{ الفصل السادس }

77 8 12
                                    

« التَحرُّش لَا مُبرِر لَه »

جالِس على إحدى طاوِلات مَطعم كافيار فِي بَغداد،
وَأمامي تجلِس نرجِس،تنتظِر طلبها وأُشارِكُها أنا ايضاً أنتِظار طَلبي.

قَد طلبَت "سَبايسي سَلمون رُول" وهو سُوشي السلمون الحار،يَبدوا أنها تُحِب الحرارة،وطلبتُ أنا الرُوبيان بِالكاري.

كَانت تعبَث في هاتِفها كَكُل مَرة،فَسألتُها : "مَا الشيء المُهِم في هاتِفك؟".

نظَرت لِي ثُم أعادت النظَر فِي هاتِفها وقالَت مُبتسِمة : "لُعبة لودو".

وَأنا الذي ظننتُ أنها تَعمل عَلى مَشروع مُهِم جِداً فِي عيادتِها لِأنها طَبيبة عُيون مَشهورة في بَغداد.

تَصدِمُنا أحياناً طُفولة أشخَاص ظَنناهُم أشدُ الخَلقِ رُشداً.

أتَى النادِل بَعد مُدة حامِلاً طَلبينا،مَع مشروب الكُولا.

وَضع أمامَها السوشي الحار،ووَضع أمامي الرُوبيان بِالكاري وَزُجاجَتين مِن الكُولا.

لَم تَترُك نرجِس هاتِفها إلا عِندما ذَهب النادِل،لَم تترُك هاتِفها عِندما أتى عامِل خدمة الغُرف أيضاً،بَل تترُكه بَعد ذهابِهُما…

تَركت هاتِفها عَلى الطاوِلة،وَنظَرت لِلطَعام ثُم قالت : "يَبدوا أن الرُوبيان بِالكاري خاصتك سَيكون حاراً أيضاً".

سألتُها مَصدوماً وَكأن أحداً صَعقني بِسلك كَهربائي : "حَقاً ؟!".

فأنَا عَلى خِلاف مَع الحَرارة…بِعكسِها.

ضَحكت نرجِس وَهي تقول : "هدِئ مِن رَوعك،لَقد تَذوقتُه سابِقاً،ليسَ حارّاً،وَهذا ما لَم يُعجِبني بِه".

نظرتُ إِليها بِنَظرة شَك،فَقالت : "أُقسم أنه لَيس حَارّاً".

ما زِلتُ لا أُصدِق كَلامها،خِفتُ أن أكتشِف وُجود الحَرارة بَعد أن أتذوَقه،فَسألَتني : "ألا تثِق بِي؟".

تَباً،تعرِف نُقاط ضِعفي وَكأنَها جُزء مِنّي قَد رافَقني طَوالَ عُمري…

أخذتُ شَوكتي ونَظرتُ لِطَبقي،رُوبيان مَليء بالصَلصة بُرتقالِية اللَون،مَع قِطع الذَرة المَشوية والخُضار،أخذتُ سَمكة رُوبيان وتَذوقتُها وأنا آمُل أن لا تَكون حارّة.

كَانت بارِدة،لكِن طَعمُ الكاري والتَوابِل ظاهِرٌ فِيها، التَوابِل كَثيرة في المَطاعِم العِراقية،أشعُر بِأني فِي الهِند حَقاً…لكِنها لَذيذة عَلى أي حَال.

غَريـبُ بَغدادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن