للقدر رأي أخر(الأخير)

585 23 11
                                    

اغلق الهاتف لينتفض بسرعة آخذاً مفاتيح سيارته ثم ركض خارجاً من القصر ، كان يقود بسرعة جنونية كي يصل اليها فقد علم مكانها و اخيراً ، لقد اخبره "عدي" بمكانها و اخبره ايضاً انه كان يطاردها سراً كي لا تشعر به ، اوقف سيارته امام المقابر ليترجل منها بسرعة يبحث عنها بعيناه..
وقعت عيناه عليها جالسة بجانب قبر اختها تبكي بقوة و نشيج ، تبكي كطفلة في السنوات الاولى من عمرها ، اقترب منها برفق و وضع يده على شعرها ببطئ، رفعت انظارها اليه فرأي عيناها المدميتان من فرط البكاء لتتكون داخلهما ثعابين حمراء في كل مكان ، مد اليها يده لتمسك بها فجذبها بقوة ولهفة الى احضانه و قد تنفس الصعداء اخيراً ، دفن رأسه بين ثنايا عنقها يستنشقها بشتياق ، يومان فقط وكاد ان يجن من فراقها ، ابعدها عنه قليلاً وقد طوق وجهها بكفيه قائلاً براحة اخيراً: انتِ بخير ..
ثم اكمل بعتاب و هو ينظر الى عيناها المتألمة: لمَ فعلتِ ذلك ، لقد اشتقت لكِ كثيراً !
القت نفسها بأحضانه تحتضنة بقوة لم تحتضنه بها من قبل حتى شعر بدقات قلبها على قلبه ، شعر بأشتياقها الحقيقي شعر بالحب ، ابتعدت عنه مجدداً ثم تأملت ملامحه طويلاً، عيناه السوداء العميقه و ملامحه الرجولية الجذابة ، اقتربت منه فجاءة تقبله بلهفة عاشقة فبادلها هو ايضاً بلهفة اكثر و هو يحتضنها بقوة ، كان يشعر بالسعادة الشديدة ، فُتحت عيناه فجاءة على مصراعيها وقد خف عناقهما رويداً رويداً حتى ابتعدا تماماً نظر اليها جاحظاً العينان ينظر داخل عيناها الساحرة المتلئلئة بالدموع و الحقد ايضاً ، ظلت تشاهده و هو يحاول التغلب على المه وبيدها سكينها الذهبي الصغير يقطر دماً على الأرض،  امسك بطنه الذي كانت تنزف بغزارة حتى غرقت كفه قائلاً بصعوبة مصدوماً: لماذا ..
كان المه ليس فقط للجرح ، كان قلبه ينزف كانت روحه تحترق ، وقع على الأرض لم يتحمل كل هذه اللآم بداخله،  ظل ناظراً اليها و هو يتلوى من الألم بينما سقط هى بجانبه تنظر اليه بعينان مغروقتان بالدموع قائلة و هى تمسح على خصلاته بحنان : لقد قتلتم عائلتي ، دمرتموني ، كيف اعيش مع من تجري بعروقه دمائهم ،كيف احب من قلبه يدق بدمائهم !
بكت عيناه السوداء و هو ينظر إليها بألم قائلاً بعينان باكيتان وصوت مبحوح جاهد كي يخرجه: لقد احببتك !
كانت عيناها تبكي بقوة ترفض ما يحدث منها تماماً ، هى مختلة نفسياً الان ، بكت بقوة وهى تضع رأسها على صدره : حاولت الا افعل لم اقدر انت ملعون يا " قاصي" عشقنا مستحيل عشقنا تلعنه السماوات و الارض و دماء القتلى الذين قتلهم عائلتك ..
بدأت عيناه بالذبول تماماً فرفع يداه بصعوبة شديدة و وضعها على وجهها فأمسكته مقربة اياها اكثر منها قائلاً بصوت متقطع: احبك ساحرتي ،"أوار" انا ..
قاطعته قائلة ببكاء و نبرة حقيقية : احبك "قاصي" بل اعشقك ..
ابتسم بصعوبة بالغة عندما سمع جملتها فشدد يده قليلا ً على يدها  ومن ثم ارتخت تماماً ، نظرت الى عيناه المغلقة طويلاً بصمت رهيب ،رفعت يده على وجهها اكثر ولكنها سقطت عل الأرض دون أي مقاومة ، صرخت فجاءة صرخة شقت الجبال من آلمها ، تبكي و تبكي و تصرخ دون توقف وهى تهزه بقوة كي ينهض ، اعترفت بعشقها له اللآف المرات و قبلته كثيراً ولكنه لم يستيقظ ، اعتذرت له وهى التى لم تعتذر لأحد من قبل و لكنه لم يسامحها وينهض ، نظرت الى وجهه مغلق العينان الذي بدأ بالشحوب لتسند رأسها على رأسه تبكي بقوة تضاهي الموت في قوتها ...
نهضت عن الأرض  ومن ثم وقعت ثانية لتقبله طويلاً و دموعها تسقط على وجنتيه ، نهضت ثانية بألم و قد خلعت حذائها ذو الكعب العالي و وضعته بجانبه لتسير حافية القدمين مبتعدةً عنه تاركةً اياه بجانب قبر اختها ملقى على الأرض غارقاً بدمائه بجانبه حذائها ذو الكعب العالي و كأنها قد تركت له مصدر قوتها ...
اشهد اياها الزمان "قاصي" العظيم لقى حتفه بخنجر العشق
__________________________
وقفت امام النهر تطالعه بعيون مدمية باكية ، كانت السماء تمطر بقوة و الرعد يصرخ من العذاب ، نظرت الى المياة لتراهم جميعاً ، جميعهم يبتسمون لها بحب و يرحبون بها ، امها ، ابيها ، جدها ،جدتها ،"سديم" ، واخيراً هو ، ولكنه يقف بعيداً عنهم و كأنهم يتخاصمون حتى بالموت ولكنه ايضاً يبتسم لها ، ابتسمت وضحكت وهى تبكي بقوة و تراهم ينظرون اليها و يمدون يدهم اليها ، نظرت الى "سديم" التي فتحت ذراعيها منتظرة اياها كي تعانقها لتبكي بقوة و هى تنهض لتقترب اكثر من الماء فسقطت بالقرب منه، قالت وهى تنظر اليهم بألم : لقد تألمت كثيراً ،حاربت وحدي في تلك المعركة، خسرت كثيراً ولكني ثأرت لكم لم انساكم يوماً انتم كنتم السبب الوحيد لبقائي على قيد الحياة ، عشقتكم و كل راحل منكم اخذ جزءاً من روحي و هو يرحل و يتركني اتمزق وحدي ، انتم الآن فخوريين بي ؟!، قتلت المحامي يا جدي اولاً ومن ثم الجدة الكبرى يا جدتي ، يا ابي لقد قتلت "هاشم الشاذلي " ، امي ،"سديم" لم يتبق جثة ل "ماجد" الشاذلي ،
نظرت الى طيف "قاصي" لتشهق بتقطع :لم تفعل شيئاً يا حبيبي لم تفعل ، كنت غيرهم و لكنني لم اقدر، ثأرت منك لي ، لقد اخذت قلبي لقد اعدت الى الامل من جديد في الحياه،  لقد علمتني العشق ، لقد اخرجتني من قبري يا هذا ،عشقتك بكل ذرة في كياني و كل دقة لقلبي ، ولكنك منهم ، انت من نسلهم ، اقسمت بالقضاء على نسلهم ولكنك كنت منهم ..
انهت جملتها وهى تصرخ و تضرب الارض بقوة و تكرر جملتها الاخيرة، نهضت مجدداً لتقف على حافة الماء مولية اياه ظهرها و تنظر الى السماء التى تبكي على وجهها بأعينها الباكية ، ابتسمت بهدوء قبل ان تلقي بنفسها الى المياة بسكون رهيب ، لم تحاول النجاة و لم تحاول الحركة ، كانت ترى الماء و هى تدخل الى انفاسها بأبتسامة  وتسقط الى القاع اكثر فاكثر حتى استكان جسدها وظلت عيناها الساحرة مفتوحةً و كأنها قررت ان تترك للعالم شئ يذكرهم بما حدث فستانها الأسود يلتف على جسدها ليجعلها كأميرة جحيم تائهة، شعرها الأسود الثائر ينطلق خلفها معلناً عن حريته الابدية ، عيناها و آه من عيناها الزرقاء ذات الخطوط السوداء كبوابات الجحيم ..
                           ******
تمت بفضل الله
نزلتها كاملة خلاص يا شباب اتمنى تكون عجبتكوا و اتبسطوا بيها♥️
دمتم بألف خير

أنوبيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن