« أصدِقاء علىٰ متنِ الطَائِرة »
لَم البث طويلاً مُنتظِراً في المطار حَتى صَدَرَ صوت فَتاة مِنَ السَماعة المُكبِرة في جَميع أنحاء المطار : "أعزائي المُسافِرون،حَان الآن موعِد إقلاع طائِرة رِحلة رَقم (٩)".
إنها رِحلتي !.
يَبدوا أن رَقم الحَظ الخاص بِي هُوَ ٩.
نهضت مِن مقعدي وأخذتُ حقائِبي،وضعتُ الحَقيبتين في آله التَفتيش،مِن ثُم وَقفت في ذَلِك الطابور الطويل.
بعد مدة قصيرة أستَطعت أن أخرُج مِن الطَابور،لَقد أرادوا التأكد مِن جواز سَفري ومُستمسَكاتي لأخر مرة.
أخذت الحقائِب بَعد أن فُتِشَت وتَوجهتُ إلى مَكان الطائِرة مع باقي المُسافِرين.
شكَّلنا طابوراً أخر للدُخول بِهدوء للطائِرة دون أن نُحدِث أي جَلبة،بَينما مُضيفات الطَيران تدُلّن الناس على مقاعِدهم.
وأعطتني المُضيفة الشَقراء بِطاقة وَقالت : "مقعدك رقم ٩ آي".
ما قِصة رَقم تِسعة مَعي اليوم؟...
ذهبتُ باحِثاً عَن مقعدي وَوجدتُه،إنه بِجانب النافِذة.
وضعتُ حقائِبي في المَكان المُخصص لَها،وقَد أخرجتُ مُسبقاً كِتاباً يُسليني خِلال رِحلتي الطويلة.
فمُدة الرِحلة ٨ ساعات،مِن الجيد أنها لم تكُن ٩ ساعات،وإلا ظهرت الأسئلة الفَلسفية في رَأسي لأزعاجي طَوال الرِحلة.
أردتُ فَتح الكِتاب لَكِن قاطَعني رَجُل طويل يَرتدي فُستاناً أسود وقِطعة مِن القماش الأحمر والأبيض فَوق رأسِه.
منظرُه غريب.
قال لي بأنزِعاج وباللغة الأنجليزية الأمريكية : "أظُن أن هَذا مِقعدي،٩ آي".
رفعتُ إحدى حاجِبيّ بأستِنكار وَقُلت : "الكذِب لن يجعلك تحصُل على المِقعد الذي تَرغب بِه".
ثُم مددت البِطاقة نحوه،أمسك بِها فوجدها ٩ آي.
نادى الرجُل مُضيفة الطَيران،وما إن أَتت حتى أعطاها بِطاقتي وبِطاقتِه بأستياء وَقال : "ما تَفسير هَذا؟،أأجلِسُ في حُضنِه على مِقعد واحِد مثلاً ؟!".
وَضعت المُضيفة كفّها على فمها ثُم قَالت مُعتذِرة : "أنا اسِفة سيدي،لا بُد أننا أخطأنا،يُمكِنُك أن تجلس عَلى مقعد رقم ٨ بِجواره،إنهُ شاغِر".
أنت تقرأ
غَريـبُ بَغداد
Romanceمَرحباً،أنا دَانيال... قَارِئ أجنَبي وُلِد فِي الحَرب والخَراب،مُنذ 2003 فِي العِراق،وَعاش فِي أمريكا. وَعُدتُ لِلعِراق بَعد عِشرين سَنة لِأعيش نَفس الشُعور،بِحُروب مُختلِفَة. بِخرَاب جَديد،وَالآم أقسَى،كَان ألَم فُقدان الأُم أهوَّن عَليّ مِن لِقائِ...