جمود

309 33 176
                                    

و تحت شجرة المنتظرين سأقف 

إلى أن تعود يومًا

..........

بدى الحشد الغفير أمام الحافلة المدرسية شيئا باعثا للإحباط. خاصة و أن الجو إتسم ببعض الإضطراب ؛عدد من الأشباح البيضاء الماطرة تجوب السماء ونسائم صيفية حارة محملة بالرطوبة تتجول بطرقات مدينة الأضواء الخاطفة . لكن كل تلك الظروف السيئة لم تدفع الفتاة للتخلي عن شق طريقها للأمام بغية الحصول على مقعد جيد قرب النافذة طوال الرحلة القادمة. 

عندما إحتلت الموقع المناسب للإستمتاع بالمناظر المحيطة ، قلبت عينيها عدة مرات بين الصاعدين و الجالسين كما قد فعلت من قبل . لم تتمكن من رؤية باجي كيسكي أو تشيفويو ماتسونو طيلة إنتظارها في الخارج. و ها قد قارب وقت الإنطلاق دون أن يظهر أي منهما. 

كان باجي متشوقًا حتمًا للرّحلة اليوم، وقد عبّر عن ذلك بوضوح أثناء حديثه معها ليلة البارحة . هل يعقل أنه قد نسي الموعد، أو أنّه قد وقع بمشكل و أصيب بمكروه أثناء القدوم إلى هنا؟

_"إلى أين ستذهبين؟ ..كازوكي"  قال الأستاذ المسؤول عن مرافقتهم و قد ظهرت أمارات الإستغراب على وجهه بعد وقوفها و توجهها مباشرة نحو المخرج.

عادت بنظرها نحو كايا التي تجلس في مقعد بعيد و كأنّها تشير لها بالجلوس مجددا عن طريق تحريك رأسها بالنفي التام لما هي على وشك القيام به . ثم نظرت خارجا إلى ساحة المدرسة الواسعة .

_" سأذهب للبحث عن كيسكي و تشيفويو...لا يمكننا الذهاب بدون حضورهما "ردت عن السؤال بإصرار

_"أعتذر. لكنني لن أتحمل مسؤولية أي ضرر قد يصيبك فور الخروج من هذه الحافلة. إلزمي مقعدك ."  معه في حديثه كل الحق وقد عرفت ذلك إلا أنها أيضا غير مرتاحة لهذا التأخر المفاجئ . ليست الصدفة ما جعل كلاهما يقومان بمثل هذا الخطأ المشترك قطعا.

عاودت إحتلال المكان ذاته قبل أن ترمق المعلم بنظرات إستجداء ،حاولت بطريقة غير مباشرة أن تخبره بأن يفعل شيئا ،حتى و إن كان ذلك مؤقتا . وتبين أنها نجحت بذلك عندما أطلق الرجل تنهيدة قصيرة و قال :

_"سننتظر لعشر دقائق أخرى و سنغادر بعدها. آمل أن هذا يرضيك "

لم ترد على تلك اللفتة المراعية التي قام بها .لكنها بدلا من ذلك إبتسمت بأمل و أخذت تتأمل محيط المركبة بتركيز، خاصة بوابة الدخول الحديدية . تحرك مقلتيها بسرعة فائقة و توتر بين ساعة معصمها ذات اللون الذهبي و خارج النافذة الزجاجية. مرت الدقائق دهورًا و لم يأتي من ترتجي وجوده . تواسي نفسها بأنّه -كما العادة- سيدهش الجميع بالوصول في الدقيقة الأخيرة ،لكنه لم يفعل.

لمحت بطرف عينيها المسؤول حينما تفقد مؤقت هاتفه و هز كتفيه بقلة حيلة . أصدر حذائه الجلدي صوت خطوات واضحة وهو يتحرك نحو الأمام ليأذن للسائق بالتحرك . عندها أرخت كفّها الشادة على حافة النافذة  و إلتفتت نحو الأمام بخيبة .

سيحل اكتوبر مجددا BAJI .Kحيث تعيش القصص. اكتشف الآن