الجزء الخامس _ إختطاف 🛫

840 50 3
                                    

بقلم ندوش 🐝

بعد مسير ساعة و قد بدأت الشمس بالبزوغ، نظرت جونول إلى الطريق ثم فغرت فاها مندهشة عندما رأت لافتة وضعت عليها المسافة التي تفصلهم عن المطار، أعادت النظر بانتباه أكثر ثم التفتت نحو جسور الذي يجلس في مقعده مغمض العينين،
جونول: جسور، لماذا جئنا من هذه الطريق، هل تدرك إلى أين يأخذنا إلياس.
جسور: منذ متى يتحرك رجالي بدون إذني، الطريق التي نسير فيها صحيحة.
جونول: كيف صحيحة... أنا لا أفهم شيء... هل سنذهب إلى الساحل بالطائرة، لماذا و المسافة لا تبعد عن هنا سوى ثلاث ساعات.
طالعها بابتسامة كسولة بعيون شبه مغمضة
جسور: جونول، نحن ذاهبون إلى كيب تاون، سنقضي أسبوع هناك ثم نعود.
اعتدلت في جلستها و قد ظهرت الدهشة على وجهها
جونول: هل قلت كيب تاون، لماذا أذهب معك إلى هناك ثم أنا لم استأذن من عمتي.
جسور: كنت أظن أنك تحبين المفاجاءات لهذا فكرت ليلة البارحة أن نقوم بهذه الرحلة معا و نتخلص من بعض الضغوطات و الروتين... إلياس عد من المحول الشرقي و خذ الطريق السيارة إلى الساحل.
جونول: لا إلياس لا تغير المسار. أنا لم أقرر بعد... حسنا أعجبتني فكرة السفر لكن ماذا بشأن عمتي؟!!
جسور: دعيهم يتفاجؤون مثلك، نحن لن نقضي حياتنا نبرر خطواتنا لهم، لقد كبرت جونول.
جونول: معك حق لقد كبرت و صرت مسؤولة عن نفسي لكن لا أحب أن تنشغل عمتي علي.
جسور: لا تقلقي بشأنها، هي تطمئن عليك عندما تكونين معي.
أفرجت عن تنهيدة بها ارتياح ثم عادت و وضعت رأسها على ظهر الكرسي، شعرت بالسعادة تغمرها لأن إبن عمها قرر أخذها معه إلى خارج البلاد في رحلة سياحية يكونان فيها معا لأول مرة.. عاد جسور للصمت، أغمض عينيه من شدة الإرهاق فقد هجره النوم ليلة البارحة و لم يستطع ان ينعم بالهدوء إلا بعد ساعات متأخرة عانى فيها من عدة ضغوطات. عاد به شريط الذكريات إلى اللحظات التي تلت مواجهته مع جونول و انهيارها بالبكاء بين ذراعيه، بعد أن تركت جناحه و قد عاد إليها بعض من هدوءها و شعورها بالأمان، تواصل هو مباشرة بأحد رجاله و طلب منه الإجتماع به في مكان خاص بهم.
الساعة الثانية ليلا، في مستودع شركته الخاصة بعد أن أخلي المكان من السيارات و الحراس القائمين عليه، مر عليه ربع ساعة من تواجده هناك، قضاه يذرع المكان جيئة و ذهاب وهو ينفث أنفاسه بحنق فتغادر اضلعه كحمم البركان الثائر، ظن أنه بهذا الشكل سينفس عن غضبه المتأجج بين حنايا قلبه لكن كل نفس يأخذه يتحول إلى كتل لهب فتزيد من جنونه و تشحن روح الوحش الكامن في داخله. يعلم قسوة شعور الغيرة لأنه عايشه عدة مرات بسبب تصرفات تلك الفتاة الشقية لكن عندما يصل الأمر إلى المساس بكرامته أو الدوس عليها فهو على استعداد للتخلي عن جميع أشكال التهذيب و المروءة التي نشأ عليها، تغيب الإنسان الحضاري في داخله ليحل محله الإنسان البدائي الذي لا يعرف إلا استعمال قوته و نفوذه، الشعور بواجب الحماية و الذود عن من تخصه سيطر على تفكيره فتولد لديه إصرار على الأخذ القصاص من غريمه بنفسه دون النظر إلى الخلفيات و العواقب. إنه إبن وزير التجارة، هكذا صرخت باكية و نظرات الخوف و الحذر لا تغادر مقلتيها، ظن قلبها الصغير أن المناصب تبيح للبعض التجاوز و التطاول على الغير، لقد أخطأت التقدير فسمة الهدوء التي ميزت طبعه و رجاحة العقل لديه لا ينفيان أنه لا يقبل التهاون أو غض الطرف عندما يقع التجاوز عليه. زفر بحنق كأن الحركة الكثيفة لا تجدي نفعا مع حالته الثائرة فتبرم بغيظ و عيونه تكاد تدمع لشدة تكاثف الغيظ الذي يتجمع في داخله (لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها، لا أتسامح مع من فعل فعلته. يضع يده عليها، ااخ أكاد اجن، سيرى ماذا سأفعل به، تبا له و للرجل الذي يسمى والده).
انتبه من أفكاره على انفتاح الباب المعدني على مصرعيه و دخول سيارة سوداء ببلور معتم، وقف في آخر المستودع ينتظر توقفها في قلب المكان و قد تطاير الشرر من عينيه، وقفت السيارة و نزل منها رجل بلباس أسود و حذاء بساق مرتفع، ترك رفيقاه في الداخل و تقدم من رئيسه وهو يضع قناع على وجهه
إلياس: لقد تمكنا من اصطياده سيدي، كان في ملهى ليلي صحبة صديقاته.
جسور: انزله إلى هنا و غادروا إلى المدخل.
عاد رئيس أمنه إلى السيارة، فتح الباب الخلفي و سحب الفتى معصوب العينين الذي كان يدمدم بكلمات تهديد و وعيد ذهبت ادراج الرياح، دفعه إلياس خطوات للأمام حتى أصبح أمام سيده ثم نزع الرباط عن عينيه، تركه هناك ينظر حوله باستغراب و عاد إلى السيارة التي تراجعت إلى المدخل المغلق. نظر الفتى في أرجاء المكان الفارغ وهو يطرف بعينيه ثم نظر أمامه و دقق التحديق في الرجل الذي انعقد حاجبيه وهو مازال يلتزم الصمت
كرم: من أنت، ماذا تريدون مني؟!!
جسور: شاب بائس مثلك ماذا يريد المرء منه.
كرم: طبعا فأنتم جلبتموني إلى هنا لابتزاز والدي.
تقدم منه جسور خطوات قليلة حتى أصبح أمامه مباشرة، شهق الشاب بتفاجؤ فقد تعرف عليه ثم قال
كرم: ااه لقد عرفتك، أنت جسور تركمان إبن عم جو..
قبل أن ينهي نطق إسمها بادره بصفعة قوية أطاحت به أرضا فنظر إليه بذعر و قال
كرم: من تظن نفسك حتى تمد يدك علي و تضربني.
جسور: قف أيها التافه و أريني ما يمكنك فعله.
نهض الشاب بتثاقل، رفع يده و حاول أن يلكمه لكنه أمسك قبضته و ثنى ذراعه للخلف حتى صرخ متألما ثم جعله ينزل على الأرض حتى كاد وجه الفتى أن يلامس حذاءه، ظل يمسكه بذلك الشكل و الآخر يستغيث مترجيا ثم قال له
جسور: هذه المرة سأكتفي بكسر ذراعك... لكن في المرة القادمة سأحطم عنقك إن حاولت التعرض لكل شخص يخصني من قريب أو من بعيد.
ألقاه على الأرض فتلوى متألما، سحب جسور ملف من جيبه و ألقاه عليه قائلا (هذا الملف به سيرتك الذاتية، أعطيه لوالدك حتى يفكر مرتين قبل أن يقف في طريقي، أمامه نصف يوم حتى يفرج عن باخرتي و إلا ليبحث لنفسه عن عمل جديد).
ركله و غادر إلى سيارته فتقدم منه الحراس و أعادوا ربط عينيه ثم اقتيد إلى السيارة التي رمته غير بعيد عن فيلا والده... عاد جسور إلى القصر و قد عمه الهدوء، صعد إلى جناحه، مر قرب غرفة جونول ففتح الباب بهدوء و نظر إلى داخلها، وجدها تغط في نوم عميق وهي تحتضن لعبتها المفضلة، عروس من القماش الملون، هدية ارسلت لها ذات يوم من أمريكا.
💞💞💞

العروس الصغيرة 🦢 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن