أصبحت الفوضى تعمّ المقهى بعد أن غادر مجموعة من الأصدقاء كانوا قد أتوا ليحتفلوا بلقائهم. وقد بدأنا بالتنظيف .
في حين دخل السيد (سمير) غرفة مكتبه طلبا للراحة، دأبنا للعمل بنشاطٍ حتى ننتهي منه بسرعة. وتساعدنا في الكثير من المهام.
دقّت ساعة انتهاء العمل, وأخذ الموظفون بالمغادرة واحداً تلو الآخر, أما أنا فقد بقي لي مهمة تنظيف البار, و بقي موظف آخر دخل لينظف الحمامات.
كان التعب قد نال مني, سحبَتْ كرسيّاً من جهة البار الداخلية وجلست عليها, متجاهلةً مجموعة من الكؤوس التي سأعلّقها فيما بعد. أمسكت بزجاجة نبيذٍ شبه ممتلئة, وسكبت القليل منهُ وأخذت أرتشفُ وأنظر إلى النبيذ داخل الكأس, وأنقل بصري حول المكان الذي يشع نظافة..
استنشقت رائحة الزهور المنبثقة من بين الطاولات وتنهّدت برضا, شممت النبيذ قبل تذوقه وتصرفت وكأنني إحدى الفتيات الثريات وأمسكت الكأس بعجرفة وتذوقت بكل رقي وتصنع.
حتى دخل إلى المقهى رجلٌ كان كافياً بأن يربكني, وينزلق القليل من النبيذ خِلسَةً إلى مجرى تنفسي, حيثُ بدأت في دوامة سعالٍ. وضعت الكأس جانبا, ووقفت وأنا أحاول كتم السعال.
أصبح الرجل أمامي مباشرة …
تلاقت نظراتنا…
حاولت إخفاء احمرار وجهي المختنق وانحنيت باضطرابٍ أُحيّيه…
وهو بدورهِ أنزل برأسهِ يرد التحية..
الحمد لله أظن بأن مزاجه سمح له بتحيتي ولو بوجه بارد..
ولكن هل عفا عني ؟!
لم يسمح لي السعال بترجمة ملامح وجهه..
ولكنه سحب كرسيا وجلس. و وضع رسغيه على رخام المنضدة, أجبرت نفسي على التوقّف عن السعال, لم يتواجد بالقاعة إلا أنا وزوج من عيون الذئب البارقة.
شعرتُ بحرارةٍ في رأسي, ابتلعت ريقي وقفت أنتظر طلبه, طلب كأسا من الماء بينما كان ينظر لزجاجة النبيذ التي وقفت راسخة على طرف الرخام بجانبي. أخذ الكأس بعد أن قمت بتقديمها وبدأ بشربها.
هدأ السعال قليلاً..
لم أعرف بماذا أتصرف ولكنني تذكرت الكؤوس التي أجلت تعليقها بعد احتسائي النبيذ, خطر في بالي أن أقوم برفعها وأعلقها في أماكنها. قرّبت كرسيّا دائريا ووضعت ركبتاي عليها, وأخذت أمسك بالكؤوس واحداً تلو الآخر بحذر وأرصهم جنباً إلى جنب.
ارتبكت جدا بسبب الرجل الذي وقف وأخذ يبتعد عن مقعدهِ ليتوجّه إلى باب الموظّفين. ارتعشت يدي وطقت الكؤوس ببعضها البعض. تجاهلت الأزمة التي اجتاحتني وحاولت إكمال العمل..
ولكنه..
أقصد الذئب الغاضب ..!!
انحرف فجأة, ودخل البار متجها نحوي.
شعرت باقترابه …
ابتلعت لعابا جافا ..
واحترق حلقي كالحطب الناشف..
تعمدت عدم النظر نحوه آملة بأن يكون قد دخل لأخذ شيء من الثلاجة !!
مد يده
نـ..نحوي !!
وأمسك بالكرسي التي تهتز تحتي...
لم أعد أتمالك نفسي, ومن فرط اضطرابي انزلقت يدي المرتعشة فاختل توازني. ومِلت حتى وقعت, وضربت في طريقي زجاجة النبيذ بيدي. حتى بدأت الزجاجة بالتمايل.
حاول الرجل إدراكي ولكن سقوطي كان سريعا إلى أن سقطنا نحن الإثنان,
وانتهى بي الحال.
مستقرة في حضنه..!!!
لا أصدق بأننا في موقف محرج كهذا !وضعت يداي على الأرض أسندهما؛ لأبعد وجهي الذي غاص في صدره. كانت نظرته غريبه. ومخيفة بعض الشيء.
التقت نظراتنا
شعرت بيديه تمسكان ذراعاي بقوة !!
بينما اخترقتني نظراته الغريبة
جعل ذلك قلبي يهوي أرضا..
نظرت إلى أعلى نحو زجاجة النبيذ التي تتمايل فوق رأسينا حتى وقعت واصطدمت بالرخام. وأخذ النبيذ يندلق من فوهتها كالبركان. وبسرعة اتجهت برأسي فوق رأسه لأستقبل النبيذ الذي انسكب باتجاهنا. تبلل معظم رأسي من الخلف.. وأخذ البعض من النبيذ يقطر على وجه الرجل المندهش أمامي.
حتى شعرت بأنه توقف عن التنفس…
استجمعت القليل من قواي، ودفعت بيداي الأرض حتى بدأت بالابتعاد عنه. جلست على الأرض لبرهة أنظر إلى وجهه بارتباك, وبدأ النبيذ بالتسلل إلى جبيني نزولا بوجنتاي إلى أن أخذ يقطر من لحيتي.
كانت قطرات معدودة من النبيذ قد طالت وجهه النظيف !اتسعت عيناي في دهشة ثم اسندت ركبتاي إلى الأرض واتجهت نحو علبة المناديل وسحبت مجموعة منها ثم قدّمتها باتجاهه لأمسح قطرات النبيذ من على وجهه.
ولكنه انتزع المناديل من يدي واقترب بجسده مني وشرع في مسح وجهي المبلل والمُبعثر, سرَت رعشة في جسدي. حاولت فتح عيناي بشدة ولكن المناديل التي تتحرك على جهي تحول دون رؤيتي لوجهه.
استيقظت من غفوتي وأخذت المناديل منه وابتعدت عنه قليلا وأكملت مسح وجهي ورقبتي التي نالت قدرا كبيرا من النبيذ الدبق.
وقف السيد في خِضم التوتر والاضطراب وعدّل زجاجة النبيذ، وألقى نظرة على الكؤوس المعلقة في الأعلى وقال بشيءٍ من الجِدّية:
- " لماذا تقومين بأعمال الفتيان وتعرضين نفسكِ للخطر؟؟؟!!.. ألا تستطيعين انتظار أحدهم ليعلق الكؤووس في مكانها!!!!"
التفت بجسده وابتعد مغادرا البار متوجها نحو الداخل, تاركا إياي في وسط العمعمة التي خدرت حواسي, وأتلفت أعصابي المشدودة.
***
دخلت الممر واضعا يداي على قلبي الذي تدافعت دقاته كمعاول أخذت تحفر جداره, ضربت قبضتي عدة مرات على قفصي الصدري المُزَلزل.
توقفت ونظرت خلفي نحو الفراغ, ثم عدت بجسدي للأمام وفركت جبيني المتعرق !!!
ابتلعت ريقي, واتجهت نحو غرفة مكتب (سمير) الذي كان يغط في نوم عميق. فتحت الباب بقوة. انتفض صديقي فور دخولي, رميت بنفسي بجانبه بعد أن بدأ بالنظر يمنة ويسرة بدهشة, قلت وما زلت أضع يدي على صدري:
- " ما هذه الفوضى!!!!!"
نظر صديقي إلى ساعة يده وقال باستياء:
- " يا الهي .. ألم ينتهِ الموظفون من تنظيف الفوضى بعد!!!؟"
وقبل أن ينزف وجهي من شدة احمراره وحرارته , التفتُّ إليه وأنا أمسح رقبتي :
- " لا يا صديقي..ولكنني أظن بأن الشمس أشرقت بالخارج.."
تنهدت وأردفت:
- " ارجع.. ارجع إلى نومك.. "
نظرت حولي وأخذت نفسا عميقا ثم هممت بالخروج, تجاوزت غرفة الموظفين بسرعة دون النظر إلى داخلها, واتجهت إلى الممر ومشيت وأنا متوتر من لقاء تلك الفتاة أمام البار ثانية.
ولكنني...
تفاجأت بها تخرج من الحمامات وقد تبين لي بأنها قامت بغسل شعرها من النبيذ الدّبق, كانت تغلق الباب ومشغولة بوضع قبعتها الصوف.
صرت أمامها مباشرة ..
التقت نظراتنا المضطربة مجددا ..
لم أستطع الا التنفس..
لاحظت بأن شعرها لم يجف ووجهها مبلل بالماء.
بالاضافة إلى أنها بدّلت وشاح الزي الرسمي للمقهى بوشاحٍ آخر..
حتى ملابسها لم تكن ثقيلة..
ستمرض حتما!!!
تنحت هي لتسمح لي بالمرور..
ولكنني بقيت واقفا ونظرت حولي بتوتر, ووضعت راحة يدي خلف رقبتي, وبلعت ريقي وتجرأت على القول بارتباك:
- " أظن بأن شعرك رطب.. ووجهك مبلل.. والجو..."
ابتلعت ريقي وتنفست بتوتر وأكملت:
- " الجو بارد في الخ..الخارج…أتسمحين .. لي .. بأن .. أقلكِ في .. طريقي؟؟؟"
لحظة!!!
ما الذي قلته للتو!!!
أهي رغبة مفاجئة تجتاحني لمرافقتها!
لاحظت بعض التوتر على ملامحها..
سقَط فكها ورمشت بارتباك!
ثم هزت برأسها نفيا ..
ولوحت بيديها باطضراب
وانحنت لي والتفتت وهرولت إلى الخارج …
توجهت إلى منزلي, ورأسي ممتلئ بالأفكار, كانت الفوضى تملؤ عقلي وتؤرق تفكيري. وبسرعة اتجهت إلى الحمام, وقفت تحت صنبور المياه واضعا يداي على الجدار, سامحا للماء بالتغلغل في رأسي الثقيل، وكأنني انتهيث من سباق ماراثون تحت شمس أحرقت مضمار السباق بمن فيه.
لم أستطع طرد وجهها من مخيلتي ..
ولا التوقف في التفكير بعينيها..
حتى أكاد أجزم بأنني أعرف كم تزن تلك الفتاة..
كانت خفيفة، وهشّة..
لقد كانت اليوم بين ذراعيّ..
لقد لمستها!!
وكأن ذراعها ما زالت بين أصابع يدي!
شعرت برجفة يديها وارتباكها..
شعرت بأنفاسِها…
لا أعرف ما الذي يحصل معي …!!!
التيار يدفعني ويجرفني نحو تلك الفتاة..
عجزت عن مقاومته ..
بل وأظن أنني استسلمت له…
نظرت إلى سريري وأنا مدرك بأنني لو استلقيت عليه الآن, لما أغمضت عيناي حتى تشرق شمس الغد, نزلت إلى الصالة و بتثاقُلٍ جلست على الأريكة التي شاركتني مشاهدة التلفاز طوال تلك الليلة.
نظرت إلى ساعة يدي التي قد تعدّت الحادية عشرة صباحاً, ركّزت نظري بها وفتحت عيني لأتأكد!
قفزت عن الأريكة وصعدت إلى غرفتي ولبست بذلتي. كان هاتفي في غرفتي يرن، أيقنت بأنه (جميل)، أخبرني بقدوم ضيوفي إلى المجمع التجاري. خرجت مسرعا وقدت بسيارتي نحو المركز التجاري
***
- " غدا تأتين إلى الملهى الليلي … لا تتأخري"
قال أخي هذه الجملة وهو يتناول طعام الإفطار بنَهَم.
الملهى الليلي ثانية !!!
ماذا تريد بعد!!
اتركني وشأني…
آهٍ لو أستطيع حمل أحد تلك الأطباق وضرب رأسك بها حتى تلفظ أنفاسك الأخيرة, ولكنني لا احتمل العيش وحيدة, أخاف جدا من الوحدة, يكفي بأنني فقدت أمي وأبي.
كنت أعاني من الإعياء والزكام؛ بسبب خروجي بالأمس بشعري المبلل, حتى أنني لم أنم ليلة البارحة، فعِطر ذلك الرجل قد غزا أنفي دون سابق إنذار، خِفة يديه وهو يمسح النبيذ عن وجهي، أصابتني بالحيرة .
نظراته التي تجوّلت عليّ, لم أستطع تفسيرها أيضا.
كنت قد نهضت عن فراشي بصعوبة، لم أتناول حتى طعامي، وغادرت متجهة نحو المكتبة, بدأت في تنظيف الرفوف ومسحها من الأتربة، كنت بحاجة إلى الراحة.
حاولت إتمام مهمتي الأولى، ولكن بعدها لم أستطع الصمود، جلست على كرسي وضممت سترتي على صدري والسعال يرافق تنفسي. فكرت في أخذ مغادرة والذهاب إلى المنزل. ولكن لم يبقى الكثير على انتهاء دوامي. شربت قرصين من دواء المسكن ثم نهضت لأكمل عملي.
كان العمل في ذلك اليوم خفيفا ولكنه أثقل جسدي وشعرت بأنني أقوم بتكسير صخورٍ بيدي !!
بعد أن أنهيت المهمة الثانية، تخطيت الغداء بسبب الغثيان. كان جسدي هزيل ورأسي يدور، جلست لاستعادة طاقتي لإنجاز المهمة الثالثة والأخيرة. بعد انتهاء مهلة الراحة وقفت لأكمل عملي..
فقدت تركيزي..
واستسلمت للتعب..
وهويتُ أرضا..
كنت أسمع نداءات الغير من حولي، جسدي يقشعرّ وعظامي تؤلمني. وأشعر بغثيانٍ ثقيل. رشقني أحدهم بقطراتٍ من الماء، تبين لي بأنه (فريد) جلست وأنا أمسح الماء عن وجهي أومأت لهم بأنني بخير. أخبرت (فريد) بأن يتصل على (مريم) لتأتي من أجلي. بقي بجانبي إلى أن أتت صديقتي..
***
كنت أتمشى مع ضيفي داخل المجمع التجاري، كان ضيفي يريد أن يتضمن إحدى طوابقه، جعلنا نمشي ونتحدث عن العقد وغيره من الأمور الأخرى.
انشغل عقلي قليلا بأمور المركز التجاري. شعرت بارتياح لمجرد أن فكرت بأن عقلي يمتلك القليل من التحكم لإغفالي عما حدث لي في الأمس, كنت بالفعل قد اكتفيت من ذلك ليلة كاملة !والآن يجب أن أفصل بين مشاعري وعملي .
كانت خططي ضعيفة وقراراتي العاطفية متزعزعة, والدليل بأنني ارتبكت حين لمحت وجه فتاة رأيتها من قبل. كانت تتكلم مع أحدهم وتشير إلى واجهة المتجر أمامها، وقد عرفت فورا أنها صديقة موظفة البار.
يبدو بأنها تعمل في المتجر لأنها تلبس الزي الخاص به استأذنت من ضيوفي وذهبت نحوها.
- " مرحبا.. لقد رأيتك في حانة الفندق مع موظفة البار.. يبدو بأنك لا تتذكريني"
ركزت بنظرها لبرهة ثم شهقت وأشارت بسبابتها نحوي
- " أنت.. أنت الذي لُكِمت على وجهك أووه .. أنه أخو صديقتي إنه دائما ما يسبب لها المتاعب أرجوك تفهم ذلك ولا تلقي اللوم عليها.. أقسم بأنه ليس لها ذنب فيما حدث لك.. إنه "
- " ممم.. لا بأس فلم تكن الضربة بتلك القوة.."
- " هل تعملين في هذا المتجر؟ أنا صاحب المركز التجاري هذا.. يا لهذه الصدفة!! "
- " يا الهي أنا آسفة يا سيدي لم أكن أعلم بذلك .. اسمي مريم.."
- " لااا بأس .. تعالي إلى مكتبي بعد ساعة.. أريد أتحدث معك في موضوع ما .. أما الآن عن إذنك لدي ضيوفي سوف أعود لهم"
انحت لي ورجعت إلى عملها بينما عدت أنا لضيوفي. بعد أن غادر ضيفي. جلست مع المحامي لمناقشة بعض الأمور، وعندما انتهينا أتت (مريم) إلى غرفة مكتبي.
- " كيف تجدين العمل في متجر الملابس؟؟"
- " إنه مريح يا سيدي.. "
حسنٌ. لنبدأ في صلب الموضوع
- " كيف حال صديقتك؟ .. هل رأيتها اليوم؟"
- " لا لم أرها ولكنني سوف التقيها قريبا.. هل هناك خطب ما؟؟"
توتّرت، وبلعت ريقي ولكن لا بد من القليل من الشجاعة
- " أنا…. أنا أظن بأنني …. قد بدأت اهتم لشأنها "
-"....."
"-لا أعرف كيف ... بدأ ذلك... ولكنني فضولي لمعرفة كل شيءٍ عنها.."
لم أتدرب على هذا الكلام حتى في مخيلتي! ولا أعرف حقا أين ستأخذني جُرأتي…
- " ماذا تعرفين عنها.. أرجوك أريد أن أعلم الكثير عنها .."
بعد أن لاحظت ملامح الاستغراب على وجهها، أجابت بعد تردد:
- " مممم بصراحة لقد صُدمت بعض الشيء .. اعذرني .. لا أعرف ماذا أقول "
ابتلعت هي وأخذت نفسا ثم أكملت:
- "ولكن صديقتي فتاة عانت كثيرا في حياتها .. قد أصيبت بصدمة بعد فقدانها والديها جعلتها تفقد ذاكرة طفولتها."
وضعت أطراف أصابعها على ذقنها بِحيرة وفكّرت :
- " ممممم.. عملت معها قبل سنوات في متجر للحلويات.. كنا لا نفترق أبدا .. كان أخوها يأخذ جزءًا كبيرا من أجرها.. إنه رجل طماع وأناني.. دائما يستغلها ويقحمها في أعماله القذرة!!"
سكتت الفتاة فجأة ونظرت نحوي وكأنها تحدثت بكلام لا يجب قوله!..
هممم -أعماله القذرة!-
ولكنني تذكرت ليلة الملهي ولقائي بها هناك. إذن يبدو بأن أخيها أحد أفراد العصابة. ويبدو بأنه يقوم باستغلالها لمصلحة العصابة! يجب أن أبحث خلفه..
رن هاتفها..
وأخبرتني بأنها مضطرة للخروج.
أعطيتها بطاقة عملي وأخبرتها أن تتصل بي إن حدث أي مكروه.
***
أتت (مريم) فور تلقيها اتصالا من (فريد)، وذهبا بي إلى منزلها الذي يبعد شارعا واحدا عن المكتبة، كنت ما زلت أشعر بالإعياء. استلقيت على السرير ونمت قبل أن أُسدل الغطاء على نفسي.
كنت ما بين الصحوة واليقظة ولكنني سمعت صوت صديقاي يتحدثان، لم أُلقِ لهما بالاً وذهبت بعدها في نوم عميق.
بعد بضع ساعات أيقظتني صديقتي وأجبرتني على تناول حساء أعدّته لأستعيد شيئا من طاقتي.
- " لقد غادر فريد بعد أن نمتِ ..هاااا.. كيف أصبحتي ؟؟"
أومأت بأنني بخير
- " مممممم الحرارة لم تنخفض للدرجة المطلوبة.. تناولي الحساء لتستطيعين أخذ الدواء .. هيا أيتها الماكرة.. يجب أن تستعيدي طاقتك .. أمامنا حديث طوييييل "
رفعت حاجباي باستغراب، ولكنها بدورها أخرجت ضحكة مكتومة, لم أكن فعلا أعي سبب تصرف صديقتي ولكنني في نفس الوقت كنت لا زلت أشعر بإعياء لا يسمح لي بالسؤال عن أي شيءٍ..
لم أستطع أن أتناول إلا القليل من الحساء, ما زالت معدتي تؤلمني وأشعر بالغثيان, كل ما أردته هو النوم, ولكن علي أن أذهب للعمل. جعلتني صديقتي أقوم بإرسال رسالة إلى المقهى أعتذر عن العمل. حتى أنها أرغمتني على البقاء في منزلها الليلة.
نعم, كنت بحاجة للراحة.
مع أن حرارتي لم تنخفض كثيرا.. إلا أنني شعرت بالدفء في منزل صديقتي، وكأن الله أرسلها لتسندني في أحلك الأوقات..
نمت حتى صباح اليوم التالي وكأنني تناولت جرعة مخدر كبيرة أفقدتني وعيي, ولكنني أخذت نصيبي من الراحة..
(إذا وعدت بما لم تملكه بعد، فسوف تفقد الرغبة بالحصول عليه)
باولو كويلو- الخيميائي
أنت تقرأ
شمس إلين
Romanceالمقدّمة: عندما كنت شاب في أمسّ الحاجة ليد تربت على ظهري.. بدأ الشعر الخفيف ينبت بعشوائية على ذقني.. في الوقت الذي ينبغي أن يصفني به البعض بالأناني المراهق.. أصبحت أبًا دون زوجة أو أطفال... عندما فقدتُ الأمل بطفولة سويّة .. وأصبحت بلا ثقة ولا م...