!

284 14 0
                                    

خلع قميصة الغارق بدماءة لينظر الى جرحه الذي ينزف بغزارة بتأفأف قائلاً بضجر : لقد اطال كثيراً !
وضعت عُلبة الاسعافات الاولية على طرف الفراش قائلةً بسخرية: نعم ثلاث ايام و ليلتان..
نظر اليها ليرى ابتسامتها الساخرة على وجهها ليقول بضيق : ماذا ؟!
وضعت كفها على صدره و دفعته قليلاً للخلف ليظهر جرحه بوضوح :لا شئ .
امسكت بالقطن و وضعته بالمعقم لتمرره على جرحه برفق ، انقبضت ملامحه بأنزعاج : حسناً لا تفعلِ!
نظرت اليه مستفهمة ليكمل بضيق: يصيبني بالقشعريرة !
ضحكت بقوة على ما قاله ، فلم تتوقع تلك الاجابة حقاً ، كانت يتأمل ضحكاتها بذوبان ،لم يراها تضحك من قبل بتلك الطريقة، انتبهت لنظراته فتوقفت عن الضحك و نظرت اليه فتصنع انه لم يكن ينظر و نظر بأتجاه آخر ، حاولت منع ابتسامتها من الظهور و اكملت بتعقيم جرحه فبرطم بضيق لتترك القطن ثم اقتربت بجلستها منه اكثر ، نظر الى ما تفعله بتعجب لتضع انمالها على ذقنه الحليق تلمسها بلمسات ماكرة رقيقه ثم نزلت الى صدره ترسم عضلاته بأنمالها ، امسك بكفها بقوة و نظر داخل عيناها بنظرة عبثية و كاد يقترب منها حتى  عادت هى الى مكانها الاول و امسكت بالقطن و المعقم من جديد و وضعته على جرحه و هى تنظر لعيناه بمكر قائلة بنبرة ذات مغزى : امازلت تشعر بالقشعريره ؟!
مسح بأبهامة على شفته السفلى برفق قائلاً بمكر: كما لم اشعر بها من قبل ...
التوى فمها بإبتسامة ذات مغزى و هى تنظر الى جرحه و تنظر اليه من حين لآخر لتجده ينظر اليها بنظرات خبيثة للغاية ، وجدت ذلك الوشم الذى لم تلاحظة من قبل كما انه لا يتماشى مع شخصيته ابداً،جناحى ملاك !!
اغلقت جرحه من جديد ثم نهضت لتغسل يدها ، رجعت مجدداً وجلست بجانبه لتسأله بأهتمام : ما هذا الوشم ؟!
نظر الى وشمه فأنعقدت ملامح وجهه قائلاً ببرود: لا شئ مجرد وشم .
رفعت احدى حجابيها بعدم تصديق لتقول بعدها :جناحى ملاك ؟! ليست شخصيتك ..
نهض عن الفراش بسرعة و غضب ليوليها ظهره ليريها ذلك الوشم بظهره -ثلاث خطوط متوازيان بين عضلتا كتفه قائلاً بغضب لم يستطع اخفائه: حسناً اليكِ شخصيتي .
وقفت امامه والتقطت عيناه بعيناها قائلةً : انه المك .
تألمت ملامحه بطريقة لم يستطيع اخفائها قائلاً بألم يأتي من اعماق قلبه: اه ألمي الوحيد ..
وضع يده على وشمه و سرحت عيناه قليلا ً ليتذكر ما حدث مع امه ، قص لها ما حدث كله، انه قصته قائلاً وهو يسمك قلادته :كانت هذه اخر شئ اعطته لي ،قلادتها لم اخلعه يوماً عن رقبتي .
نظرت الى القلادة التي تطوق رقبته ثم فجاءة اتسعت عنياها بصدمة قبل ان تمسك بها تتفحصها بأهتمام و لهفة، لم يفهم ماذا تفعل ليسألها بستغراب:ماذا بكِ؟!
نظرت اليه بأعيناها المصدومة متسائلة :هل انت متأكد ان امك من اعطتك ايها ؟!
-بالطبع!
حركتها بين اصابعها تتفحصها بأهتمام شديد حتى ضغطت على شئ صغير بها فأنفتحت القلادة ليظهر بداخلها مفتاح صغير الى حد ما ،نظرا الاثنين الى بعضهما البعض بأعين مصدومة قبل ان يخلع هو القلادة عن رقبته بيرعة متفحصاً اياها ،سألها بتعجب شديد :ما هذا المفتاح !
خبطت كفيها معاً لتجاوبه و كأنها قد وجدت ضلتها :مفتاح الصندوق !
انزوى ما بين حاجبيه ليسألها:أي صندوق ؟!
اجابته بسرعة وهى تجلب له قميصاً نظيف : يجب ان نذهب الى قصري الان .
___________________________
نظرت الى البوابة المكسورة ثم نظرت اليه شرذاً فبرر موقفه: ماذا كنت ابحث عنكِ!
برطمت بضيق:كانت مطلية بالذهب يا هذا ..
اوقف السيارة ليترجل منها ثم فتح لها الباب لتنزل هى الاخرى و يدخلا الى القصر ، صعدا الدرج الرخامي حتى غرفتها وكاد ان يدخل حتى وقفت امام تمنعه قائلة بجديه : ابق هنا ..
لم يعارضها فيم قالته و رحل ليقف مستنداً على سور العلوي للدرج الرخامي ، شعر بأحساس غريب وقتها ،الازالت لا تثق به رغم كل شئ!
مرت دقائق حتى خرجت له و اخذته من يده ليدخلا الغرفة دون حديث،جلسا على الفراش بينهما الصندوق ليرى انه منقوش عليه شكل التميمة التى بالقلادة ، طلبت منه القلادة فأعطاها لها لتفتح بها الصندوق..
اعطته القلادة مجدداً ثم فتحت الصندوق لتتسع حدقتاها بصدمة حقيقية نظرت اليه لتجده ينظر هو الاخر بصدمة ،صندوق مبطن بقماش القطيفة الازرق مليئ بالألماس الحر ، نطق بعدم استيعاب و هو يمسك بعض منها بين يديه :كيف ! كيف هذا !!!
اجابته ولازالت مصدومة : عندما رأيت قلادتك تذكرت النقوش المرسومة على الصندوق،  لقد حاولت كسره كثيراً ولكن لم استطيع فهو فولاذ ثم يأست منه ولم احاول به مجدداً..
-من اعطاكِ اياه !؟
-امي..
نظرا كلاهما الى بعضهما البعض مجدداً ،فكيف لأمه ان تعطيه المفتاح و ان تعطيها امها الصندوق ، كيف علما انهما سيلتقيان بل كيف عرفا بعضهما البعض من الاساس !؟
سرحت عيناها قليلاً ليسألها بشك : اهناك شئ لم تخبريني به ؟!
اغمضت عنياها طويلاً ثم فتحتها لتتذكر ما حدث ..
كانت مع امها و صديقة امها على متن مركب فخم ، شعرت بأمها متوترة للغاية كما كانت صديقتها التى احتضنتها و بكت بأحضانها هى و امها ، لم تكن تعلم ماذا يحدث ، لم تكن صغيرة ابدا ً ولكنها ايضاً لم تكن كبيرة بما يكفي لتفهم ما يحدث حولها ، وكيف تركت امها اختها الصغيرة لحارسهم الشخصي ،سمعت صديقة امها تقول بخوف : اعلم انه سيفعل هو خائف منا كثيراً سيفعل و ان كلفه الامر ملايين ..
قالت امها بثبات رغم دمعاتها التى تحرق وجنتيها :فليفعل ذلك فلم يعد هناك روح من الاساس...
ثم التفتت الى "أوار" قائلة وهى تمليها ما تقول :تعلمين ما حدث ، رأيتِ والدك و ما حدث له ، جدك و جدتك و الان حان دوري انا و "كريمة" لا تتركِ دمائنا سائلة يا عزيزيتي ، ستعيشين و تكبريين و ستنتقميين لأجلنا جميعاً اعلم انكٍ قوية ، عليك بأختك يا "اوار" فليس لها غيرك و لن تكون مثلك ابداً فلم ترى ما رأيتيه ، حافظي عليها ...
انهت جملتها لتسمع بعدها صوت "كريمة" وهى تصرخ لتنظر اليها و تجد مقدمة المركب تحترق ،اعادت انظارها الهالعة الى النتها و تأملت ملامحها الجميلة القوية و عيناها المميزة لتسقط دمعاتها بحرقة لتركها اياها ،احتضنتها بقوة كما لم تحتضنها من قبل و كأنها النهاية ، بكت "أوار" بحرقة و هى لا تفهم ماذا يحدث و لماذا المركب تحترق ، صرخت "كريمة " بأمها:هياا هياا لم يتبقى الكثير انقذيها !
اخذت الام يد "أوار" وركضت بها بسرعة الى مؤخرة المركب لتطوق خصرها بطوق النجاة المربوط بحبل لا تعرف نهايته ،نظرت الى اعين امها الملتاعة لأهر مرة قبل ان تعطيها بيدها صندوق و تلقي بها في المياة بسرعة تنظر اليها وهى تُسحب من بعيد عبر حارسها الشخصي الذي يسحبها عن طريق الحبل الطويل بالطوق بسرعة ، نظرت الى امها التى ابتسمت لها قبل ان تنفجر المركب و تختفي امها للأبد...
مسحت بسرعة تلك العبرة التى انسابت على وجنتياها لتنظر اليه فوجدته ينظر اليها بنظرات شاردة قبل ان يقول بهمهمه:امي !
هز رأسه بالنفي ليتحدث بألم: لقد كانت امي و امك اصدقاء اذاً !
وكأن عقله قد اضاء بشيئاً لتظلم عيناه : هى قتلت كما قلتِ!
هربت بأعيناها منه ليمسك بذراعها بقوة صائحاً بأهتياج: من قتلها من ؟!!!!
نظرت اليه بخوف عليه فوضعت يدها على ذقنه قائلةً بخوف : اهدأ "قاصي" ارجوك ستنزف من جديد ..
صاح بثورة:اخبريني..
حاولت تهدأته فأحاطت وجهه بين كفيها لتنظر داخل عيناه قائلة بصدق : اعدك ان اخبرك بمجرد ان يلتئم جرحك .. صدقني تحتاج لقوتك كلها لتواجهه ..
شعر انه ينهار فجلس على الفراش مخبئاً وجهه بين كفيه مستندأ بذراعيه على فخذه ، نظرت اليه بأشفاق فهى تعلم جيداً ما يشعر به الان انحنت لتجلس امامه على ركبتها على الارض ثم امسكت بكفيه بين كفيها قائلة بحنو غريب عنها وهى تأثره بعيناها : اعلم ما تشعر به جيداً و اعلم كم هو مؤلم ولكن...
لم تكمل جملتها فرفعها على قدميه ليرتمي داخل احضانها بسكون، صُدمت من حركته تلك ولكنه دفنته اكثر داخل قلبها تملس على خصلاته بحنو بالغ قد ظنت انه ليس موجود عندها ..
كان يشعر بأمان حقيقي بين احضناها ، شعر بسكينة ما بعدها سكينة تمن لو ظل حياته كلها بأحضانها ويداها على رأسه بتلك الوضعية ، تمنى ان يموت بين ذراعيها و اخر شئ يراه عيناها ، ابعدته قليلاً لتقبل رأسه و جانب عيناه برفق قائلة بحنو حقيقي نابع عن قلبها الذي زيل عنه الحجارة اخيراً: انا معك .
التقط شفاتيها بقبلة هادئة عاشقة شعرت بعشقه لها فيها ، ابتعد عنها ليقبل جانب شفتيها قائلاً بنظرات تفضح عشقه: كونِ دائماً .
______________________________
بمجرد ان فتح الباب و وجد "كرم" امامه حتى وجد ايضاً لكمة قوية في فكه ، لم تؤلمه اللكمة كما صدم لوجوده هنا ،كيف وجدهم ، دلف الى البيت بعدما لكم"عدي" ينادي عليها بصوت جهوري ملهوف ، امسك به "عدي "بسرعة و كتم فمه كي لا تسمعه ولكنها فعلت ،فلقد سمع قلبها قبل اذنيها ، وقفت امامه غير مصدقة انه امامها الان ، اقتربت خطوة حذرة منه تتأمله ، اهو حقاً امامها الان ؟! اهو قد جاء اليها اخيراً! ، لم تعي حجم المفاجاءة لتسقط مغشياً عليها ..
ركض"عدي" بسرعة اليها ملهوفاً ليأخذها عن الارض و يضعها بين يداه محاولاً ايفاقتها ،بينما جلس بجانبها كرم و اخذها منه ليهدهدها بلهفة ثائلاً:"سديم" عزيزتي ، انا جئت !
امسك"عدي" يدها وهو ينظر الى وجهها قائلا ً بخوف حقيقي :"سديم" هل انتِ بخير !
نهض بسرعة ليأتي بزجاجة عطره و ثنر بعض منها على راحته ليقربها من انفها قائلاً بقلق : هيا "سديم" !
بدأت تستعيد وعيها ليفسح"كرم" يد"عدي" قائلاً بلهفة :عزيزتي !
قفزت على رقبته محتضنة اياه بقوة واخيراً قد عادت لأحضانها ، دفن وجهه بعنقها يشتم عبيرها الآخاذ ، اشتاق لها حد الجحيم ، لقد فقد الامل من رؤيتها مجدداً..
لم يتحمل رؤيتها بأحضانه فصاح به وهو يجذبها منه بقوة و يأتي بها خلفه : لماذا اتيت ؟!
نظرت الى "عدي" بأستغراب غير مصدقة لما يفعله بينما اجابه "كرم" وقد احتدت نظراته و اشتعلت : ماذا تظن نفسك فاعلاً ،مهتمك انتهت ايها الحارس ..
كاد ان يجيبه ولكنها تحدثت بغضب :"كرم" ماذا تقول !
نظر اليها بغضب وهو يتحدث مع "عدي" الذي كان يتقطع : كانت مهتمك حمايتها ،مهتمك انتهت .
انه جملته و مد يده الى "سديم " التى كادت ان تمسك بيده لولا احكام يد"عدي " عليها و كأنها طوق نجاته قائلاً بجدية وقد انبعث لهيب من عيناه كافٍ لأحراق الدنيا: لن ترحل "سديم" عن هنا الا على جثتي .
-لم يكن طلبك صعب ..
انه جملته واخرج سلاحه مصوباً اياه في منتصف رأسه لتصرخ "سديم" بفزع: لا "كرم" ارجوك لا....
لم يهتز جفن "عدي" فلم يكن خائفاً وحتى ان اضطره الامر للموت ولكنه لن يتركها معه ، تركت يده و وقفت امامه قائلة بترجي:ارجوك"عدي" ارجوك دعني ارحل معه ، انك تعلم كم احبه ارجوك عدي !
شعر بقلبه يتمزق بحق لمعت عيناه بعبرات مسجونة داخل مقلتيه بألم، حاول التحكم بنفسه فنظر الى "كرم" الذي كان ينظر له بغضب ثم نظر الى "سديمه" تأمل عيناها الجميلة للحظات ،هى ستتركه الان ، لم يستطع الوقوف اكثر فتركهما و دلف الى الغرفة دون أي حديث .
________________________________
مر اسبوع كامل على ذلك اليوم ، "سديم" مع " كرم" واخيراً و "اوار" لا تعلم ذلك اما عن "عدي" فقد عاد الى مصر هو الاخر ليكون بالقرب منها دائماً، كان يذهب الى الاماكن التى كانا يذهبا بهما ، كان يراهما معاً فتحترق روحه اكثر و اكثر ، كانت لا تعلم انه يراقبهما..
كانت جالسة بمطعم فخم معه يتحدثان  بعشق و يأكلان الطعام ، لاحظ تغير ملامحها فجاءة و كأنها قد تعبت او مرضت او ما شابه ، ابتسمت ل"كرم" أبتسامة جاهدت كي تخرجها على وجهها ثم نهضت ذاهبة تجاه المرحاض ، ذهب خلفها و حاول الا يجعلها تراه او ان يراه " كرم" وقف بالقرب من المرحاض ينتظرها ، خاف كثيراً عليها فقد بدت متعبة بشدة ولكن " كرم" لم  يلاحظها ، تأخرت كثيراً بالداخل فأزداد قلقه اكثر فأكثر ، خرجت امامه فتاة مُنتقبة و بيدها آخرى مغشية عليها منتقبة مثلها، نظر اليهما بلا اهتمام ، فأهتمامه كله ب"سديم" مرت القتيات امامه و خرجا من المطعم بينما هو التفت اليهم بسرعة ليركض بعدها دون وعي خلفهم ينادي علي اسمها ، التفت " كرم" اليه و نهض بسرعة يركض خلفه هو الاخر ..
وقف ينظر الى السيارة التى اسرعت بسرعة بها يحاول حفظ ارقامها فلن يلحقها ركضاً ، وقف بجانبه " كرم" صائحاً به : ماذا تغعل هنا يا هذا ؟!
نظر اليه و كاد ان يلكمه ولكن لمع في يده مفتاح السيارة فأخذها منه بسرعة ليركض مسرعاً و ينطلق بسرعة بالسيارة بينما حاول " كرم" اللحاق به ولكنه لم يلحقه بالطبع ..
لم يفهم "كرم"ماذا يحدث نهائياً ولمَ صاح ذلك المجنون بأسم معشوقته ثم ركض خارج المطعم متتبعاً تلك السيارة ، عاد بأنظارة ثانيةً الى اثر عدي قبل ان يقول اسمها برعب : "سديم " !

أنوبيس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن