما شعرت بالمسؤولية أكبر وتفاقم النقمة على جاسر الذي عاملها اسوء معاملة خلال الشهريين الماضيين وكرس وقته لديم وعلاجها بعد العملية وكان معها خطوة بخطوة حتى مشت على قدميها كما فهمت وهي مهمشة كالعادة وكلما داعته بحقها تجاهلها واحيانا يسمعها كلام يزعجها ويسم بدنها حتى انها شعرت بالندم على عودتها اليه وتمنت ان يرجع بها الزمن حتى ترفض الزواج البغيض الذي جعل منها كالجارية عنده ولا تعرف ما به تغير معها جدا وبدى خشن الأسلوب ومتهكم؟ ربما لأنها أصرت على شرطها بعدم تقربه منها حتى ينفذ طلباتها؟ او لأنه كرهها وندم أيضا على الارتباط بها؟
سار في الصالة وبوجه صارم ولم يتجه الى المطبخ بل وقف امام النافذة وتطلع في الشارع متفحصا اطلالة البيوت على الكوخ وسحب سيجارة من العلبة ببطء شديد ثم تطلع الى النافذة الأخرى المطلة على باب الحمام مباشرة وأشعل سيجارته بتوتر وهو يراقب المنزل الذي يقابلها مباشرة وزمم شفتيه وهو يتطلع بأعلى الجدار فوق النافذةكان قلبها مضطرب وهي مترقبة لدخوله عليها وتجمد الدم بعروقها عندما شعرت بخطواته تقترب وتمنت الا تراه فقلبها ممتلئ بالاسى منه
قال بنبرة جافة: "يبدو انك لم تشعري بقدومي ام لا يهمك؟"
لم تتطلع به وواصلت عملها بأعداد السلطة ولم ترد عليه لأن الصمت أصبح عندها ابلغ من الكلام.
وقع بصره على شريط الدواء على الطاولة واقترب وتناوله ثم رماه وقال بلهجة باردة: "لماذا لا تردين علي؟"
توترت يداها وهي تفرم الخضروات بالسكين وارادت ان تصرخ بوجهه "أصبحت لا اطيق وجودك" لكنها تراجعت خشية من ردة فعله الحقيرة بمثل تلك المواقف
ازاح ستارة النافذة وقال بأقل حدة وهو يتطلع بالشارع: "كيف الناس هنا؟ لديك تواصل معهم؟"ابتسمت بانزعاج وقالت بنبرة خافتة: "سؤالك متأخر جدا"
أسدل الستارة بهدوء وتأملها قائلا: "اردت ان اطمئن لا أكثر وكنت اود ان تجيبينني بدون تلميحات سخيفة"
ساد صمت لثواني وعندما سألها عن الدواء اجابت بتوتر وجفاء : "اوصيت عليه .... ام عابد"
هو وبتفحص: "ام عابد؟ لماذا توصين الاغراب وانا موجود؟"
هي ودون ان تتطلع به: "لو كنت موجود ما اوصيت احد"
قال وهو يتجه نحوها: "كنت اتصلت بي"
هي وباستخفاف: "خشيت ان احرجك وانت بحضن زوجتك"
انكمشت واغمضت عينيها عندما دنا منها وأصبح خلفها مباشرة وزاد من اضطرابها ما قام به اذ لمس جوانب خصرها بيديه ببطء وقرب فمه من اذنها وهو يهمس بتعمد: "ما الامر؟"
انتزعت نفسها منه بخفة وابتعدت قائلة: "لا تلمسني؟"
هو وبعيون خبيثة: "متغيرة علي جدا .... اتساءل ان كان هناك سبب يجعل الزوجة .... متمردة؟"
أنت تقرأ
رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابر
Romanceخيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل ولم تجد امامها سوى امرين لا ثالث لهما اما ان تكون الفريسة التي ستبقى تنتظر ميعاد قدوم من نسج الشباك حولها او انها تتكيف مع البيئة الجديدة بصورة مؤقتة وتستنهض المرأة الق...