{ الفصل الأول }

230 13 4
                                    


                         « حَان وَقتُ الرَحيـل »

أستَيقظتُ مِن نَومي فَجراً،أستَطيع أن أتخيَل النَوم وَهو يَفرُ مِن عَينيّ مُرفرِفاً بِجناحَيه.

خارِجاً مِن نافِذة غُرفتي لِزيارة عاشِق قَد غلبَهُ الأرَق،أو عَجوزاً أُصيبَت بِالـ"زهايمَر"لِفُقدان زوجها الحَبيب في الحَرب،أو حَتى مُراهِقاً يُفكِر في الأنتِحار فَجراً ليراهُ والِديه غارِقاً بِدمائِه صَباحاً…

نَهضتُ من سَريري المُريح،حاوَلتُ النَظر إلى سَاعة الجِدار لَكِن غُرفَتي مُحاطة بِالظلام مِنَ الأتِجاهات كافة،بأستِثناء ضَوء القمَر الضَئيل المُنعَكِس في المِرآه.

أرتَديتُ قَميصي في وَسط الظَلام،لَم أُكلِف نَفسي عَناء إِضاءة الأنوار،رُبما مَنظَر غُرفَتي في الظَلام أفضل،فالظَلام يستُر عُيوبها وكَراكيبها.

وتِلك الكُتب المُحيطة بِكُل الجِهات،رَجُل غني غَيري في أمريكا لَكانت غُرفته مُحيطة بالنَبيذ والنِساء.

الأموال غالِباً ما تَذهب للأشخَاص الخطأ.
كَأنها فَتاة تُحِبُ شاباً تعلَم أنهُ يخدعها.

خَرجت مِن غُرفتي بِكسل،ونَزِلت السَلالِم بِبُطئ شَديد،أُحاوِل أن أعيش كُل لَحظة في هَذا المنزِل قَبل ذَهابي خَوفاً مِن الأشتِياق إليه.

تَوجهتُ نحو المغسَل الخُزفي،أغسِل وَجهي عِدة مَرات.

لَكِن مَن سَيغسِلُ ذُنوبي؟…
لأ أظُن أن الماء كَافي لِغسل ذُنوب البَشر…

ذهَبت إلى المَطبخ وأنا حافي القَدمين،كَانت الإضاءة في المَطبَخ أفضَل مِن إضاءة غُرفتي.

لا أقصِد أن المَصابيح مُضاءة،ولكِن ضوء القَمر قد طَلّ عليها بِشكل أكبر.

أخذتُ دّلة القَهوة التُركية وَوضعتُها على مُوقد الغاز،ثُم صَببتُ القليل مِن المَاء فِيها.
ما يكفِي لِكوب مِن القَهوة الساخِنة.

بَعد أن فارَ المَاء،وَضعت بِضع مَلاعِق صَغيرة مِنَ القَهوة،ثُم أضفتُ مِلعَقتين مِنَ السُكر،لا أُريدها أن تَكون مُرّة.

يَكفي تِلك المَرارة الطاغِية في فَمي،لا أعلم إن كَانَ سَببُها النوم أم الحُزن على رَحِيل منزِلي وَوداع أبي.

أخذتُ مِلعقة صَغيرة مِنَ النُحاس كي أمزج مُكوِنات القَهوة جَيداً،أستَغرَق الأمرُ وَقتاً،إن يكُن،فأنا أملِك مَا يَكفِيني مِنه.

صَببتُ القَهوة بَعد أن جهزت في الكَوب الزُجاجي،ثُم وضعتُ الدّلة والمِلعقة المُستخدمة في آله غَسل الصُحون.

غَريـبُ بَغدادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن