من بين يدا من؟

299 26 0
                                    

وضعها على فراشه برفق و بدأ في محاولة لطمها بخفة كي تستيقظ ولكنها لم تبدي اي ردة فعل نهائياً ، لقد اغشى عليها فقط لم تمت ، جلب زجاجة عطره و ثنر القليل منه على راحته ليقربها قليلاً من انفها قائلاً برفق : هيا استيقظِ ميعادك لم يأت بعد.
للحظة وقعت عيناه على وجهها ،وجهها الشيطاني المغرور هادئ كالملاك ،كحورية جميلة رقيقة قوية ،نعم قوية فبالرغم من اغمائها هذا الا ان قوة روحها تنعكس عليها بشكل كبير ، يقسم انه يعرفها او رأها من قبل ولكن ليس بتلك الهيئة ،تلك العيون الغريبة كيف له ان ينساها ، ولكنه فعل بالفعل ، سمع همهماتها قائلة:لا تفعل
استفسر بعدم فهم : ماذا ؟!
نهضت جالسة على الفراش لتجيبه بغرور وكأنها لم تكن متعبة الان: لا تتأملني كثيراً ، تقع في سحري .
رغم انها اصابته بالدهشه حقاً بقوتها تلك ولكنه قهقه قائلاً بسخرية  : تبالغين بتقدير نفسك .
رمقته بعيناها القاتلة نظرة لن ينساها مادام حياً يرزق ، نظرة آسرةً بحق ، انتشلته من ذلك السحر قائلة بمكر ثعابين : اظنك قد شردت و نحن نتحدث !
ابتلع ريقة بتوتر لينهض خارجاً من الغرفة بصمت ،حقاً نظراتها قاتلة ً..
بمجرد ان اغلق الباب حتى اخذت نفساً عميقاً لتحاول ضبط انفاسها من جديد اثر خنقه اياها ، تشعر بالألم و الأختناق حد الجحيم ولكنها بالتأكيد لم تكن لتظهر امامه ذلك ، تلمست رقبتها لتؤلما اثر اصابعه ، وها قد ترك بن " الشاذلي " اثره عليها ...
_______________________
مازال رحلة بحثه البائسة مستمرة يبحث و يبحث ولكن لا يوجد اثر لها ، اشتاق لها بشدة يقسم انه يستطيع بيع عمره كله فقط ان احتضنها من جديد ، ولكن ما هو بفاعل فلم يتبقى انش الا و قد بحث عنها بجدية فيه!
كان جالساً في مكتبه بالشركة ليدخل عمه عليه قائلاً بسخرية: وها انت ذا ، السيد المشهور الذى يصعب علينا ايجاده !
نظر اليه ولم يجيب ليستطرد "ماجد" حديثة : امازالت تلك الفتاة تلعب برأسك !
انكمشت ملامحه بأسى : وكيف لي ان انسى ! بحثت عنها في كل الانحاء ولا اجدها ، حتى " اوار " لا اعلم اين ذهبت !
لفت نظره ذكر اسم تلك الشيطانية ليستفسر منه بعدم فهم : و ما خصها بالموضوع  الان ؟!
طرق على المكتب بقوة غاضبة عندما تذكر تلك الملعونة قائلا بضيق : فتلك الملعونة شقيقتها ،وهى التي تخبئها في مكان لا اعلم عنه شئ وكأنها خبئتها في باطن الارض !
لم يكن يعرف ان " سديم " معشوقة ابن اخيه هى شقيقة " اوار " بل لم يكن يعرف من الاساس ان " اوار " لها احد بالحياة هذه ، التوى فمه بأبتسامة مريبة تزامناً مع ذلك البريق الشيطاني الذى لمع بعيناه ...
_______________________
دائما يشعر بألمها لمَ فعلته اختها بها ولكنه يعلم انها لم تفعل هذا كره بها – رغم شكه في الاساس من انها تحب " سديم" – ولكنه متأكد انها لا تريد لها الاذية و ستحميها من أي شئ ، رغم حزنه لحزنها ولكنه سعيد ، لا يعلم لمَ هو سعيد بتلك الدرجة لتواجدها معه بمفردهما ، اينعم لا يتعدي نهائياً حدوده معها الا ان رؤيتها فقط امام ناظريه تسبب له السعادة المطلقة لا يعلم لماذا ....
كانت جالسة امام البيت وسط العشب الاخضر تمسك سلسالها كالعاده و شاردة في الا شئ، اقترب منها ليجدها تبكي بحرقة ، تألم كثيراً عندما وجدها بتلك الحالة ليقول بلهفة : " سديم " أأنت بخير ، هل اصابك مكروه ؟! ، أتشعريين بالتعب ؟!
نظرت له بعيناها اللآمعة اثر البكاء و قد اصبحت اكثر جاذبية لتجيبه وهى تمسح عيناها بطرف كمها : اريد العودة " عدي " ارجوك انا تعبت كثيراً لا اريد قضاء حياتي كلها هنا ، اشتقت ل " أوار " اشتقت لغضبها ، عصبيتها الزائدة و حتى نظرتها المرعبة لي ، اشتقت لغرورها ، لرائحة عطرها القوية المغرورة ، صوت طرقات احذيتها العالية القوية ، اشتقت إليها جداً " عدي " .
حقاً لا يصدق ان يشتاق شخص لتلك الحية ولكن " سديم " ليست بأي شخص ، هى ملاك يغفر الاخطاء التى تُرتكب بحقها ، متألم لأجلها جداً ولكن ماذا يفعل ! ، هو لا يعلم ماذا يحدث الان بمصر كي يعيدها من جديد،  لا يعلم ماذا فعلت " اوار " ولمن و لن يخاطر ب " سديم " ، صمت صمت الموتى ، لا يتحدث ، لا يجيبها  وماذا سيقول من الاساس ، أي كلمة الان غير انهم سيعودون ستؤلمها ليجدها قد استطردت حديثها بألم جم : " كرم " انت لا تتخيل كم اشتقت له ، توأم روحي و رفيق قلبي ، من كان معي وقتهما كنت بمفردي ، توقف عن فعل الكثير من اجلي رغم صعوبة ما مر به كثيراً ، موت والدته ثم قتل والده و القاتل مجهول حتى الان ، ثم آخر شئ مقتل جدته بطريقة شنيعة و القاتل ايضاً مازال مجهول ، افديه بروحي ان تطلب الامر ، اعشقه يا " عدي " كل لحظة تمر و انا بعيد عن احضانه........
لم تكمل جملتها عندما  كتم فمها بكفه فجاءة لتتسع حدقتيها برعب ، تظن ان شئ قد حدث او هناك هجوم او ما شابه ..
اغمض عيناه بألم و مازالت يده على فمها ، لم يتحمل ان تكمل حديثها عنه ، لم يتحمل نهائياً ، عندما ذكرت آخر جملة قتلته بحق ، لم يعي ما فعله نهائياً و لم يفكر ايضاً هو فقط كان يتعذب لسبب غير معلوم ، سمع همهماتها ليفتح عيناه التي اصبحت تشوبها ثعابين حمراء غير مبررة ثم ازال يده عن ثغرها ، نظرت اليه بخوف قائلة برعب : ماذا حدث ، اكان هناك احداً !
ابتسم بصعوبة بالغة ليتحدث و قد خرج صوته محشرج : مرّ ، كل شئ على ما يرام الان لا تقلقِ .
انه جملته و استأذنها بحجة واهية ليبتعد عنها قليلاً فهو لن يتحمل كلمة اخرى عن ذلك الشخص منها ...
_____________________
مر اسبوع صعب للغاية على الجميع فكل لديه همه ..
مر اسبوع و لم تحاول حتى الهرب بل و تتعامل و كأنها لا ترفض ذلك الخطف نهائياً ، و كأنها من ارادت ذلك من الاساس ، حقاً اصابته بالدهشة الشديدة ، حتى انها لا تحاول قتله و هو الذى تخيل انها تفعل ذلك لقتله !
دلف الى المنزل ليجدها جالسة على كرسيه تضع قدم فوق اخرى بعنجهية وفي كامل اناقتها و لكن شئ ما غريب بها ، وجهها به شئ مختلف كلياً ، اقوتها حقاً مختفية ام انه يتخيل !
رمقته بطرف عيناها بلامبالاه ثم اكملت قراءة الكتاب الذي بيدها ، جلس على الكرسي المقابل لها متأملاً اياها قليلاً ليتأكد من شعوره هذا ، وجهها رغم طلاء الشفاه الاحمر القوى هذا ضعيف ومتعب ، سألها ببرود وهو يخرج هاتفه من جيبه :أأنتِ بخير؟!
رمقته بلا تعابير ثم اعادت انظاراها للكتاب قائلة بسخرية : مهتم كثيراً .
التوى فمه بسخرية قائلاً ببرود : اتمنى ان تكونِ فحتى هذه اللحظة لم يبدأ جحيمك .
نظرت داخل عيناه بعيناها القوية قائلة بأبتسامة مغرورة : وانا جاهزة يا بن " الشاذلي " لمَ التأخير اذاً !
مغرورة و غرورها رغم أي شئ لا يُزال و لا يُمحى، اشتدت نظرات التحدي لديه قائلاً بوعيد : ولكن اتمنى الا تتعبِ بسرعة .
قهقهت بسخرية : تمنى ذلك لنفسك ستحتاجه اكثر .
عندما انتهت من جملتها احمر و جهها  كثيراً و صمتت و كأنها كانت ستسعل  و اوقفتها او انها تختنق ، كان يراقب حركاتها الغريبة بأهتمام ، سألها بهدوء وهو ينهض : سأعد الطعام، ستأكلين ؟!
_لو بيدك ترياق الحياة لن آخذه منك .
استفزته ليقول بضيق : فلتأكلِ حجارة .
ثم رحل من امامها صاعداً الى غرفته ليبدل  ملابسه وهو يشعر بالضيق من هذه المتهكمة ذات اللسان الفج ..
__________________________
هبط ثانية و نظر ليجدها مازالت على وضعيتها تلك لم تنهض ، اقترب منها ليجدها قد نامت نظر اليها بأهتمام ، يشعر انه قد اوشك على الوقوع في سحرها الملعون و لكن لا يقدر فهى قد قتلت جدته عند تلك النقطة  هزها بقوة قليلا ليوقظها قائلاً بضيق : لا تنامِ هنا لديكِ غرفة !
لم تستيقظ ولم تتحرك ، انزوى بين حاجبيه بأستغراب ، فنومها خفيف للغاية ان مر بجانب الغرفة تستيقظ ، هزها ثانية برفق قائلاً بقلق : "اوار" !
امسك بيدها ليجدها ساخنة حد الجحيم ، نظر اليها بقلق حقيقي و هزها ثانية بقوة اكبر قائلاً : اللعنة ما هذا ! ، "اوار " !
سقطت رقبتها للجانب عندما هزها بقوة ليحملها بسرعة ذاهباً بها الى المشفي .

أنوبيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن