أخذني أخي (كريم) من المستشفى واشترى منزلاً بغرفة معيشة مفتوحة على مطبخٍ صغير, وغرفة نوم صغيرة وحمام.
وقد جعل من فتاة مثلي تبلغ الخامسة عشر من عمرها تنظف سيارات المارّة وتجني القليل من النقود التي يأخذ بعضا منها عنوة في آخر النهار.
بينما فقدتُ جزءًا من ذاكرتي بسبب صدمتي بموت والديّ، اللذان توفيا في ظروف غامضة لا أعلمها. مما أفقدني ذلك الرغبة التامّة في الكلام...
فلم يخبرني أخي الا القليل عن حياتي، واستغلني لجمع النقود، كنت قد علمت بأنني أجريت جراحة بسبب كتلة أغلقت مجرى التنفس عندي وهتكت حبالي الصوتية, ولا مجال للجراحة ثانية...
وبما أنني الفتاة في المنزل فقد ترك أخي لي الغرفة لاستخدامي الشخصي. كنتّ أجلسُ فيها كثيرا سارحة في اللاشيئ أحاول تذكر ما مضى ولكن دون جدوى.
عملتُ في محلّ للحلويات كما اعتدت على السرقة من صاحب المحل دون أن يدري، لم يهمني سوى جمع المال فقد علمني أخي خفّة اليد فاحترفت السرقة.
كانت تعمل في المتجر فتاة اسمها (مريم) نعرف أسرار بعضنا البعض. كنت قد علمتها بعض أساسيات السرقة، وقد نجحنا ذات مرة في سرقة امرأة عجوز كانت تجوب الشوارع في عربة للأكل!
حاولنا السرقة منها مرة أُخرى، ولكن تم الامساك بنا وزجنا في السجن مدة ليلة كاملة. أخرجنا والدها وقد أبعدنا عن بعضنا البعض لأنه كان يعرفني ويعرف أخي.
ولكننا أنا و(مريم) كنا نلتقي سرا. دون معرفة عائلتها، وقد حاولت إقناعي بأن ألتحق بمقاعد الدراسة ولكنني رفضت ذلك.
كانت بمثابةِ أختٍ لي. دائما تحثّني على ترك السرقة والعمل بأكثر من مكان لأستطيع إيجاد قوت يومي.
كنت أريد ذلك في قرارة نفسي وأتمنى بأن أعيش كأي فتاة تمتلك أبسط حقوقها، ولكن (كريم) كان بالمرصاد دائما.
أرسلني ذات يوم في مُهمة لسرقة رجلٍ مريض داخل منزله. وأخبرني بعدم الخوف لأنه رجل عاجز لا يستطيع الحراك. غطيتُ وجهي واتجهت نحو منزله. ودخلت بكل خفة، كنت قد وصلت إلى غرفة المعيشة, فلم أرَ أحدًا, شعرت بالأمان وبدأت بالتفتيش داخل المنزل على حقيبة أخبرني أخي بأنها سوداء.
دخلت غرفة النوم وبدأت بالتفتيش فلم أجد شيئا، ثم رجعت إلى غرفة المعيشة وشرعت في التفتيش داخل الخزائن فوجدت الحقيبة المنشودة, حملتها بين ذراعيّ وهممت بالخروج ولكن رأيتُ يد كبيرة تطير بالهواءِ لتستقر على وجهي وترديني أرضا.
رفعت رأسي وقد بدأ الدوار!!
كان الرجل يتكئ على عكاز فقط!
أين العجز بالوضوع!!!!
حاولت الهرب ولكنه أمسكني من قميصي وبدأ في جرّي باتّجاه غرفة النوم. رماني على السرير ثم بدأ بمحاولة تجريدي من ملابسي، شد قميصي فانفرج من الأعلى, وضعت قدمي على صدره ودفعتُ بأقصى قوة حتى ارتطم بخزانة ملابسه ووقع أرضا, قمت سريعا عن السرير بينما أضم أطراف قميصي بيدي المرتعشة.
هوى قلبي حين طرَق الرجل عصاه بالأرض ثم لوح بها لتضرب فخذي بقوة. اعتصرني الألم و مشيت بعرجة سريعة منتهزة فرصة تباطئه في الوقوف و هربت خارج المنزل.
بعد بضع دقائق من الجري المترنح بمنظري المُخزي أيقنت بأنني كنت على مقربة من منزل صديقتي (مريم) فقد تسللتُ إلى ساحة منزلها وقبعت تحت السور وأخذت أرتجف من الخوف. نظرتُ إلى قميصي المنفرج من الأعلى وضممتُ شقّيه بكلتا يدي ثانية.
مرّت دقيقتان .. كان السكون يعم المكان.
حتى بدأ باب المنزل بالانفراج وظهرت (مريم). توجّهت بسرعة نحوي وبدأت برمي الأسئلة سؤالا تلو الآخر ..
لم تسمح الفرصة بشرح شيءٍ مما حدث معي
ولكن ..
ظهر من خلف الباب والدها, ولمّا رآني في تلك الحال، حتى بدأ بالصراخ والشتم والتقدم نحوي كالأسد!!
من فرط خوفي لم أهرب بل دفنت برأسي بين ركبيتَي. وجعلت أبكي .
حالت (مريم) بيني وبين والدها وشرعت في التوسل له بأن يتركني وشأني.
في الصباح أخذني والد (مريم) إلى المنزل بعد أن أعطاني قميصا آخر يسترني. فتح أخي الباب وقد تبادل الشتائم مع والد صديقتي وكاد الإثنان أن يبدءآ بالشجار.
ولكنني وقعتُ أرضًا فأسعف إغمائي ذلك الموقف. استيقظتُ في غرفتي ونظرت من خلال الباب فوجدت أخي يجلس أمام الطاولة وقد صنع لي الشعيرية الدافئة لكي أتناولها، قمتُ وقد امتلأتُ منه غيظا وأمسكت بدفاتر كنت أستخدما للكتابة والتواصل مع الناس ورميتها على أخي.
أخي الذي كان يعلم بأنني كنت في خطر بسبب الرجل المعاق الذي كاد يقتلني أو يفتعل بي إحدى الأمور السيئة في أي لحظة. هدّأني وجعلني أتناول الطعام ووعدني بأنه لن يقحمني بأمور خطيرة بعد ذلك اليوم...
وهكذا..
فقد افترقنا أنا وصديقتي (مريم) ولم أرها بعد تلك الحادثة ...
أنت تقرأ
شمس إلين
Romanceالمقدّمة: عندما كنت شاب في أمسّ الحاجة ليد تربت على ظهري.. بدأ الشعر الخفيف ينبت بعشوائية على ذقني.. في الوقت الذي ينبغي أن يصفني به البعض بالأناني المراهق.. أصبحت أبًا دون زوجة أو أطفال... عندما فقدتُ الأمل بطفولة سويّة .. وأصبحت بلا ثقة ولا م...