الثاني عشر

44 9 6
                                    

مذكراتي العزيزة
أشعرُ بفراغٍ سرمدي
كيف يُملأ ؟

حسبما أذكر
مر على أول يوم دراسي لي أربعة شهور
توطدت علاقتي مع إيلينور واديلان
وكان تطوري ملحوظ بشدة
سواء في القراءة أوالكتابة
أو حتى مدى المعرفة بشكلٍ عام
فما عاد ليونيل يحتاج أن يشرح لي كل كلمة يقولها
أو حتى فعل
بتُّ أفهم بنفسي كل شيء
و أصبحت أصارعُ نفسي و أفكاري الجامحة
لوحدي وبهدوء

عدت من المدرسة وكان يوم عطلتي
اتفقت مع إيلينور واديلان أن نتنزه في حديقة مجاورة
و نتناول بعض الحلويات
وقد سمح لي ليونيل بالتأخر عن موعد العودة قليلًا
كان ماينفك عن الابتسام في كل مرة أتحدث فيها عن اصدقائي
بالفعل
ما إن انتهيت من قرائتي اليومية
حتى ودعت روزا و توجهت إلى الحديقة المجاورة
وبالفعل التقيتهم
كانت إيلينور تتنقل تتفحص الزهور بينما
اديلان يستظل تحت الشجرة و يكتب شيئًا ما
" مررت حبًا إيدي "
ركضت إيلينور لتقترب مني
واخبرتني بجملتها الشهيرة
واللقب التي اصرَّت أن تناديني به
" أهلًا إد ألست متأخرًا بعض الشيء ؟ "
اغلق اديلان دفتره
" ظننت أنني مبكِّر ! "
" هيا لا يهم فلنجلس هنا ،
اذًا إيدي اخبرني هل تحب الحلو أم المالح ؟ "
دفعتني لأتقدم نحو اديلان ونجلس قربه
" لا أمانع أي شيء ، لما ؟ "
نعم لقد اعتدت قبول أي طعام يُقدَّم إليّ
" لأنني أعددت بعض الحلويات "
لم أرى السلة خلف اديلان إلا حين فتحتها وأرتني ما بداخلها
تنظر إليّ تنتظر مني المديح الذي سيرضي قلبها الفخور
" يبدو شهيًا لأتذوق واحدة "
وبالتأكيد لن أمانع فعل ذلك لأجلها
" بالطبع تفضل ! "
أخذت قطعة مليئة بالشوكولاته و تعلوها فراولة طازجة
" وأنت كذلك اديل "
قدمت لأخيها الطبق وبالفعل أخذ أخرى أقل حلاوة
كانت إيلينور تتحدث عن أشياء عشوائية وكالعادة اديلان يتحدث بشكل أقل
لأكن صادقًا
لطالما أحببت ذلك
لطالما أحببت حيوية إيلينور التي تجعل أي موقف ايجابي ، و تملأني طاقة
بينما كان اديلان هادئًا حكيمًا
أن أكون رفيقًا لهما
لهو شيءٌ رائع بحق

بقينا نتحدث عن كل شيء وأي شيء
كنا نتحدث عن الزهور و جمالها
وأيّنا يفضِّل الغيوم والنجوم
و ماهي أفضل الحيوانات
و عن لذّة اطعمتنا المفضلة
عن درجة اختبار السيِّد داميان ومدى صعوبته
حتى وصلنا إلى مدى استمتاعنا بمرافقة بعضنا البعض
استقمنا واخذ كل منا يوِّدع الآخر
استدرت لاذهب بطريقي عائدًا إلى المنزل
ليستوقفني نداء اديلان لي
" إد لدي شيء لك "
" ماذا ؟ ماهو ؟ "
ظننت انني قد اسقطت شيء او نسيته
" خذ هذا "
ناولني ذاك الدفتر الجلدي الذي كان يكتب به بسريّة
" ماهذا ؟ "
تفحصت غلاف الكتاب بفضول
" فلتقرأه حين تصل إلى منزلك والآن إلى اللقاء "
لوَّح لي واستدار يلحق باخته مسرعًا لا يود سماع ردي
حاولت أن اتحلى بالصبر والحكمة
وبقدرة غير متوقعة استطعت أن أصبر حتى وصلت لباب غرفتي
دخلت و جلست على طرف السرير
فتحت الكتاب وقرأت
وكنت أميِّز خط اديلان بين ألف خط
وأحبُ خطه كثيرًا
لطالما أُعجِبت بجمال خطه
" إلى إدوارد ، صديقي المحبب
أنا لستُ بشخصٍ أجتماعي كما هي إيلينور ، ولست متحدث ممتع
او حتى برفيق يُحسَنُ الظن به ، لطالما كانت هالتي منفرة و قد قيل لي ذلك كثيرًا ، فأنا أقرب إلى مايكون عليه الشخص الممل ، الوحيد ، والمرفوض
أنت صديقي الوحيد بجانب إيلينور ، أنا أستمتع كثيرًا بحديثك و أحب شخصيتك كثيرًا ، أبتغي روحك ترافق روحي ، وترشدني حين أخطئ،
تشجعني حين أقع و تجبرني حين أنكسر ،
لنتعاهد إدوارد ..
لنبقى أصدقاء إلى الأبد
دائمًا وأبدًا
لا نُنادى إلا الأخلِّاء "
دون أن أدرك وجدتني أبتسم وشعور السعادة يخالجني
كنت متفاجئًا .. إذ أنني لم ادرك ان اديلان يفكر بهذه الطريقة
ظننت أنه لا يهتم لأمري ووجودي أو عدمي 
لكني بعد أن قرأت هذه السارَّة تبددت جميع هذه الظنون
عجبًا لحال أمرءٍ يتبدِّل في الثواني
ويتناقض ليحزن أو يبهج
أزددتُ حبًا و صدقًا لهما
سأتشبث بحبل الصداقة هذا
ولن أزداد إلا حبًا لهما

مذكراتي العزيزة
ياللصداقة ونوائبها
وياللقلب و تناقضاته
ألا ليت الحال يدوم ولو لبضع لحظات
وألا ليتني أنسى كل لحظة
فالقبيح منها يؤلم
والجميل منها أشدُّ إيلامَ
كوني آمنة حتى لقاءٌ يُنتَظر

مذكّرات مَنفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن