البارت الثالث
القرار المتهور
تقدمت ندي بخطوات قليلة جدا، ثم تمعنت في النظر إلي ما رأت، وقد وجدت مازن ينام علي صدر امرأة غاية في الجمال وترتدي تنورة سوداء وسترة من اللون الأبيض وتملس بأناملها الصغيرة علي خصلات مازن بحنان جارف، ثم اقتربت ندي ببطء؛ حتي لا تثير انتباههم لها، ثم استمعت إلي ما يقولنه، حيث هتف مازن بحزن جارف، قائلاً
" لا استطيع التحمل اكثر من ذلك، فاطمة".
أجابت فاطمة بحنان، قائلة
" لا تقول ذلك مازن، أنت قوي بالقدر الكافي لتحمل كل هذه الصعاب".
ابتعد مازن عن صدرها ونظر إلي عيونها، قائلاً
" أنا أحبك كثيراً".
اقتربت منة فاطمة، قائلة بابتسامة وسعادة
" وأنا أيضاً".
استمعت ندي إلي ذلك الحديث الذي قام بتمزيق قلبها الي إشلاء، ثم أسرعت الي سيارتها وهي ترقد بسرعة فائقة ولا تستطيع الرؤية بوضوح؛ حتي اصطدمت سيارتها بالشجرة من أمامها، ثم ترجلت ندي السيارة ونظرت إلي السماء بحزن وبكاء مرير في ما رأته، قائلة
" يا الله، لا استطيع التحمل، قلبي هذا هو ما وصلني لذلك الشعور لقد دمرت مشاعري، اشعر وكأنني أفقد حياتي أيضاً لا استطيع العيش يا الله، يا الله الرحمة من عندك التي تفوق كل الخيال، اللهم أخرجة من قلبي دون راجعه يا الله، أنه لن يكون لي في يوماً من الأيام، لا استطيع رؤيته مع فتاة غيري، لا استطيع التحمل"، ثم أجهشت في بكاء مرير وهي تنظر إلي السماء وجلست علي ركبتها ونظرت إلي السماء بوضوح رغم ترقرق الدموع في عيونها، ثم استمعت إلي دق هاتفها في السيارة ولم تجيب عليه ولا تتحرك من مكانها أبدًا، ثم استمر الدق عليها كثيراً وهي لم تجيب عليه أبدًا، وظلت هكذا طويلاً تناجي ربها أن يخرج حب مازن من قلبها الذي لا يحبها أبدًا، وقامت من مكانها بقوة عكس ما كانت تجلس ويكتسحها الضعف والزل والخذلان، ثم ذهبت إلي سيارتها وانطلقت حيث القصر التي تعيش بيه مع والديها، وعندما دلفت إلي بهو القصر، أسرعت إليها أمل بخوف شديد، قائلة بلهفة
" أبنتي ندي، ما بكِ يا عمري"؟!
نظرت لها ندي بدموع وهي لا تستطيع الصمود أكثر وتحاول إيجاد عناق قوي يخفف عن آلامها في معرفتها بحقيقه مازن حبيب طفولتها، ثم أردفت
" أمي، أنني أريد أن أنم في أحضانك، لا أريد التحدث حالياً، هل استطيع"؟
أومأت لها أمل بحنان أموي صادق، وجذبتها إلي أحضانها بقلق وحزن علي ملامحها التي توحي بالبكاء طويلاً، ثم ذهبت بها إلي غرفتها وجلست علي الفراش معها وضمتها إلي أحضانها بحنان وهي تملس علي خصلات شعرها بحب، قائلة
" أنا لا أريد معرفة ما بكِ ابنتي؛ ولكن أريد أن أخبرك بشيء مهماً للغاية".
نظرت لها ندي باستغراب، ما هو الشيء المهم في ذلك الوقت، ثم هتفت امل بحزن وهي تعيدها إلي أحضانها مجدداً، قائلة
" أنا لا استطيع العيش بدونك ابنتي، أنتِ الفتاة الوحيدة لدي ولم انجب أطفالاً غيرك، وهذا أمر الله ولا اعترض أبدا؛ ولكنني لا استطيع رؤيتك بهذه الحالة ابنتي، أنا اعمل جيداً أنكِ تحبين مازن للغاية، منذ طفولتكم وأنتم سوياً حتي ترعرعتم سوياً أيضاً، لا أريد أن تبقي حزينة طوال عمركِ لأنكِ لا تستطيعِ أن تحبي رجلاً آخر، فقد أخذ مازن قلبكِ"، ثم ضمتها إليها بقوة، قائلة
" أنا سوف افعل ما في وسعي، حتي تقوم هذه الزيجة".
هزت ندي رأسها برفض، ثم هتفت بصوت مبحوح، قائلة
" لا أريد أن أتزوج به عنوة عن أمي، تفهمي الأمر".
اقتربت منها أمل بحنان، قائلة بهدوء
" فقط ارتاحي الآن، يجب عليكِ النوم وعدم التفكير بما سيحدث أبدا".
أومأت لها ندي بهدوء، فهي متعبة للغاية ولا تستطيع التحدث وتريد النوم والهروب من الواقع الأليم التي علمت به أن حب عمرها لديه حبيبة أخري غيرها ولا يريد أن يتزوج بها بحجة أنه يعتبرها مثل أخته أروي، وهي لا تريد أن تكشف سرة ولا تريد أن يظهر بمظهر سيئ أمام الجميع، ثم غفت في أحضان والداتها وهي تحارب الكثير من الأفكار التي تراودها بكثرة.
في قصر عائلة مازن
دلف مازن إلي القصر في وقت متأخر للغاية، ثم وجد والده ينتظره في بهو القصر وعلي معالم وجهة الغضب الشديد، ثم اقترب منه بضيق، قائلًا
" ما هذا التأخير، إلي أين ذهبت"؟!
نظر له مازن بضيق، فهو ليس بمزاج جيد للنقاش مع والدة في أي شيء، ثم أردف
" أبي، أرجوك لا أريد التحدث حالياً".
نظر له يحيي بضيق، قائلًا
" أنا من أقرر، متي يمكنك التحدث، من الواضح أنني تسالمت معك وأنت يجب عليك أن تعود إلي رشدك مجدداً".
عقد مازن جبينه باستغراب، قائلًا
" ماذا حدث لكل هذا الغضب أبي"؟
نظر له يحيي بضيق، ثم اقترب منة بهدوء، قائلًا
" أريد أن تتزوج من ندي ابنته عمك حسين، ولا أريد الرفض هذا أمر ليس خيار لديك".
نظر له مازن بذهول، منذ متي والدة يفرض عليه شيئاً هكذا، وخاصة في أمور الزواج، هو لا يستطيع أن يقبل بهذا أبدًا، ثم اردف
" أبي، أنت لا تفرض علي أي شيئاً قبل ذلك، ما الأمر"؟!
اقترب منة يحيي، ثم جلس علي المقعد بجانبه بتعب شديد، فهو دائما يمرض من الغضب والعصبية المفرطة، ثم أردف
" أبني أريدك أن تسمع ما أقوله دون رفض أبدًا، أنا أدرك ما يناسبك في هذه الحياة، وأنت لا تعلم ذلك".
أنفجر مازن غضباً، ثم هتف بصوت مرتفع
" أبي، هذه ليست صفقة في العمل وأنت تعلم ما يناسبني بها، ذلك زواج وأنا لا أري ندي سوي أختي فقط، لا أريد أن أراها غير ذلك أبدا، تفهم الأمر والدي".
أجاب يحيي بغضب كاسح، قائلاً
" أنا أخبرتك بما سيحدث وانتهي الأمر، سوف نذهب في الغد للتقدم لخطبة ندي".
هز مازن رأسه برفض وغضب، قائلًا
" أنا لا أريدها أبي، وهي أيضاً كذلك، ما سمعت اليوم من رفضها وخروجها من أمامنا علي مائدة الطعام الم تسمع بإذنك ما تحدثت به قبل خروجها إلي الحديقة".
أومأ له يحيي بتفهم، ثم أردف
" أنا اعلم ما تحدثت به ندي جيداً؛ ولكن الحقيقة غير ذلك، فهي تحبك بشدة منذ الصغر والجميع يعلم ذلك، سوف تندم أن لم تأخذ هذه الفتاه لتكون زوجتك، فهي من اصل طيب ونحن نعلم من هم عائلتها وسوف نقوي العلاقة بينا وبين عمك حسين في العمل وفي المنزل أيضاً".
صرخ مازن بغضب وقوة، قائلا
" أبي، أنا لا أريدها ولا أستطيع أن أتزوج بها أبدا، تفهم الأمر وأن لم تتفهم بهذا يعود إليك، أنا لا استطيع الزواج من فتاة لا احبها وأيضاً من أجل العمل لا استطيع، هذا الأمر أصبح مستحيل، ندي مثل شقيقتي ولا يمكن أن تكون غير ذلك قط".
نزلت دعاء باستغراب من الصوت المرتفع في الوقت المتأخر من الليل، ثم اقتربت منهم، قائلة بنعاس
" ماذا يحدث هنا؟! ما الأمر"؟
نظر لها يحيي بحزن، ثم نظر إلي مازن الذي كان يقف والغضب يتطاير من عيونه بشدة، ثم هتفت دعاء مرة ثانية، قائلة بقوة
" ما الأمر اخبروني، لما الصياح في هذا الوقت المتأخر"؟!
أقترب منها مازن، ثم هتف بغضب
" لا أريد الزواج من ندي، أمي".
عقدت دعاء جبينها باستغراب، هاتفة
" لماذا، ندي فتاة جميلة ولديها الكثير من المميزات التي تجعل جميع الرجال يرقدون إليها، ويريدون الزواج منها".
أجاب مازن بضيق، قائلا بغضب فهو دائما يري والداته تقف بجانبه بعيداً عن والدة الذي كان يفرض علية بعض الأشياء في حياته؛ ولكن والداته كانت تقف بجانبه دائمًا في أي قرار يأخذه وتقنع والداه بذلك، وأصبح الأمر مقعدًا والداته لن تقبل أن تساعده أبدا، ثم اردف
" أمي العديد من الرجال يريدون ندي، لكن أنا لا أريدها، تفهمي الأمر أنتِ أيضاً ما هذا الهراء لا اصدق بتاتاً".
اقتربت منه دعاء بحنان، ثم كورت وجهة بين يديها الناعمتان، قائلة
" حبيبي، ندي ليست فتاة سيئة، وفوق ذلك هي تحبك كثيراً، لما الرفض"؟
تنهد مازن بقلة حيلة، ثم ابتعد عن والداته بضيق وذهب إلي غرفته؛ لكي ينم قليلاً، قبل الذهاب إلي الشركة، ثم استمع إلي صوت يحيي الجهوري قائلاً
" إذا أردت عصياني في أمر زيجتك من ندي فاعلم أنني لست والدك بعد الآن".
نظر له مازن بذهول، إلي هذه الدرجة يريد والداه أن يزوجه من ندي، ثم نظر إلي والداته يريد أن تقول شيء إلي والداه؛ ولكنها صمتت وهذا لا يدل إلا علي موافقتها لراي زوجها، ثم ذهب إلي غرفته وهو غاضب بشدة، هو لا يريد الزواج من ندي؛ فهو يحب فتاة أخري ولكن ليس بجاهزٍ للزواج منها أيضاً يريد بعض الوقت إذن، ثم غفي مكانة في الم شديد يخترق قلبة ورأسه من شدة غضبه هذا.
في قصر عائلة ندي
كان حسين يجلس علي طاولة الطعام ويتناول وجبة الإفطار، ثم نظر إلي أمل التي كانت تجلس بجانبه دون أن تأكل شيئًا، ثم أردف باستغراب
" أمل، حبيبتي ما بكِ"؟!
نظرت له أمل بابتسامة حزينة، قائلة
" لا بأس حبيبي، تناول إفطارك أنت؛ حتي لا تتغيب عن العمل".
عقد حسين جبينة باستغراب، ثم أردف
" منذ متي امل، يذهب العمل إلي الجحيم، لا أريد أن أراكِ هكذا حبيبتي، ما بكِ"؟
نظرت له امل بدموع، قائلة بحزن
" ابنتي ندي".
عقد حسين جبينة باستغراب أكثر، ثم هتف
" ما بها ندي، ما الأمر لقد قلقت بشدة"؟
أجابت امل بحزن، وهي تتذكر ما حدث ليلة امس، ثم قصت علية ما حدث في الليل، ثم اردف بحزن
" يا الهي ما هذا الحديث".
نظرت له امل بحزن، قائلة
" أنا لا اعلم أن ندي تحب مازن لهذه الدرجة؛ ولكنة لا يريدها وهي لا تريده أن كان زيجته منها عنوة عنة، هذا أمر محير للغاية".
أومأ لها حسين بإيجاب، ثم هتف
" أنتِ معكِ كل الحق امل؛ لكن يحيي لم يكف عن أمر زيجة ندي من مازن، لا تقلقي سوف يتزوجان عن قريب، أنا متأكداً من ذلك".
نظرت له أمل بحزن، قائلة بدعاء
" أتمني ذلك من الرب حسين".
أومأ لها حسين بابتسامة، ثم وضع يديه علي يديها بحنان، قائلة
" الآن، يجب عليكِ الإفطار أيضاً".
نظرت له امل بابتسامة وحب، قائلة
" الله يديمك لي إلي باقي عمري، حبيبي".
اقترب منها حسين بحب وعانقها بحنان، قائلاً
" حبيبتي، ويديمك لي لباقي حياتي وحتي الممات".
نظرت له امل بابتسامة وحب، ثم تناولوا الإفطار سوياً، وذهب إلي الشركة، ثم دق هاتف امل فعقدت جبينها باستغراب، هل يمكن أن يكون نسي شيئاً، ثم وجدت اروي من تدق لها، ثم أجابت
" اروي، حبيبتي كيف حالك"؟
أجابت اروي بابتسامة وقلق، قائلة
" أنني بخير خالة امل، أريد فقط أن اعلم أين ندي، هل ذهبت إلي الشركة"؟
هزت امل رأسها بالرفض، قائلة
" لا يا ابنتي، لم تذهب بعد، وتجلس بمفردها في غرفتها وتبدو حزينة ومتعبة للغاية".
أجابت اروي بحزن، قائلة
" ما هذا، أنا أدق لها من فترة طويلة ولم تجيب علي اتصالاتي والخط مغلق، انا قلقت عليها بشدة".
أجابت امل بحزن، قائلة
" لا تقلقي ابنتي؛ ولكن ندي يمكن تبقي بمفردها لفترة ولا تأتي إلي الشركة اليوم".
هتفت اروي بابتسامة وخجل، قائلة
" يمكنني المجيئ والمكوث معها بعض الوقت خالة"؟!
أجابت امل بترحاب شديد، قائلة
" ما هذا الهراء اروي، يمكنكِ بالتأكيد حبيبتي، أنا في انتظارك".
أغلقت اروي الهاتف مع امل وقامت مسرعة إلي الخارج وذهبت إلي قصر ندي، وجلست بجانبها علي الفراش وهي تبكي بحزن، قائلة
" ندي ما بكِ، ليتني لم أغادر وأترككِ أمس".
نظرت لها ندي بحزن، ثم أردفت
" أنا بخير حبيبتي، لا داعي لهذا البكاء إذن".
نظرت لها أروي بضيق، ثم هتفت
" لا داعي لهذا الحزن أيضاً، ما الأمر الجديد أنتِ لم تبكين هكذا بدون سبب وانا اعلم أن مازن لا يستطيع إبكائك لهذا الحد، أخبريني هيا".
نظرت لها ندي بتوتر، فهي تعلم جيداً أن اروي تتفهم أمرها عند النظر إلي عيونها، مثل والداتها بالضبط، ثم هتفت بتوتر
" لا شيء، أنا فقط أريد الحزن قليلاً".
اقتربت منها أروي بخبث، قائلة بإلحاح
" أخبريني ندي هيا، لا أريد هذا التهرب".
نظرت لها ندي بضيق وحيره، فهي لا تريد أن تعلم اروي حقيقة أخيها وأنه لديه فتاة أخري يحبها وذلك أمراً ليس بالسهل علي اروي تقبله وسوف تعلن ذلك أمام الجميع، فهي تعلم جيداً أن اروي تحبها بشدة ولن تصمت أبدا علي هذا الحديث، ثم أردفت
" أنا فقط أشعر بالحزن، لكون مازن لا يحبني مثلما احبه فقط".
نظرت لها اروي بخبث، قائلة
" فقط"؟!
أومأت لها ندي بتردد، ثم هتفت مغيرة للحديث، قائلة
" اروي اذهبي إلي العمل هيا، لا أريدك هنا، أبي وعمي يحيي ينزعجون لعدم بقاءنا في الشركة سوياً".
نظرت لها اروي بضيق، قائلة
" تقومين بطردي؛ حتي لا اعلم ما تخفية عني ندي".
نظرت لها ندي بضحك، قائلة
" لا أبدا اروي، أنتِ حبيبتي، فقط اذهبي إلي العمل وانا سوف أخبرك، حين تعودين تعال إلي هنا في الليل".
أومأت لها اروي بابتسامة، ثم قبلت وجنتيها بحب وذهبت إلي الشركة؛ حتي لا ينزعج والداها وعمها حسين من تغيبهم سوياً عن العمل اليوم، ثم ألقت هاتفاً من قبل أخيها مازن، ثم أجابت بهدوء
" مازن، ما الأمر"؟!
هتفت مازن بهدوء، قائلا
" إذا جئتِ إلي الشركة، تعال إلي مكتبي علي الفور".
ثم اغلق الهاتف معها وهو شارداً بحزن شديد، ثم دلفت اروي إلي مكتبه وجلست علي المقعد أمامه، ثم هتفت بهدوء
" ما الأمر؟ ما بكِ يبدو انك منزعجاً"؟!
اغمض مازن عينية بقوة، ثم اردف بحزن
" اخبري أبي أنني أوافق علي الزواج من ندي".
نظرت له اروي بذهول، لماذا هذا القبول المفاجئ؟!!يتبع..
أنت تقرأ
القرار المتهور (الجزء الأول) بقلم آيه خطاب
Romanceتُحكي القصه عن شخص يتخذ قراراً متهوراً في وقت من الغضب وحاول تصليح ما قام به من قرار، فيقوم بالندم الكبير علي ما قام به، ويحاول إرضاء جميع من حوله، وإدراكه لهوله أنه يُحب الفتاه الذي كان لا يُحبها ابدا، وتكون بمثابه شقيقته فقط.