من ايقظ الشيطان!

306 25 1
                                    

جلس امام النهر يطالع سكونه بأعين باكية باهتة يتمزق فؤاده على معشوقته الضائعة ،  نظر الى السماء بألم و دموعه تهطل على وجهه قائلاً بألم يقطع نياط القلوب : لماذا ! لماذا ذهبتِ و تركتيني  انتِ تعلمين انني لا اقدر على العيش بدونك ، رحلتي و انا الذي كدت ان اموت فرحاً عندما وجدت ثانية ، "سديم" انا اتألم لا استطيع التحمل لقد كنتِ املي الوحيد في الحياة ..
مسح "كرم" اعينة بكفه ومن ثم اخرج من جيبه تلك العلبة التى تحوي الماسة تأملها كثيراً قبل ان ينفجر بالبكاء بقوة، تذكر ضحكتها وفرحتها بالقاءهما ، تذكر نظرات عيناها اللامعه بفرح و اللامعه بالدموع ، تذكر قلقها عليه ، تذكر كيف التقيا صدفة عندما كانت هاربة من سجن "اوار"عليها كي تشم انفاسها قليلاً فتقابلا صدفة ليترابط مصيرهما معاً ، لم يتحمل فيض الذكريات هذا ، لم يتحمل قلبه و عقله كل هذا الالم ليضع الماسة في جيب قميصة امام قلبه قبل ان يخرج سلاحه و يصوبه امام رأسه ، نظر الى الماء مجدداً ليرى انعكاس صورتها عليه ، بكى بقوة : يعز علي ان اطلق النار في قلبي وانتِ ساكنته..
انه جملته ثم ضغط على الزناد لينفجر صوت الطلقة النارية تزامناً مع انفجار عقلة ...
وقع جسده في الماء محدثاً هالة حمراء حوله قبل ان تبتلعه الماء ببطئ شديد ..
____________________________
كان واقفاً في منزله يضع يده على رأسه التي تؤلمه بشدة ، وقع فجاءة على ركبتيه ليصرخ بألم و هو يضرب الارض بكلتا يداه ، يشعر بألم حقيقي بقلبه لا يستطيع انكاره او تجاوزه ، نظر الى الاعلى وعيناه محمرة من كثرة البكاء صائحاً بألم: يكفي ..
انزل رأسه مجدداً ليشرع ببكاء قوي و هو يقول : كان كل حلمي ان تبتسمِ ،كنت اريدك سعيدة ليس اكثر ، انا من اعطيتك له ،لقد كنتِ بأمان معي، لقد تركتكِ له ، لقد قتلتك بيدي عندما تركتكِ، ظننت انكِ ستكونين سعيدة معه و غمغمت قلبي عن عشقك حتى لا اقتله و اخذك بعيداً، اعشقكِ يا فتاة اعشقكِ، اشتم رائحة عطرك بكل مكان ، صوت ضحكتك لا يتوقف عن مطاردتي ، انا اموت يا "سديمي" اموت ، كنت اموت من عشقي السري لكِ والان اموت لرحيلك ، انتِ لم تموتِ انتِ فقط انتقلتي لعالم آخر تنتظريني هناك و سآتي قريباً ...
وقعت عيناه على ذلك الفستان الابيض الحريري ، نهض ليقف امامه قبل ان يمسك طرفه فوقعت دموعه بغزارة متذكراً ذلك اليوم ..
كانت تبحث عن فستانها الأبيض في كل مكان توقفت فجاءة عن البحث سائلة اياه بسرعة: "عدي"هل رأيت فستاني الابيض الحريري؟!
تصنع عدم المعرفة و قال بلامبالاة مصطنعة دون ان ينظر اليها :لا لم افعل.
جلست على الاريكة بيأس قائلة بحزن: اين هو اذاً لقد بحثت في كل مكان !
نظر الى ملامحها الرائعة قائلاً : لديكِ غيره لا تحزنِ "سديم" !
قالت بحزن : لقد كنت احبه ، كان يجعلني جميلة للغاية ..
-ولهذا خبئته ..
قالها بصوت خافت فسألنه بأستفهام :ماذا؟!
تدارك نفسه بسرعة ليبتسم اليها قائلاً بتوتر: ولهذا سأشتري لكِ غيره ..
ابتسمت اليه قائلة بفرح: حقاً ؟!
ابتسم لا ارادياً عندما لمح ابتسامتها قائلاً بعشق : بالتأكيد.
عاد من شروده ليأخذ ذلك الفستان و يجلس على الفراش ثم نام بوضع الجنين محتضناً اياه و هو يشتمه بنهم يتأمل ان يكون صورتها امامه ، يريد ان يستحضر انفاسها هنا من جديد، نزلت دموعه على الفستان بينما هو يأخذه بأحضانه متشبثاً به ..
__________________________
بعد مرور ثلاث ايام من ذلك اليوم المشئوم وفي قصر "قاصي"..
-"أوار"..
قالها بصوت رخيم و هو يقترب منها لينحني بجذعة جالساً امامها بينما هى تجلس على كرسي و تضم ركبتيها لصدرها منكمشة في نفسها ، لم تنظر اليه و كأنها لم تسمعه من الاساس فأمسك يدها قائلاً بضيق لأجلها : "أوار " ارجوكِ ، اشتقت لعيناكِ..
لم تنظر اليه ايضاً فنهض واقفاً امامها قبل ان يجذبها بقوة لتنهض واقعة في احضانه، ظلت تضربه بقوة وهى تحاول التملص من بين ذراعيه بينما هو يحتضنها بقوة ، صرخت وضربت ولم يتركها فظلت تضربه اكثر وهى تصرخ : اتركني ، لا تلمسني ..
شدد عليها اكثر صائحاً: لن افعل و تعلمين انني لن افعل .
انهارت باكية فجاءة و تشبثت بقميصة تبكي بنشيج ، خفف من ضمته قليلاً ليرتب على ظهرها بحنان ، همس في اذنيها برفق و حنو ولازال يرتب على ظهرها : أهدأِ ساحرتي ، انا معكِ هنا ستكونين بخير ..
دفنت وجهها في صدره المعضل القوي ، تشعر انها تريد ان تختفي من الدنيا كلها ، تتألم ؟ نعم تتألم بل تموت من اللآم ، تشعر بالذنب يقتلها بلا رحمه ، تشعر ان فؤادها احدهم اخذه من بين ضلوعها، سكنت فجاءة طويلاً فقلق عليها من ان يكون اصابها مكروه ، ابعدها عنه بسرعة ينظر اليها ولكنها بخير فقط كفت عن البكاء ، نظرت اليه طويلاً بلا حديث ليسألها بقلق عليها : "أوار" هل انتِ بخير ؟!
اجابته بهدوء شديد: نعم .
قضب ما بين حاجبيه سائلاً بأستغراب : لماذا تنظريين الي هكذا ؟!
-اتعجب..
-من ماذا ؟!
اقتربت منه حتى اصبحت قاب قوسين او أدنى لتضع اصابعها على وجهه ممررة اياها ببطئ على ذقنه الحليق قائلة بهدوء : انني بين احضانك ، آثار شفاهك مطبوعة على جسدي ، اختبأ بأحضانك و احتمي بك من العالم كله ..
تعجب مما حدث لها فهى في حالة من الحزن الشديد و الان تغازلة و تحاول اغرائه !
اكملت فجاءة بصراخ وقد غرزت اضافرها في رقبته بغل : وانتم قتلة عائلتي يا هذا ، لم تتركوا لي احداً يا ملاعين الأرض  والسماء ..
لم يتحرك ساكناً فقط ظل ناظراً اليها الى ان انتهت فقال و هو ينظر داخل عيناها بصدق : ولكنني لم افعل وانت تعرفين.
ابتعدت عنه تضحك بهستريا قبل ان تقترب منه ثانية فجاءة و تغرز اظافرها في ذراعه حتى دمى صارخة : هذه الدماء خاصتهم ، انت من نسلهم الملعون ، انتم من قضيتم على سلالتي كاملة يا حزب الشياطين ..
كاد ان يتحدث ولكنه شعر فجاءة برأسه يدور بشدة وسائل ساخن يسقط على رأسه ، نظر اليها برؤية مشوشة و رأس يدور ليراها تمسك بتحفة معدنية بين يديها تنظر اليه ، لم يستطع التحمل فسقط على الارض مغشياً عليه فوقعت هى بجانبه بسرعة و وضعت اصابعيها على عرق النبض في رقبته فوجدته يدق ثم عادت الى أنفاسه لتجده بخير ، حملت رأسه الى صدرها قليلاً لتضع ذلك المفرش الحريري تحت مكان النزيف كي توقف نزيفة ،اعادت رأسه ثانية برفق قبل ان تنهض و تنظر اليه بمشاعر متضاربة ..
______________________________
الم لعين يجتاح رأسه بلا رحمه ، نهض جالساً مغمض العينين يمسك برأسه بألم ، فتح عيناه برفق ليجد انه جالساً على الأرض ،نظر حوله بعدم استيعاب ليجد ذلك المفرش الغارق بالدماءلم يظن انه دمائها فنهض بسرعة يبحث عنها برعب صائحاً :"اوار"
تذكر فجاءة ما حدث و تذكر انها بالتأكيد دماؤه هو فتنفس الصعداء مرتاحاً ولكن اين هى !
بحث عنها في كل مكان رغم رأسه الذي يتضارب بتشوش لم يجدها ليضع يداه على رأسه مغمضاً عيناه بقوة وصاح بغضب ..

أنوبيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن