زمن الملوك والرعاع
البارت الثاث عشر
اقدار#مملكة الجنوب
في أجواء القصر المضطربة، دخلت سمراء إلى غرفة الملك لتجد الوزير يراقب حالة الملك الذي ما زال فاقد الوعي، وحوله الأطباء يعملون بصمت. كانت سمراء تحاول إخفاء قلقها، لكن ملامحها المتوترة فضحت ما بداخلها.
قالت بنبرة قلقة: "الملك عامل إيه دلوقت، يا وزير؟"
نظر إليها الوزير بعينين مرهقتين، قائلاً: "لسه فاقد الوعي، يا بنتي، ومعاه الأمير إياد وأطباء القصر، بيحاولوا ينقذوه."
تنهدت سمراء بأسى، وأغمضت عينيها وكأنها تحاول السيطرة على مشاعرها. "خبر موت الأمير سيف نزل عليه كالصاعقة، ومش كفاية كده... الخيانة من أقرب الناس ليه."
أومأ الوزير برأسه، وقال: "أيوه، يا سمراء. ده غير وقع خيانة حاشيته، وخيانة أروى، وموت قمر اللي كانت الأقرب ليه."
تململت سمراء وعضّت شفتها، ثم قالت بشيء من الندم: "بس أنا قصرت... كان لازم أحميه أكتر."
وضع الوزير يده على كتفها، محاولاً أن يخفف عنها. "انتي ما قصرتِ في شيء، يا بنتي، محدش يتوقع كم المؤامرات اللي اتعرض لها الملك. كفاية أنك أنقذتي حياته."
نظرت سمراء إليه بحزن، وقالت: "برضه، أنا بحس بالتقصير... الملك يقوم بس، وهتنازل عن كل شيء."
رد الوزير بحزم: "لولا وجودك، كان الملك هيبقى فريسة سهلة لزهير، افتكري ده كويس."
تساءلت سمراء بصوت ضعيف: "يمكن زهير عمل كده لأنه حس إني أخدت مكانه."
أجاب الوزير: "معرفش، لكن هنعرف كل شيء من تحقيقك معاه. دي مهمتك، يا سمراء."
شدت سمراء على سيفها وقالت بحزم: "أنا رايحة حالاً أحقق معاه."
نظر إليها الوزير برضا، وقال: "روحي، يا بنتي، وأنا هفضل هنا أتابع حالة الملك."
خرجت سمراء من غرفة الملك بخطوات واثقة، وفي ساحة القصر لحقتها ميسون بقلق.
قالت ميسون بإصرار: "خليني أجي معاكِ، يا قائدة."
التفتت إليها سمراء بحزم، وقالت: "لا، خليكي هنا، وعينيك في وسط راسك. محدش عارف اللي هيحصل في الليلة الغبرة دي."
أومأت ميسون بتفهم، وقالت: "تحت أمرك، يا قائدة."
اتجهت سمراء إلى سجن القصر، عيناها تضيقان بغضب عميق. أمرت المجندات بفتح زنزانة زهير ودخلت، حيث كانت ملامح زهير تحمل مزيجًا من التحدي والخوف. وضع يده على كتفه المجروح حيث كانت قد طعنته سابقًا، وقال باستخفاف: "إيه اللي جابك يا عوراء؟ وعاوزة إيه؟"
نظرت إليه سمراء بحدّة، وقالت: "جيت أحقق معاك، يا زهير."
ابتسم بسخرية، قائلاً: "ومنّتظرة مني أقولك إيه؟"

أنت تقرأ
زمن الملوك والرعاع
Fiction généraleفي زمنٍ طويت فيه صفحات التاريخ، حيث لم يبقَ من الحضارات سوى رماد، كان البشر ألدّ أعداء أنفسهم. أنهكتهم الصراعات حتى صارت الأرض ملطخة بذكريات الفناء والخسارة. الطبيعة، الصامتة منذ أمد بعيد، قررت أخيراً أن يكون لها كلمة، فهاجت وارتعدت، وأرسلت غضبها كع...