الدفء القديم

294 31 126
                                    

هي لا تبوح 

وانما لها مدمع قال خطاب مؤلما

..........

الأيام الربيعية ليست الأروع دائما .أو على الأقل لا تصبح كذلك عندما تحتاج إلى مساعدة عاجلة في أروقة مبنى المدرسة .في حين أن الجميع يفضلون البقاء خارجا للإستمتاع .

كانت الفتاة في وضع سيء ترتب عن إهمال صباحي ،ونسيان غريب ألمّ بها لتنسى تناول الجرعة المبكرة من علاجها .وها هي الآن تتخبط بين خيارين .أن تسرع بالركض لخزانتها الواقعة في آخر الرواق حيث تضع العلبة الإحتياطية للدواء مستعملة آخر ما قد تبقى من قوتها وغالبا سيسوء وضعها أكثر قبل الوصول، أو أن تمشي بهدوء وقد لا تقطع نصف المسافة حتى .

تمنت بشكل ما أن يظهر أحدهم لنجدتها غير أنها تدرك بأن ذلك لن يحصل قبل انقضاء استراحة الغداء التي بدأت توا ،وتخشى أن يكون التدخل متأخرا حينها . 

تحاملت على نفسها أكثر وخطت بضع خطوات مثقلة .قبل أن تتوسع عيناها بخفة و ترتسم ابتسامة منهكة على شفتيها. هي تلمح هيئته المقبلة من البعيد ، تعرف تماما من يكون وان لم يكن هو نفسه يعرفها.

رمقها الفتى بريبة و علت وجهه تعابير متوترة ،ثم أخذ يلتفت يمنة ويسارا عندما أشارت له بالإقتراب . أشار نحو نفسه و حرك رأسه للجانب في حيرة .متسائلا إذا ما كانت تقصده دون غيره وهو يعلم بأنهما الوحيدان المواجدان في المكان لحظتها .

_" هلا ساعدتني رجاءً ؟" أجفل ببلاهة ثم أسرع بمساعدتها للوقوف 

_"هناك " أشارت نحو الخزانة المقصودة "سيكون من الأفضل لو تناولني علبة دواء تتواجد فوق الرف الأول .إنها بيضاء وصغيرة ..سنستغرق وقتا طويلا اذا أكملنا على هذا المنوال " صرحت وهي تضع المفاتيح بيديه 

تمعن الفتى وجهها بقلق طفيف ثم أجلسها أرضا قائلا:

_" حاولي النجاة حتى أعود ...قد يؤثر موتك على سجلي الدراسي بشكل سيء" 

قهقهة واهنة سلكت طريقها خارج شفتيها لكلماته الغريبة .إنها ممتنة له فبدونه كانت الأوضاع ستكون مريعة على أقل تقدير .و مع ذلك هي لم ترغب يوما بأن يعرف أحدهم هذا الجانب الهش منها ،أرادت دائما أن تظل فتاة نموذجية في عيني كل من يلتقيها .

كتب لكايا أن تصاب بمرض لا شفاء منه في فترة مبكرة من حياتها، حيث بدأت أعراض متلازمة 'QT' بالظهور خلال أشهر قليلة من بلوغها سن الإثنتي عشرة سنة فأجبرها ذلك على ترك الكثير من الأحلام الغير مكتملة و الخضوع إلى تغيير جذري في نمط الحياة التي إعتادته أثناء طفولتها .

عندما كانت تبكي بحرقة و تطلب من والدها إيجاد حل لهذا .تلك اللحظة التي رأت فيها العجز بعينيه  للمرة الأولى .و أدركت أن هناك أشياء لا تحل بالمال ولا بالنفوذ . شرحت لها الحياة بطريقة قاسية أن العيش المثالي مجرد أسطورة واهمة يطاردها الحمقى . لأنها و حتى في أحضان عائلة مهتمة ،منزل دافئ و رغبات محققة لم تكن تستطيع الاحساس بالفرح الصادق .شعرت طوال الوقت بأنها قد ترحل قريبا ،شعرت بالنقص على وجه الخصوص.

سيحل اكتوبر مجددا BAJI .Kحيث تعيش القصص. اكتشف الآن