« خاتَم ذُو الفِقار »
كُنت أُشاهِدُ الأخبار العِراقية مَع أُمي فِي غُرفة الجُلوس.
بَينما أُمي تُعِدُ "كَباب عروق"،أو "عروق طَاوة"،رَنَّ جرَسُ المنزِل.
قَالت لِي أُمي وَهي تُشكِلُ اللَحم بِيديها : "گُوم شُوف منو عَالباب".
أي "قُم وأنظُر مَن بِالباب".نهضتُ مِن عَلى الأريكَة وهممتُ بِأن أفتَح الباب لِلطارِق.
شلَّت الصَدمة جسَدي عِندما أدرتُ مِقبض البَاب وَرأيت الطارِق،وَكأنها صاعِقةٌ أتت مِن السَماءِ لِتصعقَني.
قُلتُ بِهَمس،وَأنا لا أُصدِق مَا تراهُ عينيّ : "أبي !،مَا الذي أتى بِك ؟!".
تقدَّم أبي ووضع حقائِب سفرِه فِي الممَر،ثُم أحتضنني قائِلاً : "أشتقتُ لَك يَا ولَدي".
أجبتُه : "لَم يمُر أسبوع عَلى رَحيلي !،فِي أمريكا كِنت تترُكني لِثلاثة أشهُر دُون أن تَسأل عَن حالِي".
قَال لِي بِأبتسامة : "لا يهُم،الأهَم هُو أنني بِجانِبك الآن".
سمِعتُ أُمي تَقول وَما زَالت فِي غُرفة الجُلوس : "دَانيال !،مَن عَالباب؟".
وَما إن سَمِعتُ صَوتها حَتى دفعتُ أبي خارِج المنزِل
وكِدتُ أن أُخرِج مَعه حقائِبه.ثُم قُلت : "لا يُمكِنُك البَقاءُ هُنا،لا تعلَم كَم عانيتُ حَتى تقبَلت أُمي وُجودي !".
لكِن ما أوقفَني هُو تحديق والِدي بِما خَلفي،أستدرتُ فَوجدتُها أُمي !.
لا،لا،لا،بِالطَبع سأُطرد لِلمَرة المليون !،تَباً لِهذا الحظِ العاثِر !.
عَاد أبي لِلدُخول،بَينما يتأملُ أُمي بِنظرات العاشِقين،أنطونيو أستيقظ،لَقد طلقتها !.
لكِن لَحظة…مَا سَبب نَظرات أُمي المُنكسِرة هذِه؟، أعتقدتُ بِأنها ستصرُخ وتطردُنا كِلانا مِن منزِلها.
لكِن ما أثار دهشَتي أن مُقلَتيها أغرورقت(¹)!.
تقدَم أبي وَقبَّل جَبينها قائِلاً : "هَا قَد عُدتُ لكِ يا أمَلي…".
ألا تظُن أن الوَقت قَد تأخَر بِالفِعل عَلى العَودةِ يا أبي ؟!.
مَع أحتِرامي،فالمسَافة بَينك وَبين قبرِك أقلُ مِن شِبر…لا قدَّر اللّٰه •_•.
أنتظرتُ مِن أُمي أن تصفعَه،لكِنها أجهشَت بِالبُكاء !.
سَيدة أمل،أكُنتِ تَفرِضين قوتكِ وَكرامتكِ عَليّ فقَط؟،هَا هُو الصهيوني الحَقير الذي دمَر حياتكِ أمامكِ،لِما لَم تقتُليه؟،أم أن قلبكِ خانكِ؟.
أنت تقرأ
غَريـبُ بَغداد
Romanceمَرحباً،أنا دَانيال... قَارِئ أجنَبي وُلِد فِي الحَرب والخَراب،مُنذ 2003 فِي العِراق،وَعاش فِي أمريكا. وَعُدتُ لِلعِراق بَعد عِشرين سَنة لِأعيش نَفس الشُعور،بِحُروب مُختلِفَة. بِخرَاب جَديد،وَالآم أقسَى،كَان ألَم فُقدان الأُم أهوَّن عَليّ مِن لِقائِ...