الجزء الاول - قبل خمسة عشر عاما 2

12 1 0
                                    

كان الحفل قد شارف على الانتهاء. قفز (سمير) بوجه متسائل نحونا, وقد بدأنا نحن الخمسة أقصد انا وصديقي وجدتي والأم وابنتها, واتّجهنا نحو المنزل.

كان منزلهم في طريق عودتنا. بعد أن استقبلهما الأب (فريد) وأبدى لنا الامتنان.. أكملنا طريقنا إلى المنزل .

بدأ الهدوءُ يغزو القرية رويدًا رويدا وهبّات من نسيم الهواء الصيفي المنعشِ تطرقُ وجوهنا. سأل (سمير) بفضول:

- " أين ذهبتَ يا رجل!!؟"

- " أرأيتَ تلك الطفلة الصغير؟ لقد أضاعت طريقها فصوّبتها….آآه نعم.. جدّتي… منذ متى كان للسيّد فريد ابنة!!؟.. أنا لم أعرف له أبناء غيرَ كريم"

قالت الجدّة بصوتٍ لاهث شبه متقطّع:

- "  لقد رُزقا بطفلةٍ بعد عشر سنواتٍ منذ ولادة كريم.. وها هي تبلغُ الثماني أعوام.. ولكنها تشتكي من مرض. إنهم يذهبون إلى المستشفى باستمرار، لم ألتقِ بوالدتها منذ سنة تقريباً.. لقد كانوا منشغلين بها"

-"ماذا يفعل (كريم) هذه الأيام؟ لقد كنّا في نفس الصف أنا وهو، هل ما زال شقيّا!"

"- لا تُحدثني عنهً يا (عادل) إنه ولدٌ عنيد ويفتعل المشاكل باستمرار ويجلب العار دائما لأهله، لقد عوضهم الله بتلك الطفلة أتمنى بأن يشفيها الله وتكون عونًا لهم في المستقبل"

- " كنت أعلمُ أن بها خطب ما" قال (سمير(

رفعتُ إحدى حاجبي مستنكراً؛ لأنّني لم ألحظ أي خلل بها.

طلبتُ من جدّتي أن تجلس على حافة الطريق لالتقاط بعض الهواء والراحة. كنتُ قد لاحظتُ أن جدتي ليست على ما يُرام.
لقد كان وجهها أبيضًا أكثر من اللازم في الفترة الأخيرة.

بعد أن أخذت جدتي قسطًا من الراحة، أكملنا طريقنا إلى المنزل.
تناولنا طعام العشاء. كانت جدّتي تغمض عينيها أثناء تناول الطعام. استأذنتنا بالذهاب إلى النوم ..


تركتها تنام، وصعدت مع (سمير) إلى سطح المنزل. وفي جعبتنا قطع الدجاج التي لم ننتهي من تناولها، وجلسنا نأكل ونشرب المشروبات الغازية و نتحدث عن الدراسة.
كنت متحمسا للجامعة، أمّا صديقي لم يفكر سوى بالمقهى الذي طالما حلم به, ولكن والده اشترط دراسته قبل أن يبدأ بأي مشروع.

بعد حديث مطوَل بدأ صديقي يستسلم للنوم، أما أنا كنت أستمتع بهواء القرية وأنظر للنجوم في السماء الصافية.
كنت أشعر في ذلك الوقت بالتحديد بامتلاء رغباتي وأوج سعادتي..
لأنني مقبل على فترة من عمري
كانت إضافة رائعة ومليئة بالحماس..

بعد أن أطلقت بصري بين النجوم
لاحظتُ بأن شبحا أبيض اللون وسريع قفز إلى السور من فوقي، انتفضت من مكاني خوفا، ولم أنبس ببنت شفة؛ لكي لا أوقظ (سمير) الذي بدأ فعلا بالشخير.

نظرت إلى السور عن كثب، لم أرَ شيئا وقد بدأ الشك يساورني بأنني كنت أتوهم! ولكن سرعان ما كان ذلك الشبح يمسك في طرف بنطالي. أخذت نفسا عميقا ونظرت بصعوبة للأسفل، وإذا به القط الأبيض

نعم إنه  (ماكس)

القط الذي كان في حفل الزفاف !!! كان يقف ويشم رائحة بقايا الدجاج المنبعثة بجانبي!

"-يا الهي ! كيف وصلت إلى هنا أيها القط!! خذ هذا الدجاج كله لك ولكن كُل واذهب إياكَ أن ترجع ليس لدي النية بإبقائك هنا! "

ضحكت عندما تذكرت بأنني أطلقت اسما على هذا القط! فقط لإرضاء فتاة صغيرة!
بدأت بتحسسه لقد كان ناعما ونظيفا.

تذكرت فجأة كيف أُنيرت السماءُ بِفِعل الألعاب النارية وتذكرتُ ابتسامة تلك الطفلة التي لم أعرف اسمها حتى..
ولكنني أدركتُ في ذلك الوقت أنها لم تتحدث بأي كلمة، هذا ما لاحظته!
لماذا لم أسأل (سمير) ماذا كان يقصد عندما قال بأنه لاحظ بأن بها خطبٌ ما!
وما هو مرضها!
ما سبب سكوتها هل هو استحياء أم خوف!؟

نمتُ تلك الليلة وقد ساورني الفضول لأعرف عن تلك الطفلة أكثر.

شمس إلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن