« لَيلة فِي المَنصور »
كُنتُ مُستلقياً أُدخِن ما تَبقى مِن سيجارتي في غُرفة مِن غُرَف فُندق اليَرموك.
بينَما أُمسِك بيَدي طَريقي الضَيق إلى أُمي...
مُجرد صورة تجمعُها فِي شبابها مَعَ أبي.أظُنُ بإِني أُشبِهُها بِشكل أكبر مِن أبي،فأبي ذُو بَشرة بَيضاء وشَعر أشقَر وأعيُن زَرقاء،أما أُمي فكَان الشَعر القَليل الظاهِر مِن حِجابِها يدُلّ على لَونِه الأسوَد،وأعيُن بُنية وَبشرة حِنطية...
لِذا فأنا أُشبِه أُمي فِي المَظهر الخارِجي،لا أعلَم إن كُنت أُشبِهُها داخِلياً أم لا...
لا أملِك عُنوان منزِلها أو رَقم هاتِفها،فَقط هذِه الصُورة التي التقطتها مَع أبي فِي فتَرة الخُطوبة.
أظُن أن مُهِمة البَحث عن أُمي ستُصبِح أصعَب شَيئاً فشَيء،لإني مُجبر على إيقاف أي بَشري تَقع عينيّ عليه وأسأله إن كَان يعرِف مَن بِهذه الصورة.
والمَنصور كبيرة بِما فِيه الكِفاية لِهذه المُهمة الشَاقة...لِذا لَن يكون الأمرُ سَهلاً بِالنسبة لِي...
وأمَلي ضَعيف بإيجادِ أمل.
نظرتُ إلى ساعة يَدي وأنا أسحَق سيجارتي في منفضة السجائِر.
إنها الساعة السادِسة مَساءً،وأنا جائِع،وَيجِب عليّ الأستِحمام...أظُن أني سأخرُج لأرى المَنصور قَليلاً،وَغداً سأبدأ البَحث.
نَهضتُ مِن السَرير وأنا أتأمل أثاث الغُرفة،كُل شَيء فِيه أبيض،لَو كُنتُ ثمِلاً لحسِبتُ أني أنتقَلت إلى الرَفيق الأعلى وَليس فُندق اليَرموك...
لِأكون أكثَر صَراحةً يَبدوا أن لا وجود للفَنادِق في المَنصور،لِذا سائِق الأُجرة جلبني لمِنطقة اليَرموك،وفُندق اليَرموك قريب جِداً مِن المَنصور...
تَركتُ الصورة عَلى السَرير ودَخلتُ الحَمام لأستَحِم، وأُزيل تَعب السَفر في الوَقت عينه...
لَقد واجَهت بَعض الصُعوبة في جَعل الماء دافِئاً فإما يُصبِح بارِداً وإما يُصبِح شَديد الحَرارة.
هذِه أول صُعوبة أواجِهُها فِي العِراق،لِنرَى ماذا ينتظِرُني بَعد...
بعد خمسة عشَر دقيقة ضاعَت تَحت دُش مِياه الحَمام...
لَففتُ جذعِي السُفلي بالمِنشَفة رُغم أنني وَحيد فِي الغُرفة،لرُبما لففتُه خجَلاً مِن الجِن أن يَراني.
أنت تقرأ
غَريـبُ بَغداد
Romanceمَرحباً،أنا دَانيال... قَارِئ أجنَبي وُلِد فِي الحَرب والخَراب،مُنذ 2003 فِي العِراق،وَعاش فِي أمريكا. وَعُدتُ لِلعِراق بَعد عِشرين سَنة لِأعيش نَفس الشُعور،بِحُروب مُختلِفَة. بِخرَاب جَديد،وَالآم أقسَى،كَان ألَم فُقدان الأُم أهوَّن عَليّ مِن لِقائِ...