برسيم رباعي

339 41 92
                                    

حتى أفكارنا المزعجة تصاب بالرّعب أحيانًا

وإلا فكيف لها أن تخرس تمامًا 

بطلقة واحدة 

......................................................................................

تموز  2004 

              تحاول بجهد التعرف على المكان حولها ، لكنها لا تهتدي إلى أي شيء بإمكانه مساعدتها في ذلك . فكلّها مدينة غير مألوفة جميع  بناياتها بنفس الإرتفاع ، طابقان باللون العاجي الذي لا يحتوي على أي أثر للرطوبة أو الإهتراء . و نافذتان في كل منها باللّون البني العتيق . بين كل منزلين تقع شجرة زيتون يانعة ، و بطريقة ما فإن الطرقات عبارة عن مساحات مغطات بزهور البرسيم مختلفة الأحجام .

              الجو الهادئ للمكان يستحضر بعض الرعب و الخوف من المجهول . لكنها لم تصب بذلك النوع من المشاعر ، حيث همت بالبحث عن أحد نباتات البرسيم التي تحمل أربعة أوراق و ترتبط مع جلب الحظ بشكل وثيق . قلبت عينيها بين الحشائش بتركيز و تحركت بحذر لتتجنب الدوس على أي منها قبل أن تتفقدها . 

              أخيرًا لمعت عيناها في إغتباط  و أخذت ما تصبو إليه بين يديها  بعد بحث دام لحوالي النصف ساعة. حينها عادت بظهرها للوراء و أطلقت ضحكة صغيرة قطعها صوت الخشخشة في الجهة المقابلة . لما طال مسمعها ذلك التدخل الجديد من الوسط الخارجي حركت مقلتيها بسرعة نحو المصدر ، و ياللعجب. هذا الفتى قد أتى في الوقت المناسب تماما كالعادة ،عليها العودة للمنزل الآن ولا بد أن باجي - الذي يتحرك بأريحية في المكان بدون أن تبدو عليه علامات الحيرة - يعرف مالذي يجب القيام به لذلك.

_"كيسكي !" صرخت بينما تحاوط فاهها بكفيها وتندفع قليلا للأمام . لكنه لم يلتفت واستمر في المضي قدما . عاودت الصراخ مرة أخرى و أخرى إلا أن ذلك لم يغيّر من الأمر شيئا ، فركضت نحوه و خاطبته عندما أضحى أمامها:

_"كيسكي؟ ....ما بك؟" 

                لم يرف له جفن لكلامها و إستمر في ما كان يفعله تاركا إياها ورائه . و عندما شدت قبضتيها في حنق لاحظت أن البرسيمة ما عادت هناك بعد الآن ،لا بد أنّها فقدتها أثناء لحاقها به. 

                عندما إستدارت وجدت أن العالم من خلفها بدأ يتحطم إلى شضايا صغيرة ، و المدينة تمحى ببطء على مدى البصر متحولة في النهاية إلى دوامة مظلمة تكبر على حساب المساحات الخضراء. مع برسيمتها الصغيرة على وشك السقوط هناك أخذت تاكارا تهرول نحوها رغبة في استعادتها ،لكن لوهلة كانت على وشك السقوط أيضًا . 

                تماسكت و جرت في الجهة المعاكسة لأجل الهرب من ما يجري . و آن ذاك أمسكت يد باجي البعيد نوعا ما عن مركز الفوضى لتجره رفقتها غير أنه مازال مصرًا على تجاهلها ، شدته نحوها بقوة فلم يتزحزح و كأنه مفتون بالمشهد الفظيع في الخلفية .

سيحل اكتوبر مجددا BAJI .Kحيث تعيش القصص. اكتشف الآن