ثالثًا

60 11 7
                                    

ها قد صنتي وعدنا يا مذكراتي العزيزة !
حميتي نفسك وبقيتي آمنة حتى هذا اللقاء
هل أنتِ مستعدة لبقية ثرثرتي ؟

كان يسبقني بسيره بضع خطوات حتى انخرطنا بالزحام
فمد يده لي ليتيقن من بقائي قربه وأن لا أضيع أو يبتلعني هذا الزحام
" قل لي أيها الشقي ما اسمك ؟ "
نظرت الى الأرض وخالجني شعورٌ بغيض
" إدوارد "
هذا الاسم الذي اطلقته علي والدتي متيمنة أن أكون حارسًا لسعادة المنزل والعائلة
ياللسخرية
ما أن وُلِدت حتى بدأ شجارهم و ذلك الكره ينمو
طردت هذه الذكريات من رأسي و سألته
" وأنت ياسيد ؟ "
ابتسم وأمال برأسه قليلًا
" همم .. خمن ؟ "
عقدت حاجبيّ
" أخمن ؟! "
" نعم ، ماهو الاسم الذي تظنه يليق برجلًا مثلي ؟ "
" لا اعلم أنا سيء بالتخمين "
التفت إليّ ونظر
" سيء ؟ غريب اشعر ان عينيك تستطيع اختراق اي شيء
و معرفه ما يجول به "
" اذا كنت تظن ذلك .. فماذا عن اسم ليونارد ؟ "
" ارأيت ؟ أنا واثق أن سحر عينيك فعّال .. اقتربتَ من الصواب "
" أقتربت ؟ "
" اسمي ليونيل "
" اسم جميل ياسيدي "
" أتظن يا ادوارد أنني اشبه الاسد ؟ "
تفحصته قليلًا واضعًا يدي اسفل ذقني
" لا ، اشعر انك تشبه الذئاب اكثر "
" الذئاب ! "
كانت نبرته متفاجئة جدًا
" ألم يخبرك أحد بذلك من قبل يا سيد ؟ "
" لا فأنت الأول ، والآن دعنا من كلمة سيد هذه "
" هل تضايقك ؟ "
" ليس حقًا ولكن يبدو الامر كما لو انني شخص متسلط مخيف كالوحش "
ضحكتُ بخفة بعد أن تظاهر في آخر حديثه أنه وحش
كان يحاول جاهدًا إضحاكي وجعلي مستمتعًا
لكني كنت خائف قليلًا
فلا أعلم ما أنا مقدم عليه وكيف سأعيش

بقينا نسير ربع ساعة أو أكثر بقليل حتى وصلنا لحي سكني متواضع متوسط المكانة ومن ثم انعطفنا يمينًا و
" هاقد وصلنا "
" سيدي أهذا منزلك ؟ "
لم يسعني سوى ان افتح فاهي و انظر حولي بإنبهار
لم يكن بذلك المنزل الضخم كالقصور او المهيب
لكن بنظري كان يفوق القصور روعة
" نعم هذا هو منزلي الجميل .. مارأيك أهو جميل ؟ "
" نعم ! جميل جدًا "
ربت على ظهري يحثني على المشي للأمام نحو الباب
" اذًا لندخل "
فتح الباب بمفتاح بني وما ان دخل حتى نادى
" لقد عدت روزا "
لم تمضي دقيقة او اثنتين بسكون حتى ظهرت
امرأة في عقدها السادس او السابع
" ها قد عدت ليو "
كانت تبتسم له بدفئ حتى حولت نظراتها إليّ
" ومن هو السيد الصغير المغطى بالطين هذا ؟ "
احنت بجذعها الى الامام
"آه .. هذا هو إدوارد من الان فصاعدًا سيبقى هنا "
بعثر شعري وهو يبتسم
" سيدة روزا أعدّي لإدوارد حمامًا ساخن بينما أعد العشاء "
" يا إلهي يا إلهي ليونيل سيعد العشاء ؟ ،ما مناسبة هذا الدلال!"
قهقهت وحثتني للمشي لأعلى بينما هي ذهبت تتحدث مع ليونيل
ربما كانا يتهامسان ، هل اصطحابه لي خاطئًا ؟
بعد فترة اتت إليّ ووجدتني واقفًا اعلى الدرَج
وحممتني بماء ساخن
حينها كنت متضايق جدًا فلماذا يجب ان تحممني ؟
لست طفلًا !
جفَلت للحظة ومن ثم استقامت
استطيع سماعها تكلِّم السيد من الاعلى
" ليونيل ! لا نملك ملابس ملائمة لمقاس الصغير ! "
واستطعت سماعه يرد عليها
" سحقًا نسيت ذلك تمامًا ! ، فلتبحثي الان عن أي ملابس قديمة وسأشتري له اخرى ملائمة في وقت لاحق "
" حاضر "
عادت إليّ
" المعذرة ايها الصغير ، ايمكنك إكمال الاستحمام بمفردك ؟ سأبحث لك عن ملابس حتى تنتهي "
" نعم .. لا بأس "
هززت رأسي متظاهرًا ان كل هذا لا بأس به
لكن هذا التظاهر لا ينفع بشيء
خرَجت واغلَقت الباب وبقيت بمفردي
تنهدت
" ما كل هذا ؟ "
تمتمت بها وانا اعنيها ..
ما كل هذا !
أيظنون أنني امير مفقود او ما يشابه ذلك ؟
لما يتصرفون هكذا وكأنهم يعرفون من انا من قبل ؟
ويتصرفون وكأنني شخص ذو مكانة
انا لست سوى فقير هارب من منزله وجدت ليونيل صدفة
وتوسلته لمساعدتي
حسنًا حسنًا
لابأس ! اذا لم اشعر انني بخير هنا سأهرب كالعادة
سأظلّ أهرب حتى اشعر انني بخير
انتهيت من الاستحمام وخرجت
وقفت عند الباب ابحث عن وجهتي الاخرى
" ايها الصغير من هنا ! "
تبعت صوت السيدة روزا حتى وجدت بعض الملابس
كانت اكبر مني قليلًا
" هيا ارتديها و لتأتي للاسفل "
" حاضر "
انا يجب ان لا اصدق انني مدلل أو ثري
أنا يجب أن اعرف مكانتي جيدًا
وابقى ممتنًا لهؤلاء الاشخاص
ذهبَت وحالما وصلت الى الباب التفتت إليّ
" استكون بخير لوحدك ؟ ام تحتاجني لمساعدتك على الارتداء ؟ "
" لا بأس سأكون بخير ، لم أعتاد على هذا الدلال على اي حال "
لم انظر اليها بل انشغلت بكيفية ارتداء هذا القميص المبتذل الغريب
لم اسمع منها اجابة سوى اغلاقها للباب بهدوء

مارأيك يامذكراتي العزيزة ؟
نتوقف هنا ؟
اذًا لنكتفي بهذا القدر لليوم ونكمل في لقائنا المقبل
مذكراتي الصديقة أرجو منكِ إحتضان كلماتي
وإبقائها بداخلكِ لا تخرج من هذا الحضن
اغدقيها بدفئك حتى لقائنا القادم

مذكّرات مَنفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن