رابعًا

56 10 4
                                    

مذكراتي العزيزة هل اشتقتي إليّ ؟
أما أنا فلقد فعلت ولذلك أتيت إليك
استعدي لأكمل ما حدث
واغفري لي فوضتي

حالما انتهيت من ارتداء كل تلك الملابس توجهت الى الاسفل واتبعت اصواتهم حتى وصلت الى غرفة الطعام
رأيتهم جالسين ويتبادلون الحديث وعلى الطاولة طعام خطفت وعيي رائحته
" ها قد اتيت ايها الشقي لقد تأخرت  "
كان واضح انه يتذمر
" اتركه انه صغير ومازال لم يعتاد ! "
وها هي تنهره عن ازعاجي
جلست بهدوء متجاهل كل ماحدث
وساد الصمت المكان
اخذ صحني ليونيل و اخذ يضع لي من الطعام
" هيا لنأكل فقط "
مرت دقيقة او اثنتين بسكون لا يعرقل هدوء المكان سوى اصوات الملاعق والصحون
كنت محرجًا جدًا لدرجة انني رغبت الخروج والاختفاء فقط
نظرَ إلي بفضول ووجدني أعبث في صحني دون ان اكل
" مابك إدوارد ؟ لما لا تأكل ؟ "
دفع ذلك روزا للانتباه إليّ ايضًا
فسرعان ما تبدلت نظراتها الى اخرى قلقة و متسائلة
" ماذا ؟ الا يروق لك الطعام ؟ اتريد ان اصنع لك شي معين ؟ "
" لا لا "
رفعت يدي انفي كل هذه الظنون
" كل ما في الامر ... أنني لا أجيد استخدام الشوكة والسكين"
قبضت على بنطالي بكلتا يدي و اخفضت رأسي محرجًا
صمتوا لبرهة
" أهذا كل مافي الامر ؟ حسنًا "
كان لا مبالي جدًا
ابعد شوكته و الملاعق
شمّر عن ذراعيه وبدأ ياكل بيده
لم استطع ان انطق شيء كنت مشدوهًا
أكان يقول لي عن طريق ذلك ' لا تخجل ' ؟
" هيا فلتأكل لا شيء غير ذلك يهم ! "
حثني ليونيل على الاكل بيدي ايضًا
أما روزا ابتسمت و اكملت تأكل في ملعقتها
كان من الواضح انه لم يعجبها ما فعله السيد ليونيل
ولكنها تغاضت عنه من اجلي
ابتسمت بخفة وبدأت اكل ايضًا
ما الشيء الجيد الذي قمت به لأدلل هكذا ؟
أشعر بالامتنان كثيرًا

حالما انهينا طعامنا انشغلت روزا في اعمال المنزل
وجلس ليونيل في غرفة المعيشة وقام بمناداتي هناك
" أدوارد أجلس "
جلست أمامه بهدوء
" حسنًا ادوارد اخبرني بكل شيء الان "
لم يكن ينظر إلي بلطفه كما كان يفعل
او لم يكن يبتسم ايضًا
لم استطع ترجمة نظراته
كانت مابين الجدية والصرامة بمزيج من القلق
" كل شيء ؟ "
قلتها ليس جهلًا بما يقصده بل سائلًا من أين ابدأ بالضبط
" اقصد كيف انتهى بك الامر في الطرقات ؟ اين والديك ؟ مااسم عائلتك؟
وكيف كنت تعيش قبل مقابلتي؟ شيء من هذا القبيل "
تنهدت ... امامي الكثير لقوله
" سيد ليونيل انا لا استطيع الحديث هكذا من فضلك اسألني عما تريد وسأجيب "
صمَت لبرهة ومن ثم تنهد بخفة
" حسنًا "
تبدلت نظراته و ابانت القليل من الليونة
" لنبدأ من عائلتك.. من هم ؟ وماذا حدث لهم ؟ "
" عائلتي صغيرة عبارة عني وعن والديّ ، نحن فقراء نقاوم الجوع والتشرد كل ليلة .. والدي يدعى ويليام رويز و والدتي اليكساندرا رويز "
" وماذا كانا يعملان ؟ "
" والدي كان يخدم احد الاثرياء ولكنه طُرِد و والدتي كانت ربة منزل واحيانا تبيع الخبز على الجيران "
هاهي تلك النظرات تظهر
نظرات الشفقة والاسى
" وماذا حدث لهما ؟ "
عُقِد لساني لقد كنت اتهرب من اجابة هذا السؤال منذ البداية
ضاعت الكلمات ونسيت كيف هو الحديث
شعرت به ينظر إلي وانا اهرب من لقاء عينيه
دون ادراك وجدتني اعض على شفتي السفلى
وتجمعت الدموع بعيني وتضاربت انفاسي في صدري تتوق للخروج
" حسنًا لابأس بعدم اخباري ادوارد ، لكن أتعدني انك ستخبرني يومًا ما ؟ "
اعلم أن حقه معرفة من سيشاركه منزله ومن الذي قرر أن يعتني به
" أعدك "
ابتسم ليطمئنني
" والان هل يمكنك اخباري كيف انتهى بك الامر في ذلك الشارع ؟ "
تنهدت مرة اخرى اشعر ان قلبي ثقيل جدًا
" في فترة ما ان اصبحت يتيم ، قرر أحد الجيران الأعتناء بي لكنني هربت "
" حسنا ..و لماذا هربت ؟ "
" كنت أعي تمامًا انهم فقراء وليسوا بحاجه لطفل آخر للأعتناء به ولذلك هربت حتى لا أكون عبئ "
شعرت بإبتسامته لكني لم أراها بوضوح
"  يالك من فتى "
استقام
" حسنا لقد انتهينا هنا سأذهب للقيام ببعض الامور يمكنك التصرف كيفما تريد"
ربت على رأسي ومن ثم توجه الى الباب
" آه ! سيدي! "
كان قد خطر في بالي سؤال
واستوقفه ندائي
" ماذا ادوارد ؟ "
التفت الي بابتسامه متسائلة
" ايمكنني ان اسأل عن شيء ما ؟ "
" بالتأكيد ماهو ؟ "
" هل هناك مشكلة ببقائي هنا ؟ "
لقد تذكرت كيف كانا يتهامسان
نظرَ لي بحيرة
" أنا صاحب هذا المنزل وأنا قد قبلت بالإعتناء بك ، لا أحد يستطيع جعل هذا خطبًا حين لا أراه كذلك أفهمت ؟ "
كان يتحدث بلا مبالاة
" نعم .. شكرًا لك سيد ليونيل "
نفى بيده اهمية هذا الشكر و ادار وجهه الى الباب
" اشكرني لاحقًا .. و كن مستعد غدًا لدينا الكثير للقيام به "
" حاضر "
" والان فلتذهب لروزا "
امرني بذلك وخرج من الغرفة واستطعت سماع خطواته متجه نحو الاعلى
ومباشرة خلفه خرجت من غرفة المعيشه وتوجهت لروزا
واتضح انها ارادت ان توضح لي قوانين المنزل واين سأنام

اشعر انني تحدثت كثيرًا اليوم اليس كذلك يا مذكراتي العزيزة ؟
اتمنى انكِ لستِ متعبة
ارجوكِ اغفري لي غفلتي هذه
وكوني بأمان حتى يوم آخر

مذكّرات مَنفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن