بقلم ندوش 🐝
وقفت جونول أمام المرآة تعدل هندامها، تأملت وجهها مليا ثم أخذت مرطب الشفاه و أعادت صبغ شفتيها وهي تدمدم بسخط (متسلط و عنيف و أنا كنت مثل الحمقاء بين ذراعيه)، إنتهت من تجهيز نفسها فنزلت للطابق الأرضي وهي تشعر برجفة تتسلل إلى أوصالها، اللقاء به بعد تلك اللحظات العاصفة سيضعفها لكنها ستبذل أقصى جهدها حتى تتماسك أمامه و تظهر له اللامبالاة التي يستحقها، وصلت إلى مائدة الفطور فوجدت الجميع متحلقين حولها باستثناءه هو، سحبت كرسيها و جلست بجانب عمتها و بدأت تتناول طعامها على مهل وهي تسترق النظر إلى الكرسي الذي تغيب صاحبه، كسرت زوجة عمها الهدوء قائلة
نيرمين: لماذا لم يطلعنا جسور على سفره المفاجيء، هذا الولد كأنه يعيش بمفرده.
خديجة: لقد اتصلوا به بالأمس و عرضوا عليه مرافقة طاقم رئيس الوزراء إلى سنغافورة فقبل، ربما انشغل بأمر ما فنسي أن يخبرنا.
قالت كلماتها وهي تلقي بنظرة جانبية إلى ابنة شقيقها التي تحرك طعامها في صحنها بشرود وهي تشد على يدها اليسرى حتى ابيضت مفاصلها، زاد حنقها عليه حين علمت أنه لا شيء يلهيه عن أعماله و ممارسة حياته كأن شيء لم يحدث بينهما ليلة البارحة في حين تجاهد هي منذ ساعات حتى تظهر متماسكة و غير ضعيفة أمام الآخرين.
بعد أن تفرق الجميع كل إلى شأنه طلبت منها عمتها أن تلحق بها إلى مكتب العائلة ففعلت، ما إن دخلت حتى وجدتها تجلس قرب النافذة و تترشف قهوتها على مهل
خديجة: أدخلي جونول و اغلقي الباب خلفك.
فعلت ما طلبت منها ثم جلست بجوارها
جونول: خيرا عمتي، لماذا طلبت الحديث معي هنا.
خديجة: خيرا ان شاء الله... لماذا لم تخبريني أنك طلبت الانفصال عن جسور، هل هكذا علمتك كيف تعالجين الأمور الحساسة في حياتك.
جونول: هل سارع لإخبارك أم يشتكيني لك؟!!
خديجة: أجل، الصدمة جعلته لا يعرف كيف يتصرف.
جونول: ااه الصدمة، كأنها لم تؤثر به كثيرا، فهاهو يحلق إلى إحدى المنتديات الاقتصادية.
خديجة: لماذا، هل كنت تنتقمين منه بتصرفك ذاك أم ترغبين بالانفصال عنه حقا، أنا لم أعرف ماذا أقول فقد عقد لساني بسبب فعلتك.
جرنول: عمتي، لقد فكرت في الانفصال عنه لأنه لا يقدرني كزوجة له، لقد كان يعتني بابنة خاله تلك حين كنت أنا طريحة الفراش، كان يسعى لخدمتها وهو يعرف أنني لا أطيقها.
خديجة: القصة مرت عليها عدة أيام، كيف علمت بها الآن فقط.
جونول: سيلين هي من أخبرتني عنهما.
خديجة: ااه سيلين.. زوجة جوكهان تزداد طيبة كل يوم أكثر.
جونول: لقد شاهدت الصور بنفسي عمتي، الأخرى كانت سعيدة بشكل مستفز، إنه مخادع و غشاش.
غلبها بكاؤها فانهمرت دموعها و بدأ جسدها ينتفض بألم، أمسكت عمتها بيديها و قالت
خديجة: لكن جسور لم يكن يعلم أنك مريضة فلماذا تصرين على وضع العقدة في المنشار.
جونول: لكنه يعلم جيدا أنني لا أحبها و مع ذلك قضى وقت... وقت كثير معها.
خديجة: هو ذهب إلى إيطاليا لأجل العمل فتفاجأ بخاله و ابنته ينزلان بنفس الفندق، الذنب ليس ذنبه.
مسحت الفتاة دموعها و قالت بعناد طفولي
جونول: لا عمتي، خاله لم يكن معهما، كانا هما فقط.
خديجة: اااه يا ابنتي، لقد إتصل بنيرمين و أنا كنت بجانبها حتى أنه بلغها سلام جسور لنا.
جونول: هل حقا كان معهما؟!!. هو لم يظهر في الصور.
خديجة: على كل حال هذا الأمر يخص تلك العائلة و نحن لا يعنينا في شيء. استمعي إلي الآن، نحن لا نعلم قرار جسور في مسألة الانفصال بعد لكن مهما كان رأيه فأنا سأقف معك و أساندك.
جونول: هل حقا ستساعديني عمتي حبيبتي.
خديجة: طبعا صغيرتي، أنا أفكر بك كثيرا منذ أيام، لم أقبل تصرف جسور معك و وبخته بشدة لكنني عذرته قليلا بسبب جهله لتوعكك... أنت مازلت في بداية حياتك و الطريق أمامك طويلة إن شاء الله، تجربة مثل هذه يجب أن لا تكسرك أو تعيق تقدمك إلى الأمام، لحسن الحظ انتما في عداد المخطوبين و الطلاق الذي سيحدث هو بمثابة فسخ خطوبة. ستجدين صعوبة في التأقلم في البداية لكن ستتجاوزين كل ذلك بروح قوية كما ربيتك.. أنا تهمني مصلحتك أنت بالدرجة الأولى اما هو فالتهتم والدته به و تنظم له حياته.
جونول: ماذا تقصدين بتنظم له حياته.
خديجة: صغيرتي، لا تهتمي لتصرفات نيرمين بعد اليوم، ما إن يحدث الانفصال ستبدأ بانتقاء عروس له أو ربما لديها قائمة نحن لا نعلم عنها شيء.
انتفضت الفتاة أمامها و صرخت بألم
جونول: أرجوك عمتي لا تتحدثي بهذا الشكل المؤلم، أنت تمزقين روحي بكلماتك هذه.
أمسكت يدها و ساعدتها حتى عادت للجلوس بجانبها
خديجة: يا ابنتي المفروض أنك تعي أن ذلك سيحدث فأنت تدركين جيدا أن نيرمين ليست موافقة كثيرا على ارتباطكما لولا إصرار عمك رحمه الله.
جونول: لا، أنا لا أعي شيء من هذه الهذيان بل لم أفكر به مطلقا، كيف سيرتبط بعد انفصالنا بهذه السهولة... لا، لا عقلي لن يتقبل مثل هذه الأفكار.
خديجة: بماذا فكرت إذا حين أرسلت ذلك المحامي الأحمق إليه، هل ظننت بعقلك الصغير هذا أن جسور سيتنسك بعد انفصاله عنك و يدفن نفسه في الأعمال.
جونول: أنا.... في الحقيقة أنا... أنا أردت أن أبرهن له أنني أستطيع إتخاذ قرار يخصني و تكوين حياة بعيد عنه.
خديجة: ماذا تعنين حتى تبرهني له، هل يعلم أنك لست جادة في هذه اللعبة الغبية.
هزت برأسها نفيا فأمسكت عمتها بأذنها حتى تألمت وهي توبخها
خديجة: أرأيت أين وصل بنا قلة تعقلك.
جونول: لكنه مازال يحبني عمتي.
خديجة: لا أعرف، فأن تقنعيه بأنه في مقام عم لك خيبة كبيرة و لا أعتقد سيبقى حب بعدها.
جونول: كيف لا يبقى حب عمتي، هذا غير ممكن.
خديجة: يا ابنتي، أنت لم تعودي الطفلة الصغيرة التي نغض الطرف عن اخطاءها و نراضيها بلعبة جميلة، عليك أن تكوني أكثر نضج خاصة مع رجل مثل جسور، لا استغرب عندما تلمح النساء إلى فارق السن بينكما لكنني أفسر ذلك بسبب الغيرة.
جونول: الغيرة من من؟!!
جونول: الغيرة منك طبعا فكل واحدة منهن تتمناه صهرا لها.
جونول: طبعا لأنه شاب ناجح و ثري.... و وسيم.
خديجة: هههه.... هذا صحيح و يوجد سبب آخر، كل من يشاهدكما معا يدرك إلى أي مدى هو متعلق بك و يعتني بك و هذا يجلب حقد قلوب كثيرة.
جونول: لأنني ابنة عمه و من واجبه أن يراعي مصالح العائلة.
خديجة: اييه أصبحت في هذه الفترة تكذبين الكذبة و تصدقينها بنفسك.
جونول: ماذا أفعل عمتي، كيف سأصلح ما فعلت.
خديجة: لا نعرف، سننتظر عوته من سفره ثم نقرر.
🌾🌾🌾