الفصل التاسع والثلاثون....
(انه مثلهم)في اليوم التالي وفي الصباح الباكر اخرج جاسر الهاتف من جيب بنطاله وهو منغمس بعمله ولما رأى ديم المتصل قطب جبينه ثم فتح الخط لتقول بنبرة هادئة: "جاسر لم انم طوال الليل .... انا .... انا اشعر بالندم لأني ضايقتك كثيرا وبالغت في لومك .... جاسر يجب ان تعود الى بيتك كل شيء فيه بحاجة اليك .... انا احتاج وجودك الى جانبي .... لقد ضاعت فرحتي بقدرتي على التنقل والسير بمفردي لأني اشعر ان صحتي لم تسعدني ولا تساوي شيء امام فقدانك .... فقدان الحب .... الحب الذي انتشلني من غياهب المرض وصبرني على كل ما مررت به من عقبات .... كانت جرعات حبك تداوي قلبي وتمده بالحياة .... جاسر انا اسفة"
تنهد وقال ببرود: "حسنا ديم .... لم يحصل شيء .... سأتناول وجبة الغداء في البيت .... انتظريني"
وضعت الهاتف على صدرها وهمست: "الحمد لله .... الحمد لله" كأن الدم عاد يجري بعروقها فقد كانت خائفة من قسوة قلبه ناحيتها او ابتعاده .... سيعود كل شيء كما كان وستنجلي تلك الغمة بأذن الله.عقد حاجبيه عندما وصلته رسالة نصية من منى "احبك"
زمم شفتيه وهز برأسه وهو يتذكر ما حصل الليلة الماضية ثم دعك جبهته وهو يشعر بالانزعاج من كل شيء حوله وكأنه فقد زمام الأمور وكأنه ترك للرياح العنان لتجرفه حيث تشاء وبعشوائية وترمه كل يوم في ناحية دون ان يحكم السيطرة او يتوازن! .... لم ينقصه الا منى .... تبدو كهينة!بقي يتصفح برسائله بشرود ويقرأ رسائل ديم التي تطالبه بالعودة الى البيت واسئلة كثيرة عن سبب غيابه حتى ضاقت عيناه عندما وجد بين زحمة الرسائل رسالة غريبة! .... اعتدل بوقفته وحدق بعيون صقرية" خذ اختك الى طبيب نسائي واكشف عليها .... فاعل خير"
كأن الدنيا اسودت بوجهه ولم يعد ير شيء امامه وخطا بخطوات سريعة جدا تاركا كل شيء وهرول الى سيارته والغضب قد اعمى عينيه وكأنه يسابق الزمن كي يصل الى بيت اهله!
.................................................. .....................
عندما فتح واصف الباب بهتت ملامحه وهمس بدهشة: "هتان!"
اسدلت اهدابها ببطء وشبكت يديها ثم تطلعت به وقالت بنبرة حزن وصدق: "لا اعرف لماذا انا هنا"
تأمل عينيها المرتبكة النظرات وبشرتها المتضرجة احمرارا وشفتيها الجافة وشعرها المربوط الى الخلف بإهمال مع خصلات كثيرة ضائعة حول وجهها وعنقها ولا يعرف ماذا حصل له اذ تخيلها لوحة فنان مؤثرة انها تشتت عقله كلما تطلع بها انها مزيج من حلو ومر جمال وحزن وجحيم مزيج من حياء وبراءة وتعاسة .... انها تطلق لفكره العنان ان عينيها غابة تحتلها الوحوش الضارية واهدابها قضبان باحثة عن معصميه لتكبلها!
تعوذ من الشيطان بداخله وغض بصره قائلا: "أ .... وانا .... وانا لا اعرف ماذا يتوجب علي فعله"
ترقرت الدموع بعينيها وقالت بحرقة قلب: "اشعر بأني وحيدة في هذا العالم وانت .... وانت اهلي .... سامحني لأني أقول لك ذلك لكن .... اشعر انني بحاجة اليك .... انت .... انت تشبه ابي .... وكنت معتادة ان اخذ بنصيحته واتكل عليه عندما تواجهني المحن والمصاعب ولما فقدته ضعت وتهت وتعبت لكن عندما عرفتك عاد لي ذلك الشعور بالحاجة الى النصح .... انت مصدر الأمان بالنسبة لي يا واصف"
تغيرت ملامحه امام كلامها وشعر انه غير قادر على مقاومة الاستجابة لها ليقول بتردد: "هتان انا .... انا محرج"
خفقت اهدابها وقالت باستغاثة: "انهم يظلمونني .... ارتكبت غلطة العمر بزواجي منه .... انا أغرق بوحل خبثهم .... انه يتآمر علي مع زوجته .... انه حيوان .... اريد الخلاص .... لا اعرف الطريق"
قال بتأمل واتزان: "هتان .... انت امرأة متزوجة وانا أعزب ووقوفك هنا سيجلب لك الكلام .... اذهبي الى بيت ام عابد .... انا احرص عليك وعلى سمعتك صدقيني"
أنت تقرأ
رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابر
Romanceخيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل ولم تجد امامها سوى امرين لا ثالث لهما اما ان تكون الفريسة التي ستبقى تنتظر ميعاد قدوم من نسج الشباك حولها او انها تتكيف مع البيئة الجديدة بصورة مؤقتة وتستنهض المرأة الق...