ليلة جنوبية

2.6K 24 28
                                    

زمن الملوك والرعاع
البارت الثامن
ليلة جنوبية

#مملكة الجنوب

بينما جلست أمينة في الجناح المخصص لها، كان ذهنها غارقًا في دوامة من الأفكار. كانت نظراتها شاردة، وكأنها تستعرض مستقبل الرعاع، وهو نفس المستقبل الذي لطالما حلمت به وخططت له بكل قوتها.

**نبض**: "مالك يا أمينة؟"

**أمينة**: "بفكر في الحال اللي وصلنا له، بقى ده مستقبل الرعاع اللي كنا بنتمناه ونخططله؟"

نبض نظرت إليها بعينين حاولتا بث الثقة والاطمئنان، رغم الشكوك التي كانت تخفيها خلف قناع الهدوء.

**نبض**: "أكيد وضعنا أحسن دلوقتي."

أمينة هزت رأسها بسخرية مرة، ثم نظرت إلى الأرض، كما لو كانت تحاول العثور على إجابة بين حبيبات الرمال التي حملتها من الصحراء.

**أمينة**: "أحسن في إيه يا نبض؟ شايفة الانكسار ده أحسن؟"

**نبض**: "ليه بتسميه انكسار؟ فكينا الحصار عن الرعاع، والصحراء رجعت لينا من تاني... واتخلصنا من حوراء."

تملكت أمينة رغبة مفاجئة في الضحك، ضحك يعبر عن مرارة الواقع. لكن تلك المرارة كانت أعمق من أن تُعبَّر عنها بالضحك فقط.

**أمينة**: "مكانش لينا مع حوراء مشكلة. كانت بتحافظ على الرعاع، ومعاها كان ولائنا لنفسنا وبس. دلوقت إحنا إيه؟ جايين نبوس إيد ملك الجنوب ونعلن ولائنا؟"

نبض حاولت الرد سريعًا، كلماتها كانت كالسيف الموجه لتبديد الشكوك التي تعتري أمينة.

**نبض**: "حوراء كانت عنيدة يا أمينة، والعند ده كان هيبقى سبب في فناء الرعاع."

أمينة رفعت عينيها إليها بنظرة حادة، مشوبة بالغضب والغموض.

**أمينة**: "لكن كان كبريائنا في السماء. حوراء كانت فارضة سيطرتها، والكل كان بيخاف منها."

**نبض**: "ويفيد بإيه الكبرياء لو كان مصاحبه الجوع؟"

تلك الكلمات تسللت إلى قلب أمينة كخنجر، لكنها كانت تحمل بعضًا من الحقيقة المؤلمة. تململت في مكانها، وكأنها تحاول أن تجد راحة لمشاعرها المضطربة.

**أمينة**: "كنا أحرار يا نبض. بنختار مصيرنا ولينا هيبتنا."

نبض اقتربت منها، نبرة صوتها مليئة بالإصرار، وكأنها تحاول إقناع أمينة بحقيقة جديدة.

**نبض**: "لو سألتي الرعاع، هيختاروا يعيشوا كده أحسن من إنهم يكونوا أحرار."

أمينة كانت تشعر بقلق يتسلل إلى قلبها ببطء. كانت تعرف أن ليس كل الرعاع سيفكرون بنفس الطريقة. بعضهم سيظل يؤمن بالحرية، وبعضهم سيظل مخلصًا لأفكار حوراء.

زمن الملوك والرعاع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن