أتى الصباح فتململ في نومته بضيق ، رأسه يؤلمه حد الجحيم ، يكاد لا يرى أمامه ، نظر بجانبه ليجدها نائمةً عاريةً ، تأفأف بضيق، فقد توقف عن فعل ذلك منذ فترة طويلة ، نهض بجزءه العلوى ليستند بظهره على ظهر الفراش محاولاً الوصول الى بنطاله ،على الأرض ، سقط من جيب البنطال شئياً ما ، لم يعيره أهتمام وأرتدى بنطاله شاعراً بتقزز لما فعله ، سار تجاه الباب ليصتدم بتلك العُلبة التى ةقعت من بنطاله ثانيةً لينخفض بجذعه قليلاً ملتقطاً أياها بين كفه، أعتدل في وقفته ليفتح العُلبة ليرى ما فيها..
تجمد كالصنم فجاءة مرت دقائق وهو على هذا الحال الى أن صرخ فجاءة بصوت عالى ..
__________________
انتفضت تلك العاهرة برعب ونظرت اليه بتوجس بينما وقف هو ثانية تنساب دموعه من مقلتيه معطياً اياها ظهره ، دلف "قاصي" بسرعة فقد ظن ان اصابه مكروه ليجده بتلك الحالة المريبة ، يمسك بيداه علبة وينظر اليها وتنساب الدموع من عيناه بغزارة ، نظر الى تلك الفتاة وصاح بها بقوة : الى الخارج .
اخذت شرشف الفراش وغطت به جسدها لتهرول بعدها تلم اشيائها ومن ثم اختفت من الغرفة في غضون ثوانٍ، اقترب من "كرم" و وقف امامه قائلاً بقلق :"كرم" ماذا حدث لك؟!
قال بصدمة ولسان ثقيل : حقيقية ..
لم يستطيع سماع ما قاله ليستفسر بضيق: ماذا
؟!
صاح بقوة وتشنج: حقيقية .. هى حقيقية يا " قاصي" لم اكن اتخيل ، لم تكن خيال ، خُنتها انا خُنتها !
حاول تهدأته من تلك الحاله فقد عاد لهذيانه مرة اخرى ، ظن انه بما فعله سوف يجعله ينسى احلام يقظته تلك ولكن من الواضح ان الامر ازداد سوءاً: اهدأ يا "كرم" !
دفعه بقوة في صدره ليصيح مشتعلاً: لا تقل لي اهدأ انا لست بمجنون ، انتم من جعلتوني مجنوناً وانا عاقل ، "سديم" حقيقية .
________________________
-حقاً تدعوا امى لى في قبرها .
قالها بإبتسامة واسعة وهو ينهض من على كرسيه ليأخذ من بين يديها الملائكية كوب الشأي ، ابتسمت له برفق وجلست بمقابلته قائلة بأبتسامتها الجميلة: رحمها الله يا "عدي".
نظر اليها مطولاً ،جمالها لم يُخلق مثله ولن يُخلق ، انزل انظاره الى الكوب عندما اعادت انظارها اليه فأرتشف رشفة واحدة منه ،كان ثقيل حد الجحيم ، لم يكن حتى يُحتسى ،كانت تنظر له مترقبةً ردة فعله لما صنعته فأبتسم بقوة وارتشف المزيد قائلاً بفرحة : رائع بحق ،سلمت يداكِ و روحكِ "سديم "
فرحت كطفلة في العاشرة من عمرها ، فهذه المرة الاول التى تصنع بها شيئاً بنفسها ، نهضت بلهفة وقالت وهى تركض تجاه البيت بفرحة :سآتى لك بالبسكويت .
ابتسم على برائتهاا تلك ، نظر الى الكوب بيده ،وكأنه يحتسي الحبر وليس الشأي ، فكر في ان يسكب منه القليل قبل ان تأتى ليخدعها انه شربه حتى لا تحزن ، ولكن عز عليه ان يسكب شيئاً صنعته بيدها تلك ولأجله خصيصاً.
______________________
اجتماع هام جدا في المقر الرئيسي لمجموعة "الشاذلي" ،الموظفيين لا يتوانوا عن العمل بجهد وعرض افكارهمو المشاريع الجديدة التى ستساعد في تقدم المجموعة اكثر ف اكثر ، غرفة الاجتمعات في غاية الفخامة ، الاضاءة خافته للغاية تكاد تكون مغلقة ، شاشة العرض تنير المكان ببعض الصور الخاصة بالمشروع الجديد واحد الموظفيين يشرح ما بهذه الصور .
على رأس المائدة "قاصي" ومن ثم ابيه "ماجد الشاذلي "على جانبه الايمن وعلى الايسر "أوار" منصتيين الى ذلك الموظف بأهتمام لما يقوله، أشتعلت الانوار مرة اخرى عندما انتهى من مشروعه ليأذن لهم "قاصي" بالخروج لينهي الاجتماع .
نهض "ماجد" عن المائدة قائلا بغضب :بالتأكيد لن اهدر اموالي في تلك التفاهه ، أي مشفي خيريه تريدنا انا نبنيها !
التوى فهمها بسخرية ليجيبه "قاصي" ببرود وحتى لا ينظر اليه : هذه كانت وصية جدتي.. امك.
ضحكت "اوار" ساخرة بقوة فنظروا اليها ثلاثتهم بتعجب لتقول وبعد ان توقفت عن الضحك بسخرية: أجدتك حقا طلبت ذلك ؟!
نظر اليها ببرود ولم يجيب لتسطرد هى حديثها الساخر قائلةً :تطمع في النعيم ..
لم يرد عليها ليجيب "ماجد" بتعجب:هل كنتِ تعرفيها من الاساس ؟!
اجابته بهدوء وهى تضع كفيها داخل جيب بنطالها الاسود الضيق:لا فقط اعرف زوجتك وكيف قُتلت .
التفت "قاصي"برأسه اليها بسرعة ناظراً اليها بصدمة ليتدارك "ماجد" بسرعة ما قالته فهاجمها بصوت عالي وتوتر :بماذا تخرفيين انتِ؟! زوجتي غرقت في البحر ولم تقتل .
التوى فمها بشيطانية لتنظر اليه في عيناه بقوة ثم ابتسمت له ابتسامة ذات مغزى لتترك الغرفة بعدها وتخرج تطرق الارض بحذائها بقوة و خصرها يتمايل بسلاحها ...
________________________
-لماذا قالت "اوار" هكذا ؟!
قالها ببرود مريب ليجيبه "ماجد" بتوتر يحاول إخفائه:لتقول ما يحلو لها ،انت بنفسك رأيتها وهى تغرق ولم نستطع انقاذها !
ضربت تلك الذكرة المؤلمة رأسه فجاءة :
ركض بسرعة صاحب الثانية عشر عاماً وعلى وجهه نظرات رعب شديد لا يعلم ماذا يفعل المركب التى بها امه تحترق في منتصف البحر وهى و صديقتها تصرخان برعب شديد، والده بجانبه يهاتف الانقاذ ويصرخ بقوة لينقذهما احدهم ...
اللهيب يتطاير في حدقتيه أمه تموت امام عيناه ولا يستطيع فعل شئ، لم يفكر كثيراً وقفز بسرعة في الماء من المركب التى هو بها التى تبعد بكثير عن مركب امه ،صاح والده بأسمه برعب شديد والجميع ينادي بأسمه ،سبح كثيراً في محاولة للوصول لها ، لم ييأس ابداً هو خائف من فقدانها ..
قارب المركب على الانفجار فقفزت بسرعة في الماء ويدها بيد صديقتها ،رأته امامه فمدت يدها اليه فبكى لأقترابه منها واخيراً ولكن حدث ما لم يتوقعه احد ..
امواج عاليه ضربت الماء بقوة فأبعدتهم عن بعضهم البعض اكثر ثم فجاءة انفجر المركب ليدفع به اثر الانفجار بعيدا ً مغشياً عليه لتتسلل المياه داخل انفاسه...
_____________________
خرجت من البيت عندما اشرق الصباح ، الجو بارد جداً اليوم تلك البلد في غاية البروده ، فتحت الباب لتراه جالساً امامه مولياً اياها ظهره ، ابتسمت برفق وقالت بصوتها الملائكي:اسعد الله صباحك !
لم يجيبها ، انتظرت قليلاً ولم يجيبها ايضاً ، لقد نام اذاً ،هكذا قالت لنفسها فنزلت الثلاث درجات لتكون في مقابلته نظرت الى وجهه لتراه مبلل بالكامل اثر الامطار ليلية امس و وجهه احمر جداً، ضمت ما بين حاجبيها بضيق مؤنبة نفسها فهى لم تقول له ان يدخل لينام حتى ولو في الصالة ..
قربت يدها من يده لتحركها ببطئ لكي يستيقظ لتجدها ساخنة كاللهيب ، انتفضت كلملسوعه لتقترب منه بسرعة قاىلة بلهفة وهى تمسح على وجهه بكفيها :"عدي" "عدي" ،هل انت بخير !!! ،"عدي" اجبني!
همهم بصوت منخفض بأسمها فشهقت بلهفة قائلةً بخوف:"عدي" ارجوك !
استجمعت قوتها لتقول محاولة في ايقافه :هيا ساعدني فقط حاول ان تسيير معي!
كان واعي لكنه متعب حد الجحيم ،حاول السير معاها ولكن برفق شديد فجسدها الصغير يستحيل ان يحمل جسده المعضل الضخم!
_________________
-كيف لم تجدها أأبتلعتها الأرض!
قالها بصوت عالي جداً وهو يصيح في وجه ذلك الشخص الواقف امامه،دافع عن نفسه قاىلاً بهدوء: يا سيد "كرم" لقد بحثنا في كل مصر لم نجد لها اثر حتى انها تقريباً ليست موجودة من الاساس !
انقض عليه ليسدد له لكمة قائلاً بجنون:"سديم"موجوده لا تقولوا هكذا انا متأكد و سأجدها .
كان يحاول الدفاع عن نفسه ولكن في الوقت ذاته لا يستيطع رد له الضربات فهو رب عمله و رجل قوي النفوذ وهو لديه عائلة يخاف عليها من التشرد ، دلف "قاصي" القصر ليجده فوق ذلك الرجل يطرحه ضرباً والاخر يستغيث بقلة حيلة ، اقترب منه ليبعده عنه بقوة قائلاً بغضب: هيا ارحل .
رحل الرجل بسرعة و وجهه يقطر دماً،كان يحاول التملص من احكام "قاصي" عليه فدفعه الاخير بقوة ليسقط على الأرض فصاح به بغضب جم :لماذا تفعل هكذا !، كيف تأتي به الى هنا ! لقد اصبحت مجنوناً .
نهض عن الارض ليواجهه صائحاً بأنفعال: انا مجنون ولكني لن اتركها ،انا مجنونها اذا يريحكم هذا .
صاح به بغضي جم : لا يوجد دليل واحد على وجودها يا موهوم !
اخرج العلبة من جيبه ليفتحها امام عينا "قاصي" لتظهر الماسة الصغيرة الى حد ما قائلاً بصياح: ها هو ، ها هو الدليل على وجودها ..
ثم تابع بشرود وقد حنت نظرته:كانت قلادة كاملة وهذه الالماسة الكبرى بها ، اعطيت لها القلادة دون هذه القطعة واعداً اياها ان تكون في القلادة يوم تقبل بي " أوار" زوجاً ل"سديم" ، اتذكر نظرتها لي واتذكر احضانها الدافئة ذلك اليوم ، وكيف انسى من سلبت عقلي قبل قلبي و روحي قبل جسدي .
نظر اليه دون ابداء أي رأي او حتى اعتراض ، اشار اليه بسبابته بتحذير وقد اقترب منه : اخر مرة سأبحث عنها ولكن ان لم اجدها فستنساها تماماً وانا من سأنسيك اياها .
انهى حديثه وصعد الى الاعلى تاركاً اياه حائراً في جميلته الضائعة.
________________________
أنامته على فراشها ومسحت على رأسه برفق لترجع شعره الى الخلف ،وجهه يتعرق بشده و لكنه من الاساس مبلل اثر المطر ، حاولت خلع قميصه المبلل له برفق ،هو ثقيل جدا عليها ولكنها بالتأكيد لن تتركه بتلك الحالة، تألمت وهى تحاول رفعه ، خلعت له القميص اخيراً ليبقى بصدره المعضل القوي، هى لم تلتفت لأي شئ سوى ان تجعله بخير ، هى خائفة عليه فعلاً، ذهبت واتت بوعاء مليئ بالمياه الفاتره ، ظلت تبحث عن قطعة قماش نظيفة ولكنها لم تجد ، فتحت الخزانة لتجلب منها احد ملابسها لتبللها و تضعها على جبينه برفق قائلة بقلق عليه :كن بخير ارجوك..
_________________________
حديث "اوار"الغريب جعله لا يستطيع النوم ،فقط تذكره لتلك الذكرة الملعونه ألمته بشدة،كان واقفاً امام المرآة ينظر لأنعكاس صورته بشرود ،كم كان مؤلم ما حدث و مازال مؤلم حد الجحيم ولكنه "قاصي الشاذلي" كيف له ان يتألم كباقي البشر !
تذكر ما حدث يومها فخلع قميصه لينظر الى اثر ذلك الجرح في بطنه ، جرح قوي اثر انفجار المركب ذاك اليوم المشؤم ،هو لم يؤذى الا من هذا الجرح الجسدي ولكن من نظر لجرحه النازف في اعماق قلبه ...
ذلك الجرح يتخفي الى حد ما داخل عضلات بطنه القوية ولكن فوقه وشم على شكل جناحي ملاك ،ليس وشم كبير ولكنه بارز وكأن الجرح له جناحات ،تحسسه ليقول بشرود:اصبحتِ ملاكٍ كما كنتِ دوماً .
______________________
فتح عينيه بأرهاق شديد ،رأسه وجسده يؤلمه بشدة ،تأوه بخفه عندما حاول النهوض ليجدها نائمة على الكرسي امامه ،فرك في عينيه بقوة عله يتخيل او ماشابه ولكنها فعلاً نائمةً امامه بل وهو نائم على فراشها ايضاً ،شعر بثقل فوق رأسه وخلف رقبته ليأخذ من عليهما تلك القماش المبلل بالماء ، نظر اليها مجدداً كانت بجانبه طوال الليل تمرضه اذاً، شعر بسعادة غريبة وكأنه فرح انه مرض ، جميلة هي حد الجنة لم ولن يرى في جمال قلبها قبل مظهرها ، حاول النهوض بخفة ولكنها فتحت بحر عيناه ليذوب في وقتها قائلة بلهفة:ماذا حدث هل انت متعب ؟!
لم تنتظر اجابته لتضع كفها الرقيق على جبينه تحاول استبيان حرارته ، وكأن كهرباء اصابت جسده عند حركتها تلك ،ظل شارداً فيها بينما هي منشغلة بتفحصة و الاطمئنان انه بخير ، نظرت اليه في عيناه قائلة بقلق وصوت حنون لم يسمعه الا من امه :بماذا تشعر الان ؟!، أأنت بخير ؟!
احابها بصوت متحشرج اثر صمته ونومه لوقت طويل :نعم بخير والفضل لكِ.
نظرت اليه بذنب قائلة بضيق:بل انت مرضت بسببي ، انا اسفة يا "عدي" حقاً اسفة ،لم يأتي ببالي ان اقول لك ادخل .
ابتسم لها برفق قائلاً بمرح :حسناً انتِ السبب اذاً فالتصنعي لي الحساء !
نهضت قائلة بسرعة:بالتأكيد جائع .
كادت ان ترحل ولكنه امسك بيدها قائلاً بضحك: حسناً حسناً اجلسِ انا فقط امزح معكِ.
ابتسمت برقة ليكمل هو حديثه: لقد تعبتِ معي كثيراً بالأمس شكراً ليكِ "سديم"
-بل انا الاسفة يا "عدي" سامحني .
ابتسم قائلاً بمرح: اسفة على ماذا، لم يحدث لي شيئاً من الاساس أبضع الإنفلونزا سيأثروا بي !
ضحكت قائلة بمزاح : نعم نعم واضح فعلاً .
ضحكا كثيراً عل ما قالاه فهو حقاً قد تعب حد الجحيم ..
__________________________
-ماذا تريد ؟!
قالتها ببرود وهي تعقد ذراعيها امام صدرها ناظرة اليه بعيناها القوية ،اقترب منها سائلاً اياها بفحيح افعى:ماذا قصدتِ بما قلتيه ؟!
ابتسمت له بغرور وهى تقترب منه خطوة لتصدر صوتاً بحذائها مقتربة اليه جاعلة المسافة بينهما تحد قائلة بسخرية:ارُعبت منه !
رفع يده ليمسك بها بخصلاتها ولكنها امسكت يده بقوة لتوقفها قبل ان تلمسها لتتغير نظراتها فجاءة وتصبح قوية حد الجحيم حتى عيناها الزرقاء ذات الخطوط السوداء طغى عليها السواد لتتحدث بقوة وهى تنظر داخل عيناه محذرة:اياك حتى ان تفكر ، اتظنني زوجتك التي قتلتها ..
ثم اكملت بفحيح محذرة اياه:احذرني يا بن " الشاذلي" فأنا لست بالسهولة التي تتوقعها .
انهت جملته لتدفع يده من بين يديها و تتجه للباب طارقة الارض بقوتها ليصيح هو بها متوعداً:بل انتِ من لا تعرفيني،سأدمرك يا " اوار " لن ارحمك ..
ابتسمت بشيطانيه ومازالت توليه ظهرها :ستتمنى الرحمة من ربك عندما ارسلك جانب ابيك.
ثم اكملت طريقها بينما كاد هو ان يجن ، ان علم " قاصي " انه من قتل امه لن يرحمه ،ثم كيف علمت انه فعل !
___
أنت تقرأ
أنوبيس
Acción"لا تعبث معها" فصحى ، مكتملة ركضت بأقصى سرعتها لأهثةً تنظر خلفها بين الحين والأخر بفزع جم تحاول الفرار بكل قوتها ،نظرت خلفها مرة أخرى ولازالت مستمره بالفرار فلم تجد أحد توقفت فجاءة لتنظر أمامها وتصرخ بعدها برعب وهى تتراجع بقدميها المرتعشتان الى الخل...