الفصل التاسع (الفراق)

492 37 55
                                    

الفصل التاسع/
الاشتياق نار مشتعله لا يخمدها سوي رؤية واحتضان المعشوق واستنشاق رائحته والغوص داخل روحه ولكن ماذا ان كان الاشتياق لشخص لم يعد موجودا ؟ ماذا إن كان هذا الإشتياق محرماً ؟ ماذا إن كان إشتياقا بلا هداية بلا وصول ؟
عام ١٩٩٣/
((ما شأني بإشراقة الشمس وسطوع القمر، ما شأني بهطول الامطار وتفتح الازهار... بينما زهرتي ليست موجوده.
يا الله عشقها اصبح سم يسري بعروقي لا استطيع التخلص من احتراقه داخلي... احترقت يا ربي.... احترقت ، زهرتي ذبلت روحي
‏ زهرتي... اشتاق اليك بشده، أنتظرك كالمجنون على الطرقات، أبحث عن طيفك بين الناس.
‏ اختنقت ونزفت زهرتي، لا تتركيني لا تعاقبيني هكذا اعرف ان الخطأ خطأي، سامحي غيرتي تعالى وانظر كيف هو حالي بدونك.
‏أهانت عليك نفسي يا مهجه الفؤاد.
عشت بقدر ما عشت زهرتي ولكن فقدت روحي معك.
‏حبيبتي اعيش دون أنفاس، أحترق دون نيران ، طفلتي انظري إليّ فراقك يقتلني ....لا اريد أخري اريدك أنتي....
‏يقولون انك رحلتي للابد ...هل عشقك ما يقطع انفاسي الان أم غضبي منهم .
‏عندما افترقت أيدينا ورحلتي بكبرياء مجروح هل ظننت ان روحي لا تتألم
‏رحماكي يا ساحرتي... رحماكي.))
‏كان جالسا كعادته ممسكا بصوره لها واحدي ملابسها ليستنشق عبق عطرها عله يستشعرها بجانبه فمنذ رحيلها وهذه هي حالته عندما يدلف لحجرتهم يحادثها ويخبرها بكل شيء يمر عليه في يومه، يخبرها كم اشتاق لها وكم أن بِعادها اخذ منه دنياه ،وقبل أن يترك الغرفة يتأكد من غلقها جيدا بالمفتاح لكي لا يعبث أحد بحاجياتها في غيابه .
‏اصبح شديد الانفعال ....كثير الغضب ....قليل الكلام ترك عمله كمدرس واصبح يباشر الاعمال مع والده
‏ بعد ان كان اكثرهم لينا... اصبح اكثر هم جفاء وقسوه .
‏طرقات على باب حجرته جعلته يترك ما بيده ويتوجه للخارج فهو لا يسمح لاحد ان يدلف الداخل لا يريد لأنفاس غيرها أن تنتشر بالحجرة كما ان هو من يقوم بالتنظيف كما كانت تفعل وهي رافضه ان يفعل غيرها. خرج ليجد احدي الخادمات تخبره بانتظار والده والعائلة في الاسفل. اغلق بابه ثم هبط للأسفل ليجد جميع عائلته والده ووالدته اخوته جميعا و حوريه الشخص الوحيد الذي يسمح لنفسه بالضعف امامها. جلس مكانه بعد أن ألقي تحيه السلام باقتضاب لتبدأ سلوي الحديث :
‏_نبيل انا كنت عاوزاك في خدمه يا اخويا و أملي إنك مترودنيش وجمعت العيلة كلها عشان تساعدني في اقناعك.
‏_ اكيد يا سلوى لو في يدي هنفذ من غير المقدمات دي كلها.
‏أجفلوا جميعا من فظاظة رده ،ولكنهم لم يتتركوا للأمر فهو ليس بالأمر الجديد عليهم منه .
‏فمنذ خمس سنوات وتبدل اخيهم ذو سعه الصدر الى اخر لا يتواجد معهم بنفس المكان لأكثر من نصف ساعه لذا يعلموا صعوبة اقناعه بما تريد.
أجلت صوتها وتحدثت :
‏_ كنت... كنت عاوزاك تيجي معانا خطوبه امير .
‏سكت .....لا ينبش بكلمة .....عقله يترجم ما قالته الآن.
‏هل تريد أن تجعله يترك البلد ويرحل ...؟!!
‏ماذا إن عادت زهرته ولم تجده ؟
‏إهتزت بؤبؤة عينه لتظهر مدي التخبط داخله ،ولكنه نهر نفسه علي التفكير بالأمر ،فلا ينبغي عليه أن يرحل ،إتخذ قراره ليقول بجفاء :
‏_مقدرش إنتي عارفه ان مينفعش اسيب البلد.
صاحت والدته بغضب :
‏_علشان ايه ...رد عليا؟..إنت ناوي تفضل دافن نفسك لإمتي وواجع قلبي عليك ؟
‏نظر شرزا لوالدته قبل ان يقف ويتجه للدرج ناويا الصعود لحجرته وما ان هم بالصعود حتى وقف بعد أن استمع ل ابن شقيقته :
_ ‏خالو انا فاكر دايما لما كنت بتقولي انت ابني انا ، في أب بيسيب ابنه في يوم زي ده؟
طافت عليه ذكريات طفولة ذلك الأمير بعقله فهو من اطلق عليه اسمه ،ولا طالما اعتبره ابنا له ليتسم بإشتياق لتلك الايام عندما خطي اول خطواته بمساعدته فأردف بحنان:
‏_ كبرت يا امير عاوز تتجوز
‏حك أمير رأسه بخجل وأردف :
‏ ‏_ الحب بقي يا خالو .
‏أكان عليه قول تلك الكلمة .
‏شعر بالإختناق وأن دموعه علي وشك الهطول نعم مازال عاشقا حد النخاع
‏ليتمتم سريعا قبل أن يصعد :
‏_ماشي يا أمير هاجي معاك .
‏صعد سريعا لحجرته ليلقي بنفسه فوق الفراش يبكي بوجع كطفل صغير .
‏يبكي ولا يخجل ....لا يقول أن الرجال لا تبكي
‏لا يقص علي روحه بأن حزن الرجل زمنه قليل وحبه يذوب مع الوقت .
‏لا بالله عشقه يكبر مع الوقت ،يرتوي مع كل قطرة مطر ...يزهر مع سطوع الشمس .
‏حبه يا سادة تأٓلف روحين وليس مجرد مشاعر سطحية .
‏معشوقته ليست ككل الإناث .
‏أغمض عينيه بألم لذكري هذا اليوم المشئوم الذي فقدها به قبل خمس سنوات .
‏(عودة ليوم الفراق )١٩٨٨/
‏ظل يلكمها ويضربها بقوة أطاحت بجسدها الضئيل .
‏صراخها ...بكاؤها ...وتوسلاتها لم تشفع لها .
‏أصبحت عيناها كتلة شديدة الإحمرار ،
‏صدمتها بأنها تتلقي الضرب والإهانة لا تقارن بوجعها بأنه من يفعل، لا لن تقبل بهذا ....لن تسمح لقلبها بالتألم هكذا لذا .....بدأت بالإنسحاب من وجودها مرحبه بتلك الغيمة التي تجذبها.
‏ كان كالوحش المفترس، عيناه ذئيبية تذيب اعتي الرجال فكيف تتحمل هي نظراته.
‏ شعر نفسه بدوامه ،عقله يكاد يجن كيف لها ان تخونه؟ كيف لحبيبته ان تخدعه....؟ قلبه ينزف ألما ولكن يا للغرابه ينزف من اجلها وليس لما فعلته و كأن قلبه يرفض ان يتهمها ايها القلب الأهوج.... هل لازالت نبضاتك ملك لها رأها متكوره حول نفسها تبكي وتأن وهي فاقدة الوعي حمل كوب الماء من فوق طاولة العشاء التي سبق لها تحضيرها لمفاجأته وألقاه رشفة واحدة فوق وجهها لتشهق بفزع وتتقابل عيناها المرتجفة بذئبيتيه .
‏لم يحتمل رؤياها بهذا الشكل فتركها وهبط مسرعا لأسفل وقف في منتصف الدور الاول من المنزل أمام الدرج يصرخ بكامل قوته ،صرخ ....وأطلق العنان لأنينه ،،كان كالأسد الجريح يزأر ولا يزيد جرحه سوي قوة.
إجتمع من بالمنزل في حالة فزع .
هرول الجميع إليه ليطمئنوا عليه ولكن هو كانت نظراته بإتجاه الدرج ينادي شقيقه :
وليد .....تعالي ....اظهر لي .....
وما إن لمحه بأعلى الدرج هرول وصعد إليه بسرعة قياسية ليجذبه من ملابسه وألقاه من فوق الدرج .
صراخ وفزع سيطر علي الحضور ومن بينهم حمدي ونبيلة اللذان أقسموا أنهم في عداد الموتى إن إكتشف خدعتهم فهم يعرفون مسبقا أن غضبه مخيف ولكنه الآن تحول لغضب قاتل ينظرون لبعضهم بفزع لم يستطيعوا مداراته .
بينما حورية تبكي بفزع وزوجها أكثر المصدومين فتقدم من نبيل الجاثي ليجذب وليد مرة آخري ويهم ليلكمه وصرخ به مستنكراً:
_إنت اتجننت بتمد إيدك علي أخوك ؟!!
صرخ بعنف غير عابيء أنه يحادث والده :
_أه اتجننت وما إن أنهي كلماته حتي لكم وليد ليبصق دما قبل أن يترنح ويسقط أرضا .
لحظات كانت كفيلة ببث الرعب في النفوس .
توقف الجميع عن التنفس وهم يرون الحاج عبدالرحمن يرفع يده ويصفع نبيل صفعة أدمت قلبه .
لم يستطع نبيل أن يقاوم أكثر ليبكي بجرح خيانة شقيقه ،يبكي لفراق حبيبته الحتمي ،يبكي خداعها
ليردف بألم :
_أخويا إلى نهش لحمي وضيع شرفي ،أخويا إلى طول عمري بعتبره سندي وقوتي هو إلى يكسرني
نظر عبدالرحمن وحورية له بتعجب لتهتف بإستنكار حورية :
_مستحيل وليد يعمل حاجة تأذي حد من إخواته وخصوصا إنت ،أكيد في حاجة غلط
لأول مرة بحياته يصرخ بها ويحادثها بقلة إحترام أشعلت النيران بقلب والده :
_وأنتي هتقولي ايه غير كدا، ما أنتي إل مربياه.
هم عبدالرحمن بصفعه مرةثانية ولكن يد قوية أمسكت ذراعه بلطف ،نظر نبيل شرزا لوليد الممسك بذراع والده ليهتف :
_إنكر ...إنكر إن في بينك وبين زهرة علاقة وخنتوني .
هذه المرة لم يستطع أحد حمايته ،فالصفعة الأن من يد وليد غضب احتل صدره ،غيرة أذابته لاتهامها بمثل هذا الإتهام البشع ليردف بصوت حاد غاضب :
_أيوة بينا علاقة ،علاقة أسمي وأطهر من إتهامك ،كنت فاكرك راجل وهتحافظ عليها وهتحميها من الكل ،طلعت أول واحد هينهش لحمها ويأذيها زهرة ال بتتبلي عليها وعليا بإننا خاينين وقبلها ضيعنا إيمانا وزنينا تبقي أختي ،أختي من الأم.
كلمات كالسهام ألقي بها في وجه الجميع ليتراجع نبيل بعدم إتزان للخلف ليقول بتيه :
_إنت كداب ...إزاي إنت أكيد بتكدب .
تقدم منه مرة آخري ليصفعه فيقع أرضا دون أي مقاومة وأهدر بصراخ :
_سهل إنك تصدق خيانتنا وصعب إنك تتقبل إننا إخوات.
هذه المرة كان الدور علي نبيلة المصعوقة م لتتكلم بصدمة :
_زهرة بنت وفاء ؟!
أجابها وليد بغضب :
_أيوة بنت أمي من الراجل إلى اتجوزته في مصر بعد الطلاق ، زهرة بنت الست إلى بتكرهوها.
نظر لوالده وإستكمل حديثه:
وإلى كانت السبب في إحراجك بين كل عيلتك وهي واقفة تقولك طلقني وخد إبنك ،طلقني ولا انت قابل علي نفسك تعيش مع واحدة مجبورة عليك ،زهرة بنتها .
عرفتها أول ما شوفتها ،سنين وانا بدور عليها ،شوفتها لما أمي جت البلد أيام عزا جدي ،حفظت ملامحها ،بس مقدرتش أوصل ليها بعد ماعرفت إن أمي ماتت ، بالرغم إن أمي سابتني وإتخلت عني لكن أنا مجرد ما شوفتها أول مرة إتمنيت نعيش سوا ، لما إتعرفت عليها هنا كانت أسعد لحظة في حياتي وأخيراً هيبقى ليا عيلة .
نظر لهم ولعينان والده تارة و عينان حورية تارة أخرى وإسترسل:
- متشتغربوش عارف إن ليا إخوات بس مافيش منهم حد أقرب ليا من زهرة ، نظر لنبيل بطرف عينيه ليراه جالساً يبكي بصمت فوجه الحديث له :
- كنت إنت أقرب العيلة دي كلها لقلبي، بثق فيك أكتر من نفسي وكنت فاهم إنك إنت كمان بتثق فيا ، بس يظهر إني كنت غلطان .
أنهي كلماته الحزينة بإزالة دمعة خائنة أظهرت ضعفه أمامهم لتسأل حورية بتعجب :
_طب ليه مقولتوش ؟!!بدل ما تسيبوا الشك ينهش فيه كدا ؟
نظر وليد بألم لنبيل وأردف بنبرة يشوبها العتاب :
_قولتلها خلينا نقولهم قالتلي خايفة ليكرهوني أصلا مش كلهم بيحبونى ،قولتلها نظرات وتصرفات نبيل غريبة قالت بيحبني وعمره ما هيشك في حبي ليه.
أغمض نبيل عيناه بألم لتنساب دمعاته كالنهر
إسترسل حديثه لأبيه :
_أكبر خوفها خسارتها ليك ،كانت دايما تقولي أنا عمري ما حسيت إن ليا أب ومش بعد أما ألاقيه أخسره ، هي كانت خايفة وأنا كنت جبان ، أيوة كنت أجبن من إني أقولك الحقيقة.
نظر الجميع لعبد الرحمن حتى نبيل ليروا رد فعله عما سمعه ليجدوه يجلس بهدوء فوق أحد المقاعد ويتحدث بصوت عميق ليصدمهم بما قال:
_ ومين قالك إني مش عارف .
نظر لهم جميعاً ولعينيهم المُنفتحة على أوسعها وإسترسل :
- أنا عارف زهرة من أول لحظة شوفتها، ويمكن من قبلها كمان ، أول مرة كلمني نبيل عنها وعرفت حكايتها وحكاية أمها شكيت أصل أنا بآمن بالقدر ، زهرة شبه أمها يمكن مأخدتوش بالكم من الشبه ده ، لكن زي ما قولت كده يا وليد واحدة أحرجتني قدام الناس صعب أنسى شكلها ولما شوفت قسيمة جوازهم إتأكدت من إسم الأم .
تحدثت حورية بعتاب :
_ طيب ليه مقولتش يمكن كانت النفوس إتراضت ومحصلش بين الإخوات كده ؟
نظر لها أولا ثم لوليد الذي ما زالت علامات الصدمة على وجهه وأشار عليه وأجاب :
_ أنا عمري ما كنت ظالم ، صاحب الحق ياخده ، لكن إنت النقطة الوحيدة في حياتي ال كنت بحس فيها إني ظالم ، كل مرة أشوفك فيها أحس إني ظلمتك وظلمت إخواتك ، ظلمتك لأني محاولتش أدور على وفاء وأخليك تتواصل معاها، وظلمت إخواتك علشان حبك في قلبي أكتر منهم ، كنت عاوزك تتعود عليها ، أنا عارف إنك عرفتها من أول لحظة وهي كمان عرفتك ، كان لازم تاخدوا وقتكم كل واحد فيكم محتاج التاني في حياته .
وقف وذهب بإتجاه نبيل وجلس أرضاً بجواره وإسترسل:
_ لو كانت وفاء جرحت رجولتي وأهانتني فنظرة واحدة في عينك وإني أشوف حب بنتها إتغلغل جوة روحك يشفع لها ، والحق يتقال زهرة بنت زي النسمة تشرح القلب، أنا خبيت الحقيقة علشان خاطرها زيها زي وليد ، علشان يكملوا النقص ال جواهم ، ولأني أشفقت على زهرة كانت خايفة وقلقانة عالطول شافت كتير في حياتها كان لازم تحس بالآمان وإن ده بيتها وإحنا عيلتها قبل أي حاجة.
قاطعته نبيلة متحدثة بسخرية :
_ علشان كده كنت مخلي وليد الدادة بتاعتها.
نظر لها الجميع باستثناء حمدي بإستنكار ليجيبها زوجها بغضب :
_أكتر حاجة كنت عاوزها تتجنبها كرهك ليها ال هيزيد لما تعرفي إنها بنت وفاء ، كان هدفي يقربوا من بعض كل واحد
فيهم يعرف التاني ويقرروا سوا إمتى يقولوا الحقيقة .
نظر نبيل لأبيه بوجع ومازالت دموعه تتساقط ليربت والده على كتفيه وأردف:
_قوم إطلع لمراتك وطمنها، الست ال تخاف في وجود جوزها ووجوده يبقى زي عدمه ميبقاش رٓجل ، قوم أقف على رجليك وإل حصل ده يعلمك إنك تتأكد وتواجه ، قوم وقبل ما تطلع لزهرة إعتذر لأخوك .
_زهرة!!!!
قالها نبيل بصدمة وهو يوجه رأسه وينظر بإتجاه الدرج بجزع وصدمة .
لاحظ الجميع تلك الحركة وهذه النظرات لينظر له والده بشك وجاء ليسأله ليجد وليد يجذبه من تلابيب ملابسه بقوة ويسأله بعنف:
_ إنت عملت فيها إيه ؟
أنهى سؤاله ليرى نظرة بعينيه أعلمته أن ما حدث أمرا جلل ليتركه ويهرول فوق الدرج بإتجاه حجرتها ويتبعه نبيل .
عام ١٩٩٣/
((أريد أن أنسى الوقت ..أن أمحو ما يدور حولي ..لأجل أن أتنفس للحظة ..أريد أن أسافر إلى حيث يُرشدني قلبي.
أين حياتي؟؟ أصبحت وحيد .. الإنسان إلى قلبي يُمزقني ..فلا أستطيع أن أحيا لِغِذائي دونك حُطاماً غارقاً في أحزاني.... فليدعوني أحلُم ..ليدعوني أؤمن بذلك ..أنيّ أستطيع تغيير القصة ..هل حقاً أصبحت بارداً.. ؟؟؟ هل صِرتُ مجنوناً يُحلق كالنسور فوق السراب..؟؟))
عاد نبيل من سيل ذكرياته علي صوت آذان الفجر ليمسح دمعاته المنسابة ويتجه للحمام .
الانكسار إنكسار النفس قبل القلب ،أن تظن شيء بمزيد من العشم والثقة ويأتي أقرب الأشخاص لقلبك يحطم هذه الثقة،لتجد نفسك دون روح ،تنتقي لإنتظار الموت .
........
في إحدى المساكن /
تستطع تلاوة آيات من الذكر الحكيم ما تيسر من سورة البقرة ،يملأ المكان بهدوء للأنفس .
طرقات فوق الباب لنجد طفلا لم يتجاوز السادسه من عمره يهرول إلي الباب ويهتف بحماس :
_أنا هفتح يا ماما ،،وما إن فتح الباب ظهرت فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها ترتدي ملابس بيتيه ليقول بصوت مرتفع :
_ دي نيفين يا ماما ، وكأن اسمها كلمة سحرية لينطلق لأحضانها صغيران آخران لتهتف بمحبة :
_التوأم العسل .
_هما بس إل عسل أنا مخاصمك .
قالها الصغير أحمد بعتاب لشقيقته الكبرى لتحمله بمرح وهي تدغدغه وتقول بحب :
_إنت عسل وسكر يا حمودة .
أنزلته مرة أخري بجانب أخويه وشاهدتهم يعودان لللعب مرة أخرى قبل أن تتوجه إلي المطبخ هاتفة بمرح :
_صباحو عسل يا زوزو.
نظرت لها بإبتسامة :
_صباح الخير ياعروسة
_الله بتكسف .
قالتها بحرج مصطنع لترتفع ضحكتها بمرح وتردف بمشاغبة :
_لأ صدقت .
ضحكت الإثنتان معا لتحدث نيڤين أولا :
_بقولك ايه يا بابا قالي مينفعش أطلب منك ده بس هطلبه عادي .
إبتسمت مشجعة لها لتكمل مردفة :
_عادي ياختي ..خير
عقدت حاجبيها شارحة:
_بصي بصراحة جد وجدة أمير كُبار في السن ، فكنت بستأذنك نعمل الخطوبة هنا في شقتك طبعاً لو ممكن .
أجابتها سريعاً:
_طبعا يا حبيبتي مفيش مشاكل ،وبعدين ليه الأستاذ مدحت بيقول مينفعش هو ناسي إن ده بيته .
تناولت شريحة من ثمار الطماطم وأوضحت بعد أن إبتلعتها :
_هو أه بيته بس دي شقتك إنتي ، وهو عارف إنك بترفضي الإختلاط فكان رافض الفكرة .
وضعت ما بيدها وإستدارت لها بكامل جسدها وأردفت :
_لا يا نيڤين دي مش شقتي أنا ضيفة هنا لغاية ما يجي اليوم ال عبدالرحمن وحور يكبروا فيه ونشق طريقنا ، وهنمشي من هنا .
ظهر الحزن على وجهها فأردفت بعتاب:
_وهتسيبينا يا زهرة ؟
جلست فوق أحد المقاعد وأشارت لها لتجلس هي الأخرى في مقابلتها وإستمعت بعناية :
_يا حبيبتي إنتي هتتجوزي أهو وأختك إن شاء الله تحصلك ، هتبدأي حياة جديدة في مكان جديد ، أكيد هنفضل على تواصل وكل ما نقدر نزور بعض ، أنا حاسة إني تقلت عليكم ، وطبيعي في يوم من الأيام همشي أنا وولادي .
أماءت لها بحزن وتساءلت بألم :
_طب وأحمد إنتي ناسية إنك أمه ؟

زهرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن