الفصل الخامس عشر ...........
(يا ليت!)عادت الى المنزل بوقت متأخر بعد ان كانت مع بيلسان وكانت خطواتها تعيدها الى الخلف كأنها تريد الا تذهب بعد عودة جاسر ان وجوده بات يؤثر على كل قراراتها على اعصابها وجوده يشل دماغها عن التفكير يتملكها الذعر والترقب كأنه اصبح كابوسها وحشها الذي تخشى من افتراسه لها بالظلام.
أصبحت مختلفة بكل شيء حتى بطريقة سيرها خطواتها ثقيلة وفقدت روح الإيجابية التي كانت تنبع من داخلها سابقا وعيونها متورمة وحمراء واختفى منهما بريق الامل والتفاؤل
وشفتيها متشققة لانها لم تعتن بصحتها ونسيت ان نفسها وروحها وطفلها لهم حق عليها بل كانت دوما واقعة في دوامة الحيرة والقلق
والثقة التي لطالما تمنت ان تعززها بداخلها وتقويها فقد تزعزعت أكثر وأصبح الخوف مسيطر عليها ....
تخشى من كل شيء لم تثق بأي أحد الشكوك تملأ قلبها حتى من نظرات الاخرين اليها
حياتها انقلبت رأس على عقب منذ وطئت قدمها هذا البيت الذي تكمن فيها اسرار واوهام وغموض وزيف
عذبها الندم الذي يأكل بها من الداخل على تفريطها بنفسها وانغماسها بعلاقة مع جاسر الذي ابهرها ببساطته واخلاصه لزوجته وتودده وخفة دمه وروحه لتعلق في السنارة ويصطادها بكل يسر.دخلت من باب المطبخ ووضعت الاكياس الصغيرة على المنضدة بإحباط وتخاذل فالذي دار بينها وبينه ليلة أمس له تأثير سلبي وغريب على احاسيسها وعلى افكارها
لقائها به وكلامه الجارح ثم انقلابه وتوسله واعترافاته قد لعبت بها وخوفتها منه أكثر
كان شعرها مبلل من جراء هطول المطر المفاجئ عند عودتها
خلعت معطفها الأسود وشعرت بالضيق من الظلمة التي حلت بالمكان وكان كل ركن بارد وكئيب والصمت أكثر ما يخنقها في ذلك المكان وكأنه مهجور وكأن الحياة منعدمة هنا ذلك الشعور لن يبارحها منذ اول يوم دخلت الى هنا انه بيت بلا حياة وكأن سكانه اموات.
أضاءت المصابيح ووضعت الابريق على الموقد وشغلت المبخرة ورتبت الأغراض بشيء من الهمة ووضعت الزهور الجديدة في الآنية بعد ان مسحتها ووضعتها وسط الطاولة وازالت الستارة لتظهر النافذة الممتلئة بحبات المطر الغزير وانارت شمعة ووضعتها قرب النافذة ثم انارت الشمعدان ووضعته على الطاولة ورتبتها لتبدو انيقة محاولة ان تضفي أجواء مريحة ودافئة وهي تعلم ان تلك اللمسات تستهوي أصحاب المنزل خصوصا جاسر
.... بطبعها الإخلاص رغم معرفتها انها مخدوعة ومخذولة وبغض النظر عن المشاكل وعن الظلم الذي تعرضت له هنا وخدمتها المجانية لما أنكر عليها جاسر حقها بمالها ولحد الان لا تعرف لماذا فعل ذلك لماذا لجأ الى ذلك الأسلوب الغير مناسب لشخصه مع ان المال لم يهمه! وكأنه أراد فقط ايذائها
تعرف جيدا انهم يستغلونها أبشع استغلال لكن ذلك لم يثنيها ان تؤدي عملها بمنتهى الأمانة وتلك الصفة ورثتها من والدها وغرز بها منابت الخير والرحمة وحبب لها ذلك فمنذ الصغر علمها ان تعطي بدون مقابل وان تقابل الإساءة بالإحسان والا تندم على فعل الخير ولا على الكلمة الطيبة لانها ستحصد ثمارها ولو بعد حين فعمل الخير لا يضيع عند الله
وربما ذلك سبب تمسك ديم بها وهل ديم جاءت من اجل حاجتها الحقيقة اليها ام من اجل ان تلم الفضيحة؟
أنت تقرأ
رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابر
Romanceخيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل ولم تجد امامها سوى امرين لا ثالث لهما اما ان تكون الفريسة التي ستبقى تنتظر ميعاد قدوم من نسج الشباك حولها او انها تتكيف مع البيئة الجديدة بصورة مؤقتة وتستنهض المرأة الق...