بقلم ندوش 🐝
توقفت سيارة الأجرة أمام قصر آل تركمان، نقدت زهرة السائق و توجهت إلى البوابة العملاقة، دار حديث بينها و بين أحد حراس القصر الذي سمح لها بالدخول بعد أن طلب الإذن من السيد مأمون المسؤول الرئيسي عن الحراس و الخدم، أرشدها الحارس إلى بوابة الدخول التي فتحت أمام الفتاة التي تسترق النظر إلى الفخامة و الأبهة التي حولها، حدائق شاسعة و منسقة كسجاد حريري، بناء شاهق و كثير الزخرفة زاده علو واجهاته البلورية جمالا، حراس و خدم يجوبون المكان بحركات نشيطة و في صمت. دخلت الزائرة على مهل فقد جعل كعب الحذاء المكسور حركتها عرجاء و غير متزنة لكن حرصها على تسليم الأمانة لصاحبتها دفعها للمجيء إلى هنا رغم ظرفها الحرج.... أدخلت إلى صالون قرب المدخل و استأذنتها العاملة حتى تبلغ الآنسة جونول بمجيئها، جلست على أريكة مريحة، اقتربت خطوات من الغرفة ثم دخلت إلى هناك سيدة شقراء و شابة، دفعها الفضول لرؤية الفتاة التي جاءت لزيارتهم على حين غرة. وقفت سيلين في الباب و أمعنت النظر فيها، تفحصتها من رأسها حتى أخمص قدميها ثم اقتربت منها و قالت بنبرة يكتتفها الغرور
سيلين: كأنني رأيتك في مكان ما.
زهرة: أنا أعمل في المركز التجاري سيدتي، في قسم المحاسبة.
سيلين: ااه تذكرت الآن، لا أحفظ إلا ملامح الأفراد اللذين لي صلة بهم، هل يمكنني مساعدتك.
زهرة: لقد جئت لمقابلة الآنسة جونول.
سيلين: ربما ستأتي بعد قليل لكن تستطيعين الإعتماد علي أيضا في أي مساعدة.
نظرت إلى هندامها البسيط ثم نزلت بعينها إلى الأسفل فلاحظت كعب الحذاء المفقود، عاودت النظر في وجه الفتاة المحرجة و قالت
سيلين: هل أنت صديقة لجونول؟!!
في تلك اللحظة جاءها صوت انثوي و حاد من الخلف
جونول: سيلين؟!!! يمكنك الذهاب الآن فالفتاة جاءت تبحث عني.
سيلين: ما الأمر جونول، لما كل هذه الحدة، أنا أردت مساعدتها فقط.
جونول: قلت لك يمكنك الذهاب الآن.
خرجت الكنة وهي تكاد تتميز من الغيظ، انشرحت أسارير جونول و اقتربت من زهرة مرحبة بها ثم دعتها للجلوس و هي تعتذر عن تصرف كنة عمها، أخرجت زهرة محفظة نقودها، أظهرت أمامها الحلق الماسي و وضعته في يدها قائلة
زهرة: هذا الحلق وقع منك آنسة جونول، لقد علق في كم فستاني عندما اصطدمنا ببعض منذ يومين.
نظرت جونول إلى القرط بعيون ملأها السرور و الدهشة ثم قالت
جونول: شكرا جزيلا لك، لو تدركين القيمة المعنوية لهذا الحلق لدي، إنه غال جدا على قلبي، لقد يئست من إيجاده بعد طول بحث عنه.. شكرا لك مرة أخرى أنا ممتنة جدا لأنك جلبته لي.
زهرة: لا شكر على واجب انستي، أنا سعيدة لأنه عاد إليك. يجب أن أذهب الآن فأبي سينشغل علي إذا تأخرت.
وقفت الفتاتان فقالت جونول
جونول: أنت فتاة طيبة زهرة، أرجوك أقبلي هذه الهدية البسيطة مني.
سحبت أوراق نقدية من جيبها و وضعتهم في يدها فانتفضت الفتاة كأن ثعبان قرصها، وضعتهم على الطاولة و هرولت خارج الغرفة و منها إلى خارج القصر، لحقت بها الأخرى ركضا و أدركتها قبل خروجها من الباب
جونول: انتظري قليلا لو سمحت....
زهرة: أرجوك لا تعيقي طريقي أكثر، لقد تأخرت عن أبي و سينشغل علي.
جونول: حسنا سأطلب من السائق أن يوصلك.
زهرة: لا داع لذلك، سأستقل سيارة أجرة.
عادت جونول إلى داخل القصر وهي تشعر بالحزن لأنها أساءت التصرف مع الفتاة الطيبة، همت بالصعود إلى غرفتها عندما اعترضت زوجة عمها طريقها و استوقفتها
نيرمين: جونول، انتظري قليلا أريد أن أتحدث معك.
جونول: تفضلي زوجة عمي ما الأمر.
نيرمين: أريد أن ألفت انتباهك إلى معاملتك لسيلين، لا تنسي أنها زوجة جوكهان و فرد أساسي في هذه العائلة.
جونول: ااه حقا، ماذا قلت لها حتى انزعجت السيدة سيلين.
نيرمين: لقد قللت من احترامها أمام تلك الفتاة الغريبة و تعمدت تجاهلها في حفلة رئيس الوزراء منذ أسبوع.
جونول: معذرة يا زوجة عمي، كنتك تنقل لك اشياء لم تحدث.
نيرمين: أنت أصبح التعامل معك صعب جدا، سأطلب من عمتك أن تتصرف معك.
جونول: كما تشائين يا زوجة عمي.
تركت زوجة عمها في البهو و صعدت إلى الطابق العلوي وهي تضرب الأرضية بقدميها، توجهت إلى جناح عمتها، طرقت الباب ثم دخلت فوجدتها تتجهز للخروج
جونول: عمتي إلى أين أنت ذاهبة الآن؟!.
خديجة: لقد تمت دعوتي على العشاء على شرف السيد حميد آغا و حرمه، إنهم يحتفلون بتخرج ابنته، ليتك قبلت المجيء معي.
جونول: ااه لقد تذكرت تخرج فتون، لا أريد عمتي.
خديجة: جوكهان اختار الزواج من تلك الفتاة و نحن احترمنا رغبته.
جونول: لقد أخذت بذنب مريم عمتي، لأنها صديقتها المقربة فقد أصرت زوجة عمي على إبعادها عن عائلتنا.
خديجة: إنه النصيب يا ابنتي، أنت مابك، ماذا حدث لك؟!!.
اختصرت شرح التوتر الذي حدث بينها و بين زوجة عمها ثم حكت لها عن مجيء زهرة و ما حصل بعد ذلك من سوء تفاهم، ربتت العمة على كتفها و قالت
خديحة: زهرة فتاة حساسة جدا و تربت على يد رجل يعتد كثيرا بكرامته، أنت قد لا تدركي بعض الأمور بحكم اختلاف ظروف النشأة بينكما، أعدك سنصلح سوء التفاهم معا إذا رغبت.
جونول: طبعا أريد عمتي، سأشعر بتحسن كبير إذا طيبت خاطرها.
خديجة: صغيرتي ذات القلب الكبير، هنيئا له.
جونول: من؟!!!
خديجة: ههههه هو يعرف... لن اتأخر صغيرتي.
👑👑👑