الثامن عشر

34 8 6
                                    

مذكراتي عزيزتي
أتذكر مرور الوقت سريعًا
دون الشعور به يركض
فقط نعيش حياتنا بهدوء واعتيادية
لنتفاجئ بعد حين أننا ذهبنا بعيدًا وسريعًا

لقد مر وقت طويل
وأنا أعني وقتًا طويلًا بحق
لقد أصبحت أطول ، أكبر وأنضَج
ها قد اصبحتُ مراهقًا يعانون من أفعالي
كنتُ في فترةٍ ما حيث بدأ شبابي
أفتعلُ المشاكل و أبدًا بالشتم
كانت سمعتي قد أنتشرت في الحي
' الكلب المسعور '
كانوا يلقبوني
فما كنتُ أنظرُ لفتًا حتى ابدأ بالصراخ عليه وبدأ شجار ولا ينتهي
إلا حين يراني اديلان و يبعدني عنه
لم اعلَم لماذا كنت أفعلُ ذلك
لكني ادركتُ الآن أنني كنتُ مضغوطًا من كل شيء
وغاضبًا كذلك ، فما وجدت طريقة لتفريغ غضبي
إلا عن طريق الشجار مع الفتيان الآخرين
لم أكن اشاجر الجميع
كنت فقط اتقاتل مع اولئك المثيرين للازعاج
وكنت دائمًا يوميًا أعود للمنزل و هنالك جرحٌ ما في جسدي
و ما تنفك روزا عن الصراخ علي و تكرار ذات العبارات
التي كانت فقط تغضبني أكثر
كانت أحيانًا تصرخ تلومني على افعالي
وتذكرني بكيف اعتنوا بي جيدًا
كانت أحيانًا كذلك تتسائل
ماذا حدث لتصبح هكذا يا إدوارد ؟
متى غفلت عن الاعتناء بك يا إدوارد ؟
متى فعل ليونيل عن ذلك ؟
كانت تقول ذلك فقط لترى التأثر على ملامحي
وحين أتظاهر بتجاهلها و أصعد لأعلى دون رد
كانت تهتف لي من الأسفل
" ألم يحسن تربيتك يا إدوارد ؟! "
بلى لقد فعل
لقد فعل وجيدًا
لما ينتهي الامر بي أُخيب ظنون كل اولئك الذين أحبوني بصدق
كنت أغلق الباب بعنف
أظن أن روزا كانت تترجم صرخة الباب كردّي
" نعم أنا أعلم يا روزا ، ارحمي أرجوك "
وربما جسدي كان يقصد ذلك حقًا حين يدفع الباب
كنت أبقى بغرفتي طيلة الوقت
ويزداد اكتئابي حين أدرك انني لا استطيع رؤية ليونيل
و أن ليونيل بالتأكيد قد سمع ما يحدث كل ليلة بسبب صخب روزا
إني لا أجرؤ على تخيل مدى خيبة أمله بي
وإني أخافها اكثر من أي شيء

كما قلت يا مذكراتي
كانت فترة من حياتي فقط وليست كلها
فسرعان ما عدت إدوارد الهادئ و الناضج
والمهذب كذلك ، بعد قليل من الوقت بدأت أكثر هدوء
وأصبحت قليل الخروج للتجول أو الشجار
وحين أخرج أتجاهل كل الفتية في طريقي
كنت حين أرى أي أحد أعلم جيدًا أنه يكرهني ألقي التحية
فجميهم كبار سن ويكرهوني بسبب المتاعب التي احدثتها
اعتذرت لروزا واخذت تربت على كتفي وتلقي عليَّ الاطراء
وحين أعود لا جروح ولا غضب فقط الكتب برفقتي
وروزا لا تصرخ بل تبتسم و تتحدث عن مدى فخرها بي
إن روزا تنسى كل شيء سريعًا و تحب أن تكون سعيدة
لكني حتى ذلك الحين لم أستطع مقابلة ليونيل
فالمرض قد ازداد وشدَّ عليه فما استطاع يحتمل ثرثرتي أو أي احد
أصبحت روزا فقط ترعاه و الطبيب بعض الاحيان يأتي
وكانت دائمًا تحذرني من ازعاجه بحديثي فهو متعب
نعم فأنا ما إن أرى ليونيل حتى يبدأ لساني بالرقص
وأبدأ بالتحدث عن كل شيء في هذا العالم
ولأنه ليونيل ، هو بالتأكيد يخفي تعبه و ألمه عني و يتظاهر بأن كل شيء بخير
ويبتسم لي في كل مره أنظر إليه
كنت حقًا حالما أمرَّ من حجرته أتمنى دخولها
لدي الكثير لأتحدث عنه ولأعتذر عنه كذلك
لكني لوفعلت فسأشعر بالندم بعدها لارهاقِه
فأتجاهل الباب وأذهب لغرفتي بهدوء

لقد أصبحتُ رجلًا كبيرًا بنظر روزا وأصبحت تعتمد علي في الكثير
كذلك اديلان وإيلينور كبرا رفقتي وصداقتنا كبرت أيضًا
اصبح اديلان كظلي ، لا أفارقه ولا يفارقني واثنانا سويًا دومًا
وأكثر ما نفعله هو صنع وعود باننا رفاق حتى الموت
إيلينور اصبحت لا تأتي رفقتنا كثيرًا وانشغلت بأمور الفتيات كذلك
و بعد فترة ليست ببعيدة كثيرًا
اتت إليَّ ببشارة
حيث كنا جالسين في حديقة قريبة من منازلنا
ذاتها التي ذهبنا اليها في أول نزهة
كنا نتبادل الحديث ونتضاحك
ذهب اديلان ليلحق بفراشة ما وجدها زاهية ليدرسها
كنت أراقبه لكنها افاقتني من مراقبته
" إدوارد "
ابتسمت كعادتي منتظرًا مزحة إيلينور التي ستضحكني عامًا
" لقد خُطِبت "
ابتسَمت بخجل و نظرت لأسفل حيث أكواب الشاي
" أليس .. ذلك مبكرًا قليلًا ؟ "
انفعلَت قليلًا واخذت تتحدث باندفاع تبرر لي
" عمَّا تتحدث ! أنا كبيرة بالفعل يا إدوارد ، لقد تقابلت معه كثيرًا هو فتًا لطيف ومهذب و كذلك محامي مقبل على التخرج ، قل لي إدوارد ماذا ينقصني عن بقية الفتيات حتى لا أتزوج  ؟ "
رفعتُ كفّاي أهدؤها وابتسمت
" أهدئي أهدئي ، لا شيء ينقصكِ أنتِ رائعة إيلينور ، وأنا لستُ حزينًا
على النقيض تمامًا ! أنا سعيد لكِ واتمنى لكِ التوفيق رفقته ! يبدو أنه رجلٌ جيد و كذلك ذو عمل جيد ، هذا رائع إيلينور"
عاودَت الابتسام إلي
" اذًا متى سيكون زفافكما ؟ ، بعض الرفاق يقومون به بعد سنتان من الخطوبة"
رأيت ابتسامتها تختفي ، نظرت كالسابق لأسفل لكن هذه المرة ليست خجلًا
" حول ذلك إدوارد ، ربما .. لا تستطيع المجيء "
اختفت سعادتي بالخبر وحماستي ونظرت بحيرة أو حزن ربما
وأخذت التساؤلات تضج بعقلي
" لِما ؟ "
" أنا بعد شهرين من الآن سأسافر معه إلى مدينة أخرى ، حيث يدرس ،
نحن لا نستطيع اللقاء ، تكاليف السفر اليها باهظة و مدته طويلة ربما لا تستطيع السعي اليها ..لهذا اظنك لا تستطيع المجيء الى الزفاف فهو سيُقام هناك "
وأكملت مبررة
" لكن لا تقلق ! سأبعث لك الرسائل وسأراسلك كل شهر ، أعدك بذلك حسنًا ؟"
لم أجد ما أقوله سوى هز رأسي والتمتمة
" لا بأس "
عاد اديلان يرينا الفراشة و يروي لنا كيف اصطادها
كان كل شيء كالمعتاد لكني شعرت
أن فجوة كبيرة وُلِدَت بيني وبين إيلينور

مذكراتي رفيقتي
لما رفاقنا الذين اعتدنا على حياتنا بوجودهم
يختفون فجأة ؟ يغادرونا بطريقة سريعة مؤلمة
طريقة تجعلنا نكره ذكرياتنا رفقتهم
ونتمنى عودتهم إلينا ، لنعيش مثل تلك الذكريات
مغادرتهم لنا صدمة وألم لا يُشفيان أبدًا
كوني رفيقة يومي ،حافظة سري و آمنة بقلبي حتى لقاءٌ آخر

مذكّرات مَنفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن