الفصل الثامن

3.8K 246 54
                                    

"هل انت متأكد ؟!"

أومأ الطبيب باندهاش.   فلقد كرر هذا السؤال عشر مرات فى خمس دقائق..

"بالطبع ستحتاج الى الذهاب الى طبيب متخصص لكن كل شيء بخير ".

قال و مازالت الدهشة تعتريه :"كيف ؟!"

أجاب الطبيب المختص بالتحاليل :" اخبرتك ان الامر يتعلق بعدد الحيوانات المنوية الموجودة لكل مليمتر..  و العدد هنا ممتاز جدا...  ".

سأل مالك بتشكيك :"إذن يمكننى الانجاب؟!"

أومأ الطبيب :"بالطبع ".

سأل ثانية :"دون عمليات أو علاج ؟!"

أجاب الطبيب بثقة : "دون أى شيء ".

خرج مع عمرو من المبنى و الذهول مازال يعتريه بينما يقول عمرو لائما :"اخبرتك انها مظلومة ".

قال مالك بصوت منخفض :"كيف.. و التحاليل السابقة؟!"

تحرك مالك بالسيارة فسأله عمرو :"إلى أين؟"

أجاب بعزم :"إلى مركز آخر لنتأكد ".

زفر عمرو حانقا و لكنه لم يقل شيئا..

******

قال مالك بنفاذ صبر :"أريد النتائج الآن.  و لا يهمنى التكلفة ".

أومأ المسئول بينما يحمل العينة لتحليلها..

فقال عمرو :"لست افهم لما نحن هنا.. فلقد تأكدنا من المعمل السابق ".

قال مالك بتصميم :"أريد التأكد... فلا يمكن أن أتحول من رجل عقيم إلى رجل خصب هكذا.. دون أى تدخل.. ".

أجاب عمرو بإيمان :" إنها مشيئة الله ".

رد مالك بذهن مشغول :" و نعم بالله.. و لكنى أعتقد أن فى الأمر شيء خاطئ..  و سأعرف ".

****
بعد ساعتين من الإنتظار، جاءت النتائج أخيرا..

فتح مالك المظروف على عجاله بينما يسأل الطبيب :" هل يمكننى الانجاب ؟!"

تردد الطبيب ثم قال :"بامكانك سؤال طبيبك المختص بالذكورة.. لكن نعم يمكنك الإنجاب.. كأى إنسان طبيعى.. ".

نظر مالك إلى الأرقام...  ثم اومأ للطبيب شاكرا..

فقال عمرو :"و الآن ستدعنى اذهب لمنزلى و لفراشي لأنام.. أليس كذلك؟"

رن هاتف مالك باسم فاطمة ،فتجاهله... لكنه عاد للرنين مرة اخرى ، فالتقطه :"ماذا هناك يا فاطمة؟!"

قالت فاطمة بغموض :"لا اعرف ما الذى فعلته  . .. لكن زوجتك عادت إلى بيت ابيها. .و أظنك فعلت شيئا كبيرا يستحق غضبها. .و أريد ان اعرف كل شيء ".

زفر بحنق بينما يغلق هاتفه..
فسأله عمرو بصوت خفيض :"ما الأمر ؟"

قال مالك و قد عقدت لسانه الصدمة :"لقد ذهبت إلى بيت أبيها".

أومأ عمرو بينما يقول بتوقع :" هذا أقل ما تفعله ".

نظر اليه مالك بغضب و غيظ..

انطلق أزيز هاتف مالك النقال للدليل على وصول رسالة.

كانت الرسالة منها..

( سأتخلص من هذا الحمل .. لا أريد لأى شيء أن يربطنا معا)

أذهله ما قررت فعله فكتب سريعا بضغطات قوية غاضبة (افعليها و سأقاضيك بتهمة القتل) .

استفسر عمرو بجواره: "ماذا أرسلت لك ؟"

أراه الهاتف ، فهتف به عمرو :"ما هذا الجنون الذى أرسلته.. عوضا عن مصالحتها أو كتابة رسالة لطيفة ، تهددها ؟! هل جننت ؟!

اكتب لها ما سأمليه عليك ".

أمسك مالك الهاتف و ما كاد يكتب حتى وجدها قد حظرته.

فقال بضيق :"لقد حظرتنى".

قال عمرو مأنبا :"لا ألومها..  لو كنت مكانها.. لأجهضت الطفل و لطلبت الطلاق منك و لأخبرت العائلة بأجمعها أى مجنون قد تزوجت ".

تجاهل مالك إهاناته بينما يقول :" أتراها تجهضه بالفعل..  إنه ولدها.. ألا يرق قلبها له.. أعنى ".

قاطعه عمرو :"توقف عن هذا و هاتف فاطمه ألا تتركها حتى عودتك.. حتى لا تتسنى لها الفرصة لأن تفعل به شيئا ".

أومأ مالك سريعا بينما يحرك أصبعه على الهاتف ليهاتف  فاطمه التى ردت سريعا :"أين أنت ؟! .. اصعدى إلى هدى ولا تتركيها أبدا حتى أعود.. ".

ثم أكمل :"لا وقت لدى لإرضاء فضولك.. نعم تشاجرنا.. فقط اصعدى ".

أغلق الإتصال ثم التفت إلى عمرو :"و الآن ماذا ؟؟ لا يمكننى التفكير.. "

رد عمرو بتثاؤب :" الآن صالح زوجتك.. قم بتقبيل يديها بل و قدميها لترضى و تصفح عنك ".

عقد مالك حاجبيه.. بينما يقول فى ضيق و تفكير :"أنا أنجب.. و أنجى تنجب.. فلماذا لم ننجب ؟؟

ثم كيف تحولت من عقيم إلى سليم .. إن الأمر به شيء غامض و يستحق التفكير ".

عاد عمرو للتثاؤب بينما عيونه تغلق وحدها :" فكر فيما بعد.. و الآن اوصلنى الى أقرب سرير ثم اجعل زوجتك تسامحك ".

نظر إلى صديقه بابتسامة.. ليته كان حسن الظن بزوجته كما كان صديقه.. 

إنه ابن عمها..
و زوجها..
و لم يحسن بها الظن..

بل فكر بها كأسوء ما يكون..

و رجل غريب عنها تماما لم يعرفها من قبل.. أحسن التفكير بها..

أتراها تسامحه حقا؟؟
تسامحه بعد ان طعنها بشرفها؟؟

لعلها كرهته..

نعم.. لاريب فعلت..

لقد نجح بيوم واحد أن دمر كل الحب الذى كانت تكنه له لسنوات..

لا ريب تكرهه و تكره الطفل.. طفله..

لا ريب أنها سترى فى الطفل دوما أباه الذى أنكره.

لو لم تكرهه لما فكرت فى إجهاضه..

حتما قررت الإنفصال عنه و لذلك قررت قتل طفلهما..

عندما وصل تفكيره إلى هذه النقطة شعر بألم فى صدره لا يفهم سببه..

تحرك بالسيارة ، حتى أوصل صديقه الذى كان يغط فى نوم عميق مع شخيره  العالى جعله يشفق على زوجته كونها تتحمل هذا الصوت كل ليلة..

مالكا قلبى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن