الجزء الرابع عشر _ صدفة أم قدر🌪️

615 41 11
                                    

بقلم ندوش 🐝

في فيلا بعيدة عن صخب الحياة و ضجيجها و حيث التقت زرقة البحر مع خضرة الطبيعة الخلابة، إختار جسور أن تكون مستقرا لإقامتهم في هذه المدينة العالمية الكبيرة، بدأ يزرر قميصه وهو يدندن لحنا كلاسيكيا مزال أثره عالق في ذهنه و يدغدغ حاسة السمع لديه، حفلة الاركسترا التي حضراها البارحة كانت مفاجأة رائعة أسعدت قلب حبيبته و جعلتها تغرق في أجواء شاعرية و ساحرة... مر اليوم أسبوع على قدومهم إلى هنا، أسبوع كان عبارة عن هروب من الواقع و رحلة مفاجأة من السعادة التي لا تنتهي يكتنفها الهدوء و السكينة، يمضي الصباح في ساعات من العمل الناجحة ثم يقضي بقية النهار رفقة محبوبة قلبه يتجولان في أشهر الأماكن و يستمتعان بمعالمها الأثرية القديمة أو التسوق بين محلاتها العالمية حتى يرضي زوجته و يسعد قلبها بكل ما تتوق نفسها له، لقد مر عليه زمن طويل لم يدللها كباقي النساء فقد كان تفكيره مشغول باستعادة ابتسامتها و حبها للحياة. لا ننسى بهذه الفترة القصيرة، أهملت جونول متعمدة تناول ادويتها و تخلت عن المهدئات بعد مشورة دكتورها الخاص فأصبحت أكثر نشاط و عادت الدماء النقية إلى وجهها الجميل، وجه القمر، بعد أيام الكآبة و الخوف، بدأ الثنائي يعودان إلى حياتها السعيدة و راحة البال التي افتقداها كثيرا.
دقات على باب الغرفة أيقظته من شروده و جعلته بنتبه أن المدبرة تعلمه بموعد الفطور، تأكد من حسن هندامه و أخذ هاتفه ثم نزل درجات السلم إلى الطابق الأرضي و منه اتجه إلى شرفة مرتفعة تطل على الشاطيء ذي الكثبان الذهبية، المكان الذي حرصت جونول أن يكون المكان المناسب لتناول وجبة الإفطار معا. وجدها تقف على الدرابزين و قد تركت شعرها الغثيث تداعبه النسائم الرقيقة فيتحرك في تموجات داكنة محدثا فوضى على وجه صاحبته و بين حنايا قلبه. تركت مكانها ما إن شعرت بخطواته تقترب و التفتت إليه مع ابتسامة تشبه في سحرها جمال الشمس أثناء شروقها، حيته بلطف فاقترب منها و احتضنها بحنان كأنه لم يلاقيها منذ أيام، همهمت بدلال محبب وهي تقول
جونول: مرت ست ساعات و ثلاثون دقيقة منذ أن افترقنا و ذهب كل واحد إلى غرفته.
جسور: هل مر كل هذا الوقت، كنت أتساءل لما أنا مشتاق لك إلى هذا الحد.
جونول، ضحكت وهي تتمسك به: كانت ليلة من ألف ليلة و ليلة، لم أرى مثلها حتى في الأحلام.
جسور: أنا سعيد لأنها لاقت عندك استحسانًا.
جونول: لقد خلبت لبي و سحرت عقلي، كل شيء في الحفلة كان مثالي و رائع... شكرا جسور لأنك تفعل كل جهدك لتعوض عني أيام تعبي.
ابعدها عنه قليلا و نظر في عينيها قائلا
جسور: ابتسامتك الجميلة وهي تشع من عينيك لا تقدر عندي بثمن، أدفع عمري حتى تكوني سعيدة فقط.
عادت تندس بين ذراعيه وهي تقول ممتنة
جونول: عمرك الذي تتحدث عنه هو ملك لي فلا تتحدث عنه حتى تستأذن مني.
جسور، ضاحكا: أعذريني لقد نسيت أنه ملك لك هو و صاحبه و ما معه، متى شئت خذيه، حتى الآن لو أردت.
لكمته على كتفه و توجهت إلى الطاولة التي جهزت بأفضل المأكولات، بدأت تملأ فناجين القهوة و تدعوه للجلوس، سحب كرسيه و جره من مكانه حتى جعله ملاصق لكرسيها، نظرت إليه استغراب فقال مبررا تصرفه
جسور: أنا جائع جدا و مستعجل كثيرا لذا احتاج من يطعمني حتى أشبع بسرعة.
هزت حاجبها ثم ابتسمت قائلة
جونول: كأنك استيقظت و لديك نوايا مبيته للمشاكسة.
جسور: لا، أنا فقط أجرب إحساس كيف ستكون فصول حياتنا بعد الزفاف، في بيتنا الصغير.
وضعت الفنجان أمامه و تنهدت ثم شردت حالمة
جونول: لا أستطيع تخيل كيف سيكون شكله بعد التعديلات التي سأحدثها عليه، لدي عدة أفكار أود مشاركتك بها عندما تكون متفرغ من العمل.
جسور: هذا يعني يجب أن أجهز دفتر الشيكات منذ الآن و استعد لرؤية رصيدي البنكي وهو يتهاوى أمام عيني.
جونول: أنت مازلت تتذمر بسبب تلك المقتنيات التي اشتريناها منذ يومين، لم أجبرك على دفع مليم واحد.
جسور: لا، لا حبيبي و لماذا أتألم لدفع مبلغ يعادل في قيمته صفقة مهمة..... لا أفهم لماذا تدفع النساء ثروة لشراء تحفة أو لوحة ستظل مكانها لعدة أعوام و قد لا ينظر لها إلا عدد محدود من الضيوف.
جونول: تلك المقتنيات ضرورية و إن كنت لست راض عن شراءها فتعود على أن ترضى منذ اليوم لأنه سيلحق بها الكثير من مثيلاتها.
جسور: قلت لك في وقت سابق، القلب قلبك و صاحبه ملك لك فافعلي به ما تشائين.
قرصته من وجنته و قالت له بعتاب خفيف
جونول: دخول ذلك المحل كانت فكرتك أنت، نفشت صدرك و طلبت مني إختيار ما يعجبني فلا تتذمر سيد جسور تركمان.
جسور: لن أتذمر لأنني سأسترجع ثمن كل مليم دفعته.
نظرت بحيرة فضحك وهو يحدجها بنظرة ماكرة ثم انحنى إلى خدها يقبله
جسور: صغيرتي دعينا الآن ننعم بهذه الرحلة الهادئة و عندما نعود إلى بلادنا سندقق في أهم التفاصيل، هيا يجب أن أسرع فقد تأخرت عن السيد سيزار.
جونول: لأنك ذكرته، لم تخبرني بعد بشأن اقتراح زوجته علي، السيدة اتصلت بي ليلة البارحة و أعادت طرح الدعوة علي.
جسور: حبيبتي أنا مشغول كثيرا اليوم فكما تعلمين تبقى يومين فقط و نعود إلى بلدنا.
جونول: أرجوك أقبل لأجلي، المكان يبعد ربع ساعة فقط عن هنا و المهرجان الذي تحدثت عنه أثار فضولي كثيرا.
جسور: جونولي، تلك الأماكن تكون مكتظة و بها أطياف غريبة من الناس، لا أحب أن تختلطي بهم ثم قد تتعرضي المكروه ما... أنا لست موافق على ذهابك بدوني فأرجوك لا تلحي علي.
جونول: أرجوك حبيبي لا ترفض... أرجوك.
جسور: حسنا مازال الوقت مبكرا الآن ك.. سأحاول أن أجد مهربا من عملي و أذهب معك... إلى اللقاء.
قبل جبينها و إختطف هاتفه من فوق سطح الطاولة ثم غادر الفيلا إلى عمله، بقيت تقلب الطعام في صحنها و قد قل حماسها للذهاب إلى مهرجان الغجر، قلبت شفتيها بتذمر و قالت (إذا ذهب معي سيمسك بيدي كالطفلة حتى يقيد حركتي، سنبقى بضع لحظات لا تذكر ثم سيتحجج بعمله، أنا التي تعرف كيف يفكر).
🌾🌾🌾

العروس الصغيرة 🦢 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن