الفصل التاسع عشر/
أحيانا يجب علينا الإقتراب من أجل أن نرى الصورة بوضوح ، فما أكثر الألوان البراقة التي تجذب أعيننا وتخدعنا ، ولكن هناك تفاصيل أخرى بين خفايا تلك الصور .
....
مرء الليل وأشرقت الشمس حاملة مفاجئات منها السعيدة ومنها......
إستيقظت بتململ فهي تشعر بآلام حادة في الرأس ، توجهت للحقيبة التي تفاجئت بوجودها جانب الباب لتجد ورقة مطوية فوقها فتحتها بتعجب ثم غزت إبتسامة وجهها وهي تقرأ:
( عارفة إنك جاية من غير هدوم....إقبلي هديتي سلمي )
تفحصت الحقيبة لتري فستانين بحجابهما وبعض الملابس الخاصة وبيجامة بيتية تصلح للنوم وجميعهم لم يستعملوا قبلا.
سعدت لمراعاتها وأخذت الملابس وتوجهت إلي الحمام.
............
بينما في الغرفة المجاورة لها جالس فوق مقعد بالشرفة يتأمل معشوقته التي تلهو مع الأزهار تقص لها همها، ظل هائما بالنظر إليها أن جذبت إنتباهه طرقات علي الباب ليسمح للطارق بالدلوف ، دلفت وعلي وجهها إبتسامة صادقة وتشدقت ب:
- حبيت أشكرك على إل عملته إمبارح.
بادلها الإبتسام وأردف:
- لا شكر على واجب وبعدين إنتي ما شاء الله قومتي بالواجب .
كانت تبتسم بسعادة بالغة وتنظر له بحنان ومحبة تعجب منهما ولكن لم يظهر لها ليجدها تبادر :
- طب تسمحلي أشوف جرحك ، عرفت منهم إنك ضابط ومصاب ، وأهو أبقى رديتلك معروفك .
أماء لها تزامنا مع حديثه:
- إذا كان كده معنديش مانع ، بس عاوز أطلب منك خدمة.
لم تفكر بل نطقت سريعاً:
- أكيد..إتفضل ، أي حاجة أقدر أساعدك فيها من غير مقدمات تقولها وأنا هنفذها.
زاد تعجبه فهذه هي أول مرة يروا بعضهم ومع هذا تتحدث معه بكل هذه الطاقة والإنسانية ، ولكنه نفض عن رأيه التفكير وإسترسل:
- أيا كانت حالتي قولي لأدهم إني بقيت كويس وأقدر أتحرك عادي.
- على أساس إني عيل صغير هتضحكوا عليه.
نظر الإثنان بإتجاه الصوت ليروه واقفا عند الباب الذي تركته حور مفتوحا يتابعهم منذ رأها تخرج من حجرتها ، كانت علامات الغضب بادية على وجهه ولكن بعد أن دققت النظر وجدت أن عياده حمراء كما كأنه كان يبكي ، خرجت من تأمل عيناه على حديثهم الذي يبدوا أنه إشتد فكلا منهم يتحدث بغضب وآلم .
- أدهم أنا...
- إنت جبان.
- أدهم!!!
لم يهتم لغضب صديقه بل أكمل حديثه بقهر فربما هو الآن أمام صديق عمره ، طفولته وشبابه كان أحمد أقرب شخص له ، ولكن هي أيضا شقيقته قطعة منه لذا ثار وغضب من يراه يظن أن هناك شيء كبير وثقيلا دفعه للغضب أكثر من تلك المسألة ، نظر له بغضب بعد أن رمق حور بشفقة لم تفهمها ثم قال :
-بقالك ساعتين بتراقبها من بعيد ومعندكش الشجاعة تتقدم خطوة.
- كفاية بقي ...كفاية .
هتف بها بغضب وإسترسل:
- تعرفوا إيه عن إل عملته ، أنا في نظركم واحد إتقدم لواحدة وأبوها رفضه علشان مش من مستواها وهو آمن بالأمر الواقع.
لأ يا أستاذ أدهم أحب أقولك إن قبل ما أجي أتقدم ؛ والدك زارني بعد ما عرف منك وهددني لو مبعدتش هشوف إل عمري ما شوفته ، ومع ذلك جيت وأنا عارف إني مرفوض ، قولت يمكن لما يلاقيني متمسك بيها يوافق، وإنت بإعتبارك صديق عمري وبوجود خالو وليد هتساعدوني في إقناعه، بس إل حصل كلكم فضلتوا السكوت وهو بيطردني وبيتهمني إني طمعان فيها.وياريت الأمر وقف على كده إنما والدك أذاني في شغلي وترقيتي إتأخرت بسببه ، ده غير شوية البلطجية إلى سلطهم عليا .
- مين قالك إننا فضلنا ساكتين؟؟
قالها بعنف جعل حور تنتفض لتري غضبه قد بلغ منتهاه وقد يشتد الجدال بينهما فحاولت تهدئتهم:
- إهدوا شوية مينفعش كده. ثم أشارت بإتجاه الباب بعينيها ، لينظر كلاهما فوجدوا جورية وقد إنهمرت في البكاء، رق قلبه فهو لم ينم ليلته بسبب ما دار بينهم من حديث وأخذ يسأل نفسه هل يستطيع تحمل رؤياها مع غيره حقا.
ليتقدم خطوة ويتمتم بإبتسامة بعد أن غلبه عشقه :
- بلاش دموع....أدهم عنده حق، أوعدك مش هستسلم.
تحولت دموعها لضحكات خجلة قبل أن تنصرف من أمامهم بسعادة.
تقدم أدهم وقطع المسافة بين رفيقه وتشدق بإنتصار:
- كده أسمحلك ترجع شقتك .
نظر له بغضب وبنبرة تملؤها السخرية أجاب:
- لأ...كتر خيرك الصراحة.
أدار عيناه للواقفة بينهم تتابعهم تحاول إكتشاف معدنهم والتعرف عليهم وأهداها إبتسامة بادلته إياها وأضاف:
- هتبعك معايا يا دكتورة بس لازم تشوفي الجرح بسرعة علشان أقدر أرجع شقتي زي ما أنتي سامعة كده إنطردت.
- من عينيا يا عريس.
تقدم بإتجاه الفراش ليجد أدهم يجذبه من ذراعه ويهمس له:
- لم إبتساماتك وإختصر الكلام بدل ما أخليه أكتر من جرح ومعنديش إخوات للجواز.
صدم أحمد ولكن منع نفسه من الضحك وبطريقة كوميدية ألقي عليه التحية العسكرية.
إبتسمت حور لإستماعها همسه التحذيري وهي تتصنع تفحص العقارات الطبية الموجودة ولم تعلم أنه أراد لها الإستماع ..فهو يكاد يجن مما يشعر على الرغم بأنه يعلم أنهم أشقاء إلا أن ضحكاتها لغيره تُلهب صدره.
بدأت حور عملها في تعقيم الجرح ليتساءل أدهم موجها حديثه لأحمد ولكن عيناه تتابعان ما تفعله هي :
_ هو انت مش هتحضر الحفلة النهاردة .
_يا خبر ... أنا نسيت
قال جملته بصدمة من نفسه وحرك ذراعه فجأة متناسبة جرحه ليتأوه لتمسك ذراعه مرة أخرى بقوة تلفه بالشاش الأبيض ليكور أدهم يده بقوة متابعا لمساتها فتبسم أحمد بخبث وبدأ الحديث بمراوغة ناظرا لصديقه:
_الحقيقة يا دكتورة حور، ولا اسمحيلي أقولك حور بس ونشيل الألقاب إنتي إيدك خفيفة وتقريبا حاسس إن الجرح خف بعد ما صوابعك لمسته ده انا كده أنضرب بقى بالرصاص كل يوم علشان أتعالج تحت إيد دكتورة جميلة زيك كده الواحد يبقى تمام لما يشوف عيونها بس .
إقترب منه صديقه بتوعد وتحدث من بين أسنانه :
_غالي يا حبيبي والطلب رخيص إيه رأيك أبدأ أزودلك جروح من دلوقتي علشان تتعالج بنفس .
إبتسم أحمد وحرك حاجبيه بطريقة مضحكة وتحدث:
_الحقيقة الواحد بعد ما اتعرف بالدكتورة أقصد حور لو مات مش هيفرق معاه .
_بعد الشر
قالتها حور سريعا بصوت بدا فيه الخوف واللهفة ليتعجب أحمد وتختفي إبتسامته ونظر لصديقه بقلق وتوتر ليبتسم أدهم بخفة ويقول بمرح:
_ يالا كان نفسي أنولهالك بس مش عاوز أختي تبقى أرملة .
نظر له بسخط وأردف:
_ مش لما أكتب كتابي عليها أو حتى أخطبها أول ، ربنا يسترها عليا منكم يا عيلة الدمنهوري .
ذهب بإتجاه دورة المياه بينما حور واقفة ترتب العقارات الطبية كما كانت في الحقيبة في محاولة منها لتجنبه ليقترب منها وبثبات جعلها مرغمة النظر إليه فليس من عاداتها التهرب ، مرت ثوان قبل أن يتحدث قائلا :
_أتمنى تحضري الحفلة النهاردة .
فكرت حاجبيها بتساؤل فهي لا تعلم عن تلك الحفلة شيء وقبل أن تسأله أجابها:
حفلة عيد ميلاد بنت عمي باسم وفي نفس الوقت تبقى بنت أخت أحمد رضوى.
صدمت حور مما سمعته هل سوف ترى رضوى أيضاً ، لم تتكبل عناء إخفاء بريق الحماس بعينيها وأماءت له بهدوء وإنصرفت من أمامه .
بينما هو تنهد بآسى وهو يفكر فيما قرأه .
........
بعد ساعتين في حديقة المنزل كان الجميع تقريبا حاضرا
وقفت هي تتابع ذلك الجمع الغفير من نافذة الغرفة وعيناها ممتلئة بالدموع ، فهاهم عائلة واحدة ...عائلة كبيرة ..أعمار مختلفة يبدو أن حياتهم إستمرت ولم يقفوا ينظروا وارؤهم يوما ، علهم إن نظروا وجدوا طفلين يتيمين مكانهم بين ذلك الجمع .
هبطت دموعها وإحتدت نظراتها كلما علا صوت مزاحهم وضحكاتهم .
الجميع فرح ...الجميع سعيد ...الجميع معا ...وهي...هي وأخيها وحيدون ..لا أحد معهم ...ليس لديهم عائلة بل ليس لديهم أسرة ، لا تعترض على أمر الله ولكن تأبى أن تتقبل غدرهم ، لذا وجدت ذاتها تمحو آثار دموعها بقوة وأعدلت من هيئتها وهبطت للآسفل.
..............
كان منتظر قدومها ، يعلم أن وجودها بينهم ثقيل على نفسها بعد ما رأى كم عانت والدتها ويشعر أن ما تبقى كان أعظم ، ولكن هو متأكد أنها تعلم حقيقتهم وأنهم عائلتها لما لا تعرفهم بنفسها، خائفة هي أم تنوي الإنتقام .
إقترب صالح منه وتحدث برتابة:
_قاعد لوحدك ليه يا أدهم ؟
نظر له متفحصا وأجابه بإبتسامة:
_ وإنت قاعد لوحدك من أول اليوم ليه ؟ وجاي دلوقتي تتحجج إنك بتشوفني علشان تهرب منهم لما نادوك ليه ؟
إبتسم صالح ووضع يده فوق كتف أدهم :
_ محدش فاهمني غيرك ، وعلشان كده عاوز أطلب منك طلب .
لم يمهله أدهم فرصة للتحدث وإسترسل:
_هغطي على خروجك قدامهم وهفهم عمو وليد إن وراك شغل علشان ميزعلش منك ، أنا عارف إنك هنا علشان خاطره ، لكن عمو محمود وطنط منار مضمنش رد فعلهم ، المرة ال فاتت مامتك إتهمتني إني قاصد أعمل كده علشان أفضل أنا الكبير .
عبس صالح وتحدث بسأم :
_ أمي مش هتتغير يا أدهم ، بس أقولك إنت فعلا الكبير مش محتاج موافقتها، وبعدين لو فكرنا بالعقل هنلاقي عمو وليد بيعامل كل الشباب زي بعض وموعدنا دايما نبقى جمب بعض وسند وقوة واحدة ، متركزش مع أمي .
أرجع أدهم ظهره للخلف وعيناه تتابع تقدم حور وهو يسأله:
_ وإنت يا صالح هتفضل حابس نفسك في القوقعة دي كتير ، ال حصل قدر قسمة ونصيب لازم ترضى بقضاء ربنا وتعيش حياتك .
لاحظ صالح نظراته ورأي فتاة غريبة ولكن لم يسأل بل وقف قائلا:
_إحساس الذنب مميت بيقتل الإنسان وهو عايش ، لما أقدر أسامح نفسي هقدر أصالح الحياة وأعيش من تاني .
إقتربت حور من أدهم ليقف مشيرا لها بالتقدم معه حتى يعرفها بالجميع .
توقف الحديث بينهم وهم ينظرون لتلك الغريبة بينهم لتتحدث سمية بود :
_تعالي يا بنتي أقعدي ، أقدملكم يا جماعة الدكتورة حور .
_حور !!
نظرت حور بتعجب للهامسة بإسمها لتجد إمرأة ملامح وجهها بسيطة بأعين براقة وبجانبها رجل يشبه والدها كثيراً، حين أطالت النظر إليه تحدث بإبتسامة:
_ أهلا يا دكتورة ، متتعجبيش أصل نيڤين بتحب إسم حور جدا وكان نفسها نخلف بنوتة وتسميها حور بس ربك مأردش غير بإبننا الوحيد نبيل .
أنهى حديثه مشيراً لولده لتتبع حور إشارته بصدمة وحنين فذكر إسم والدها جعل دقات قلبها سريعة الوتيرة .
إقتربت فتاة في مقتبل العشرينات متحدثة بإبتسامة :
_ أقدملك نفسي أنا مروة أدهم ياريت نبقى أصحاب .
صافحتها حور بإبتسامة حذرة لتتفاجأ بشاب يقول بضحكة عالية :
_متصدقيش إنها طيبة وكده دي جاية عاوزة تستغلك أكمنها في كلية طب وعاوزة تاخد خبراتك مش سهلة مروة برده .
نظرت مروة لطه بحنق ليردف نائل:
_ وإنت ياعني سهل ما أنت نزلت تدرب وتعرف كل حاجة عن الأرض علشان لما تخلص دراسة ، لأ وكمان عاوز تقدم ماجستير ياعني بتحاول تستغل كل الفرص المتاحة ليك علشان تبقى متفوق في مجالك ، كله بيدور على مصلحته ولا ايه أدهم ؟
ضحك الجميع على تعبيرات وجه طه الذي أراد إغاظة إبنة عمه فرد له إبن عمته الصاع صاعين .
نظر أدهم لحور ليجدها مشتتة فإبتسم قائلا:
_قدامك وقت طويل تتعرفي عليهم كلهم وتحفظيهم كمان .
نظرت له ليقاطع سيل نظراتها مشيراً لإحداهن قائل:
_ بس المهم دلوقتي تعرفي برينسيس عيلة الدمنهوري أصغر حفيدة وصاحبة الحفلة كنزي هانم .
إنحنت كنزي صاحبة الخمس عشر عاما بفستانها الأصفر في حركة إستعراضية قائلة:
_شكرا شكرا يا أبيه ، إعتدلت في وقفتها قائلة للجميع بحنق :
_ شايفين أبيه أدهم رافع بريستيجي إزاي ، وإنتوا عمالين تقولولي أوزعة وبكة صغيرة ، إتعلموا منه .
جذبها وليد وأعطاها هدية قائلا:
_إنتي بطة وأوزعة ملهومش حق ده إنتي ست البنات .
شكرته بسعادة لتتمتم نورا بغضب مصطنع وهي تقف أمامه :
_ على فكرة يا عمو كده تفرقة عنصرية وأنا وباقي البنات هنعمل مظاهرة نطالب فيها بتسوية الحقوق في البيت ده .
جذبت شقيقتها مروة وإبنة عمها سهر وأيضا جورية وأسيل وندى ورقية وسلمى ، ثم أكملت حديثها :
_ دلوقتي يا بنات إحنا هنعمل إعتصام ومش هنسيب حقنا .
_فعلا يا نورا ، بص يا بابا أنا موافقة جدا على الإعتصام ده وكمان هنقدم فيه قايمة بطلباتنا تعويض عن حقنا المهدور.
نظر وليد لرقية مردفا بصدما:
_ بت إنتي بتستغلي الموقف صح ؟
أماءت له إيجابا بإبتسامة وتحدثت بهمس مسموع:
_معهلش بقى يا وليد يا حبيبي المصلحة تحكم .
ضحك الجميع عليها لتضيف ندى :
_ لأ ثواني كده البت نورا الجدعة ال فتحت دماغنا على حاجة مهمة ونقدر نستغلها لصالحنا عندها حق إحنا حقنا مهدور ولازم ولا بد نطالب بحقوقنا .
أشار أدهم لحور بالجلوس على أحد المقاعد بعدما رأها واقفة تنظر لهم بتعجب وهناك بعينيها ألم لا يراه غيره ثم تحدث :
_وإيه هي طلباتكم علشان ندخلها دراسة الجدول ، ماهو إنتم مبتتلموش على بعض إلا ما يكون بينكم إتفاق .
نظرت چورية للبنات المصدومة وضحكت بصخب وأردفت :
_ والله يا أدهم قولتلهم مش هتعرفوا تضحكوا على أدهم وهيفهم إن وراكم حاجة.
تساءل أشرف بتعجب :
_ إنتوا عاملين ظاهرة علشان تطلبوا من وليد إيه ؟
جلست نورا بجانبه وأردفت :
_فيك من يكتم السر يا حج أشرف .
حرك أدهم رأسه بيأس من إبنته بينما أشرف أماء لها إيجاباً:
_ في بير يابنت أخويا .
حمحمت نورا وتحدثت وهي ترمقهم بتوجس :
_عاوزين نطلع رحلة تبع كلية زهرة .
_زهرة!!!
نطقت بها حور بذهول لم يسمعها سوى أدهم الجالس بالقرب منها ليشير لإبنة عمته لترى حور فتاه جميلة ولكن يبدو عليها الخجل والهدوء .
سألت نوارة إبنتها بتعجب :
_ إنتش مش قولتي مش هتطلعي الرحلة دي ؟!
توترت زهرة عندما تحولت جميع الأنظار إليها وتحدثت بخفوت:
_ أنا مقدرش أروح لوحدي علشان كده قولت للبنات لو حابين يطلعوا معايا .
وقفت نورا مرة أخرى وإتجهت لوليد قائلة:
_ وطبعا يا عمو زهرة دي حبيبة خالها مينفعش تزعلها فإحنا بقى بنقدم طلب موافقة جماعية وإحنا عارفين إن أدهومة العسل بابي الجميل هيقتنع وعمو محمود كذلك لو إنت قولتلهم وعليك بقى تقنع عمو حمدي .
نظر وليد بحنان لإبنة شقيقته وتساءل:
_ إنتي عاوزة تطلعي الرحلة يا زهرة ؟
نظرت إليها الفتيات وأماؤا لها إيجاباً لتتحدث بتوتر :
_الحقيقة أنا لما قولت لبابا وماما وافقوا لكن أنا كنت مترددة ، لكن لو البنات طلعوا معايا هكون مبسوطة .
إبتسم لها وليد بحنان ونظر لأدهم وشقيقه محمود ولحمدي وتحدث:
البنات هيطلعوا الرحلة مع بعض وأهو ياخدوا بالهم من بعض ويغيروا جو .
وما إن أنهى حديثه هتفت الفتيات بصوت واحد :
_بتحبوا مين ... وليد ...وتحيوا مين .. وليد .
علت ضحكات النساء والفتيات بمرح بينما في قلب كل شاب نار تشتعل .
شعرت حور بالألم في قلبها وأن أنفاسها تضيق ولم تعد تستطع الجلوس معهم أكثر من هذا لتقف فجأة جاذبة الأنظار إليها قائلة:
_ أنا بستآذن هطلع أرتاح شوية ، كل سنة وإنتي طيبة يا جميل في أقرب فرصة هجيبلك هدية تليق بالأميرات .
لم تعط أحدهم فرصة للتحدث وذهبت من أمامهم سريعاً وكأنها تهرب من أحدهم ، ولكن الحقيقة هي تلوذ بالفرار من مشاعرها المختلطة .. تريد الهروب بعيدا عن رؤايهم .
كانت تريد الصراخ بهم ..أن تقول من حقي أيضا الدلال ..من حقي أن أرى الحب بأعينكم ...من حقي أن قلبي يكن نقيا ..لا يتلوث بذكريات مؤلمة .. كانت تريد الإرتماء بأحضان وليد وتبكي .. تبكي حرمانها من والدها .... تبكي دموع والدتها ..تبكي مرض والدتها وموتها ..تبكي آلامها ...تريد أن صرخ وتنهش بمخالبها في وجه حمدي وتقتص لكل شيء فعله ...هو يعيش حياته بين أبناؤه وعائلته سعيدا ووالداها تحت التراب .
شعرت أن مبادئها وإنسانيتها في مهب الرياح ، إقتدت شعلة الإنتقام بقلبها .
وصلت لغرفتها وأطلقت العنان لدموعها..بكت وبكت .. حين وصلها صوت غناؤهم فيبدوا أنه وقت تناول حلوى عيد الميلاد وضعت وجهها بالوسادة وصرخت صرخة مكتومة متآلمة وتكورت على نفسها .
بينما في الأسفل تركهم وخرج من المنزل بأكمله والحزن يطوف قلبه قبل عينيه ، كان شاردا أثناء الطريق يفكر كيف يساعدها ليجد نفسه أمام مقبرة العائلة فجلس بجانب قبر جده وعمه نبيل وأردف بألم:
_ تفتكروا هبقى قد المسؤلية وأنصرهم ولو مرة في حياتهم .
................
جالسة فوق فراشها تتفحص هاتفها علها تجد منه رسالة لتتأفأف بتذمر وتهتف بحنق :
- بقي كده يا جاسر هونت عليك.
وما هي سوى دقائق حتي أعلن هاتفها عن إتصال أجابته بتلهف وصوت مضطرب :
- أنا زعلانة منك..كل دي غيبة ، حتى مجيتش النهاردة الحفلة .
وصلها صوته يردف بعمق :
- وأنا ميهونش عليا زعلك ، مع إن زعلي عادي بالنسبة ليكي.
أجابته بلهفة:
- متقولش كده ، إنت مش عارف بحبك قد إيه والكل يزعل إلا إنت.
وصلت لأذنها صوت ضحكاته وحديثه الجذاب:
- خلاص ياسيتي وأنا الليلة هصالحك بنفسي.
تعجبت من كلامه وسألته سريعا:
- الليلة !! إزاي؟؟!
- ده سر ..يالا أشوفك بعدين.
أغلقت الهاتف بقلب فرح ولم تدرك نبرة الدهاء بصوته ؛ فحبها له سلب كل ذرة من عقلها ولم تمهل نفسها التفكير وسلمته ثقتها الكاملة...
ولكن ستدفع ثمن هذا غاليا.
........
كعادتها في الآونة الأخيرة تتجنب المكوث مع أحد ، بإستثناء حفلة اليوم لم تستطع أن لا تحضر ،ولكن ليس معني أنك تريد البقاء وحيدا أن يتركوك وحيدا.
فتح باب غرفتها لتتساءل فيروز:
- قاعدة كده ليه؟؟
أجابتها ببعض الملل فهي حينما وجدت فرصة مناسبة للإنسحاب من بينهم صعدت لغرفتها حتى تختلي بنفسها قليلا ، تعلم أنها مكثت لإنتهاء الحفل وإنصراف الجميع ولذا تستطيع أن تستشف غضب والدتها فأجابتها بهدوء:
- عادي يا ماما هعمل إيه؟
نظرت لها بغضب وتحدثت آمرة:
- تقومي تشوفي خطيبك فين وتقعدي معاه وتتكلموا في التجهيزات.
وقفت مصدومة من حديث والدتها وأردفت :
- التجهيزات!! تجهيزات إيه؟ أنا مش هتجوز أدهم .
لم تهتم لما قالته وتحدثت بسخرية:
- الكلام ده منتهي .
- لأ منتهاش يا فيروز .
رجت أرجاء الغرفة إثر صوته المرتفع ولكنها ثبتت بإستماتة أمامه وأردفت بدفاعية:
- على فكرة أنا أمها وبدور على مصلحتها ، وجوازها من أدهم أفضل حاجة هتحصلها.
نظر لها بسخرية وعنفها قائلا:
- بتعيدي الزمن تاني، نفس إل كانت بتعمله خالتك علشان تقربك من نبيل بتعمليه ، كل الكلام إل أمك قالتهولك بتقوليه لبنتك.
بس إنتي مش هي يا فيروز وأنا مش هسمح لحد يغصب على بنت من بناتي بحاجة طول ما أنا عايش .
- إنت....
رفع يديه أمام وجهها يمنعها من الإسترسال وأضاف بتحذير:
- الكلام في الموضوع ده منتهي وإياكي أسمعك تتكلمي فيه تاني، ومش معني إني سكت على عملتك إنتي وحمدي ومعرفة كل الناس بخطوبة مش حقيقية إني هفضل مستحمل غلطاتك ، سلمي مش عاوزاه يبقي خلاص، وبعدين إزاي قابلة تفرضي بنتك على واحد مش عاوزها.
إمتلأت عيناها بالدموع وتحدثت:
- أنا فاهمة إن سعادتها في جوازها من واحد زي أدهم.
إقترب منها مزيلات الدمعة الساقطة من عينها وأردف برفق:
- سعادة بنتك يا فيروز هتبقي مع إنسان تختاره عن إقتناع مش جواز بالغصب، واحد يحبها كده زي ما بحبك.
كست وجهها حمرة الخجل لتقول بعتاب مصطنع:
- وليد...سلمي واقفة عيب كده.
إبتسم لها وتحدث بمشاغبة :
- يا سلام ...بس كده ثواني ، بت يا سلمي خدي الباب وراكي .
نظرت لهم بصدمة وتمتمت بطفولية وهي ترحل:
- دي أوضتي عالفكرة.
- بتكلمي نفسك!!
- بسم الله الرحمن الرحيم! إنتي بتطلعي منين ؟
ضحكت على رد فعل شقيقتها وأردفت بمرح :
- كنت جايالك أونس وحدتك الحق عليا.
ضحكت سلمى قائلة بمزاح:
- أختي أختي ياعني مافيش كلام
إحتضنتا بعضهم وتساءلت رقية :
- طب إيه هندخل الأوضة ولا هننزل تحت.
نظرت لغرفتها بتأفف وأردفت:
- لأ يأختي هننزل تحت ،أوضتي إحتلوها .
تعجبت من قولها وتساءلت:
- هما مين دول ؟!!
أجابتها بإبتسامة عذبة :
- روميو وجوليت.
هبطوا لأسفل تصحبهم ضحكاتهم المحبة والفخورة بحب والديهم لبعضهم البعض
..............
ربما أقرب الأشخاص إليك هو أكثر من يؤذيك ، وحينها ستعلم أن تلك الأذية ستبقى محفورة بقلبك أبد الدهر .
مر اليوم ولم تغادر حجرتها وخاصة بعد علمها أن هذه حجرة والدها لصورته المعلقة على الحائط كانت ونيسها أرادت أن تنعم ببعض السكينة علها تستشعره بجانبها.
أما أحمد فقد عاد شقته على موعد اللقاء مجددا اليوم التالي لإعادة طلبه.
وبالنسبة لأدهم كان مشغولا بأعماله المتوقفة منذ أيام بسبب إصابته ولكنه إقتطف الوقت وبدأ في إستكمال قراءة تلك المذكرات.
.........
كانت بحجرتها حائرة ها هو إنقضي اليوم ولم تره كما وعدها.
نظرت بحنق وهي تلقي الهاتف فوق الفراش بعدما حاولت الإتصال به عدة مرات ولم يجب.
إتجهت إلي الباب بعدما وصلها صوت طرقات لتقول بتأفف ظنا منها أنه شقيقها :
- طيب يا ما.......
بترت كلمتها بعد أن فتحت الباب لتجده أمامها، دفشها برفق ودلف وأغلق الباب خلفه.
...........
(صباحا)
صراخ وأصوات عراك أيقظها فزعة لترتدي ملابسها في عجالة وهبطت مسرعة لتري الوضع كالتالي....
أدهم ووالده متأهبان لبعضهم من يراهم يظنهم ألد الأعداء ، وليد يحاول تهدئتهم، سميرة تبكي وتحتضن إبنتيها المنهارتان من البكاء.
صرخ حمدي به بعدما أبعد وليد من أمامه:
- إنت فاهم إنك كبرت عليا؟...دول بناتي أنا وأنا بس إل من حقه يقرر.
كان على حافة التهور يستطيع أن يبتعد عن إيذاء والده بخطوة واحدة متبقية لكيله أن يفيض وهو إحترامه لنفسه ، فصرخ به بقوة :
-بناتك؟!!....تعرف عنهم إيه؟؟ أنا إل صاحبتهم وراعيتهم وكنت معاهم ثانية بثانية.
وإنت مشغول وعمرك ما فكرت واحدة فيهم محتجاك ولا لأ.
شعر وليد بأن أدهم أوشك على الفتك بوالده فأردف سريعا:
- إهدي يا أدهم ، ميصحش تعلي صوتك على والدك .
مسح أدهم وجهه بعنف وتساءل بحدة غير مقصودة:
- عاوزني أفضل ساكت وأنا شايفه بيضربهم لمجرد إنهم عاوزين يختاروا الشخص إل هيرتبطوا بيه وده أبسط حقوقهم.
نظر وليد بإستنكار لحمدي وتحدث في محاولة لتهدئة أدهم :
- محدش قال كده بس بالعقل.
تملكه الغيظ من أفعاله ، كما أن لما قرأه تأثير فهو يعلم أن والده شيء الطبع والخلق ولكن صدمته بما أراد فعله في زوجة أخيه جعلت منه وحشا يريد أن يفتك به فتحدث بكل قوته في إستنكار:
-والعقل بيقول إنه يرفض أحمد ومازن.
أجابه حمدي بصراخ:
- أيوة ...أرفضهم لما يبقوا طمعانين فيهم.
- طمعانين!!! هو ده رأيك فيا وفي إبني يا خويا؟
- أيوة يا مني ؛ إبنك إل جاي طمعان في بنتي وضحك عليها زي ما أبوه عمل معاكي.
لم تستطع تحمل ما قاله لتصرخ به بعنف:
- سيب أبوه في حاله ومتجيبش سيرته على لسانك ، أهو مات وسابني أتقهر من بعده وسطيكم.
- إهدي يا مني حمدي ميقصدش هو بس متعصب .
- لأ يا وليد حمدي يقصد كل كلمة قالها وأنا هريحه مني ومن ولادي وهنسيبله البيت.
إقترب منها وليد سريعا محاولة أن يسيطر على إنفعالها فتحدث برفق:
- بيت إيه إل تسيبيه يا مني ؟ إنتي قاعدة في حقك وفي خير أبوكي الله يرحمه.
نظرت له بإحترام وتمتمت بإمتنان :
- تسلم يا خويا، بس أنا مش هستني لما يطردنا كفاية إهانة أكتر من كده.
صعدت للأعلي عازمة على تنفيذ ما ألقته بوجههم بقهر ، فتوجهت لحجرة إبنتها تناديها:
- أسيل...أسي......
بترت حديثها بصدمة حينما وجدت إبنتها عارية إلا من ملابس تغطي عوراتها،وهناك بقعة من الدماء فوق الفراش.
أنت تقرأ
زهرة
Romanceقصة عشق بين طرفين مع كل إفتراق يشتد عضد عشقهم أكثر كانت تائهة في الحياة لا تعلم كيفية التنفس بحرية ليدلف حياتها ويحولها إلى طائر محلق في سماء عشقه. بينما هو كان جاد في حياته ، كانت تثير ريبته وغضبه وما إن أعلن قلبه التمرد حتى أصبحت أثمن من أنفاسه و...