بقلم ندوش 🐝
بدأت زهرة ترتب ملابس زوجها في حقيبة السفر، أنهى عاكف تفقد وثائقه و أتى لمساعدتها، أمسك كتفيها و أدارها نحوه ثم تكلم بهدوء وهو ينظر داخل عينيها
عاكف: لو قبلت السفر معي حبيبتي، كنا قضينا معا وقتا ممتعا.
زهرة: أتمنى ذلك عاكف لكن كما تعلم أبي مازال ضعيف بعد تلك الوعكة التي ألمت به، أخاف أن يهمل دواءه في غيابي و تنتكس حالته.
عاكف: حسنا لن أضغط عليك هذه المرة لأجل صحة عمي لكن مستقبلا ستأتين معي... أنا لا أحب أن افترق عنك بمقدار يوم واحد.
ارتمت في حضنه و طوقت رقبته بيديها ثم اجهشت بالبكاء حتى أثارت حزنه، أصبحت شديدة الحساسية في الآونة الأخيرة خاصة بعد ذلك الموقف العصيب الذي أحدث زوبعة بينهما استمرت يومين متتاليين ثم جاء مرض العم صالح فأعاد الزوجين الشابين إلى أحضان بعضهما:بعد يوم عمل شاق، غادرت زهرة بناء المستشفى، كانت تهم بالتلويح لسيارة أجرة عندما وقفت بمحاذاتها سيارة الدكتور عامر، نزل منها و توجه إليها
عامر: زهرة، من الجيد أنني رأيتك، تعالي حتى أوصلك إلى البيت.
تراجعت للخلف خطوة فهي لم تستقل سيارة رجل غريب من قبل كما تعرف شدة حساسية زوجها ناحية أبناء جنسه لهذا لا تريد أن تعكر صفو يومها بكلماته الحادة، اعتذرت منه بشدة و متحججة بكلمات غير مترابطة فقال
عامر: لا يوجد أي إحراج سيدتي ثم أنا بالأصل ذاهب لزيارة خالتي هزار، لم ألتقي بها منذ عودتي إلى البلد، هي من رشحتني للعمل هنا و يجب أن اشكرها بنفسي...لقد إتصلت بها وهي تنتظر مجيئي.
زهرة: ااه،حقا، لم أكن أعلم ببرنامجك أقصد فكرة زيارة حماتي.
فكرت قليلا بينها و بين نفسها ثم قررت العودة معه خاصة و قد تأخر الوقت إلى جانب أن الشاب ذاهب إلى الفيلا فلا يوجد ضرر في الذهاب معه.
توقف عامر أثناء الطريق، اشترى علبة شكلاطة و باقتي زهور من نفس النوع، ما إن وصلا إلى باب الفيلا حتى دفع بإحدى الباقتين في يدها فلم تجد الفرصة للإعتذار عن أخذها.... كان عاكف ينزل من الطابق العلوي حين قابله مشهد الضيف الذي يرافق زوجته و مدى ترحيب والدته الشديد به، ثارت ثائرة الزوج الغيور عند رؤية باقة زهور ناعمة في حضن زوجته حتى كاد أن يسرع للأسفل و يسحقها بقدميه. مرت الأمسية في هدوء يكتنفه الحذر خاصة من جهة السيدة هزار التي أدركت حجم البركان الذي يغلي في صدر إبنها، هي أدرى الناس بحدة طبعه خاصة و أنه طوال الأمسية كان يضع يده على خصر زوجته و يظهر انتماءها له... انتهت السهرة و غادر الضيف الفيلا، صعد كل فرد إلى جناحه، تفاجأت زهرة بزوجها يصفق الباب خلفه بعنف ثم وقف مكتوف اليدين في منتصف الغرفة
عاكف: كيف يعاملك الموظفون في المستشفى.
زهرة: إنهم يعاملونني بإحترام شديد... لقد اجبتك عن هذا السؤال منذ مدة.
عاكف، بحدة: سأعيد طرح السؤال الذي يعجبني.. ذلك الشاب عامر أين التقيت به.
زهرة: ما الأمر عاكف، لما أنت غاضب و لماذا تتخذ منه موقفا حادا، لقد احرجت الشاب حين ذكرت قضية والده.
عاكف : والده سجن بتهمة اختلاس الأموال و هذه قضية يعرفها الجميع وهو مازال يقبع في السجن منذ خمس سنوات، يعني الأمر ليس سر عن البقية إلا إذا كان يخشى أن تهتز صورته أمام أناس آخرين.
زهرة: ماذا تقصد بأناس آخرين؟!!.
عاكف: حبيبتي، أنت طيبة و بريئة و لا تفهمين ما قد يحيكه بعض الناس من حولك فابتعدي عن أي شخص يثير الريبة حتى لا يتعكر صفو حياتنا.
زهرة: لم أفهم المعنى من حديثك، أنت تلمح إلى الدكتور عامر لكن كأنك تقلل من شأني فيما قلته.
عاكف: أجل ذلك اللعنة الدكتور، أنا لا أرتاح له فلا تختلطي به كثيرا بل لا تتحدثي معه أبدا.
زهرة: أنا لست طفلة حتى تمنعني من محادثة هذا أو ذاك، السيد يعاملني باحترام شديد، عرض علي أن يرافقني إلى هنا لأنه سيأتي لزيارة والدتك فوجدت من العيب أن أرفض عرضه.....
ركل كرسي بجانبه ثم أمسك ذراعها و هزها بعنف
عاكف: لسنا في حاجة إلى خدماته و لتقطعي صلتك به أو أتركي العمل في المستشفى، أنا لست ولد حتى اخدع بأشباه رجال... زهرة لا تثيري غضبي حتى لا تندمي.
جذبت ذراعها بعنف و قالت وهي تنتحب بألم
زهرة: لا تكرر ما قلته مرة أخرى و لا تفكر في تعنيفي و إلا لن ترى وجهي مرة ثانية... أنا لست عبدة لديك حتى تهينني بهذا الشكل.
تركت الغرفة و هربت إلى غرفة الضيوف تحتمي بها، أغلقت الباب بالمفتاح عندما أدركت أنه لحق بها.
أنتبهت هزار لأصواتهما المرتفعة فهرعت إلى الرواق، وجدت إبنها يطرق الباب و يتحدث بغضب
هزار: عاكف، ماذا يجري هنا، ماذا حدث؟!!.
عاكف: اسألي كنتك أمي، إنها ترفض أن تستمع إلي و تتهمني بأفكار لا وجود لها.
جذبته والدته من ذراعه و أبعدته عن الباب.
هزار: هل جننت، لا تقل كلام قد تندم عليه، أنا سأتحدث معها و أجعلها تهدأ، أبتعد أنت...
بدأت هزار تطرق الباب و تطلب من زهرة أن تفتح لها فأستجابت الكنة لها و فتحت، وجدتها مازالت تبكي بحرقة فأخذتها من يدها و اجلستها على حافة الفراش و جلست بجانبها
هزار: اهدئي زهرة، أنت تعرفين أن طبعه صعب قليلا و أحيانا يسيء تقدير الأمور.
زهرة: لكن الشك ليس من تقدير الأمور، أنا لا أقبل أن أعامل كزوجة بدرجة ثانية.
عاكف: عن أي معاملة تتحدثين، لن أقبل أن يستغل أي رجل طيبة زوجتي و يحاول أن يتقرب منها شئت ذلك أم أبيت و حالا ستعودين معي إلى غرفتي.
هم أن يمسك يدها لكن والدته منعته و دفعته إلى الخارج
هزار: بني، اهدأ حتى لا تزيد الوضع سوءا، زهرة لم تخطيء و أنت تبالغ في ردة فعلك... عامر إتصل بي قبل أن تعلم هي بمجيئه و استأذن لزيارتي.
عاكف: هااه، عامر، جميعنا نعرف من يكون إلا زوجتي الطيبة، أمي تعلمين أنني لا أطيقه فكيف تتدخلين لتوظيفه في المستشفى.
هزار: أنت قلتها بني، زهرة طيبة و نيتها سليمة مع الجميع فلا تؤذيها عن غير قصد أما عن عامر فلا تكن كالأطفال و تتمسك بذكريات من أيام المدرسة.
عاكف: حسنا أمي... سأتغاضى عما حصل بشرط أن تعود إلى غرفتنا، لا أقبل أن تنام في غرفة مستقلة عني.
بعد مد و جزر، استطاعت هزار أن تخمد المشكلة التي حدثت و تقنع زهرة بالعودة إلى غرفتهما، بقيت الكنة على موقف مجاف من زوجها الذي كان يتأرجح بين نار حبه الشديد لزوجته و عذاب الغيرة الذي يتأجج في احشاءه كلما ذهب يوصلها أو يجلبها من المستشفى، كان يستغل أي فرصة للتواجد هناك حتى تبقى تحت ناظريه الأمر الذي جعل البعض يتهامسون فيما بينهم و يتحدثون طوال اليوم عن شدة التصاقه بها حتى صار أمر يتندر به.. ليلة البارحة أخذها للعشاء في مطعم فاخر ثم أنهى الأمسية في غرفتهما بعد أن أغدق عليها بهدايا ثمينة و قيمة ثم جرفها معه في موجة مشاعر قوية كان متملك و متسلط فيها كأنه يؤكد لها أنها ملك له روحا و جسدا. حبها الشديد و تعلقها المتزايد به جعلها تغض الطرف عما حدث و تفكر في جعل زواجها أكثر هدوء و سكينة، قررت أن تتعامل مع غيرته بتعقل حتى تقلل من تأثيرها على حياتهم.
🥗🥗🥗