بقلم ندوش 🐝
جهزت زهرة العشاء و جلست إلى الطاولة قبالة والدها، سكبت الطعام في الصحون ثم دعت العم صالح للأكل، وضع الملعقة الأولى في فمه ثم همهم قائلا
صالح: ابنتي زهرة، كأنك نسيت وضع الملح.
تذوقت طعامها ثم نهضت عن كرسيها و جلبت علبة الملح وهي تعتذر منه، طلب منها أن تعود إلى مكانها و تكمل عشاءها
صالح: يا ابنتي ليست المشكلة في نسيان وضع الملح في الطعام بل في بالك المشغول طوال الوقت، لاحظت عليك كثرة التفكير في الأيام الأخيرة فظننت أنك تعانين من إرهاق العمل لكنك أكدت لي أن عملك ليس متعب و كل شيء على ما يرام.
زهرة: لا أبي، أقسم لك أن عملي ممتاز و لا أعاني من أي مشاكل به.
صالح: إذا ما الأمر صغيرتي، هل بسبب موضوع عزت إبن خالتك، ثقي أن والدك لا يجبرك على أمر لا تريدينه.
زهرة: أرجوك أبي، إنسى موضوع عزت، لقد طلبت منه أن يذهب في طريقه و يختار فتاة تناسبه لكنه مازال يلح في طلب يدي.
صالح: يا ابنتي، إبن خالتك مناسب لك، يعمل في شركة و لديه بيت جاهز.
زهرة: أعرف مميزات إبن خالتي جيدا لكن توجد بعض الأشياء لا يمكن نسيانها أو تجاهلها، من لا يهتم لك في شدتك كيف تثق به إن جاءك وقت رخاءك، خالتي و ابناؤها تجاهلوا وجودي عندما كنت أحتاج لهم، أنت فعلت أكثر من اللازم أبي لكن تجاهلهم لي في كل مناسبة كان يشعرني بالحزن و العجز....
غصت بدموعها فأخذ والدها يدها بين يديه و ضغط عليها بحنو
صالح: يا ابنتي لا أقصد إزعاجك، سامحيني.
زهرة: لا أبي أرجوك لا تقل ذلك، أنت أبي الغالي و لا يمكن أن تسيء لي ثم أنا كبرت و مرت تلك الأيام منذ سنوات، شفيت قدمي و بدأت أعمل بعد أن نلت شهادتي الجامعية، لا أرغب في شيء منهم، ليبحثوا عن عروس غيري لابنهم ذاك.
صالح: الحمد لله يا ابنتي، أنت فتاة ناجحة و ستجدين الرجل الذي يصونك و يجعلني مطمئن البال قرير العين عليك...
زهرة: أنا الآن أفكر في عملي و تقدمي في الحياة.. أبي اليوم التقيت مع الآنسة جونول عند عمي رفعت، هي تتدرب عنده على صناعة المجوهرات.
صالح: عمك رفعت له صلة وثيقة بالسيدة خديجة، جميل أن أسمع منك ذلك.
زهرة: تحدثنا معا نصف ساعة و طلبت مني أن نخرج معا إلى مكان هاديء، غدا إذا سمحت لي.
صالح: لا مانع لدي يا ابنتي لكن لا تتأخري في العودة إلى البيت، أنا أشعر بالسعادة عندما توسعين دائرة معارفك و تكونين صداقات من هنا و هناك.
زهرة: هكذا فكرت أنا أيضا، الآنسة جونول ستأتي عند الساعة الثانية و ستعيدني إلى هنا عند الرابعة.
في أحد المقاهي الفاخرة، دخلت جونول صحبة زهرة و اختارتا طاولة تطل على البحر، بعد أن أسرع نادل إليها و دون طلب كل واحدة، انغمستا في حديث بسيط و هاديء حتى تتعرف كل واحدة عن الأخرى
جونول: أنا سعيدة لأنني التقيت بك مرة أخرى، لم أعرف إلا منك أنك صرت تعملين في المجمع الرئيسي.
زهرة: انتقلت إلى هناك منذ شهر و نيف.
جونول: هل أنت سعيدة في عملك هناك.
زهرة: أجل، قسم الموظفين أكثر أهمية من القسم السابق، هل تعرفين رؤساء العمل هناك.
جونول: ههه لا أعرف إلا عاكف صديق إبن عمي، بقية الأعمال و موظفيها لا شأن لي بهم.
بقيتا تثرثران إلى أن انتبهت زهرة إلى هاتفها يرن، تفاجأت بمرور الوقت فتاخرت ساعة عن موعد عودتها، عندما نزلت من السيارة، وجدت والدها يهم بإغلاق المحل فباغتته من الخلف و طبعت قبلة على وجنته
زهرة: أعتذر منك أبي لقد سرقني الوقت.
صالح: حصل خير يا ابنتي، المهم أنك استمتعت بوقتك
سارت بجانبه إلى البيت الذي يقع في طرف الشارع
زهرة: لقد ثرثرنا حتى نسينا أنفسنا.
صالح: هذا جيد يا ابنتي، لقد اتصلت بي خالتك منذ ساعة و سألتني عنك.
زهرة: أخبرها أنني بخير في المرة القادمة.
صالح: لكنها طلبت مني أن أحدد لها موعد حتى تأتي لزيارتنا فأخبرتها بما قلته لي ليلة البارحة.
زهرة: خيرا فعلت أبي و وفرت علي مشقة الحديث في نفس الموضوع، لقد جلبت معي طعام العشاء، سندلل أنفسنا هذا المساء.
صالح: يا ابنتي، لا تسرفي في أنفاق راتبك، مازال أمامك الكثير لتفعليه، أقساط هاتفك الخلوي و احتياجاتك الخاصة، مصروف البيت لا تفكري به أبدا.
زهرة: أبي، كل بداية شهر سنعيش كما نحب، نذهب إلى أحد المطاعم أو نقوم بزيارة اقاربنا، سنستمتع مثل الآخرين.
صالح: ما هذا البذخ، هل أثرت بك صديقتك الجديدة.
زهرة: هههه لا تقلق من هذه الناحية فأنا عقلي مازال في رأسي، الآنسة... أقصد جونول، لقد طلبت مني أن لا اناديها بآنسة حتى لا تشعر بأنها غريبة عني، بعيدة عني كثيرا من الناحية المادية لكن أظن أننا سنتفق كصديقتان... تحدثت معي بلطف، مرت بها قريبة للعائلة فأخبرتها أنني صديقتها، ثم استطردت أنك قريب عمتها خديجة. شعرت بالراحة عند الحديث معها.
صالح: هذا جيد يا ابنتي، هيا بسرعة إلى البيت فأنت ثرثرتك لن تنتهي هذا اليوم، غدا يوم الأحد و لدي عمل كثير في المحل.
🌺🌺🌺