بياض الثلج

1.8K 25 18
                                    

زمن الملوك والرعاع
البارت الحادى عشر
بياض الثلج

# القافله

كانت القافلة تسير ببطء في أعماق الغابة، يتبعون خط سير دقيق وحذر، وحوراء تستخدم خبرتها العميقة المكتسبة من حياتها مع الرعاع لتجنب الأماكن التي قد تكون مصدر خطر. كان الليل قد بدأ ينشر ظلاله على الأشجار الكثيفة، وأصوات الطيور الليلية تضيف إلى رهبة المشهد. أما جواد، فكان يمتطي حصانه في مقدمة القافلة، وحوراء تتبعه على حصانها بصمت، تراقب الطريق بعيون ذكية، وكأنها تستشعر الخطر قبل أن يقترب. خلفهما، كان طاهر وهند يتقدمان القافلة أيضاً، كل منهما يمتطي حصانه، ينظران إلى الأمام بعزم وترقب.

جواد كان يشعر بالامتنان لحوراء، وفي نفس الوقت يحمل شعوراً مبهماً من القلق تجاهها. قطع الصمت قائلاً:

**جواد:** "حوراء، عاوز أشكرك تاني على إنقاذ حياتي. مش عارف إزاي كنت هخرج من الموقف ده من غيرك."

حوراء، التي كانت تسير خلفه، أصدرت ضحكة قصيرة مليئة بالسخرية المريرة:

**حوراء:** "أنا معملتش حاجة كبيرة مقارنة باللي قدمتهولي. انت فعلاً اللي أنقذت حياتي، ومن غيرك كنت دلوقتي وجبة سهلة للذئاب. ده دين في رقبتي، وكان لازم أوفيه."

جواد أدار رأسه قليلاً نحوها، بنظرة تعكس مشاعر مختلطة بين الاحترام والاهتمام:

**جواد:** "ده كان واجبي، مقدرش أسيب حد في خطر مهما كان. ده الطبيعي."

لكن حوراء، بطبعها الواقعي وذكاءها الفطري، لم تكن ترى ما فعله جواد كشيء طبيعي.

**حوراء:** "لا، مش الطبيعي. أي حد غيرك كان ممكن يسيبني، يشوفني عبء على القافلة، خاصة بالحالة اللي كنت فيها. وكان ممكن كمان يشوفني خطر. لكن انت اللي قررت تاخدني معاك، حتى لما بقيت قادرة على المشي."

توقفت لحظة، وصوتها أصبح أكثر جدية، وهي تضيف:

**حوراء:** "عرفت من نظرات الناس حواليك. شايفين إن وجودي هنا عبء ومصدر قلق."

جواد حاول تهدئتها، وهو يقول بصوت هادئ ومطمئن:

**جواد:** "واضح إنك ذكية وبتعرفي تقري الوجوه. بس صدقيني، محدش يقدر يحكم عليك إلا الواقع، والواقع بيقول إنك أنقذت حياتي."

ابتسمت حوراء، لكن خلف تلك الابتسامة كانت تخفي الكثير من الألم والتجارب القاسية:

**حوراء:** "الحياة في الصحراء بتعلمك كتير. الفراسة والتوقع مش دايماً بينقذوا صاحبهم. لكن الدروس اللي بنتعلمها بتكلفنا غالي."

جواد شعر بالقلق عليها، لكنه كان يدرك أنه لا يستطيع حماية الجميع من كل شيء، خاصة من مصائرهم الشخصية:

**جواد:** "أنا بس قلقان عليكي، ريما. الحياة اللي انتي عشتها كانت مختلفة تماماً عن حياة الجواري."

زمن الملوك والرعاع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن