ملاك الشيطانة

316 27 2
                                    

شعرت بالعجز ،اختها امامها بين الحياة و الموت و هى لا تستطيع الاقتراب منها حتى تنقذها ، حاولت ايجاد مصدر الضوء الاحمر الخاص بالسلاح المصوب على قلبها و ظلت تطلق النيران بلا تحديد هدف فليس هناك هدف لتراه ، لم يختفِ الضوء و لم تقف دمعات اختها وهى تنظر اليها بخوف و لم يكف قلبها عن الركض داخل ضلوعها برعب ، صاحت محدثة اياها بخوف : لن اترككِ
انهت جملتها و نظرت اليها بهلع ، كادت ان تتحدث عندما اصابتها تلك الطلقة في قلبها ..
نظرت اليها بصدمة وهى تسقط على الارض و دمعاتها على وجنتيها ، دماءها الطاهرة تنزف بلا توقف ، لم تصدق ما تراه الآن امام عيناها ...
وكأن الارض قد ثبتت قدميها و كأنها شلت عن الحركة ترى عمرها يسقط على الارض يصارع الموت امامها ..
نظر اليها ليركض بسرعة آخذاً اياها عن الارض الى احضانها يرجها بخوف و هو يقول برعب : لاا لا "سديم"لا
نظرت اليه بعنياها الملائكية و ابتسمت بصعوبة قائلة : اسفة
بكى بقوة و هو يترجاها بهلع: لا ارجوكِ لا تتركيني ، لن اقدر علة العيش دونكِ
حولت نظراتهت الى "أوار" التى وقعت على الارض بجانبها تقول بعدم تصديق:"سديم"
حاولت مسك يديها و قالت بتقطع و هى تنازع روحها : احببتك دوماً تمنيت ان تحبيني مثلما فعلت
كانت عيناها تغلق و تفتح ببطئ شديد فهزها "عدي"بقوة صائحاً بها برعب: لا لا افتحِ عيناك ، "سديم"انا احبك ارجوكِ..
ابتسمت له ابتسامة اخيرة قبل ان تُغلق عيناها الملائكية للأبد و كأن المحيط قد جف ، نظروا اليها بعدم تصديق لتصرخ "أوار" بصوت يشق الجبال من الألم: لااا "سديم"
هزتها بقوة بأهتياج وهى تصرخ و دموعها تنساب من عيناها: لا لا تتركيني لا "سديم" انا اعشقك ليس فقط احبك ، " سديم"ارجوكِ افتحِ عينك ارجوكِ
ظلت تضربها بكلتا يداها حتى تستيقظ وهى تنهار بينما ظل "عدي"يحتضن جسدها و هو ينظر اليها بعدم فهم ، كان ينكر ما حدث فبالتأكيد سيرى عيناها مجدداً بالتأكيد سيفعل ، ستضحك مجدداً ستنطق اسمه الان ، كانت عيناه تائهة بها صامت صمت موتى ،كان في حالة يرثى لها
نظرت الى يداها التى غرقت من دمائها قبل ان تصرخ بأنهيار عصبي: لا لااا لااااااااا لااا لن تتركيني لااااا
"سديم"
وقد عادت الملاك الى موطنها الاصلي مجدداً فمكانها بين البشر كانت مجرد خطيئة وها قد تم اصلاحها الان لتأخذ معها تلك القلوب التى انتزعتها لتترك مكانا فارغ للأبد..
_________________________
الدماء تحوطها من كل مكان مغمضة العنين للأبد ، يجلس "عدي " بجانبها يحتضن يدها بين يداه بعقل غائب اما "اوار" فكانت تضع رأسها على فخذها و ترتب خصلاتها وهى تنظر اليها بأبتسامة غريبة ..
اقترب منها " قاصي " و جلس بجانبها محاولاً التخفيف عنها قائلاً بحزن على تلك الفتاة: "أوار" كفاكِ يجب ان نرحل  .
قالت بصوت مبحوح من كثرة الصراخ و هى تبتسم و لازالت تنظر إليها: اترى كم هى جميلة !
اغمض عيناها بقوة قائلا  وقد طوق كتفيها بذراعه: ستكون بخير.
ملست على وجهها الذي اصبح شاحب ولازالت تبتسم: اعتدت ان اتأملها و هى نائمة دائماً دون ان تشعر ، عشقتها ، هى املي الوحيد في هذه الحياة ، في يوم بينما انا اتأملها -فلم اكن استطيع ان احتضنها و هى مستيقظة او حتى اتأمل ملامحها- فتحت عيناها فجاءة و خافت فلم تتوقع وجودي بجانبها ، وقتها صحت بها بالا تخاف هكذا مجدداً فلا شئ يسطيع ان يؤذيها نظرت الي و احتضنتني فجاءة ، ابعدتها عني بقوة و رحلت من الغرفة..
نظرت الى " قاصي" قائلة وقد اعادت انظارها اليها مجددا ً : ستفتح عيناها الان ايضاً ولكنها متعبة ، اظن انها ستنام اكثر قليلاً .. ولكنني اشتقت لها يجب ان تستيقظ الان ..
انهت جملتها وحاولت فتح اعيناها بالقوة و قد انسابت دموعها دون وعي منها ،احتضنها بسرعة ليبعدها عنها بينما صرخت هى و هى تبكي و تحاول الوصول لأختها : "سديم" "سديم" استيقظِ!
تشنج جسدها بين ذراعيه بينما هو يحاول السيطرة عليها صائحاً بخوف عليها: اهدأِ "أوار"اهدأِ
لاحظ حركاتها الغريبة بين ذراعيه فتمسك بيه اكثر و هو يشعر بالرعب عليها فقد كانت في حالة تشنج قوية ثم فجاءة استكانت تماماً بين ذراعيه و دموعها تغرق وجهها ...
حملها بسرعة و قد اطمئن انها تتنفس، فتح باب السيارة و وضعها به برفق شديد وقد اغلق لها حزام الامان حتى لا يصيبها اي مكروه ، نظر اليها بألم لحالها ، لم يراها في تلك الحالة من قبل و لم يكن يتوقع من الاساء ان يحدث ذلك اليوم و لكنه متأكد من انهما لن يتركا ذلك الشخص حياً، اغلق الباب مجدداً ثم عاد الى الملاك الغارقة في دمائها و بجانبها "عدي"الذي لا يعي شيئاً ، اقترب منه و كاد يحملها و لكنه امسك يده مانعاً اياه من لمسها ثم نهض ليحملها هو رغم ذراعه المصاب ، اتعلمون بما شعر ! شعر انه يحمل قلبه ينزف بين ذراعيه ، حلمه ،حبه ،جنته في الارض مقتولة بين يده ...
وصلت احدى السيارات و قد اوقفت السيارة بعنف شديد ليترجل منها " كرم" يركض بلهفة ، اندهش " قاصي " من وجوده فكيف علم من الاساس ، وقف امامه مانعاً اياه من الرؤية قائلاً: ماذا اتى بك الى هنا؟!
اجابه بخوف و هو يحاول الابتعاد عنه : لقد جائني جواب بوجودها هنا فجاءت كي انقذها اين هى ؟!
لقد حاول ان يجعله لا يراها و لكنه فعل ...
وقف ينظر الى جثتها مصدوماً ، اتلك هى حقاً! ، ظل ثابتاً لا يتحرك فقط عيناه جاهظة بصدمة ، عندما فاق من صدمته ركض بسرعة الى "عدي" الذى كان يحملها بلا عقل و كأنه جسد فقط بلا روح ، احتضن وجهها بين كفيه قائلاً برعب و هو يحاول افاقتها : "سديم" حبيبتي ، استيقظِ حبيبتي هيا ، لقد جأت ، اعدك الا نفترق مجدداً ، هيا حبيبتي هيا
لم يجد اي رد منها فانسابت دموعه وهو ينكر برعب :لا لاا لااا انتِ بخير انا اعلم
ظل يصيح ب "لا" و بأسمها حتى انهار ارضاً، حلمه اختفي معشوقته الملائكية تركته وحيداً من يعيش لأجلها تركته بمفرده  ، وجدها كي تموت و تتركه مجدداً ولكن هذه المرة الى الأبد بلا رجعة ، شعر بأختناق شديد ، شعر انه لا يستطيع التنفس و قد داهمه عدت ذكريات برأسه قتلته ، حاول "قاصي" تهدأته ولكنه لم يفلح فمذا سيغير الحديث بما حدث ، سقط على الارض يحاول التقاط انفاسه الهاربة بينما اكمل "عدي" سيرة و قد دلف الى سيارة " قاصي" جالساً على المقعد الخلفي يحتضنها بقوة وهو ينظر اليها بأعين تائهة وعقل وروح غائبيين ...
جلس " قاصي" على الارض جانب " كرم" قائلاً بقلق عليه : "كرم" اهدأ
نظر اليه و هو يبكي بألم : ذهبت .. ذهبت يا " قاصي" وتركتني مجدداً ، تركتني مجدداً و بلا رجعه ، لم تفعل بي هكذا انا احبها يا " قاصي " لن استطيع العيش دونها لن استطيع ..
احتضنه بقوة ليرتب على ظهره بينما بكى الاخر كما لم يبكي من قبل..
__________________________
رائحة الموت بكل مكان الشمس تتوارى خلف الغيمات بحزن ،السماء تبكي حزناً عليها ،فها قد رحلت ملاك عن الدنيا لتترك الشياطين يدمرونها ، الرعد يصرخ من الالم على فقدانها ، القبر مفتوح لأستقبالها على استحياء و كأنه يخجل لأخذها من العالم الخارجي ، لا يوجد احد يعرفها ، لا يوجد احد كان يعلم بوجودها ،كانت نسمة عابرة جاءت الى الدنيا و رحلت دون ان يشعر بها احد ...
كانت تقف على مشارف قبرها بقوة شديدة ، حذائها العالي و نظرتها الشمسية الذي تخفي عنياها بغرور ، تجيب على من يواسيها بكلمات عادية و كأنها لم تتأثر نهائياً، كان " قاصي" مذهولاً منها بحق ، فتحوا الصندوق الخشبي ليظهر جسدها الملفوف بكفن ابيض اللون ليصيح "كرم" بأسمها و هو ينهار بينما لم تتحرك "اوار"ساكنة من مكانها حتى لم تتغير ملامحها الامباليه ...
نظر "عدي " الى معشوقته و هى ملفوفة بذلك الشئ الأبيض و كأنه سعيد بوجوده بالقرب منها الى ذلك الحد ، كان قلبه يتمزق و عقله يدفعه ان يقفز هو الى ذلك القبر ليكون بدلاً منها  او حتى يكون معها حتى لو بالموت ، اقترب من الصندوق ليحملها بين ذراعيه ليشعر بذلك السقيع اللعين ينبعث من جسدها،  وقعت دمعاته من عيناه بصمت وهو يقترب اكثر من القبر، تلك التي كانت حرارة جسدها ترسل حمرتها لوجنتها الجميلة لتملئ ضحكاتها المكان ، نزل الى  القبر ليضعها به برفق شديد و كأنها بلورة ثمينة ستتأذى ، اودعها نظرة اخيرة و عيناه لم تتوقف عن البكاء كما كانت السماء ، يريد احتضانها بقوة يريد ادخالها بين ضلوعه ، لا يستطيع تركها ، لا يفرط بها ، لم تحمله قدمه اكثر فوقع بجانبها يبكي بشدة على قلبة الذي تحت الثرى الان ، خلع سلسالة و وضعه بجانبها قائلاً لها و كاد قلبه ان يتوقف من البكاء و الالم : هذه ذكرتي الوحيدة من امي ، قولِ لها انني اشتقت لها كثيراً لا تقلقِ هى تعرفك فلن اصمت عن اخبارها بكِ يوماً ، احبك ،احبك كما لم يحب احد من قبل ...
انه جملته و خرج خارج القبر ينظر اليها و عيناه تفيض ينزيف قلبه المتمزق ....
كان "كرم" يجلس على القبر ينظر اليها بصدمة حقيقية يبكي بلا توقف لم يصدق بعد انها اصبحت غير موجودة ، يتألم بشدة يريد اخرجها من ذلك القبر و يرحل بها بلا رجعة ، لا يسطيع ان ينسى انه كان السبب بموتها ، لم يستطيع حمايتها...
كاد عامل المقابر ان يلقي على جسدها التراب و لكنه خطف منه ذلك الجاروف بسرعة ، نظر " عدي"اليها نظرة أخيرة قبل ان يلقي على جسدها الملائكي التراب و هو ينزف من الالم ، يحدثها مع كل ذرة ثرى يلقيها عليها ، تذكر عندما قالت له انها تخاف من الظلام كثيراً فبكى بقوة اشد و هو مستمر في العمل ، السماء اصبحت تمطر بجنون و كأنها تبكي بشدة عليها ، الرعد يصرخ بألم و التراب يتمسك بالارض لا يقدر ان يغطي جسدها ....
اختفي جسدها تماماً ليسقط على الارض متألماً يحاول التقاط انفاسه الهاربة ، يبكي و يبكي بلا توقف  ...
بدأ الناس بالرحيل واحداً تلو الآخر حتى لم يتبق احداً سواها هى ، "قاصي" ،"كرم" و "عدي" ، لازالت صامدة صمود رهيب و كأنها لا تعرف تلك التي غُطت بالتراب الأن ، نظر بعيداً ليجد والده قادماً اليهما ، تعجب كثيراً من وجوده هنا و لكنه قطع حبل تفكيره عندما اقترب من "أوار" قائلاً بتمثيل سخيف: تعازى اليكِ .
مد يده ليصافحها و لكنها لم تبادله و ظلت تنظر اليه من خلف نظارتها السوداء ، ردت عليه ببرود شديد : حسناً .
سحب يده الممدوة و قال بلهجة متشفية لم يستيطع اخفائها عنها : لقد كانت جميلة جداً ،عيناها كانت رائعة بحق و صافية جداً و كأنها عينى ملاك ..
رأت شبح ابتسامته يلوح على وجهة لتصمت هنيهة قبل ان تخلع نظارتها لتبان عيناها القوية قائلة بقوة و طريقة مريبة: لا شئ يدوم كثيراً .
كاد ان يقول شيئاً فأوقفه "قاصي"قائلاً بقوة و حزم : لقد اتممت واجب العزاء تستطيع الرحيل .
نظر اليه بغضب قبل ان يرتدي نظارته الشمسية و يرحل من المكان ليكن اخر شخص يأتي ..
وقعت على قبر اختها فجاءة تبكي بقوة و هى تمسح بالتراب بين قبضتيها قائلة بألم: آااه يا " سديم" لم تركتيني ، كيف اعيش دونك يا أمانتي ..
نظر اليها بتألم حقيقي فلقد كانت منذ ثوانٍ صامدة كالجبل قوية كشيطانة حتى بدأ يشك انها عين الشخص الذي كانت بالأمس، كانت تضع رأسها على تراب الدفن و هى تبكي بشدة ، نظر الى الجانب ليجد "كرم"قد رحل ، لم يهتم كثيراً فكان كل ما بعقله الان "اوار" ...
____________________________
كانت تضع رأسها على تراب قبرها صامتةً دموعها تروي الثرى بينما هى تتقطع بألم ، جلس بجانبها و وضع كفه على شعرها قائلاً بصوت هادئ :" اوار" !
نظرت اليه بأعين مشتته لتنجرف بالحديث بلا شعور و بألم يقطع نياط القلوب: قسيت عليها كثيراً، لم احتضنها يوماً ، لطالما تمنت ان احضنها و لكنني لم افعل ، لقد كنت اقسى من الايام عليها ، كانت تظنني اكرهها
لم اهتم لمشارعها تلك قط ، كل اهتمامي كان حمايتها  فقط ، لقد كانت أمانة امي لي لقد كانت قلبي الذي ظننت انه قد مات ، ظنت انني اكرهها لهذا لا احتضنها ولكن الحقيقه انني كنت اخاف ، كنت اخاف ان اعانقها فأبكي داخل ذراعيها بألمي .. كنت اخاف ان انهار بين أحضانها،  لقد كانت اقوى مني بكثير ، اشعر انني اتقطع ، و كأن هناك احد يطعن بقلبي كثيراً اعلم جيداً ما اقوله ، لقد طُعنت كثيراً و لكنني لم اشعر بألم كالان ، لن ارى عيناها مجدداً ولن تضحك مجدداً ، حتى بكائها كنت احبه انا من ربيتها لقد كانت كنزي الصغير الذى كنت اخبئة و ها قد اخذوا مني كنزي و تركوني الفظ انفاسي الاخيرة ...
سحبها الى احضانها فشهثت بنشيج وهى تتمسك بكفيها في قميصة بشدة، كان يحتضنها بقوة و كأنه يدخلها بين ضلوعه رتب على خصلاتها برفق مهدأً اياها : لقد فعلتِ كل ما بوسعكِ "اوار" .
ازداد بكاءها اكثر و هى تقول بألم: لم استطع حمايتها ..
احتضنها اكثر فدفنت وجهها في صدره بينما دفن هو وجهه في خصلاتها و ظل يرتب على خصلاتها محاولة تهدأتها ...
ابتعدت عنه فجاءة لتنهض واقفة وقد مسحت دموعها قائلة بهدوء رغم اعيناها التى كادت تقطر دماً من احمرارهما :اريد الرحيل .
نهض هو الاخر و طوق ذراعيها قائلاً برفق: هيا اذاً.
ابعدت يده عنها و التفتت الى قبر اختها و انحنت بجذعها قليلاً لتمسك بين يديها حفنة من التراب و اغلقت عليها بقوة ، اخرجت من جيبها منديلاً حريراً اسود اللون و وضعته بداخلة حفنة التراب لتعقده قبل ان تضعه بحقيبتها . قربت رأسها قليلاً من المكان الذي يفترض ان يكون مكان رأس "سديم" لتقول بوعد و هى ترتب على القبر: سترتاحِ قريباً ..قريباً جداً...
لم يفهم ماذا تفعل و لم يستطيع سماع ما تقوله و لكنه احترم مشاعرها و المها و لم يقول اي شئ ، التفتت اليه لتمر من جانبه الى السيارة بينما كان ينظر هو اليها بحزن حقيقي لحالها ...

أنوبيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن