تلك التي ما فتِئت كل يوم تتسلّلُ من نافذتي.…وتخترق جفوني الراقدة
تنقضُّ عليَّ ...
يَسبقها لهيبها لتحرق أحلامي التي لا تهمني أحداثها إلا عمّا ندَر...ولكنّني أبتسمُ ..
أبتسمُ كلما غزَت غرفتَي وأطلقت أشعّتها ناثرةً ذرات الغبار في محيطِ ضوئها.
دائما ما أُرحب بها بنظرة الرضا!
لم أُطلق ستائر غرفتي منذُ أن احترقتُ بلهيبها لأول مرة في حياتي.ولن أُطلِقها أبداً…
لا بًدّ لها مهما طال انتظارها, أنت تزيح سواد الليل مطلقةً خيوط أشعتها منذرةً بيوم جديد, لا يختلف عن سابقيه كثيراً, يومٌ حُفظتّ ملامحهُ برتابة مملة, أكاد أحكيه وأسرده غيبا...
فراغ ...
بدأت تجتاحُ الغرفة, تتسابقُ أشعّتها لتضيئَ كل شبرٍ اعتنقهُ السواد. أيقظتني بحرارتها عن حلم غريب لم أرَ مثلهُ منذ زمن..
جعلتُ أدور بحدقتي عيني حول الغرفة, مؤكداً لنفسي أن حلمي انتهى..
ليقطع حيرتي منبهُ الساعة السابعة صباحا..
معلناً بدء يوم ممل يُضاف إلى رصيد أيامي المتشابهة.جلست مسدلاً نصف جفني ما بين الغفوة والصحوة أتذكر أين وضعتُ صورة تلك الطفلة التي ظهرت في حلمي منذ برهة.
رن هاتفي.
- " أهلا سمير".
بصوتٍ رخيمٍ قلت
- " عادل، سمعت أنك ستأتي إلى المقهى.. أفضّل أن تأتي باكرا؛ حتى يتسنى لي رُؤيتك والحديث معك قبل وصول ضيفك.. هنالك ما أريدُ قوله"
- " حسنٌ … سوف أحاول.. لكني لن أعدك؛ فاليوم موعد الجولة التفقدية… أخشى أن تمتد هذه الجولة لأيام…"
توجهتُ بعد إنهائي المكالمة إلى غرفة ملابسي, حيث ذاك الصندوق الذي يعشش فوق إحدى الأرفف كزهرةٍ برّيّة اتخذت لها مكاناً دائماً في قمةِ جبل أبت التزحزح عنهُ, لم تتأثر بعوامل التعرية بل توغّلت جذورها في قمّته...
تناولتُه برفق ومسحت الغبار بيدي ثمّ فتحتهُ, وعيناي تتصارعان لالتقاطِ ما في داخله.
أبعَدتُ قصاصة ورقية مطوية, وأخرجت تلك الصورة برفق وأخذت أتأملها...في الصورة, على مقعدٍ خشبي طويل..
يجلس العم (فريد) وعلى يمينه زوجته (صباح)
وأنا على اليسار منهما....
واضعاً يدي حول كتف (إلين) ...
ذات الثمانية أعوام, متوردة الوجنتين مبتسمة, تميل برأسها نحوي, وقد زُرع حول عنقها, منديلٌ أبيض اللّون مغطيا ندبةً خلّفتها عملية جراحية..
مرتديةً فستان أزرق أُحيطت أكتافه بزهورٍ بيضاء. كما الزهور التي انتشرت خلفنا فجعلت من تلك الصورة لوحة فنيّة كأنّها تبثُّ الأكسجين للناظرِ إليها....أخذتُ أتفحص الصورة وكأنني أستكشفُ تفاصيلها لأول مرة! وضعت أصابعي أتحسسها بنظرة حزن ومسحةِ شوق متذكّرًا تلك الأيام بكل تفاصيلها…
أنت تقرأ
شمس إلين
Romanceالمقدّمة: عندما كنت شاب في أمسّ الحاجة ليد تربت على ظهري.. بدأ الشعر الخفيف ينبت بعشوائية على ذقني.. في الوقت الذي ينبغي أن يصفني به البعض بالأناني المراهق.. أصبحت أبًا دون زوجة أو أطفال... عندما فقدتُ الأمل بطفولة سويّة .. وأصبحت بلا ثقة ولا م...