الفصل السادس عشر (الوداع)

476 34 7
                                    

الفصل السادس عشر/
((عندما نستيقظ صباحاً ونقوم بفتح النافذة ليتسلل الضوء لغرفتنا مع نسمات الهواء الباردة التي تنعش أنفسنا ، نبدأ اليوم بنشاط وأمل أن تستمر تلك النسمة الباردة المُصاحبة للهدوء الذي يتخلله زقزقة العصافير، ولكن بعد أربع أو خمس ساعات تبدأ حرارة الشمس تنسينا متعة تلك النسمة الباردة ، وزحام الأصوات بالشارع يشتت هدوء أرواحنا، وهكذا ما حدث معي ، كنا بالطريق ذاهبون لحياة جديدة وآمال نسجتها بين أضلعي، شعرت بنسمات الهواء الباردة تلفح وجهي وتتخلل لداخل أعيني تمحي آثار ما علق بها من دموع ذرفتها في كامل ما عشت من عمر ، كنت أنظر إليكم وأنتم مستغرقين في النوم وأتخيل كم ستكون حياتنا هادئة وجميلة من الآن ، أنظر لأبيكم وهو يقود السيارة بهدوء تام محاولا أن لا يظهر الصراع بداخله وكأنه يرسم الطريق ، وأنا كطفلة أريد فقط إتباع نقشة يده ، كل تلك اللحظات أعطتني أملا ولكن كما قولت نسمات الهواء المنعشة تأتي أشعة الشمس الحارقة تزيل أثرها ))
( بعد مرور ساعتان)


تجهزت زهرة وأطفالها وجمعت كل ما يخصهم وخرجت من المنزل برفقته.


لم تعترض على قراره بعدم توديعهم.


ذهبوا معا آملين في حياة جديدة نازعين منها الآلام ، طاويين صفحات الماضي. ولكن كما يقال تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.


ومن نحن لنتحكم بالقدر.


إستمر بقيادة السيارة ساعات حتي وصل أخيرا لوجهتهم.


وصل لمنزل مكون من طابقين يحاوطه حديقة ؛ سعد الطفلان كثيرا وكانت هي أكثر سعادة منهم فها هو منزل أحلامها.... منزل يضم أهم وأغلى الأشخاص على قلبها، يعيشون معا وحدهم بعيدا عن الجميع، يبنون حياة أبناؤهم سويا.


دلفوا للداخل فوجدوا المنزل به الأثاث ولكن لم يرتب بعد ، كان الدور الأول يضم المطبخ وحجرة للطعام وحمام وحجرة إستقبال.


والدور الثاني لغرف النوم.


نظرت له بسعادة وتعجب وتساءلت:


- لحقت جهزت كل ده إمتي ؟؟!!!!


تنهد بأسى وأجاب:


- البيت ده أنا جهزته بعد ما خلصتي ثانوي على أساس نقعد فيه وتقدمي في جامعة القاهرة ، ولما حصل إل حصل إحتفظت بيه .
كان يتحدث والحزن من ذكرى مؤلمة يطارده بينما هي توسعت إبتسامتها فرحة وأردفت بتساؤل:


- طب ليه مقولتليش عليه بعدين؟؟!
إبتعد.عنها قليلا وكأنه يهرب من شبح الماضي وأجاب في عجالة :


- خفت تكرهيه لأنك مكملتيش دراسة وكان في إمكانك تدخلي طب زي ما كنتي بتتمني؛ حسيت بالذنب من ناحيتك إن حلمك ضاع بسببي، انا جهزت البيت ده على أساس نستقر فيه ، انا كنت عارف إنك مش مرتاحة هناك وكنتي بتتمني يبقالك بيت لوحدك تتحركي فيه بحرية وده حقك ، كل جزء من الفرش ده اختارته بنفسي وانا بتخيلك كنت عاوزه يطلع زي ما بتحلمي ، لكن بعد ظلمي ليكي قولت أكيد هيبقى بيت الكوابيس بدل ما يكون بيت أحلامك .

زهرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن