الفصل التاسع والعشرون........
(نصف الحقيقة)
هتان وعبر دموع: "لما لم تخبرني أنك كنت خطيب بيلسان؟ اخفيت عني ماضيك المخجل واستغليت عواطفي .... خنت بيلسان وخنت ديم وبأي لحظة ستخونني انا واثقة .... اتساءل ان كان في داخل صدرك قلب؟ .... انت عديم الإحساس يا جاسر وقد استغاث قلبي من افعالك وظلمك"كانت ملامح جاسر باهتة عندما واجهته بذلك الكلام الذي لم يتوقعه حتى انه تهاوى بجسده على الاريكة الوحيدة وقال بعيون ضيقة: "من اخبرك؟ ديم ام بيلسان؟"
اجابته بتعاسة وارهاق ويبدو ان السهر والتعب نال منها ومنه وقد تقدمت نحوه خطوات ليرفع بصره اليها ببهوت: "لا يهم من أخبرني المهم انك كنت خطيبها وغدرت بها"
خفقت اهدابه وهو يتأمل بملامحها المحبطة المخذولة وزمم شفتيه عندما واصلت: "غدرت بها بعد ان استغليتها ونلت منها ما نلت بدناءتك وبعدها ادرت لها ظهرك ولم تأبه لمشاعرها وموقفها امام الناس وامام أهلها واهلك .... كم كرهتك انت بمنتهى الانانية وعديم المروءة"
حدق بعينيها بصمت وتجهم ثم قال بنبرة خافتة وبشرود: "عرفت الان من اخبرك .... هي بيلسان .... هي وراء كل السنة اللهب الموجهة علي وعلى حياتي .... تبا لها .... مريضة"
هتان وبحدة واتهام: "تستحق ان تعيش عواقب افعالك .... نسيت ان الله بالمرصاد؟ مهما طالت الأشهر والسنين ففعلك الخسيس ستبقى رائحته النتنة تفوح عبر السنين"
اعتدل وقال بجرأة واتقاد وكأنه ازاح قناع جديد من اقنعته: "وماذا تريدين انت؟ نعم كنت خطيب بيلسان وتركتها وتزوجت ديم .... كل ذلك ما دخله بموضوعنا اليوم؟ كل ذلك لم يمنع انني زوجك وانت ملزمة بطاعتي .... هذا واقعك يا هتان وعليك تقبله انت لي ولا أحد لك بهذه الدنيا سواي و"
هزت رأسها وقاطعته بانفعال: "نعم .... نعم لأني وحيدة وليس لي سند ولا اهل استضعفتني .... استضعفتموني كلكم انت وزوجتك وبركات وكأنني في غابة ولا فريسة غيري لتنهشوا بي من كل جانب"
نهض مقطب الجبين ووضع يديه خلف ظهره وقال بصوت منخفض: "مخطئة كالعادة .... ودائمة الحكم علي بأسوأ ما عندك .... وتعبت من التبرير .... تعبت من محاولاتي لأثبت لك حسن نيتي ويبدو انك مصرة الا تفهميني وهذا هو سبب الشرخ بعلاقتنا"
خفقت اهدابها عندما اقترب خطوتين ليكون قريب جدا حتى كاد ان يلاصق جسدها وواصل بنبرة جليدية جعلتها تشعر بجفاء قلبه: " اسمعيني جيدا .... انت ملزمة بل مجبرة على اظهار الاحترام لي واحذرك للمرة الأخيرة من التطاول علي بكلمات مزعجة يمكن ان تستفزني .... لا شأن لك بالماضي ....فهمت؟"
قالت بانفاس متلاحقة وقد انهارت اعصابها امام حقارته: "لا يمكن ان أعيش معك يوما واحد تحت مسمى زوجة .... عليك ان تطلقني لأنني لم اعد ........ اطيقك"
تلاشت تعابير الغضب من تقاسيمه الجذابة رغم قبح افعاله ليبتسم ابتسامة مغيظة بل ضحك أيضا وقال ببرود: "أطلقك؟ مزحة لكن للأسف ليس بمحلها .... أفرط بك مجددا بعد ان حصلت عليك بشق الأنفس! ...... اسف .... ذلك مستحيل"
هزت رأسها بأسف وقالت بخفوت: "كل مرة اكتشف انني لم أكن اعرفك جيدا .... كل مرة اكتشف إنك اسوء مما كنت أتوقع"
هو وببراءة: "انا جائع ما رأيك ان تعدي لنا وجبة الفطور من يديك"
لم تتمالك اعصابها وغليان الدم بكل جسدها من استفزازه فاستدارت نحو الطاولة وتناولت تمثال زينة خفيفا ورمته به ليصيب منتصف صدره مما أشعل شرارة الغضب بداخله وقبض على كوعها بعنف كأنه يريد ان يضربها فبدى الخوف بعينيها حتى كاد قلبها يتوقف عن الخفقان وانفاسها تنقطع وأدركت مدى تهورها وخطأها لكن سرعان ما خفقت اهدابها عندما قال بصوت خافت: "الطفل الذي تحملينه شفع لك"
واسدلت اهدابها عندما حرر ذراعها من قبضته التي المتها جدا واتجه نحو الباب الخارجي ونار الغضب مشتعلة بعينيه ثم اخرج مفتاح السيارة من جيب بنطاله وادركت انه سيرحل ويتركها هنا وتمنت ان تلحق به وتعتذر او تفعل أي شيء حتى لا يتركها وحدها بهذا المكان الخانق لكن كرامتها اوقفتها.
قبل ان يخرج التفت اليها وقال بجمود: "لا يحق لك محاسبتي على الماضي الخاص بي .... واعلمي انك عرفت نصف الحقيقة لذلك فحكمك غير مقبول وباطل"
أنت تقرأ
رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابر
Romansخيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل ولم تجد امامها سوى امرين لا ثالث لهما اما ان تكون الفريسة التي ستبقى تنتظر ميعاد قدوم من نسج الشباك حولها او انها تتكيف مع البيئة الجديدة بصورة مؤقتة وتستنهض المرأة الق...