الفصل الثاني و الخمسون

22.7K 1.5K 546
                                    

#روايـة_يُناديهـا_عائــــش
#الحلقة_الثانية_والخمسون
#للروائية_نرمينا_راضي
________________________♡

استعن بالله، ولا تعجز.

********

" خدي حاجتك و ادخلي الأوضه بسرعة و اقفلي على نفسك"

فور أن سمعت عائشة تلك الجملة من جدتها التي بدت عليها معالم الخوف و آثار الذعر، قامت في الحال، و أخذت حقيبتها لتتوارى خلف باب إحدى الغُرف بعد أن أغلقته بإحكام، و وضعت أذنها على الباب تسترق السمع.

دخل عصام يترنح بثمالة باحثًا بعينيه المحمرة هنا و هناك كأنه تائه شريد، ثم نظر لجدته بعدم اهتمام، و جلس على المقعد واضعًا قدم فوق الأخرى بقلة حياء و هو يحك أنفه عدة مرات رغمًا عنه، ثم يدعك عينيه و يعود ليحك أنفه قائلًا بخمول

" أنتِ هتفضلي و اقفة تبحلقي فيا كده !.. روحي هاتيلي فلوس"

زفرت جدته بقلة حيلة لتجلس بجانبه في محاولة بائسة منها، لتجعله يفيق لحياته و يخرج من هذا المستنقع القذر الذي يحويه

" يا ابني يا حبيبي فوق لنفسك بقى.. اللي قدك بيشتغل و بيتعلم و عايش حياة كويسة.. افرح بشبابك يا ضنايا و ابعد بقى عن السكة اللي أنت ماشي فيها دي.. أنت لسه صغير و العُمر بيجري زي القطر.. الحقه قبل ما يفوتك و ترجع تندم و تقول يا رتني.. أعمل لأخرتك يا عصام.. محدش عارف عمره هيتاخد منه امتى "

ناظرها عصام بعدم اكتراث لما تقوله، أو أنه لم يسمعها من الأساس لخموله الشديد.. قال وهو يطبق جفونه و يفتحهما بصعوبة

" طب شوفيلي قرشين كده معاكِ.. يلا اخلصي.."

استغفرت الله بخفوت ثم نهضت على مضض و أعطته القليل من المال؛ لتمط الأذى الذي يسببه لها عندما يأتي لعندها، فهي تقوم بتحفيظ صغار القرية القرآن في بيتها، و تؤجر الطابق الثاني للبيت؛ لمن يحتاج المبيت ليلة إذا كان على سفر و ليس له مأوى، أو تؤجرها لفتيات الجامعات اللواتي لا يحبون الإقامة بسكن الطالبات، تفعل أي شيء تضيع به أوقات فراغها، و مجيء عصام لعندها يوميًا يسبب لها الخجل أمام الصغار أو المستأجرين؛ بسبب علو صوته في بعض الأوقات عندما ينفذ منها المال و سبها بأفظع الشتائم، رغم أنها تحبه أكثر من والديه، لكن لإهمال أبواه له و انشغالهم بالتجارة، انحرف عصام و خرج من المدرسة، وهو في سن الثانية عشر، و اتجه لطريق وعر كله زلات، و عندما مل أبواه منه تركوه يفعل ما يشاء، فيقوم بالسرقة مع بعض رفقاء السوء؛ لشراء المخدرات و الذهاب لبيوت مشبوهة لممارسة الرذيلة، رغم أن عمره اثنان و عشرون و لا زال في مقتبل شبابه، إلا أن كثرة تلك الآثام التي يرتكبها و يفعلها دون حساب لعواقبها، جعلت ملامحه أكبر من سنه، رغم أنه في الحقيقة جميل الملامح، أقرب الشبه لعمته "ناهد" والدة عائشة.

يُناديها عائش.. نرمينا راضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن